|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
التقييم: ![]() |
انواع عرض الموضوع |
#14
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [107] : عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه ، فليدفعه ، فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان ". موضوع الحديث : سترة المصلي ومشروعية دفع من أراد أن يمر بين يدي المصلي وبين سترته . المفردات : إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس : أي يمنع قطع صلاته . فليدفعه : أي يمنعه من المرور أمامه . فليقاتله : أي ليدفعه دفعاً شديداً . فإنما هو شيطان : أي مدفوع بأمر الشيطان فصار لذلك شيطاناً ، والشيطان مأخوذ من شَطَنَ ، بمعنى بعُدَ أي بعيد عن الله وعن رحمته . المعنى الإجمالي : يأمر الشرع باتخاذ الحزم والحيطة في الأمور كلها ، وأهم أمور الدين والدنيا الصلاة ، لذل حث الشارع الحكيم على العناية بها واتخاذ السترة لها قبل الدخول فيها والدنو من السترة ومنع من أراد قطع صلاته بالمرور بينه وبينها ، ومقاتلته إن أصر على ذلك بالدفع الشديد ، فإنما هو شيطان ، فالشيطان هو الذي يحرص على قطع أعمال الخير وأهمها الصلاة . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من قوله : " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفعه ..." يؤخذ منه أن الدفع لا يجوز إلا إذا صلى إلى سترة معتبرة شرعاً ، وقد ورد تقييد جواز الدفع بوجود السترة من رواية سليمان بن المغيرة وهو هذا اللفظ ، وورد من رواية يونس غير مقيد أخرجها البخاري في بدء الخلق ، نبَّه على ذلك الحافظ ، وذكر عن الإسماعيلي أن سليم بن حيان تابع يونس على عدم التقييد عن حميد بن هلال قال : والمطلق محمول على المقيد . قلت : وهي القاعدة الأصولية ، ولكن الذي يظهر لي أن التقييد إنما هو لوجوب الدفع أو استحبابه . وإذا قصر بترك السترة فإنه لا يستحب له الدفع مع تقصيره ، وهل يجوز للمار أن يمر بين يديه ؟ في هذه الحالة لا يحرم والأولى تركه ، هذا هو ظاهر كلام الحافظ فيما نقله عن الشافعية في الروضة ، وتعقبه الشيخ عبد العزيز بن باز وقال : اللهم إلا أن يضطر المار إلى ذلك لعدم وجود متسع إلا ما بين يديه . قلت : الظاهر من حديث أبي جهيم السابق عدم جواز المرور وإن لم يجد متسعاً ، وهو الذي فهمه راوي الحديث أبو سعيد الخدري كما يتضح من قصته مع الشاب . وماذا يضير المار لو وقف حتى يسلم المصلي والنبي ﷺ يقول : " لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه " . ثانياً : يؤخذ من قوله : " إلى شيء يستره من الناس " أن الدفع لا يجوز إلا عند وجود السترة المعتبرة شرعاً وهي قدر مؤخر الرَّحل ، كما ثبت عند مسلم من طريق عائشة وطلحة بن عبيد الله وأبي ذر رضي الله عنهم أجمعين ، ولفظ حديث عائشة : سئل رسول الله ﷺ. ، وفي لفظ : في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال : " مثل مؤخرة الرَّحل " والرَّحْل : بالراء المشددة والحاء المهملة هو الذي يوضع على ظهر الجمل للركوب عليه . وبهذه الأحاديث أخذ الجمهور فقالوا أقل ما يجزئ في سترة المصلي مثل مؤخرة الرحل ، وذلك ذراع أو ثلثي ذراع على خلاف . واختلفوا في جلة هذه السترة ، فقال مالك : كجلة الرمح ، وروى عبد الرازق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : " يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل في دقة الشعرة " . قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين وليس عندهما آخره ، وهو يدل على عدم التحديد في الجلة . والله أعلم . وقد ذهب الإمام أحمد وإسحاق إلى حديث الخط الذي رواه أبو داود وفيه : " فمن لم يجد فليخط خطا " وقد ضُعَّف هذا الحديث بجهالة حريث بن عمار الراوي له عن أبي هريرة وحفيده أبي محمد بن عمرو بن حريث ، أو أبي عمرو بن محمد بن حريث ، ورواه عبد الرازق في المصنف من طريق ابن جريج قال : أخبرني إسماعيل بن أمية عن حريث بن عمار عن أبي هريرة فأسقط الواسطة وهو ابن حريث ، ورجح ابن خزيمة رواية بشر بن المفضل وسماه أبي عمرو بن حريث عن أبيه ، وضعفه الألباني وقال : إنه مضطرب ، ونقل الحافظ في التهذيب عن الطحاوي أنه قال :مجهول ، ونقل الخلال عن أحمد أنه قال : حديث الخط ضعيف . وقال الدارقطني : لا يصح ولا يثبت ، وقال الشافعي في سنن حرملة : ولا يخط المصلي بين يديه إلا أن يكون في حديث ثابت فيتبع . اهـ تهذيب (12/181) . وسئل الإمام أحمد عن الخط فوصفه مقوساً كالمحراب ، وهو أولى من قول من قال يكون مستقيماً عن يمين المصلي ، ألا أن دليله ضعيف كما تقدم . ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية المدافعة لمن أراد المرور بينه وبين سترته ، وهل تجب أو تُسنّ ؟ ذهبت الظاهرية إلى الوجوب ، وذهب الجمهور إلى السنية ، حتى قال النووي : لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب هذا الدفع ، وتعقبه الحافظ بأن المعروف عن الظاهرية القول بالوجوب . قلت : الوجوب أظهر هنا لورود الأمر ، ولا صارف ، وعلى هذا فيأثم المصلي إن قصر فيه ، فإن قيل الإجماع على عدم الوجوب يصلح لصرفة من الوجوب إلى الندبية ، قلنا : وأين الإجماع والظاهرية تقول بالوجوب ؟ والله أعلم . رابعاً : يؤخذ من قوله : "فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان " جواز المقاتلة بدفع أشد من الدفع الأول كما فسره فعل الراوي في صدر هذا الحديث عند البخاري ، وحاصل القصة : أن أبا سعيد كان في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس ، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه فدفع أبو سعيد في صدره ، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديه فعاد ليجتاز ، فدفعه أبو سعيد أشدّ من الأولى ، فنال من أبي سعيد ، ودخل على مروان فشكى إليه ما لقي من أبي سعيد ، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان ، فقال مالك : ولابن أخيك يا أبا سعيد قال سمعت النبي ﷺ يقول : "... الحديث " ، وتتمة حديث الباب ، ولم يصب من حمل المقاتلة على ظاهرها فإن ذلك يتنافى مع خشوع الصلاة . والله أعلم . خامساً : يؤخذ من قوله : "فإنما هو شيطان" جواز هذه التسمية لكل من حاول قطع عمل خيري ، أو فتح باب شر ، وإن هذا الاسم لا يختص بالشيطان الجني والله تعالى يقول : _ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ _ (الأنعام:112) . سادساً : يؤخذ منه مشروعية الدفع في الحرم المكي لعموم حديث أبي سعيد ، وبه أخذ جماعة من السلف ، وحكى عن ابن عمر أنه دفع في الكعبة أي عندها . وقد ذهب آخرون إلى سقوط الدفع والسترة في الحرم المكي ، وأن ذلك عفو وممن قال بهذا القول ابن الزبير وطاووس وابن جريج ومحمد بن الحنفية ، مستدلين بما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وعبد الرازق في المصنف من طريق كثير بن كثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله ﷺ يصلي في المسجد الحرام ، والناس يطوفون بالبيت بينه وبين القبلة بين يديه ، ليس بينه وبينهم سترة . هذا لفظ عبد الرزاق ، ولفظ النسائي : رأيت رسول الله ﷺ طاف بالبيت سبعاً ، ثم صلى ركعتين بحذائه في حاشية المقام ، وليس بينه وبين الطواف أحد . وقد أشار محقق المصنف حبيب الأعظمي إلى أن فيه علة ، وقال الشوكاني في النيل الحديث من رواية كثير بن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جده ، وفي سنده مجهول . قلت : الروايات التي رأيتها كلها متفقة على أن الحديث عن كثير بن أبي كثير ، عن أبيه ، عن جده ، ألا رواية عند أبي داود قال فيها : عن بعض أهله ، عن جده ، وقد اتفق على الرواية الأولى ثلاثة من الحفاظ هم سفيان بن عيينة وعمرو بن قيس الملائي عند عبد الرزاق ، وابن جريج عند النسائي وابن ماجة ، وهؤلاء الثلاثة كلهم ثقاة أئمة مخرج لهم في الصحيحين وغيرهما ، وكثير بن كثير ثقة ، وأبوه مقبول ، وجده صحابي من مسلمة الفتح . فتبين بهذا صحة الحديث ، وإن كان قد ورد في بعض الروايات عن بعض أهله كما في سنن أبي داود فإن ذلك البعض قد تعين بالرواية الآخرى أنه أبوه ، وإن كان غير أبيه فإن ذلك يحمل على أن الحديث كان مشهوراً عند أهل بيت المطلب فحمله عن أبيه وعن غيره ، وحدَّث به تارة عن أبيه ، وتارة عن بعض أهله ، والذي يخشى منه تدليس ابن جريج ، وبالمتابعة له قد زال ، علماً بأن ابن جريج وكثير مكيّان وقد عاشا في زمن واحد ، وبلد واحد ، فاتضح بذلك صحة الحديث ، وتعين الأخذ به ولعل السبب في العفو عن ذلك في الحرم ؛ لأنه مثابة المسلمين ومجتمعهم ، فيقع فيه من الزحام ما يصعب الاحتراز معه، والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 08:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 12:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 11:55AM |
«عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله | طارق بن حسن | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 16-09-2010 05:54AM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 12:07AM |