|
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله :
( وَلِهَذَا كَانَ قَذْفُ الْمَرْأَةِ طَعْنًا فِي زَوْجِهَا، فَلَوْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبَغِيٍّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَعْنًا فِي الزَّوْجِ، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: "مَا بَغَتْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ". فَاَللَّهُ تَعَالَى أَبَاحَ لِلْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا كَافِرَةً، وَلَمْ يُبَحْ تَزَوُّجُ الْبَغِيِّ ، لِأَنَّ هَذِهِ تُفْسِدُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ؛ بِخِلَافِ الْكَافِرَةِ. وَلِهَذَا أَبَاحَ اللَّهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُلَاعِنَ مَكَانَ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ إذَا زَنَتْ امْرَأَتُهُ وَأُسْقِطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِلِعَانِهِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ. وَفِي الحَدِيثِ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ ، وَاَلَّذِي يَتَزَوَّجُ بِبَغِيٍّ هُوَ دَيُّوثٌ ، وَهَذَا مِمَّا فَطَرَ اللَّهُ عَلَى ذَمِّهِ وَعَيْبِهِ بِذَلِكَ جَمِيعَ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ بَلْ وَغَيْرَ المُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ ، كُلُّهُمْ يَذُمُّ مَنْ تَكُونُ امْرَأَتُهُ بَغِيًّا، وَيُشْتَمُ بِذَلِكَ، وَيُعَيَّرُ بِهِ ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلَى شَرْعِ الإِسْلَامِ إبَاحَةُ ذَلِكَ . وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِ الشَّرَائِعِ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ تُنَزَّهَ الشَّرِيعَةُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي إذَا تَصَوَّرَهُ الْمُؤْمِنُ وَلَوَازِمَهُ اسْتَعْظَمَ أَنْ يُضَافَ مِثْلُ هَذَا إلَى الشَّرِيعَةِ ، وَرَأَى أَنَّ تَنْزِيهَهَا عَنْهُ أَعْظَمُ مِنْ تَنْزِيهِ عَائِشَةَ عَمَّا قَالَهُ أَهْلُ الْإِفْكِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا : "سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ" ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا لَمْ يُفَارِقْ عَائِشَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ مَا قِيلَ أَوَّلًا. وَلَمَّا حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ اسْتَشَارَ عَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَسَأَلَ الْجَارِيَةَ ، لِيَنْظُرَ إنْ كَانَ حَقًّا: فَارَقَهَا ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَهَا مِنْ السَّمَاءِ ، فَذَلِكَ الَّذِي ثَبَتَ نِكَاحُهَا. وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٌ : إنَّهُ يَجُوزُ إمْسَاكُ بَغِيٍّ. وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَقْصِدُونَ بِالْكَلَامِ فِيهَا الطَّعْنَ فِي الرَّسُولِ، وَلَوْ جَازَ التَّزَوُّجُ بِبَغِيٍّ لَقَالَ: هَذَا لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِيهِ، كَمَا كَانَ النِّسَاءُ أَحْيَانًا يُؤْذِينَهُ حَتَّى يَهْجُرَهُنَّ، فَلَيْسَ ذُنُوبُ المَرْأَةِ طَعْنًا ، بِخِلَافِ بِغَائِهَا فَإِنَّهُ طَعْنَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ قَاطِبَةً، لَيْسَ أَحَدٌ يَدْفَعُ الذَّمَّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا بَغِيَّةٌ مُقِيمَةٌ عَلَى البِغَاءِ، وَلِهَذَا تَوَسَّلَ الْمُنَافِقُونَ إلَى الطَّعْنِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَهَا مِنَ السَّمَاءِ ، وَقَدْ كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاَللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا . فَقَامَ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ( الَّذِي اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ) فَقَالَ: أَنَّا أَعْذُرُك مِنْهُ : إنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْت عُنُقَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا الخَزْرَجِ أَمَرْتنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَك. فَأَخَذَتْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ غَيْرَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ : وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ امْرُءاًً صَالِحًا ، وَلَكِنْ أَخَذَتْهُ حَمِيَّةٌ ، لِأَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ كَانَ كَبِيرَ قَوْمِهِ – فَقَالَ: كَذَبْت لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلْهُ، وَلَا تَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدَ بْنُ حُضَيْرٍ: فَقَالَ: كَذَبْت، لَعَمْرُ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُ ، فَإِنَّك مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ. وَثَارَ الحَيَّانِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُسَكِّنُهُمْ. فَلَوْلَا أَنَّ مَا قِيلَ فِي عَائِشَةَ طَعَنَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطْلُبْ المُؤْمِنُونَ قَتْلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مِنْ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ لِقَذْفِهِ لِامْرَأَتِهِ. وَلِهَذَا كَانَ مَنْ قَذَفَ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْتَلُ ، لِأَنَّهُ قَدَحَ فِي نَسَبِهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَذَفَ نِسَاءَهُ يُقْتَلُ ، لِأَنَّهُ قَدَحَ فِي دِينِهِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بَرَاءَتَهَا وَأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ اللَّاتِي لَمْ يُفَارِقْهُنَّ عَلَيْهِ ، إذَا كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَتَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الأُمُومَةِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ العُلَمَاءِ، فَإِنَّ فِيمَنْ طَلَّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: الأول : أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ. وَالثَّالِثُ: يُفَرَّقُ بَيْنَ المَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الإِمْسَاكِ وَالفِرَاقِ وَكَانَ المَقْصُودُ لِمَنْ فَارَقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ. فَلَوْ كَانَ هَذَا مُبَاحًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَدْحًا فِي دِينِهِ. وَبِالجُمْلَةِ: فَهَذِهِ المَسْأَلَةُ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى كَثْرَةِ الأَدِلَّةِ فَإِنَّ الإِيمَانَ وَالقُرْآنَ يُحَرِّمُ مِثْلَ ذَلِكَ)) الفتاوى الكبرى 182-183 -3 والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
__________________
قال حامل لـواء الجرح والتعديل حفظه الله : والإجمال والإطلاق: هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم. والبيان والتفصيل والتصريح:هو سبيل أهل السنة والحق
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
فضل عائشة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|