عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-11-2007, 12:17AM
محبة السلف
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي

...تابع...

ولهذا لما قال إبراهيم عليه السلام كما حكى الله عنه:[وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا ءامنا وارزق أهله من الثمرات من ءامن منهم بالله واليوم الأخر].

قال الله تعالى:[ ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير].

فإبراهيم عليه السلام قصر طلب الرزق على المؤمنين، ولكن الدنيا ومتاعها لاقيمة له عند الله، ولهذا قال:[ومن كفر] أي: يرزقه الله ويمتعه في هذه الحياة الدنيا وهي قليلة بالنسبة لحياة الآخرة الدائمة، ولا يعرفها إلا من آتاه الله علما وبصيرة يدرك بها أن الحياة الدنيا وزينتها لايفرح بها ويطمئن إليها إلا الكافر والجاهل،يبين الله تعالى ذلك بقصة قارون هذا فيقول:[ فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ماأوتي قارون إنه لذو حظ عظيم(79)وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولايلقاها إلا الصابرون]

فالله تعالى يخبر عن قارون أنه خرج ذات يوم على قومه في زينة عظيمة، وتجمل باهر: من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه، فلما رآه من يريد الحياة ويميل إلى زخرفها وزينتها وبهرجها تمنوا لو كان لهم مثل ما أوتي قارون من حطام هذه الدنيا.

ولكن أهل العلم والمعرفة الذين يعلمون أن الدنيا لا قيمة لها عند الله،وأن الحياة الباقية هي التي يجب أن يستعد لها المؤمن، واستعداده لها لا يكون بمثل عمل قارون الذي طغى على قومه، وتكبر عليهم، ولم يشكر المنعم عليه، وإنما ذلك بالعمل الصالح، ولهذا قالوا لهم:[ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا]. مما تشاهدونه مع قارون الذي ظهر على قومه لابسا ثوب الكبرياء، فإن المتكبر لاقيمة له عند الله، ومن نازع الله في ذلك عذبه الله عز وجل.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قال الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي فمن ينازعني عذبته"
وهكذا حكم الله على قارون حينما خرج متكبرا منازعا لله في هذه الصفة التي لاتكون إلا لله الواحد القهار.

قال تعالى:[فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وماكان من المنتصرين].
لما ذكر تعالى اختيال قارون في زينته، وفخره على قومه وبغيه عليهم، عقب ذلك ببيان ماجازاه به على ذلك بأنه خسف به وبداره الأرض، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:" بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه، يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".

أيها القارئ الكريم: إن هذه الآيات والأحاديث توصيك وتحذرك من صفة الكبر والإعجاب بالنفس، وتبين لك عاقبة ذلك.

من كتاب:
الوصايا في ضوء الكتاب والسنة
المجموعة السابعة
للشيخ:
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي


إخوتي...لإن من صفات المؤمنين الإنابة والإخبات والتواضع وعدم الكبر. ومن استقرأ حياة نبي هذه الأمة يجد فيها القدوة والأسوة، ومن تتبع حياة السلف الصالح رأى ذلك واضحا جليا...
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:" اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين"

يقول ابن الأثير: أراد به التواضع والإخبات، وأن لايكون من الجبارين المتكبرين.-مدارج السالكين ص:344-

قيل: التواضع: هو خفض الجناح ولين الجانب
وقيل: التواضع أن لا ترى لنفسك قيمة فمن رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب.

فالحذر الحذر إخوتي من هذا الداء فوالله قل أهل التواضع في زماننا....
بل البعض يأخذه العجب والتيه على عباد الله لدنيا أو علم أو جاه...وكلها منح وعطايا من الله عز وجل..ومثلما أعطاها إياه فهو سبحانه قادر على أن يسلبها منه في طرفة عين...

من اتقى الله تعالى تواضع له، ومن تكبر كان فاقدا لتقواه، ركيكا في دينه، مشتغلا بدنياه، فالمتكبر وضيع وإن رأى نفسه مرتفعا على الخلق، والمتواضع وإن رؤي وضيعا فهو رفيع القدر:
تواضع تكن كالنجــــــــــم لاح لناظر / على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلوا بنفســــــــــــه / إلى طبقات الجو وهو وضيـــع
ومن استشعر التواضع وعاشه كره الكبر وبواعثه- من كتاب التواضع والخمول لابن أبي الدنيا-

هذا حديث الصادق الصدوق الذي لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فلنجعله على رؤوسنا وأمام أعيننا
قال :"مازاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" رواه مسلم.

رزقنا الله التواضع وأعاذنا من الكبر ومن مساوئ الأخلاق.
رد مع اقتباس