عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-04-2011, 01:41AM
أبو عبد الله بشار أبو عبد الله بشار غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: السعودية
المشاركات: 557
افتراضي

وهذا سؤال آخر طرح على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وقد يستفاد منه أيضاً في هذه الأيام :

السؤال :
ما رأي فضيلتكم في الدعوة التي تقوم بها بعض الأوساط الخارجية إلى أن القومية العربية وحدها هي الرابطة الأولى بين العرب؟

الجواب :
أن يقال: لا ريب أن الدعوة إلى أن تكون القومية العربية هي الرابطة الأولى بين العرب , دعوة باطلة لا أساس يؤيدها, لا من العقل ولا النقل, بل هي دعوة جاهلية إلحادية يهدف دعاتها إلى محاربة الإسلام, والتملص من أحكامه وتعاليمه. وقد يدعو إليها من لا يقصد هذا المعنى, وإنما دعا إليها تقليدا لغيره وإحسانا للظن به, ولو عرف حقيقة المقصود منها لحاربها وابتعد عنها, وكل من له أدنى معرفة بتاريخ العرب قبل الإسلام وبعد يعلم إنه لم يكن للعرب كبير قيمة تذكر ولا راية ترهب إلا بالإسلام, وبه فتحوا البلاد وسادوا العباد, وبه كانوا أمة مرهوبة الجانب, محترمة الحقوق مرفوعة الرأس, حتى غيروا فغير عليهم, كما قال الله سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الآية.
ولا أحب أن أطيل في هذا الميدان; لأن الصحيفة لا تتحمل ذلك, والحق في ذلك أوضح من الشمس, لا يرتاب فيه من له أدنى إلمام بحال العرب والإسلام, وما أحسن قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ،{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } وقوله تعالى: { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }
وإذا كان الهدف من الدعوة إلى القومية العربية أن يجتمع العرب, وأن يشتركوا في مصالحهم, وأن ينتصفوا من عدوهم ويطردوه عن بلادهم, فليس هذا هو السبيل إلى هذا الغرض النبيل, وإنما السبيل الوحيد هو الرجوع إلى دينهم الحق, الذي به شرفوا وعرفوا وبرزوا في الميدان, وسادوا الأمم, والتمسك بتعاليمه السمحة وأحكامه الرشيدة, وتحكيمه في كل شيء, والموالاة في ذلك والمعاداة فيه, وبذلك يحصل الاجتماع, وتدرك المصالح وينتصف من الأعداء, ويكون النصر عليهم مضمونا والعاقبة حميدة في الدنيا والآخرة, كما قال الله تعالى في محكم التنـزيل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } .
وقال تعالى: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } ،
{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } .
وقال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } الآية.
والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة. وما أحسن ما قال مالك بن أنس رحمة الله عليه في هذا المعنى: ( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) لقد صدق هذا الإمام في هذه الكلمة القصيرة العظيمة.
اللهم أصلحنا وولاة أمرنا جميعا وسائر المسلمين إنك سميع قريب.

رد مع اقتباس