عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-12-2014, 02:39AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي الملخص الفقهي لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-

بسم الله الرحمن الرحيم


باب
في أحكام المسح على الخفين


وغيرهما من الحوائل



إن ديننا دين يسر لا دين مشقة وحرج , يضع لكل حالة ما يناسبها من الأحكام مما به تتحقق المصلحة وتنتفي المشقة , ومن ذلك ما شرعه الله في حالة الوضوء , إذا كان على شيء من أعضاء المتوضئ حائل يشق نزعه ويحتاج إلى بقائه : إما لوقاية الرجلين كالخفين ونحوهما , أو لوقاية الرأس كالعمامة , وإما لوقاية جرح ونحوه كالجبيرة ونحوها ; فإن الشارع رخص للمتوضئ أن يمسح على هذه الحوائل , ويكتفي بذلك عن نزعها وغسل ما تحتها ; تخفيفا منه سبحانه وتعالى على عباده , ودفعا للحرج عنهم .


فأما مسح الخفين أو ما يقوم مقامهما من الجوربين والاكتفاء به عن غسل الرجلين ; فهو ثابت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة في مسحه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر , وأمره بذلك , وترخيصه فيه .
قال الحسن : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وقال النووي : روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة وقال الإمام أحمد : ليس في نفسي من المسح شيء , فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن المبارك وغيره : ليس في المسح على الخفين بين الصحابة اختلاف , هو جائز ونقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جوازه ,


واتفق عليه أهل السنة والجماعة ; بخلاف المبتدعة الذين لا يرون جوازه . وحكم المسح على الخفين : أنه رخصة , فعله أفضل من نزع الخفين وغسل الرجلين ; أخذا برخصة الله عز وجل , واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم , ومخالفة للمبتدعة , والمسح يرفع الحدث عما تحت الممسوح , وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلف ضد حاله التي عليها قدره , بل إن كانتا في الخفين ; مسح على الخفين , وإن كانتا مكشوفتين ; غسل القدمين ; فلا يشرع لبس الخف ليمسح عليه .



ومدة المسح على الخفين بالنسبة للمقيم ومن سفره لا يبيح له القصر يوم وليلة , وبالنسبة لمسافر سفرا يبيح له القصر ثلاثة أيام بلياليها ; رواه مسلم ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن , وللمقيم يوم وليلة
وابتداء المدة في الحالتين يكون من الحدث بعد اللبس ; لأن الحدث هو الموجب للوضوء , ولأن جواز المسح يبتدئ من الحدث , فيكون ابتداء المدة من أول جواز المسح , ومن العلماء من يرى أن ابتداء المدة يكون من المسح بعد الحدث .


شروط المسح على الخفين ونحوهما :

1- يشترط للمسح على الخفين وما يقوم مقامهما من الجوارب ونحوها أن يكون الإنسان حال لبسهما على طهارة من الحدث ; لما في " الصحيحين " وغيرهما ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما أراد نزع خفيه وهو يتوضأ : دعهما ; فإني أدخلتهما طاهرتين وحديث : أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر وهذا واضح الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس للخفين , فلو كان حال لبسهما محدثا ; لم يجز المسح عليهما .
2- ويشترط أن يكون الخف ونحوه مباحا , فإن كان مغصوبا أو حريرا بالنسبة للرجل ; لم يجز المسح عليه ; لأن المحرم لا تستباح به الرخصة .


3- ويشترط أن يكون الخف ونحوه ساترا للرجل ; فلا يمسح عليه إذا لم يكن ضافيا مغطيا لما يجب غسله ; بأن كان نازلا عن الكعب أو كان ضافيا لكنه لا يستر الرجل ; لصفائه أو خفته ; كجورب غير صفيق ; فلا يمسح على ذلك كله ; لعدم ستره .
ويمسح على ما يقوم مقام الخفين ; فيجوز المسح على الجورب الصفيق الذي يستر الرجل من صوف أو غيره , لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين , رواه أحمد وغيره وصححه الترمذي , ويستمر المسح عليه إلى تمام المدة ; دون ما يلبس فوقه من خف أو نعل ونحوه , ولا تأثير لتكرار خلعه ولبسه إذا كان قد بدأ المسح على الجورب .


ويجوز المسح على العمامة بشرطين :

أحدهما : تكون ساترة لما لم تجر العادة بكشفه من الرأس .
الشرط الثاني : أن تكون العمامة محنكة , وهي التي يدار منها تحت الحنك دور فأكثر , أو تكون ذات ذؤابة , وهي التي يرخى طرفها من الخلف ; فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على العمامة بأحاديث أخرجها غير واحد من الأئمة , وقال عمر : من لم يطهره المسح على العمامة , فلا طهره الله
وإنما يجوز المسح على الخفين والعمامة في الطهارة من الحدث الأصغر , وأما الحدث الأكبر ; فلا يمسح على شيء من ذلك فيه , بل يجب غسل ما تحتهما . ويمسح على الجبيرة , وهي أعواد ونحوها تربط على الكسر , ويمسح على الضماد الذي يكون على الجرح , وكذلك يمسح على اللصوق الذي يجعل على القروح , كل هذه الأشياء يمسح عليها ; بشرط أن تكون على قدر الحاجة ; بحيث تكون على الكسر أو الجرح وما قرب هنه مما لا بد من وضعها عليه لتؤدي مهمتها , فإن تجاوزت قدر الحاجة ; لزمه نزع ما زاد عن الحاجة .


ويجوز المسح على الجبيرة ونحوها في الحدث الأصغر والأكبر , وليس للمسح عليها وقت محدد , بل يمسح عليها إلى نزعها أو برء ما تحتها ; لأن مسحها لأجل الضرورة إليها , فيتقدر بقدر الضرورة .
والدليل على مسح الجبيرة حديث جابر رضي الله عنه ; قال : خرجنا في سفر , فأصاب رجلا منا حجر , فشجه في رأسه , ثم احتلم , فسأل أصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ قالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء . فاغتسل , فمات , فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أخبر بذلك , فقال : قتلوه قتلهم الله , ألا سألوا إذا لم يعلموا ; فإنما شفاء العي السؤال , إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها رواه أبو داود وابن ماجه , وصححها ابن السكن .


محل المسح من هذه الحوائل :

يمسح ظاهر الخف والجورب , ويمسح أكثر العمامة , ويختص ذلك بدوائرها , ويمسح على جميعا لجبيرة . وصفة المسح على الخفين أن يضع أصابع يديه مبلولتين بالماء على أصابع رجليه ثم يمرهما إلى ساقه , يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى , والرجل اليسرى باليد اليسرى , ويفرج أصابعه إذا مسح , ولا يكرر المسح .وفقنا الله جميعا للعلم النافع والعمل الصالح .



باب
في بيان نواقض الوضوء



عرفت مما سبق كيف يتم الوضوء بشروطه وفروضه وسننه كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم ; فكنت بحاجة إلى معرفة ما يفسد هذا الوضوء وينقضه ; لئلا تستمر على وضوء قد بطل مفعوله , فتؤدي به عبادة لا تصح منك .
فاعلم أيها المسلم : أن للوضوء مفسدات لا يبقى مع واحد منها له تأثير , فيحتاج إلى استئنافه من جديد عند إرادته مزاولة عمل من الأعمال التي يشرع لها الوضوء , وهذه المفسدات تسمى نواقض وتسمى مبطلات , والمعنى واحد , وهذه المفسدات أو النواقض أو المبطلات أمور عينها الشارع , وفي علل تؤثر في إخراج الوضوء عما هو المطلوب منه , وهي إما أحداث تنقض الوضوء بنفسها - كالبول والغائط وسائر الخارج من السبيلين - ,


وأما أسباب للأحداث ; بحيث إذا وقعت ; تكون مظنة لحصول الأحداث ; كزوال العقل , أو تغطيته بالنوم والإغماء والجنون ; فإن زائل العقل لا يحس بما يحصل منه , فأقيمت المظنة مقام الحدث . ..

وإليك بيان ذلك بالتفصيل :


1- الخارج من سبيل , أي : من مخرج البول والغائط , والخارج من السبيل إما أن يكون بولا أو منيا أو مذيا أو دم استحاضة أو غائطا أو ريحا .
فإن كان الخارج بولا أو غائطا , فهو ناقض للوضوء بالنص والإجماع , قال تعالى في موجبات الوضوء : أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ وإن كان منيا أو مذيا , فهو ينقض الوضوء بدلالة الأحاديث الصحيحة , وهى الإجماع على ذلك ابن المنذر وغيره . وكذا ينقض خروج دم الاستحاضة , وهو دم فساد , لا دم حيض ; لحديث فاطمة بنت أبي حبيش ; أنها كانت تستحاض , فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : فتوضئي وصلي , فإنما هو دم عرق رواه أبو داود والدارقطني , وقال : إسناده كلهم ثقات .


وكذا ينقض الوضوء خروج الريح بدلالة الأحاديث الصحيحة وبالإجماع , قال صلى الله عليه وسلم : ولا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وقال صلى الله عليه وسلم فيمن شك هل خرج منه ريح أولا : فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
وأما الخارج من البدن من غير السبيلين كالدم والقيء والرعاف ; فموضع خلاف بين أهل العلم , هل ينقض الوضوء أو لا ينقضه ؟ على قولين , والراجح أنه لا ينقض , لكن لو توضأ خروجا من الخلاف ; لكان أحسن .


2- من النواقض زوال العقل أو تغطيته , وزوال العقل يكون بالجنون ونحوه ; وتغطيته تكون بالنوم أو الإغماء ونحوهما , فمن زال عقله أو غطي بنوم ونحوه ; انتقضت وضوؤه ; لأن ذلك مظنة خروج الحدث , وهو لا يحس به , إلا يسير النوم , فإنه لا ينقض الوضوء , لأن الصحابة رضي الله عنهم كان يصيبهم النعاس وهم ينتظرون الصلاة , وإنما ينقضه النوم المستغرق ; جمعا بين الأدلة .
3- من نواقض الوضوء أكل لحم الإبل سواء كان قليلا أو كثيرا , لصحة الحديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصراحته . قال الإمام أحمد رحمه الله : فيه حديثان صحيحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما أكل اللحم من غير الإبل فلا ينقض الوضوء .


وهناك أشياء قد اختلف العلماء فيها ; هل تنقض الوضوء أو لا ؟ وهي : مس الذكر , ومس المرأة بشهوة , وتغسيل الميت , والردة عن الإسلام , فإن العلماء من قال : إن كل واحد من هذه الأشياء ينقض الوضوء ومنهم من قال : لا ينقض , والمسألة محل نظر واجتهاد , لكن لو توضأ من هذه الأشياء خروجا من الخلاف ; لكان أحسن .


هذا , وقد بقيت مسألة مهمة تتعلق بهذا الموضوع , وهي : من تيقن الطهارة , ثم شك في حصول ناقض من نواقضها ماذا يفعل ؟
لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا , فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ; فلا يخرج من المسجد , حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فدل هذا الحديث الشريف وما جاء بمعناه على أن المسلم إذا تيقن الطهارة وشك في انتقاضها ; أنه يبقى على الطهارة ; لأنها الأصل , ولأنها متيقنة , وحصول الناقض مشكوك فيه , واليقين لا يزول بالشك .


وهذه قاعدة عظيمة عامة في جميع الأشياء ; أنها تبقى على أصولها حتى يتيقن خلافها , وكذلك العكس , فإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة ; فإنه يتوضأ ; لأن الأصل بقاء الحدث ; فلا يرتفع بالشك .


أخي المسلم ! عليك بالمحافظة على الطهارة للصلاة والاهتمام بها ; لأنها لا تصح صلاة بدون طهور , كما يجب عليك أن تحذر من الوسواس وتسلط الشيطان عليك ; بحيث يخيل إليك انتقاض طهارتك ويلبس عليك ; فاستعذ بالله من شره , ولا تلتفت إلى وساوسه , واسأل أهل العلم عما أشكل عليك من أمور الطهارة , لتكون على بصيرة من أمرك , واهتم أيضا بطهارة ثيابك من النجاسة ; لتكون صلاتك صحيحة وعبادتك مستقيمة ; فإن الله سبحانه وتعالى : يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وفقنا الله جميعا للعلم النافع والعمل الصالح .




المصدر :


https://uqu.edu.sa/page/ar/195170


رد مع اقتباس