عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-10-2010, 09:55AM
أبو عبد الله بشار أبو عبد الله بشار غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: السعودية
المشاركات: 557
افتراضي

عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزنى؟.
قال: اللهم لا.
قلت: فيلوط؟.
قال: اللهم لا، قلت: فيسرق؟.
قال: لا.
قلت: فيشرب الخمر؟.
قال: لا.
قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟.
قال: لا قلت: فيذنب ذنباً؟.
قال: نعم هو مؤمن مذنب ملم.
قلت: ما معنى ملم.
قال: الملم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه.
قال: فقلت سبحان الله ما أعجب هذا لا يزني ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي بكبيرة من الكبائر ولا فاحشة.
فقال: لا عجب من أمر الله، إن الله تعالى يفعل ما يشاء ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فمم عجبت يا إبراهيم؟ سل ولا تستنكف ولا تستحي فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحي.
قلت: يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخف السبل ويزنى ويلوط ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولم ذاك؟.
فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شيء غير هذا.
قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك!.
فقال: وهو ما يا أبا إسحاق؟.
قال: فقلت يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحرص على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحاكم ويقضي حقوق إخوانه ويواسيهم من ماله ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي.
قال: فتبسم الباقر صلوات الله عليه، ثم قال: يا إبراهيم خذ إليك بياناً شافياً فيما سألت وعلماً مكنوناً من خزائن علم الله وسره أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما.
قلت: يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهما ما بين المشرق والمغرب ذهباً وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالاة غيركم وإلى محبتهم مازال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبتكم وولايتكم، ورأي الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدكم ما بين المشرق والمغرب ذهباً وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلاً اشمأز من ذلك وتغير لونه ورأي كراهية ذلك في وجهه بغضاً لكم وحبه لهم.
قال فتبسم الباقر (ع)، ثم قال: يا إبراهيم هاهنا (هلكت العامة الناصبة تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية) ومن أجل ذلك قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) ويحك يا إبراهيم، أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفي على الناس منه.
قلت: يا ابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه.
قال: يا إبراهيم إن الله تبارك وتعالى لم يزل عالماً قديماً خلق الأشياء لا من شيء ومن زعم إن الله تعالى خلق الأشياء من شيء فقد كفر لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديماً معه في أزليته وهويته كان ذلك الشيء أزلياً بل خلق الله تعالى الأشياء كلها لا من شيء، فكان مما خلق الله تعالى أرضاً طيبة ثم فجر منها ماء عذباً زلالاً فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام طبقها وعمها، ثم أنضب ذلك الماء عنها، فأخذ من صفوة ذلك الطين طيناً فجعله طين الأئمة عليهم السلام، ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينتكم يا إبراهيم على حاله كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئاً واحداً.
قلت: يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟.
قال أخبرك يا إبراهيم خلق الله تعالى بعد ذلك أرضاً سبخة خبيثة منتنة، ثم فجر منها ماء أجاجاً آسناً مالحاً فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم، ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حالها ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا الأمانة ولا أشبهوكم في الصور وليس شيء أكبر على المؤمنين من أن يرى صورة عدوه مثل صورته.
قلت: يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟.
قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني، ثم عركها عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة، فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه إلى النار ولا أبالي ثم خلط بينهما ووقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صوم أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لأن من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر. وما رأيت من الناصب من مواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لأن من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله تعالى قال: أنا عدل لا أجور ومنصف لا أظلم وحكم لا أحيف ولا أميل ولا أشطط ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها، فإني أنا الله لا إله إلا أنا عالم السر وأخفى، وأنا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحداً إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام: اقرأ يا إبراهيم هذه الآية.
قلت: يا ابن رسول الله أية آية؟.
قال: قوله تعالى: { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ } هو في الظاهر ما تفهمونه هو والله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم إن للقرآن ظاهراً وباطناً ومحكماً ومتشابهاً وناسخاً ومنسوخاً.
ثم قال: أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو باين من القرص؟ قلت: في حال طلوعه باين، قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟.
قلت: نعم.
قال: كذلك يعود كل شيء إلى سنخه وجوهره وأصله، فإذا كان يوم القيامة نزع الله تعالى سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن، افترى هاهنا ظلماً أو عدواناً؟.
قلت: لا يا ابن رسول الله.
قال: هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون هذا يا إبراهيم الحق من ربك فلا تكن من الممترين هذا من حكم الملكوت.
قلت: يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت؟.
قال: حكم الله حكم أنبيائه، وقصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه، فقال: { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا } افهم يا إبراهيم واعقل أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله، حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري إنما فعلته عن أمر الله تعالى، من هذا ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى وأخبار تؤثر عن الله تعالى من ردّ منها حرفاً فقد كفر وأشرك ورد على الله تعالى.
قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات وأنا أقرأها أربعين سنة إلا ذلك اليوم فقلت يا ابن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم، وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟! قال: أي الله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة وبارئ النسمة وفاطر الأرض والسماء ما أخبرتك إلا بالحق وما أنبأتك إلا الصدق وما ظلمهم الله، وما الله بظلام للعبيد، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله.
قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟.
قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعاً في القرآن، أتحب أن أقرأ ذلك عليك؟.
قلت: بلى يا ابن رسول الله.
فقال: قال الله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } الآية، أزيدك يا إبراهيم؟.
قلت: بلى يا ابن رسول الله.
قال: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } أتحب أن أزيدك؟.
قلت: بلى يا ابن رسول الله.
قال: { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، وجلال الله إن هذا لمن عدله وإنصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم، ألم أبين لك أمر المزاج والطينتين من القرآن؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: اقرأ يا إبراهيم: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ إنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ } يعني من الرض الطيبة والأرض المنتنة { فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لأن الله تعالى أعلم من اتقى منكم فإن ذلك من قبل اللمم - وهو المزاج - أزيدك يا إبراهيم.
قلت: بلى يا ابن رسول الله.
قال: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ } يعني أئمة الجور دون أئمة الحق { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } خذها إليك يا أبا إسحاق، فوالله إنه لمن غرر أحاديثنا وباطن أسرارنا ومكنون خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرّنا أحداً إلا مؤمناً مستبصراً، فإنك إن أذعت سرّنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك .

( علل الشرائع للصدوق 201-203) .
بحار الأنوار للمجلسي 5/228-233، والعجيب أن الرافضي "المجلسي" بعد ذكره هذه الرواية المرفوضة عقلاً وشرعاً قال: ثم اعلم أن هذا الخبر وأمثاله مما يصعب على القلوب فهمه وعلى العقول إدراكه، ويمكن أن يكون كناية عما علم الله تعالى وقدره من اختلاط المؤمن والكافر في الدنيا واستيلاء أئمة الجور وأتباعهم على أئمة الحق وأتباعهم، وعلم أن المؤمنين إنما يرتكبون الآثام لاستيلاء أهل الباطل عليهم، وعدم تولي أئمة الحق بسياستهم فيعذرهم بذلك ويعفو عنهم، ويعذب أئمة الجور وأتباعهم بتسببهم لجرائم من خالطهم مع ما يستحقون من جرائم أنفسهم.
__________________
قال حامل لـواء الجرح والتعديل حفظه الله :
والإجمال والإطلاق: هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم.
والبيان والتفصيل والتصريح:هو سبيل أهل السنة والحق
رد مع اقتباس