عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 23-09-2003, 10:02AM
عبد الله بن حميد الفلاسي
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي

تابع/ كتاب الطهارة
الحديث الرابع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ، ثُمَّ لِيسَنْتَثِرْ ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الإِنَاءِ ثَلاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ} .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِم:ٍ {فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ} .
وَفِي لَفْظ:ٍ {مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ} .


---------------------------------------

غريب الحديث:

1- توضأ أحدكم: يعني إذا شرع في الوضوء.

2- ليستنثر: يعني ليخرج الماء من أنفه، بعد إدخاله فيه، وإدخاله هو الاستنشاق.

3- استجمر: استعمل الجمار – وهي الحجارة – لقطع الأذى الخارج من أحد السبيلين وهو الاستنجاء بالحجارة.

4- فليوتر: لِيُنهِ استجماره على وتر، وهو الفرد، مثل ثلاث أو خمس أو نحوهما، ولا يكون قطعه الاستجمار لأقل من ثلاث.

5- فإن أحدكم لا يدري...الخ: تعليل لغسل اليد بعد الاستيقاظ.

6- باتت يده: حقيقة المبيت يكون من نوم الليل.

وقد حكى الزمخشري، وابن حزم، والآمدي، وابن برهان، أنها تكون بمعنى ((صار)) فلا تختص بوقت وإذا أطلقت اليد فالمراد بها الكف.

7- فليستنشق: الاستنشاق هو إدخال الماء في الأنف.

المعنى الإجمالي:

يشمل هذا الحديث على ثلاث فقرات، لكل فقرة حكمها الخاص بها.

1- فذكر أن المتوضئ إذا شرع في الوضوء، أدخل الماء في أنفه، ثم أخرجه منه وهو الاستنشاق والاستنثار المذكور في الحديث، لأن الأنف من الوجه الذي أمر المتوضئ بغسله. وقد تضافرت الأحاديث الصحيحة على مشروعيته، لأنه من النظافة المطلوبة شرعاً.

2- ثم ذكر أيضاً أن من أراد قطع الأذى الخارج منه بالحجارة، أن يكون قطعه على وترٍ، أقلها ثلاث وأعلاها ما ينقطع به الخارج، وتنقي المحل إن كانت وتراً، وإلا زاد واحدة توتر أعداد الشفع.

3- وذكر أيضاً أن المستيقظ من نوم الليل لا يُدخلُ كفه في الإناء، أو يمس بها شيئاً رطباً، حتى يغسلها ثلاث مرات.

لأن نوم الليل غالباً يكون طويلاً، ويده تطيش في جسمه، فلعلها تصيب بعض المستقذرات وهو لا يعلم. فشرع له غسلها للنظافة المشروعة.

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في النوم الذي يشرع بعده غسل اليد.

فذهب ((الشافعي)) والجمهور إلى أنه بعد كل نوم، من ليل أو نهار، لعموم قوله: {من نومه}. وخصه الإمامان ((أحمد)) و((داود الظاهري)) بنوم الليل، وأيدوا رأيهم بأن حقيقة البيتوتة، لا تكون إلا من نوم الليل، وبما وقع في رواية الترمذي، وابن ماجه {إذا استيقظ أحدكم من الليل}.

والراجح المذهب الأخير، لأن الحكمة التي شرع من أجلها الغسل غير واضحة وإنما يغلب عليها التعبدية، فلا مجال لقياس النهار على الليل وإن طال فيه النوم، لأنه على خلاف الغالب، والأحكام تتعلق بالأغلب، وظاهر الأحاديث التخصيص.

ثم اختلفوا أيضاً: هل غسلها واجب أو مستحب؟

فذهب الجمهور إلى الاستحباب، وهو رواية لأحمد، اختاره ((الخرقي)) و((الموفق)) و((المجد)).

والمشهور من مذهب ((أحمد)) الوجوب، ويدل عليه ظاهر الحديث.


ما يؤخذ من الحديث:

1- وجوب الاستنشاق والاستنثار. قال النووي: فيه دلالة ظاهرة على أن الاستنثار غير الاستنشاق.

2- أن الأنف من الوجه في الوضوء، أخذاً من هذا الحديث مع الآية ((فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ)) [المائدة:6].

3- مشروعية الإيتار لمن استنجى بالحجارة. قال المجد في المنتقى: وهو محمول على أن القطع على وتر سنة فيما زاد على الثلاث.

4- قال ابن حجر: استنبط قوم من حديث أن موضع الاستنجاء مخصوص بالرخصة مع بقاء أثر النجاسة عليه.

5- مشروعية غسل اليد من نوم الليل، وتقدم الخلاف في تخصيص الليل، والخلاف في وجوب الغسل أو استحبابه.

6- وجوب الوضوء من النوم.

7- النهي عن إدخالها في الإناء قبل غسلها، وهو إما للتحريم، أو للكراهية، على الخلاف في وجوب الغسل أو استحبابه.

8- الظاهر من تعليل مشروعية غسلها النظافة. ولكن الحكم للغالب، فيشرع غسلها، ولو حفظها بكيس ونحو ذلك.

9- قوله : {وإذا استيقظ} ظاهره أنه حديث واحد كما في البخاري فقد جعلهما حديثاً واحداً لاتحاد سندهما. ولكنهما في الموطأ وعند مسلم حديثان.

تم بحمد الله شرح الحديث الرابع ويتبعه بمشيئة الله شرح الحديث الخامس
رد مع اقتباس