عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-03-2011, 02:28PM
أم محمود السلفية أم محمود السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: غربة الدين والوطن
المشاركات: 182
افتراضي بيان بطلان ما اشتُهِرَ عن الصحابي "ثعلبة بن حاطب"

بيان بطلان ما اشتُهِرَ عن الصحابي "ثعلبة بن حاطب"
في أنَّه المقصود بقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ﴾.


الفتوى رقم: (18091) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


السؤال:
نشرت جريدة (الاتحاد) في الملحق الخاص برمضان في مسابقة (أسماء خلدها القرآن) رقم (22) سؤالاًَ مضمونه أن صحابيًا طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الله أن يرزقه مالاً، فلما صار غنيًّا أرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب منه الزكاة، فلم يخرج الزكاة، ولما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل هذا الصحابي بالزكاة إلى أبي بكر فلم يقبلها، وفي عهد عمر أرسل الصحابي الزكاة إلى عمر فلم يقبلها، ثم مات في عهد عثمان.
ما قصة هذا الصحابي؟ وهل هي حقيقة، وبالتالي أفلا يجب إصدار فتوى عبر العالم لتكذيبها أو تأكيدها؟


الجواب:
ثعلبة بن حاطب، ويُقال: ابن أبي حاطب الأوسيّ الأنصاريّ، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ بدرًا وأُحدًا، وهو رضي الله عنه بريءٌ مما نُسِبَ إليه من أنَّه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يدعو الله له بالمال، فدعا له صلى الله عليه وسلم فأغناه الله؛ فمنع الزكاة؛ فنزلت فيه آية التوبة.
وهذه القصة رواها الطبراني في (المعجم الكبير 8\260 رقم 7873) من طريق معان بن رفاعة عن علي بن يزيد الإلهاني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أُمامة: أنَّ ثعلبة بن حاطب فذكرها.
ومن طريقه ساقها ابن جرير في (التفسير) وفي (التاريخ)، ومن بعده عيال عليه في سياقها مطولة ومختصرة؛ في سبب نزول قول الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: 75].
ومنهم من ساقها وسكت عن إسنادها؛ مثل ابن كثير -رحمه الله تعالى- في (تفسيره)، ومنهم من تكلم عليها بعدم صحتها منهم القرطبي في (تفسيره 8\209)؛ وقال: (ثعلبة بدري مقارب، وممن شهد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم بالإيمان، فما رُوِيَ عنه غير صحيح). ونُقِلَ عن ابن عبد البر أنها لا تصح.
وقال البيهقي في (دلائل النبوة): (في إسناد هذا الحديث نظر، وهو مشهور بين أهل التفسير).
وقال ابن حجر في (الإصابة): (وفي كون صاحب هذه القصة -إن صح الخبر وما أظنه يصح- هو البدري المذكور نظر . . . وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل النار أحد ممن شهد بدرا والحديبية)) وحكى عن ربه تعالى أنه قال لأهل بدر: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (1). فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقًا في قلبه، وينزل فيه ما نزل؟! فالظاهر أنه غيره، والله أعلم) ا. هـ. (1\198).
وقال في (تخريج أحاديث الكشاف): (هذا إسنادٌ ضعيف جدًا).
وقال في (الفتح): (جزم ابن الأثير في (التاريخ) بأن أول فرض الزكاة كان في السنة التاسعة، وقوى بعضهم ما ذهب إليه ابن الأثير بما وقع في قصة ثعلبة بن حاطب المطولة؛ لكنه حديث ضعيف لا يحتج به).
وحكم ببطلانها ابن حزم في (المحلى 11\207-208).
وقال الذهبي في (تجريد أسماء الصحابة 1\66) في ترجمة ثعلبة بن حاطب وبعد أن أشار إلى هذه القصة: (ذكروا حديثًا منكرًا بمرة).
ثم ساقها الطبري في (تاريخه 3\124) عن ابن عباس بسند مسلسل ببيت العوفيين عن محمد بن سعد العوفي، عن أبيه عن عمه عن أبيه عن عمه عن أبيه: عطية بن سعد العوفي، وعطية ضعيف.
والخلاصـة: أن هذه القصة لا تصح، وفي متنها ما يردُّها؛ فإن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة من مانعها بالقوة مع تعزيره على منعها؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «في كل سائمة إبل في كل أربعين بنت لبون لا تفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا بها فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا عزَّ وجلَّ، ليس لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
والذي في القصة يخالف هذا الهدي، فهي إذن باطلة سندًا ومتنًا.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
__________
(1) رواه من حديث عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه : أحمد 1\ 80 ، والبخاري 4\19 ، 5\89 ، 6\60 ، ومسلم 4\1941- 1942 برقم ( 2494 ) ، وأبو داود 3\110 ، برقم ( 2650 ) ، والترمذي 5\ 410 برقم ( 3305 ) ، والنسائي في ( الكبرى ) 10\ 297 برقم ( 11521 ).
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
[ أم محمود السلفية ] إنَّ عُضْواً يشْكُرُكَ : [ جَزَاك اللهُ خَيْرًا عَلَى هَذِهِ الُمشَارَكَةِ الُممَيَّزَة ].