عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 01-05-2015, 10:14AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-


فصل:
ومن صام بشاهدين ثلاثين يوماً



ومن صام بشاهدين ثلاثين يوماً، ولم يره إذَنْ أحد، أفطر، وقيل: لا مع صحو. واختاره في «المستوعب»، وأبو محمدٍ ابن الجوزي لأن عدم الهلال يقين، فيُقدَّم على الظن، وهي الشهادة. وعلى الأول فيمن صام بقول واحد وجهان، وقيل: روايتان، وقيل: لا فطر مع الغيم، اختاره صاحب «المحرر» (وهـ) والأصح للشافعية(128).


وإن صاموا لأجل الغيم، لم يفطروا؛ لأن الصوم إنما كان احتياطا، فمع موافقته للأصل - وهو بقاء رمضان - أوْلى وقيل: بلى. قال صاحبُ «الرعاية»: إن صاموا جزماً مع الغيم، أفطروا، وإلا فلا، فعلى الأول: إن غُمَّ هلال شعبان، وهلال رمضان، فقد نصوم اثنين وثلاثين يوماً، حيث نقصنا رجباً وشعبان، وكانا كاملين، وكذا الزيادة إن غم هلال رمضان وشوال، وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين. وفي «المستوعب»: وعلى هذا فَقِسْ. وليس مراده مطلقا.
قال في «شرح مسلم»: قالوا - يعني العلماء -: لا يقع النقص متواليا في أكثر من أربعة أشهر، وفي «الصحيحين» من حديث أبي بكرة: «شَهْرا عيد لا يَنْقصان:ِ رمضان وذو الحجة»(129).

نقل عبدالله، والأثرم، وغيرهما: لا يجتمع نقصانهما في سنة واحدة. ولعل المراد: غالباً، وأنكر أحمد تأويل من تأوله على السنة التي قال النبُّي صلى الله عليه وسلم ذلك فيها. ونقل أبو داود: لا أدري ما هذا؟ قد رأيناهما ينقصان. وقال إبراهيم الحربي: معناه: ثواب العامل فيهما على عهد أبي بكر الصديق واليومِ واحد. ويتوجه احتمال: لا يَنقُص ثوابهما إن نقَصَ العدد، وفاقاً لإسحاق، وجماعة من العلماء. وقاله ابن هبيرة، قال: ويزيدهما فضلا إن كانا كاملين. قال القاضي: الأشبه الأول؛ لأن فيه دلالة على معجزة النبوة؛ لأنه أخبر بما يكون في الثاني، وما ذهبوا إليه فإنما هو إثبات حكم. كذا قال(130). وإن صاموا ثمانية وعشرين ثم رأوا هلال شوال، قضوا يوما فقط. نقله حنبل، واحتج بقول علي رضي الله عنه، ولبُعْدِ الغلط بيومين. ويتوجه: تخريج واحتمال.


ومن رأى هلال رمضان وحده، ورُدَّت شهادته، لزمه الصوم (و) وحكمُه (و)؛ للعموم، وكعِلْم فاسقٍ بنجاسة ماء، أو دَيْن على موروثه؛ ولأنه يلزمه إمساكه لو أفطر فيه، ويقع طلاقه وعتقه المُعلَّق بهلال رمضان، وغير ذلك من خصائص الرمضانية، ولهذا فارق غيره من الناس، وليست الكفَّارةُ عقوبة مَحْضةً، بل هي عبادة، أو فيها شائبة العبادة، بخلاف الحد، ويأتي في صوم المسافر: أن الخلاف ليس شبهة في إسقاطها. ذكر ذلك في «منتهى الغاية»، وفي «المستوعب» وغيره - على رواية حنبل -: لا يلزمه صوم، لا يلزمه شيء من أحكامه.


وحديث أبي هريرة: «صومكم يوم تصومون». رواه الترمذيُّ، وقال: حسن غريب، وفيه عبد الله بن جعفر، وهو ثقة عندهم، وتكلم فيه ابن حبان، وقد رواه أبو داود، وابن ماجة، والإسناد جيد، فذكر الفطر والأضحى فقط، ومذهب (هـ) إن وطئ فيه فلا كفارة عليه، وذكره ابن عبد البر قول أكثر العلماء. كذا قال. ونقل حنبل: لا يلزمه الصوم، اختاره شيخنا(131). قال: ولا غيره. وعلى الأول هل يفطر يوم الثلاثين من صيام الناس؟ فيه وجهان، ذكرهما أبو الخطاب، ويتوجه عليهما: وقوع طلاقه، وحل دَيْنِهِ المُعلَّقَين به، واختارَ صاحب «الرعاية» يقع ويَحِلُّ.


وإن رأى هلال شوال وحده، لم يفطر. نقله الجماعة (وهـ م)؛ للخبر السابق، وقاله عمر وعائشة؛ ولاحتمال خطئه وتهمته، فوجب الاحتياط.
قال شيخنا: وكما لا يعرف وحده، ولا يُضحِّى وحدَه، قال: والنزاعُ مبني على أصل، وهو أن الهلال هل هو اسم لما يطلع في السماء، وإن لم يشتَهِرْ ولم يظهر، أو أنه لا يسمى هلالاً إلاّ بالظهور والاشتهار، كما يدل عليه الكتاب والسنة، والاعتبار؟ فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
وقال أبو حكيم: يتخرج أن يفطر. واختاره أبو بكر.


قال ابن عقيل: يجب أن يُفطرَ سرًّا (وش)؛ لأنه يتيقنه يوم العيد، وعلل ابن عقيل بما فيه من المفسدة، كتركه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، وقَتْلَ المنافقين. قال: ولأن الحقوق يُحكَمُ بها عليه فيما يخصه، كذا الفطر. ولما احتج على القاضي بثبوت الحقوق التي عليه، أجاب بأنا لا نعرف الرواية في ذلك، ثم فرق بأنها عليه، والفطر حقٌّ له، كاللقيط إذا أقر بأنه عبد، يقبل فيما عليه وهو الرِّقُّ، ولم يُقبلَ فيما له من إبطال العقود.


قيل لابن عقيل: فيجب منع مسافر، ومريض، وحائض من الفطر ظاهراً؛ لئلاَّ يُتَّهم؟ فقال: إن كانت أعذارا خفيَّةً، مُنِعَ من إظهاره، كمرض لا أمَارةَ له، ومسافر لا علامة عليه.
وذكر القاضي أنه يُنكر على مَنْ أكل في رمضان ظاهراً، وإن جاز هناك عذر، فظاهره المنع مطلقا.


وقد قال أحمد - رحمه الله -: أكره المدخل السوء(132). وفي «الرعاية» - فيمن رأى هلال شوال -: وعنه: يفطر، وقيل: سرًّا، كذا قال. وقال صاحب «المحرر»: لا يجوز إظهار الفطر (ع).


قال: والمُنفردُ بمفَازةٍ ليس بقربه بلد، يبني على يقين رؤيته؛ لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة، بل الظاهر الرؤية بمكان آخر. وإن رآه عَدْلانِ، ولم يشهد عند الحاكم، أو شهدا فرَدَّهما؛ لجهله بحالهما، لم يجُزْ لأحدهما، ولا لمن عرف عدالتهما الفطر بقولهما، في قياس المذهب. قاله صاحب «المحرر»؛ لما سبق، ولما فيه من الاختلاف، وتشتيت الكلمة، وجَعْلِ مرتبة الحاكم لكل إنسان، وجزم الشيخ بالجواز؛ لقوله عليه السلام: «فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا». رواه أحمد، والنسائي(133).


---------------------------


(128) هذه المسألة مهمة، وهي: إذا صاموا بشهادة اثنين، ثم تم الشهر ثلاثين ولم ير الهلال، فهل نفطر أو لا نفطر؟ هنا ذكر القولين، وقال: إذا لم يُر فشهادة الشاهدين عن ظن؛ لأن عدم الرؤية يقين، وشهادة الشاهدين ظن، لكن الأصح أنه إذا صاموا بشهادة اثنين أفطروا، سواء كانت غيماً أم صحواً.


(129) يعني لا ينقصان في سنة واحدة، والمراد غالباً، إذ أنهما قد ينقصان، ولهذا أنكر الإمام أحمد على من فسَّر الحديث بأنهما لا ينقصان في تلك السنة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، ثم إنه توقف رحمه الله، كما قال: «نقل أبو داود قال: لا أدري ما هذا؟» وهذا من احترام كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العلماء؛ لأن الواقع يدل على خلاف هذا الحديث؛ إذ أنهما قد ينقصان في سنة واحدة، وهناك تأويل سيذكره المؤلف، هو أصح ما قيل في ذلك.


(130) هنا كلام القاضي - رحمه الله - تعقبه ابن مفلح - رحمه الله - بأن هذا معجزة للرسول (، وأنه لا يمكن أن ينقص في سنة واحدة، لكن يقال: إن هذا واقع، وأنهما ينقصان في سنةٍ واحدة، فيكون أصحّ ما يقال: إنهما لا ينقصان في الثواب، وإن نقصا في العدد.


(131) قوله: «لا يلزم الصوم اختاره شيخنا» حتى مع رؤية الهلال، فإذا رأى الهلال، وتيقن رؤيته مثل الشمس، ولكنه لم يثبت عند الناس، فإنه لا يصوم، هذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله؛ لئلا يفرِّق الجماعة؛ لأنه لو صام ثم أتم ثلاثين يوماً والناس صائمون لزم أن يفطر والناس صائمون، ولزمه أن يصلي العيد، وهذا خلاف الجماعة.


(132) قوله: «المدخل السوء» معناه: ما يدخل عليه ويساء به الظن من أجله، فالإمام أحمد - رحمه الله - يكرهه؛ لأن الإنسان ينبغي له أن يدرأ الغيبة عن نفسه ما استطاع.


(133) هذا بشرط أن يعلم عدالتهما، وأما إذا لم يعلم فإنه لا يجوز أن يفطر بشهادتيهما حتى يثبته الحاكم.


المصدر :

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18291.shtml







رد مع اقتباس