عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 05-02-2015, 08:27PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





عقيدة التوحيد
وبيان ما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر
والتعطيل والبدع وغير ذلك



الانحراف في حياة البشرية

الباب الثالث
في بيان الشرك والانحراف في حياة البشرية
ولمحة تاريخية عن الكفر والإلحاد والشرك والنِّفاق

ويتضمّن الفصول التالية:
الفصل الأول: الانحراف في حياة الشعوب.
الفصل الثاني: الشرك - تعريفه وأنواعه.
الفصل الثالث: الكفر - تعريفه وأنواعه.
الفصل الرابع: النفاق - تعريفه وأنواعه.
الفصل الخامس: بيان حقيقة كل من: الجاهلية - الفسق - الضلال - الردة: أقسامها، وأحكامها.


(1/69)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول
الانحراف في حياة البشرية

خلق الله الخلق لعبادته، وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56- 58] .

والنفسُ بفطرتها إذا تركت كانت مقرة لله بالإلهية، مُحبَّةً لله، تعبدُه لا تُشرك به شيئًا، ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يُزيِّنُ لها شياطين الإنس والجن بما يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا، فالتوحيد مركوز في الفطرة، والشرك طارئ ودخيل عليها، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] .


وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يُولَدُ على الفطرة فأبواه يُهوِّدانه، أو يُنصِّرانه، أو يُمجِّسانه» . فالأصلُ في بني آدم: التوحيد.
والدينُ الإسلام، وكان عليه آدم عليه السلام، ومن جاءَ بعدَهُ من ذُرّيته قُرونًا طويلة، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213] .

(1/70)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

وأوَّلُ ما حدثَ الشركُ والانحراف عن العقيدة الصحيحة في قوم نوح، فكانَ عليه السلام أول رسول إلى البشرية بعد حدوث الشرك فيها: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] .

قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرةُ قرون؛ كلهم على الإسلام.

قال ابن القيم (وهذا القولُ هو الصواب قطعًا؛ فإنَّ قراءة أُبيّ بنِ كعبٍ - يعني: في آية البقرة -: (فاختلفوا فبعث الله النبيين) .
ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى في سورة يونس: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19] .


يريد - رَحمهُ الله - أنَّ بعثةَ النبيين سببُها الاختلاف عما كانوا عليه من الدين الصحيح، كما كانت العربُ بعد ذلك على دين إبراهيمَ عليه السلام؛ حتى جاء عمرو بن لحي الخزاعي فغيّر دينَ إبراهيم، وجلبَ الأصنام إلى أرض العرب، وإلى أرض الحجاز بصفة خاصة، فعُبدت من دون الله، وانتشر الشركُ في هذه البلاد المقدسة، وما جاورها؛ إلى أن بعثَ الله نبيه محمدًا خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس إلى التوحيد، واتّباع ملَّة إبراهيم، وجاهد في الله حق جهاده؛ حتى عادت عقيدة التوحيد

(1/71)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

وملة إبراهيم، وكسَّر الأصنام وأكمل الله به الدين، وأتم به النعمة على العالمين، وسارت على نهجه القرون المفضَّلَة من صدر هذه الأمة؛ إلى أن فشا الجهل في القرون المتأخرة، ودخلها الدخيلُ من الديانات الأخرى، فعاد الشرك إلى كثير من هذه الأمة؛ بسبب دعاة الضلالة، وبسبب البناء على القبور، متمثلًا بتعظيم الأولياء والصالحين، وادعاء المحبة لهم؛ حتى بنيت الأضرحة على قبورهم، واتخذت أوثانًا تُعبدُ من دون الله، بأنواع القُربات من دعاء واستغاثة، وذبح ونذر لمقامهم. وسَموا هذا الشرك: توسُّلًا بالصالحين، وإظهارًا لمحبتهم، وليس عبادة لهم، بزعمهم، ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين حين يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .


ومع هذا الشرك الذي وقع في البشرية قديمًا وحديثًا، فالأكثرية منهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، وإنما يُشركون في العبادة، كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] .
ولم يجحد وجودَ الرب إلا نزرٌ يسير من البشر، كفرعون والملاحدة الدهريين، والشيوعيين في هذا الزمان، وجحودهم به من باب المكابرة، وإلا فهم مضطرون للإقرار به في باطنهم، وقرارة نفوسهم، كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] .

(1/72)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ


وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لا بد له من خالق، وكل موجود لا بد له من موجد، وأن نظام هذا الكون المنضبط الدقيق لا بد له من مدبر حكيم، قدير عليم، من أنكره فهو إما فاقد لعقله، أو مكابر قد ألغى عقله وسفه نفسه، وهذا لا عِبرةَ به.

(1/73)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ


المصدر



http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...les/atwbmy.pdf






التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 05-02-2015 الساعة 10:49PM
رد مع اقتباس