عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 27-02-2016, 02:55PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله ﷺ وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله ﷺ فقال أبك جنون ؟ قال : لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه .



قال ابن شهاب : فأخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن أنه سمع جابر بن عبدالله يقول : كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه
الرجل هو ماعز بن مالك .
ورى قصته جابر بن سمرة وعبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري وبريدة بن الحصيب الأسلمي .


موضوع الحديث :
الاعتراف بالزنا



المفردات
قوله فناداه : أي رفع صوته بقوله يا رسول الله إني زنيت
فأعرض عنه : أي أن رسول الله ﷺ تحول عنه إلى جهة أخرى
قوله فتنحى : أي تحول ليقابل النبي ﷺ فقال يا رسول الله إني زنيت
قوله حتى ثنى ذلك أربع مرات : أي كرر الاعتراف أربع مرات
قوله فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه : أي طلب منه الدنو فدنى فقال أبك جنون قال لا وإنما سأله هل به جنون لأن المجنون لا يؤخذ بكلامه
قوله قال فهل أحصنت : أي هل تزوجت قال نعم فقال رسول الله ﷺ اذهبوا به فارجموه


قوله قال ابن شهاب فاخبرني أبو سلمة أنه سمع جابر بن عبدالله يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى : المراد بالمصلى هو المكان الذي يصلى فيه العيد والاستسقاء وما أشبه ذلك
قوله فلما أذلقته الحجارة هرب : معنى أذلقته أوجعته
قوله فأدركناه بالحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سود


المعنى الإجمالي
جاء رجل من المسلمين إلى النبي ﷺ فناداه مقراً على نفسه ومعترفاً عليها بقوله إني زنيت فأعرض عنه النبي ﷺ تمكيناً له أن يتراجع إن أراد ولكنه كان كلما تحول النبي ﷺ إلى جهة تحول هو إليها فلما رأى منه النبي ﷺ الإصرار سأله أبك جنون قال لا وسأل الحاضرين أفي عقله شيء قالوا لا فأمر أن يُشم فمه ويستنكه فشم ولم يوجد به رائحة خمر فاستثبته النبي ﷺ بقوله أدخل ذاك منك في ذاك منها قال نعم فعلت بها حراماً ما يفعله الرجل بامرأته حلالاً فعند ذلك أمر به فرجم وفي قصته عدة مسائل سنأتي عليها إن شاء الله تعالى .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الإقرار بالزنا عند الإمام


ثانياً : أن الإمام إذا أتاه من هو مقر على نفسه بما يوجب الحد ينبغي أن يعرض عنه لكي يعطيه الفرصة في التراجع كما فعل النبي ﷺ حيث أعرض عنه ثلاث مرات وفي الرابعة كلمه


ثالثاً : أن الحدود إذا بلغت الإمام وجب تنفيذها ولا يجوز إهمالها بعد ذلك


رابعاً : جواز النداء للحاكم أو للأمير أو للعالم بأعلى نعوته وأفضلها والجهر بذلك عند إتيان ما يوجب فقد نادى هذا الرجل رسول الله ﷺ بأعلى صوته قائلاً يا رسول الله إني زنيت


خامساً : يؤخذ منه أن إقرار المجنون باطل لكونه لا يرجع إلى عقل يمنعه من الاعتراف بما يوجب عليه الضرر


سادساً : أنه ينبغي للإمام أو القاضي أن يعرض للمقر بالرجوع فقد قال النبي ﷺ لعلك لمست لعلك قبّلت


سابعاً :اختلف أهل العلم في الإقرار هل يكفي فيه مرة واحدة أو لا بد أن يقرّ أربع مرات فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه لا بد في الإقرار بالزنا من أن يقر أربع مرات وذهب مالك والشافعي وكثير من أهل الحديث إلى أن الإقرار بالزنا يثبت بمرة واحدة
أولاً : لأن ترديد النبي ﷺ لماعز لم يكن من أجل تعدد الإقرار ولكن للاستثبات ولكونه شك في عقله .
ثانياً :أن النبي ﷺ قال في امرأة صاحب العسيف واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يجعل لذلك عدداً لا يعتبر الإقرار إلا به .
ثالثاً : أن النبي ﷺ اعتبر إقرار الغامدية أو الجهنية بدون عدد حتى قالت له أتريد أن ترددني كما رددت ماعزاً .


ثامناً : أن شارب الخمر لا يعتبر بإقراره ولا بكلامه لأن النبي ﷺ أمر أن يستنكه ماعز فاستنكهوه ولما لم يجدوا فيه رائحة خمر اعتبر إقراره .


تاسعاً : جواز تفويض الإمام الرجم إلى غيره لقوله ﷺ اذهبوا به فارجموه


عاشراً : يؤخذ منه أن المرجوم لا يحفر له وقد اختلف أهل العلم في هذه المسالة اختلافاً كثيراً فذهب مالك وأحمد وأبو حنيفة في رواية عنه وأبو يوسف وأبو داود إلى أنه يحفر لهم فقال بعضهم يحفر لمن رجم بالبينة لا لمن رجم بالإقرار وقال بعضهم يحفر للمرأة ولا يحفر للرجل وفي هذا الحديث بالذات أن ماعزاً لما أذلقته الحجارة هرب فلو كان حفر له لم يهرب وقد ورد في رواية أنهم حفروا له ولعل راويها وهم وكذلك في قصة اليهوديين أن الرجل كان يجنأ على المرأة وذلك دليل على أنه لم يحفر لهما


الحادي عشر : أن الزاني المحصن إذا شرعوا في رجمه وهرب ترك لقول النبي ﷺ ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) وممن قال بتركه الشافعي وأحمد وقال مالك لا يترك .


الثاني عشر : أن المحصن يرجم ولا يجلد وقد سبق أن قلنا أن حديث عبادة بن الصامت منسوخ وإن كان قد ذهب بعض أهل العلم إلى العمل به


الثالث عشر : أن المصلى أي المكان الذي يصلى فيه العيد ليس له حكم المسجد لأنه لو كان له حكم المسجد ما رجموه فيه علماً بأنه قد ثبت النهي عن إقامة الحدود في المسجد وبالله التوفيق.



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس