عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 09-08-2015, 12:56AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

[144]الحديث الرابع :
عن جابر رضي الله عنه قال : شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام
متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى
أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال : يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة
من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله ؟ فقال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال :
فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن .
موضوع الحديث :
الصلاة قبل الخطبة

المفردات
قوله شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد قال الصنعاني حذف مفعوله أي الصلاة وصرحت به رواية مسلم بلفظ
شهدت الصلاة والمراد بالشهود الحضور والعيد عيد الفطر
قوله فبدأ : من البداءة وهو الابتداء في الشيء وتقديمه على غيره
متوكئاً : أي مستنداً ومتحاملاً على بلال أي معتمداً عليه
قوله وحث : أي حرض وترك مفعوله ليعم قاله الصنعاني
ثم مضى : أي مشى حتى أتى النساء
قوله فوعظهن :الوعظ هو النصح والتذكير
فقامت امرأة قال الصنعاني يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن المعروفة بخطيبة
النساء لأنها روت أصل القصة في حديث آخر أخرجه الطبراني والبيهقي أنها قالت فناديته وكنت جريئة
لم يا رسول الله قال لأنكن ….الخ
قوله تكثرن الشكاة : أي الشكاية أصلها شكوت فقلبت واوها ألفاً
قوله من حليهن :هو ما تتحلى به المرأة من الذهب أو الفضة أو غيرهما
قوله من أقراطهن : جمع قرط وهو ما يجعل في الأذن
وخواتيمهن : هي ما يجعل في الأصابع

المعنى الإجمالي : ‏
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه حضر مع النبي ﷺ صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وصلى
العيد بلا أذان ولا إقامة وأنه قام للخطبة أي ودخلها متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته
ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى إلى النساء فوعظهن وذكرهن وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر
حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء أي من وسط النساء سعفاء الخدين والسفع هو اللون المخالف
للون الوجه فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعلن يتصدقن من حليهن

فقه الحديث : ‏
يؤخذ من الحديث مسائل : ‏
المسالة الأولى :أن السنة في صلاة العيدين أن يبدأ فيها بالصلاة قبل الخطبتين وقد تقدم بحث
هذه المسألة بما فيه الكفاية .

المسألة الثانية : أن صلاة العيدين وكذلك جميع الصلوات النوافل التي تشرع فيها الجماعة لا يشرع لها أذان
ولا إقامة قال ابن دقيق العيد أما عدم الأذان والإقامة لصلاة العيد فمتفق عليه وكان سببه تخصيص الفرائض
بالأذان تمييز لها بذلك وإظهاراً لشرفها

المسألة الثالثة : تخصيص النساء بالموعظة دون الرجال إذا أمنت الفتنة

المسألة الرابعة :إخباره ﷺ أن النساء حطب جهنم أي أكثر أهل النار

المسألة الخامسة :في قوله فقامت امرأة من سطة النساء يحتمل أنه من الوسط المكاني أي وسط
ذلك المكان ويحتمل أن المراد بالوسط الخيار ويحتمل أن المراد الوسط السن أي ليست كبيرة و
لا صغيرة ولا شابة ولا عجوزاً والمهم أن الوسط يحمل على معاني متعددة .

المسألة السادسة : في قوله سعفاء الخدين والسفع هو لون فيه سواد والأسفع والسفعاء من أصاب خده لون
يخالف لونه الأصلي وقد استدل بهذه الفقرة من هذا الحديث بعض العلماء على أنه لا يجب ستر الوجه
وعضدوا هذا المأخذ للحديث الذي في الحج حين كان (الفضل رديفاً للنبي ﷺ ( فجاءت امرأة تسأل النبي ﷺ فجعل
الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر الوجه واجب مستدلين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب : 59 ] ومعنى يدنين عليهن من جلابيبهن أي من الإدناء وهو الاستتار وهو
الإرخاء بتغطية الوجه بفضل الخمار وبحديث عائشة في الحج (وأنهن كن إذا قابلن الركبان يسدلن خمرهن على
وجوههن. )

والذي يظهر لي أن هذا هو القول الحق وفي المسألة خلاف مذكور في كتب الحجاب فليراجع .

المسالة السابعة :قوله تصدقن فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم هذا إخبار عن مغيب وهو وحي من الله إلى
رسوله قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى _ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3-4]
وعلى هذا فيجب علينا تصديق ذلك ولما سألت تلك المرأة عن السبب في كونهن أكثر حطب جهنم قال
لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعل هذين السببين موجبان لدخول النار وهو كثرة التشكي لأحوالهن
وما يعانين في بيوتهن وهذا أمر ملموس في النساء فكونهن يشتكين حالهن يكون في هذه الشكوى
تسخط لقضاء الله وقدره وعدم الرضا بما يقضيه الله عز وجل لذلك كان موجباً لسخط الله سبحانه وتعالى .‏

المسألة الثامنة: قوله تكفرن العشير المراد به الزوج وليس يراد بالكفر الكفر المقابل للإسلام ولكن المراد
به كفر الجحود وهو كفر دون كفر
وبالله التوفيق.

المسألة التاسعة :أن الصدقة تخفف وقع العذاب إن حصل وقد ترفعه وأنها سبب في إرضاء الله عز وجل

المسألة العاشرة :يؤخذ منه أن للمرأة أن تتصدق من حليها بما لا يضر الزوج أو يخل بالعشرة لها وقد عارض
هذا حديث ورد فيه أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مالها إلا بإذن زوجها ولكن ترك العمل بذلك
الحديث وعمل بهذا لأن لكل عبد راشد التصرف في ماله وبالله التوفيق .

ملحوظة :
قال ابن دقيق العيد في حاشية العمدة اختلف العلماء في جواز تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها فقال
الجمهور يجوز ولا يتوقف على مقدار معين من ثلث أو غيره واستدلوا بهذا الحديث قالوا فإنه ﷺ لم يسألهن
هل أستأذن أزواجهن أم لا وهل هو خارج من الثلث أم لا ولو اختلف الحكم بذلك لسأل وقال مالك لا يجوز
الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها والشارح المحقق أشار إلى أنه لا دليل في الحديث على شئ من
ذلك ووجه ما قاله أن الذي في الحديث الأمر بمطلق الصدقة والذي وقع به الامتثال إلقاء القرط والخاتم
ومعلوم أنه ليس مال المتصدقة كله أهـ
قلت : ولم يعلم هل هو الثلث أو أقل أو أكثر ولو كان الأمر يتوقف على التصدق بالثلث لأخبر الشارع _
بذلك وعدم الإخبار من الشارع دليل على عدم التقييد بالثلث .
والله الموفق .
--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :












.
رد مع اقتباس