عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 07-08-2015, 01:00PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[142] الحديث الثاني:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة فقال : ( من صلى
صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له ) قال أبو بردة بن نيار –
خال البراء بن عازب – يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب وأحببت أن
تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة فقال : (شاتك شاة لحم ) قال :
يا رسول الله فإن عندنا عناقاً هي أحب إليّ من شاتين أفتجزي عنّي ؟ قال نعم ولن تجزي عن أحد بعدك )


موضوع الحديث:
أن الصلاة قبل الخطبة وأن الذبح لا يصح إلا بعد الصلاة


المفردات :
يوم الأضحى : المراد به يوم عيد الأضحى
ونسك نسكنا : المراد بالنسك هنا الذبيحة التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى_ قُلْ إِنَّ صَلاتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ _ لا شَرِيكَ لَهُ _ [الأنعام آية 162 – 163] فقرن النسك بالصلاة
أي أن المسلم لا يذبح لغير الله كما يفعل المشركون ولا يصلي لغيره ولا يطلب من غيره جلب نفع ولا دفع
ضر بل ذلك كله يجعله لله وعلى هذا فلا يدخل فيه ما ذبح للحم أو للبيع ويدخل فيه ما ذبح لإكرام
الضيف إحياءً لسنة الضيافة وما أشبه ذلك .


قوله فقد أصاب النسك : أي قد أصاب النسك الصحيح
قوله فلا نسك له : أي لا ضحية له
قوله فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة : يدل هذا اللفظ على أن الأكل الواقع في البكور
يسمى غداء لأن هذا الوقت يسمى غدواً كقوله تعالى _ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ _[ الأعراف : 205 - النور :
36] (ولتسمية صلاة الصبح صلاة الغداة


قوله ﷺ شاتك شاة لحم : أي لا شاة نسك .
قوله فإن عندنا عناقاً :العناق الأنثى من ولد المعز إذا قويت ولم تبلغ الحول .
قوله أفتجزي عني : استفهام طلبي
قال النبي ﷺ نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك : يعني أنها خصيصة لأبي بردة يعني هذه الرخصة


المعنى الإجمالي :
تضمن هذا الحديث أن النبي ﷺ صلى بأصحابه عيد الأضحى ثم خطبهم معلنا في خطبته أن من صلى صلاة
النبي _ ونسك نسكه فقد أصاب النسك أي فإن ضحيته مجزئة ومقبولة ومن نسك قبل الصلاة أي ذبح قبل
الصلاة فلا نسك له وفيه أن النبي ﷺ اعتبر العناق مجزأة عن أبي بردة خصيصة له وأنها لا تجزي عن أحد بعده .


فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة للعيدين ولا خلاف في مشروعيتها فيما أعلم لكن
اختلفوا في موضعها والصحيح أنها بعد الصلاة وما فعل في زمن بني أمية لم يكن مبنياً على اجتهاد فقهي
وإنما كان مبنياً على هوى فإن كان من فعله صحابي فله من السابقة ما يغفر الله له به ذلك ونحن نعتقد فضل الصحابة
وأنهم ليسوا معصومين وإن كان من غيرهم فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه ولكنه خالف السنة والأدلة
على كون الخطبة في العيدين وما شابهها من السنن التي تشرع لها الجماعة بعد الصلاة الأدلة على ذلك
متوافرة ومتواترة وإن لم تكن متواترة فهي مستفيضة ومن الأدلة على ذلك حديث ابن عمر السابق وحديث البراء هذا .
فقوله خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة دليل على ذلك .


ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من نسك قبل الصلاة أي صلاة العيد فلا نسك له .
وقد اختلف أهل العلم هل المراد صلاة المرء نفسه أي المضحي أو صلاة الإمام قال ابن دقيق العيد
قوله من نسك قبل الصلاة فلا نسك له يقتضي أن ما ذبح قبل الصلاة لا يقع مجزياً عن الأضحية ولا شك
أن الظاهر من اللفظ أن المراد قبل فعل الصلاة فإن إطلاق لفظ الصلاة وإرادة وقتها خلاف الظاهر
ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية
.

قال الصنعاني على قوله ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة أقول - يعني الصنعاني – وقال الشافعي
وداود وابن المنذر وآخرون يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين فإذا ذبح بعد هذا الوقت
أجزأه سواء صلى مع الإمام أم لا وسواء كان من أهل الأمصار أم من أهل القرى والبوادي والمسافرين
وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا والعجب أنه لم يذكر دليلاً للشافعية على هذا الاختيار المخالف لظــاهر
حديث البراء وحديث جابر أهـ .


قال ابن دقيق العيد ومذهب غيره اعتبار فعل الصلاة والخطبتين وقد ذكرنا أنه الظاهر أهـ


قلت :من اختار أن قوله وصلى صلاتنا أن المراد بالصلاة هنا فعل المضحي للصلاة قبل أن يضحي من قال
بهذا القول فقد جعل صلاة العيد شرطاً في صحة الأضحية من المضحي لأنهم علقوا صحة الأضحية بفعله
لصلاة العيد وقد يكون ممن لا تجب عليه صلاة العيد وقد يكون ممن تجب عليه فقصر فيها فهذا القول هو
خلاف الظاهر لأن النبي ﷺ قال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك فدل هذا على أن صلاة
المضحي ليست شرطاً في صحة أضحيته ولكن مضي وقت الصلاة هو الشرط لصحتها وعلى هذا فمذهب
الشافعي عندي وجيه .


ثالثاً : يؤخذ من قوله شاتك شاة لحم دليل على إبطال كونها نسكاً وأن المأمورات إذا وقعت على خلاف
مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ومثلوا لذلك بحديث ( المسيء في صلاته) حيث أمره النبي ﷺ بإعادتها
وكذلك هنا من نحر قبل وقت النحر فنحره باطل غير مجزئ قال ابن دقيق العيد وقد فرقوا في ذلك
بين المأمورات والمنهيات فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل واستدلوا على ذلك ( بحديث معاوية بن الحكم
حين تكلم في الصلاة فلم يأمره النبي ﷺ بالإعادة) ومثل ذلك أيضاً حديث يعلى بن أمية في (الرجل
الذي جاء يسأل عن العمرة وقد لبس جبة وتضمخ بالطيب حيث أمره النبي ﷺ بخلع الجبة وغسل الخلوق ولم
يأمره بدم فيما مضى قالوا هذا الفرق بينهما لأن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل
إلا بفعلها أما المنهيات فهي مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها وذلك إنما يكون بالتعمد
لارتكابها ومع النسيان والجهل لم يكن قاصداً مخالفة النهي فعذر فيه بالجهل والنسيان .


رابعاً : قوله ولن تجزئ عن أحد بعدك قال ابن دقيق العيد ولن تجزئ أي أن ذلك بفتح التاء بمعنى تقضي
يقال جزى عن كذا أي قضى حكاه الصنعاني عن الجوهري وقال بنو تميم يقولون أجزأت عنك شاة بالهمز أهـ .

ويجوز أن يكون بضم التاء أي تجزي من أجزأ يجزي قال الزمخشري في أساس البلاغة بنو تميم يقولون
البدنة تجزئ عن سبعة وأهل الحجاز يقولون تجزي وبهما قرئ ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) وقال
النووي الرواية بالفتح في جميع الطرق وجوز ابن الأثير وابن بري وغيرهما الوجهين . قوله ولن تجزي
عن أحد بعدك فيه تخصيص لأبي بردة في التضحية بالجذعة من المعز وعلى هذا فلا يقاس عليه غيره .

وبالله التوفيق .


--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ




تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :











.
رد مع اقتباس