عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 04-08-2015, 12:41AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم







تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[139] الحديث السابع :
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه – وكان من أصحاب الشجرة قال : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ صلاة
الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به .
وفي لفظ : كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع الفيء .


موضوع الحديث :
وقت الجمعة


المفردات :
قوله وكان من أصحاب الشجرة :هي شجرة الحديبية التي بايع النبي ﷺ أصحابه تحتها وقد بايع النبي ﷺ
في ذلك اليوم ثلاث مرات في أول المبايعة وأوسطها وآخرها وكان شجاعاً فاضلاً صالحاً رامياً وكان يسبق
الفرس جرياً ويقال إنه هو الذي كلمه الذئب فروي أنه قال رأيت الذئب أخذ ظبياً فطلبته حتى أنتزعته منه فقال
ويحك مالك ومالي عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فمالك تنتزعه مني قال فقلت يا عباد الله إن
هذا لعجب ذئب يتكلم فقال
الذئب أعجب من هذا أن النبي ﷺ في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله فتأبون إلا عبادة الأوثان قال فلحقت برسول
الله ﷺ فأسلمت وغزا سلمة مع النبي ﷺ سبع غزوات وتوفي سنة 74هـ بالمدينة
ثم ننصرف : أي نعود من الصلاة .

وليس للحيطان ظل نستظل به : أي ليس لها ظل كاف للاستظلال به
قوله إذا زالت الشمس : إذا ظرف
لفعل نجمع أي نجمع مع رسول الله ﷺ حين تزول الشمس وهو شبه صريح أن الجمعة تصلى بعد الزوال وهو الراجح .


الفيء :هو الظل الذي يكون بعد الزوال وليس كل ظل فيء وإنما يقال للظل الذي بعد الزوال فيءٌ لأنه فاء
بمعنى رجع والفيء الرجوع قاله ابن قتيبة في أول كتاب أدب الكاتب وقال والعامة يذهبون إلى أن الظل والفيء
بمعنى واحد وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية في أول النهار وآخره . أهـ من العدة للصنعاني
ومفهوم كلام ابن قتيبة أن الفيء خاص بالظل الذي بعد الزوال .


المعنى الإجمالي :
يخبر سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنهم كانوا يصلون الجمعة مع النبي ﷺ إذا زالت الشمس ثم يعودون إلى
بيوتهم وليس للحيطان ظل يكفي للاستظلال به .


فقه الحديث :
يؤخذ من هذا الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الظهر أي بعد الزوال وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم .
وادعى ابن العربي الإجماع على أن وقتها بعد الزوال إلا ما نقل عن أحمد بن حنبل أنه إن صلاها قبل الزوال
أجزأته ، قال الحافظ ابن حجر قد نقله أي صحة وقوعها قبل الزوال ابن قدامه وغيره عن جماعة من السلف .

قلت : ذكر ابن قدامة في المغني أنه قد روي فعلها قبل الزوال عن ابن مسعود ومعاوية وجابر وعن
مجاهد وعطاء أن كل عيد في أول النهار وعدوا الجمعة من الأعياد وليس هذا أي كونها عيداً بمبيح لأدائها
قبل الزوال فالراجح أن وقتها وقت الظهر لأمور :-
أولاً : أنها بدل من الظهر فلا يصح أن تصلى إلا في وقت الظهر وهو بعد الزوال بإجماع المسلمين .


ثانياً : أن حديث سلمة بن الأكوع في الصحيحين وهو الحديث الذي نحن بصدد شرحه الآن يدل على أن
النبي ﷺ كان يفعلها عند الزوال لقوله كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع
الفيء فهذه الرواية صحيحة وصريحة أن وقت الجمعة بعد الزوال وإذا تعارض هذا مع غيره رجح عليه لصحته
وصراحته .


ثالثاً: أما قوله وليس للحيطان ظل نستظل به فهذا النفي متوجه على القدر الكافي للاستظلال وليس
متوجهاً على مجرد الظل إذا علم هذا فإن الفيء الذي يكفي للاستظلال إنما يكون بعد وقت الزوال وليس
بعد الزوال مباشرة .


رابعاً : أن هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يسرع بها بعد الزوال مباشرة ومما يدل على ذلك
حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) وحديث جابر رضي الله عنه
قال (كنا نصلي مع رسول الله ﷺ ثم نرجع فنريح نواضحنا ) .


خامساً: ومما يدل على أن الجمعة بعد الزوال ما رواه مالك في الموطأ وهو أثر( أن طنفسة كانت لعقيل
بن أبي طالب توضع عند جدار المسجد فإذا غشيها الظل خرج عمر رضي الله عنه فصلى الجمعة ) ،
وهذا معناه أن الطنفسة كانت توضع إلى جانب جدار المسجد الغربي من الجهة الشرقية فإذا أمتد عليها
الظل خرج عمر بل هذا الأثر يدل على أن عمر كان يتأخر بعد الزوال قليلاً ولعله من أجل أن يجتمع الناس فإن
الناس كثروا في المدينة في زمنه .


سادساً :أن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض نصان فإما أن يكونا متكافئين في الصحة فيجمع بينهما وإن لم
يكونا متكافئين رجح أحدهما على الآخر أي يرجح الصحيح على الضعيف أو المنطوق على المفهوم
أو النص على الظاهر والآثار الواردة في تقديم الجمعة قبل الزوال كلها آثار عمن دون النبي ﷺ فلا تتعارض مع الثابت
عنه صلوات الله وسلامه عليه ومع ذلك ففيها ضعف أو في بعضها ورواية الصحيحين مقدمة على
غيرها لصحتها وصراحتها . وبالله التــوفيــق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

















.
رد مع اقتباس