عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 03-08-2015, 12:55AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-



[138]الحديث السادس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسـول الله ﷺ قال :(من اغتسل يوم الجمعة [ غسل الجنابة ] ثم راح في
الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما
قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر )


موضوع الحديث :
فضيلة التبكير إلى الجمعة


المفردات :
راح : هو الذهاب في وقت الرواح وهو بعد الزوال وقد يطلق ويراد به مجرد الذهاب ؟
بدنة : هي الواحدة من الإبل
بقرة : هي الواحدة من البقر أي كأنما أهداها لتنحر في مكة
كبشاً أقرن : أي له قرون والدجاجة والبيضة معروفة
قرب : معناها إما أن يكون المقصود منه اهدي أو تصدق
حضرت الملائكة : يعني لتسمع خطبة الإمام والمراد بالذكر الخطبة
أما الساعة فسيأتي البحث فيها .


المعنى الإجمالي :
أخبر النبي ﷺ عن تفاوت الناس في السعي إلى الجمعة بحسب التبكير وأخبر أن كل قوم اشتركوا في ساعة
فلهم الفضل المذكور وأن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر وأن الملائكة الموكلون بكتابة
الناس على حسب حالهم في التقدم والتأخر يطوون صحفهم إذا خرج الإمام .


فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تأكيد الغسل يوم الجمعة وأن هذه الفضيلة لا تنال إلا بذلك لقوله من اغتسل
يوم الجمعة ثم راح ..إلخ .
قال الصنعاني في العدة أقول وقع في بعض طرقه في الصحيحين زيادة بلفظ غسل الجنابة وهو نعت لمصدر
محذوف أي غسلاً كغسل الجنابة ويؤيده ما وقع في بعض طرقه عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل للجنابة .


ثانياً:يؤخذ من قوله يوم الجمعة أي من اغتسل يوم الجمعة ثم راح أن الغسل شرع للرواح إلى الجمعة ولم يشرع
لليوم خلافاً للظاهرية القائلين بأن الغسل شرع لليوم لا للصلاة وعندهم لو اغتسل بعد صلاة الجمعة جاز
ويرد قولهم ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن عائشة بلفظ
(كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم) فدل هذا على أن
الاغتسال لصلاة الجمعة لا ليوم الجمعة .


ثالثاً: يؤخذ منه استحباب التبكير للجمعة وأن فيه فضل عظيم .


رابعاً :اختلف في التبكير ما هو هل هو الذهاب من أول وقت الرواح إلى الجمعة أو هو الذهاب
من بعد طلوع الشمس وفي هذا خلاف مبني على الخلاف في الساعات .


خامساً :اختلف في الساعات ما هي هل هي الساعات التوقيتية التي ينقسم فيها اليوم إلى اثنتي عشرة ساعة
أو هي أجزاء زمانية ينقسم فيها وقت الرواح إلى خمس ساعات .ذهب إلى الأول الظاهرية وذهب إلى الثاني
الجمهور فالظاهرية يقولون التبكير يكون من أول النهار والجمهور يقولون التبكير يكون من أول وقت
الرواح ومذهب الجمهور هو الأصح .


سادساً : يرد على الظاهرية في قولهم هذا بأمور :-


أولها :أن كلمة راح لا تستعمل إلا في وقت الرواح أو ما هو قريب منه فلو كان التبكير من طلوع الشمس
لقال غدا ولم يقل راح .


ثانيها: أن أصحاب النبي ﷺ كانوا يذهبون لأعمالهم في أول النهار ثم يأتون إلى الجمعة وقد علاهم العرق
والغبار والدليل على ذلك ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن
عائشة بلفظ ( كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم).
ومعنى مهنة أنفسهم أي يباشرون أشغالهم بأنفسهم ليس لهم خدم .


ثالثها :أن الله عز وجل أمر بالسعي بعد النداء والنداء لا يكون إلا بعد الزوال .


رابعها:أنه ورد في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً .... الحديث )
والمهجر هو الذاهب في الهاجرة والهاجرة هي نصف النهار .


خامسها :أنا لو اعتبرنا الساعات أنها هي الساعات التوقيتية لكان الإمام يخرج بعد الساعة الخامسة وهذا
يكون فيه تقدم على وقت الجمعة بساعة لأن الزوال لا يكون إلا بعد الساعة السادسة التي هي نصف النهار .


سادسها : أن كلمة التبكير لا يراد منها هنا الذهاب في البكور وإنما يراد منه التقدم في أول وقت الرواح
وبناء على هذه الأدلة فالقول الأرجح أن المراد بالساعات أجزاء زمانية قليلة تبدأ من أول وقت الرواح حتى
يجلس الإمام على المنبر وهذا هو قول الجمهور وقد تبين أن قول الظاهرية قول ضعيف ترده الأدلة .


سابعاً : يؤخذ من الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الزوال لهذه الأدلة الصحيحة راح ، والمهجر، وما أشبه
ذلك لأن هذه الكلمات لا تقال غالباً إلا في وقت الزوال وما يقاربه وعلى هذا فهذه الأحاديث ترد قول
من قال أن وقت الجمعة يجوز قبل الزوال اعتماداً على (حديث عبدالله بن سيدان) وهو حديث متكلم فيه
فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحيحة ومما يؤيد هذا المأخذ أن صلاة الجمعة هي بدل من صلاة الظهر
وصلاة الظهر لا تجوز إلا بعد الزوال بالنصوص الشرعية والإجماع .


ثامناً :يؤخذ منه فضيلة المبكر وأنه كمن أهدى بدنة ثم ما بعده على الترتيب .

تاسعاً :يؤخذ منه أن المشتركين في كل ساعة ثوابهم سواء حسب ظاهر الحديث فكل من جاء في
الساعة الأولى كأنما قرب بدنة ومن جاء في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة ……….إلخ الحديث .

عاشراً :أن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر لقوله فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون
الذكر .

الحادي عشر: أن الملائكة يستمعون الذكر بعد أن يطووا صحفهم .

الثاني عشر : أن من جاء بعد جلوس الإمام على المنبر فلا فضل له .

الثالث عشر: أن البيضة تقرب وتكتب في العمل إذا كانت في سبيل خير وأنه لا يستهان بشيء من أعمال الخير
والشر كيف لا وقد قال الله تعالى _ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ _ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ
_ [الزلزلة 7-8]





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :















.
رد مع اقتباس