عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 01-08-2015, 07:31PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[137] الحديث الخامس :
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي ﷺ قال : ( إذا قلت لصاحبك : أنصت – يوم الجمعة والإمام يخطب – فقد لغوت )

موضوع الحديث :
منع الكلام في وقت الخطبة


المفردات :
قوله فقد لغوت : يقال لغا يلغو من باب دخل يدخل ونصر ينصر ولغي يلغى من باب أثم يأثم
ويمكن أن يقال لغا يلغي من باب رمى يرمي .
ويأتي لمعنيين يأتي لغا بمعنى سكت ويأتي لغا بمعنى تكلم ومجرى الكلام يقرر المعنى المقصود والظاهر
أن معنى لغوت معناه تكلمت وحينئذ تكون قد أبطلت جمعتك ويمكن أن يقال معنى لغوت يعني
أبطلت جمعتك لكن الأول أشهر لأن الخطاب للمصلين ولو كان المقصود منه إبطال جمعتك لكان أن
يقول فقد لغت جمعتك أي سقطت
. ويطلق اللغو على الكلام الذي لا خير فيه قال تعالى _ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا_ [الفرقان آية 72]


المعنى الإجمالي : ‏
للخطبة احترام في وقتها وتفريغ الذهني للاستماع لها لذلك قال النبي ﷺ من قال لأخيه أنصت يوم
الجمعة والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له .


فقه الحديث : ‏
قال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام وقال النضر بن
شميل معنى لغوت خليت من الأجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك ولعل الأقرب هذا من قول من قال صارت
جمعتك ظهراً .

لكن ورد حديث عند أبي داود وابن خزيمة من حديث عبدالله بن عمر مرفوعاً ( ومن لغا وتخطى رقاب الناس
كانت له ظهراً ) قال ابن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة .
ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعاً ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل
أسفاراً والذي يقول له أنصت ليس له جمعة ) قال وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر
موقوفاً.قال العلماء لا جمعة كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه أهـ.

ويؤخذ من الحديث وجوب الإنصات في الخطبة وقد حدده الشافعي بالأربعين وفيما عداهم قولان
أي أن الشافعي لا يرى وجوب الإنصات إلا إذا بلغ الحاضرون أربعين وهذا مبني على أن الجمعة لا تصح
إلا بهذا العدد . والقول بعدم صحة جمعة من دون هذا العدد قول لا ينبني على دليل إلا (حديث كعب
بن مالك وأنهم كانوا في أول جمعة جمعوها نحو أربعين) وهذا لا يفيد إبطال جمعة من دون هذا العدد
والقول أن الجمعة تنعقد بما أطلق عليه اسم الجماعة وهم( ثلاثة والإمام)
وسائر الأقوال لا تنبني على دليل صريح صحيح فمالك يرى أنها تنعقد باثني عشر والشافعي وأحمد يريان
أنها تنعقد بأربعين وأبو حنيفة يرى رأياً غير رأيهم ولكن هذه الأقوال لا تنبني على دليل يمنع ما دونها
والصحيح من أقوال أهل العلم هو ما ذكرته قبل قليل وعلى هذا فإن الإنصات واجب في كل عدد
تنعقد به الجمعة وهل الكلام حرام أو مكروه في هذا خلاف والقول الصحيح هو القول بالتحريم ومن أجاز
الكلام في الخطبة فإنه قد أساء وخالف الأدلة علماً بأن ابن عبد البر ذكر الاتفاق على وجوب الإنصات
على من حضر الجمعة إذا سمعها واختلفوا فيمن لم يسمع الخطبة لبعد أو صمم وهل يجوز له أن يذكر الله
أو يقرأ هذا محل خلاف ونظر والذي يظهر لي عدم الجواز ولو كان ذاكراً لأن من كان ذاكراً فقد تكلم
ومن تكلم فقد لغا كما في الحديث . واختلفوا في أربعة أشياء رد السلام وتشميت العاطس والصلاة
على النبي ﷺ إذا ذكر والتأمين على الدعاء .


وقد علمت أن النبي ﷺ أخبر أن من قال لأخيه أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب أن جمعته لاغية
فإذا كان قد مُنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فغيره من باب أولى .
وقد استدل أصحاب مالك
بهذا الحديث على منع تحية المسجد في حال الخطبة ولا دليل لهم في ذلك فقد تقدم أن النبي ﷺ أمر بها
في حال الخطبة وليس للعقول ولا الأقيسة دخل في الأحكام الشرعية لأنها مأخوذة عمن عصمه الله
من الخطأ وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ومعلوم أن من قال بالمنع فقد قال برأيه
وخالف الدليل الصحيح الصريح أو تابع من قال برأيه وجعل قوله مقدماً على ما صح عن المعصوم ﷺ.
وقد مضى معنا أن النبي ﷺ قال لسليك قم فاركع ركعتين وأوجز فيهما وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل
كما يقال .
وبالله التوفيق .


--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :















.
رد مع اقتباس