عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 01-08-2015, 12:14AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -

[136] الحديث الرابع:
عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس .

موضوع الحديث :
القيام في الخطبة والجلوس بين الخطبتين


المفردات : ‏
وهو قائم : الواو واو الحال والجملة بعده حالية
قوله يفصل بينهما بجلوس : أي يفصل بين الخطبتين بجلوس


المعنى الإجمالي :
أن النبي ﷺ كان يخطب خطبتين يعظ الناس فيهما ويذكرهم ويرغبهم فيما عند الله ويرهبهم مما
عنده يفصل بين الخطبتين بجلوس أي بقعدة خفيفة بين الخطبتين .

فقه الحديث : ‏
أولاً: أن هذا الحديث ليس من شرط المؤلف وهو أنه يخرج في هذا الكتاب ما اتفق عليه البخاري
ومسلم وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن جابر وهو ابن سمرة قال في المنتقى أخرجه الجماعة
ما عدا البخاري والترمذي وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف لم
أقف عليه بهذه الصيغة في الصحيحين فمن أراد تصحيحه فعليه إبرازه وقال الصنعاني في العدة قلت :
وهذا اللفظ الذي أتى به المصنف هو لفظ الشافعي والنسائي والدار قطني كذا قال الحلبي في شرحه .

وقال الزركشي لفظ النسائي كان رسول الله _ يخطب خطبتين قائماً وكان يفصل بينهما بجلوس
أهـ العدة شرح العمدة 3/128 .

ثانياً: يؤخذ من الحديث أن الخطبتين واجبتان وبه قال جمهور الفقهاء وقال الصنعاني في العدة قوله
عند الجمهور أقول إشارة إلى ما نقل عن الحسن البصري والظاهري أي داود الظاهري أن الجمعة تصح
بلا خطبة وحكي عن مالك .. وقال أبو حنيفة تجزيء خطبة واحدة .

وقال الجمهور إنهما شرط لصحة الصلاة . أهـ من العدة 3/128
وقد نازع في ذلك بعض الفقهاء فقال ليس هناك ما يدل على الوجوب إلا مجرد الفعل ومجرد الفعل
لا يدل على الوجوب فضلاً عن الشرطية . قال ابن دقيق العيد فإن استدل بفعل الرسول صلى لهما مع
قوله ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ففي ذلك نظر يتوقف على أن يكون إقامة الخطبتين داخلاً تحت كيفية
الصلاة فإنه إن لم يكن كذلك كان استدلالاً بمجرد الفعل .

وقال الصنعاني وأقول ومجرده لا يدل على الإيجاب كما عرف في الأصول وقال الحلبي بعد أن نقل
كلام الشارح إن مجرد الفعل هنا كاف لأنه لم ينقل إنه صلى صلاها بلا خطبة ولو كان جائزاً لفعله ولو مرة ‏
واحدة لبيان الجواز على أنه بيان لمجمل الكتاب العزيز أهـ.

قال الصنعاني يريد به قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) فإنه أمر بالسعي إلى ذكره وهو مجمل بينه فعله
ﷺ بالخطبتين والصلاة قلت : إن مواظبته صلى على الخطبتين منذ فرضت الجمعة إلى أن مات دال على
أن تلك هي صفة الجمعة التي لا تصح بدونها .

ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الخطيب يخطب قائماً واستدل على ذلك بفعله صلى وبقوله تعالى
_وَتَرَكُوكَ قَائِمًا _[الجمعة آية 11] وترجم البخاري بقوله باب الخطبة قائماً قال في الفتح قال ابن المنذر
عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار ونقل عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب
وعن مالك أنه واجب فإن تركه أساء وصحت صلاته. وعند الباقين أن القيام للخطبة شرط للقادر كالصلاة
فإنه ما خطب رسول الله صلى إلا قائماً . وقد أخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : (خطب رسول
الله صلى قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان وأول من جلس على المنبر معاوية ) وبحديث كعب بن عجرة :
( أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب قاعداً فأنكر عليه وتلا قوله تعالى (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وفي
رواية ابن خزيمة ( ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين )

قلت : الذي يظهر من هذا البحث أن القيام في الخطبة واجب فإن تركه أساء وأثم وصحت صلاته لأن
ذلك فعل في عهد الصحابة والصحابة متوافرون وذلك على عهد معاوية فلو كانت الصلاة باطلة لنقل
ذلك عنهم .

أما الجلوس فقد ورد واشتهر أن أول من فعله معاوية وقيل مروان والظاهر أن أول من فعله بالشام معاوية
وأول من فعله بالمدينة مروان تأسياً بمعاوية.
وقد ذكر أن معاوية لما كثر شحم بطنه لم يستطع القيام فخطب جالساً وتأسى به عماله وكانت سنة في بني
أمية لم تتغير إلا عندما قامت دولة العباسيين .

أما القعدة بين الخطبتين فقال ابن دقيق العيد وفي الحديث دليل على الجلوس بين الخطبتين ولا
خلاف فيه وقد قيل بركنيته وهو منقول عن أصحاب الشافعي .قال الصنعاني أقول نقلوا عن الشافعي أن
القعود بين الخطبتين ركن لأنه لم ينقل عنه ﷺ والخلفاء الأربعة بعده خلافه . قال وخالفه الجمهور في القعود
بينهما يعني الخطبتين فقالوا إنه سنة وبه قال الهادوية .


أما مقداره فقالت الشافعية يطمئن فيه بمقدار سورة الإخلاص أما من قال تجزيء السكتة قائماً عن
القعود فليس لهم دليل إلا القياس على السكتة بعد القراءة .
وبالله التوفيق .



--------





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :













.
رد مع اقتباس