عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 29-07-2015, 06:56PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-



[134] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال : (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .


موضوع الحديث :
الأمر بالغسل للجمعة على من يأتيها .


المفردات :
من : اسم شرط جازم
جاء : فعل ماضي وهو في محل جزم فعل الشرط وفاعله ضمير فيه يعود على من وجملة فليغتسل جواب الشرط وجزاءه والفاء رابطة بين الفعل والجواب .


المعنى الإجمالي :
كان الصحابة رضوان الله عليهم في أول الإسلام يعانون من الفقر والحاجة يلبسون الصوف ويخدمون أنفسهم فيأتون إلى الجمعة عليهم الغبار وفيهم العرق وكان المسجد ضيقاً فيزيد عليهم العرق في المسجد ويؤذي بعضهم بعضاً بالروائح الكريهة لذلك فقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بدين الحق والطهر وأنزل الله عليه (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر آية 4] فأمرهم بالغسل للجمعة والتنظف لها وأن يصيب الرجل من طيب بيته حتى يكون على أكمل حال وأحسن هيئة نظراً لأن الجمعة عيد المسلمين لذلك فقد قال للهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) .


فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الغسل مشروع لكل من أتى الجمعة سواء كان من أهل وجوبها أم لا وذلك أن من الشرطية تفيد العموم فهي تعم الذكر والأنثى والبالغ وغير البالغ وقد ورد في ذلك حديث عند ابن خزيمة في صحيحه بوب عليه بقوله باب أمر النساء بالغسل لشهود الجمعة أورده من طريق زيد بن حباب حدثني عثمان بن واقد العمري حدثني نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله _ ( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء ) رقم الحديث 1752 قال المحقق إسناده صحيح وأشار الحافظ في الفتح 2/358 إلى رواية ابن خزيمة هذه وقال ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهم.


قلت: في إسناده ضعف .أنظر الضعيفة رقم 3958 قلت : قال الحافظ بعد سياق هذه الرواية ورجاله ثقات لكن قال البزار أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه وعثمان بن واقد صدوق ربما وهم قاله في التقريب .


وأقول إن ما ورد في هذا اللفظ صريحاً قد أفاده لفظ العموم المتفق عليه من جاء منكم الجمعة فليغتسل . وهذا يدل على ما دل عليه ذلك الحديث ويكون مؤيداً له وبالله التوفيق .


ثانياً :اختلف أهل العلم في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهب أهل الظاهر إلى وجوب الغسل يوم الجمعة متمسكين بظاهر هذا الحديث وبقوله -صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد المتفق عليه ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة .وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مؤكدة . أهـ من العدة للصنعاني .


وقال ابن عبد البر في التمهيد 10/79 (أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وفي ذلك ما يكفي ويغني عن الإكثار ولا يجوز على الأمة بأسرها جهل معنى السنة ومعنى الكتاب وهذا مفهوم عند ذوي الألباب إلا أن العلماء مع إجماعهم على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب اختلفوا فيه هل هو مسنون للأمة أم هو استحباب وفضل أو كان لعلة فارتفعت وليس بفرض ، فذهب مالك والثوري وجماعة من أهل العلم إلى أنه سنة مؤكدة لأنها قد عمل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده والمسلمون فاستحبوها وندبوا إليها وهذا سبيل السنن المذكروة فمن حجة من ذهب إلى هذا المذهب حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ..إلخ الحديث ) أهـ .عزاه المحقق للتمهيد إلى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنف .


قلت : وقع في بعض روايات الصحيحين غسل الجنابة وهذه الرواية وقعت للبخاري في باب فضل الجمعة بلفظ (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ) والظاهر أن وجه الاستدلال من هذا الحديث أن النبي ﷺ رتب عليه فضلاً ومن لم يفعل ذلك حرم الفضل فقط ولم يرتب عليه إثماً في تركه .


ومما يستدل به على عدم الوجوب ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من إنكار عمر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه التأخر فقال ( إني شغلت فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت فقال عمر والوضوء أيضاً وقد علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل ) أما وجه الدلالة منه فالذي يظهر أن عمر رضي الله عنه إنما احتج على عثمان رضي الله عنه في ترك سنة مع أنه من السابقين ولم يحتج عليه في ترك فرض
قال النووي : وفيه إشارة إلى أنه إنما ترك الغسل لأنه يستحب فرأى اشتغاله بقصد الجمعة أولى من أن يجلس للغسل بعد النداء ولهذا لم يأمره عمر رضي الله عنه بالرجوع للغسل .
وقال أيضاً واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل وقد ذكره مسلم وهذا الرجل هو عثمان بن عفان ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضروا الجمعة وهم أهل الحل والعقد ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه أهـ
يعني لألزموه بالرجوع للاغتسال ومن هذا يتبين للناظر أن غسل الجمعة ليس فرضاً ولا شرطاً في صحة الجمعة وإنما هو سنة يثاب من فعلها ولا يعاقب من تركها و بالله التوفيق .




--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :











.
رد مع اقتباس