عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 28-07-2015, 09:32PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


بسم الله الرحمن الرحيم


بــــاب الجمعـــة

الجمعة بضم الجيم والميم على الأشهر وبه قرأ الجمهور وقرئ بإسكان الميم وهذا اليوم كانت العرب تسميه يوم العروبة فصار في الإسلام اسمه يوم الجمعة فالجمعة اسم إسلامي له وفيه من الفضائل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط من الجنة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه )
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فيه تقوم الساعة وأنه هو اليوم الذي كتب على من قبلنا من أهل الكتاب فأضلهم الله عنه وهدانا إليه فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد فنحن الآخرون السابقون يوم القيامة .

[133] الحديث الأول :

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال ((أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي )) .

وفي لفظ : صلى عليها ثم كبر عليها ثم ركع وهو عليها فنزل القهقرى

موضوع الحديث :
مشروعية اتخاذ المنبر الذي يقف عليه الخطيب يوم الجمعة

المفردات :
قام : أي وقف
فكبر : أي تكبيرة الإحرام
ثم رفع : أي من الركوع
فنزل القهقرى : يعني يمشي على وراء
حتى سجد في أصل المنبر : يعني أنه مشى إلى الوراء حتى تمكن من السجود في أصل المنبر
ثم أقبل على الناس :أي بوجهه
فقال إنما صنعت هذا : يعني الصلاة على المنبر لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي

المعنى الإجمالي :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما بنى مسجده إذا خطب استند إلى جذع فخطب وهو مستند عليه فأرسلت إليه امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار فأرسلت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول هل تحب أن آمر غلامي يصنع لك أعواداً تقف عليها حين تكلم الناس قال نعم فصنع له ذلك الغلام منبراً من طرفاء الغابة مكوناً من ثلاث درجات فلما أتي به ووضع في المسجد وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه وكبر تكبيرة الإحرام وهو عليه وقرأ وهو عليه وركع وهو عليه ورفع وهو عليه ثم نزل القهقرى يمشي إلى الوراء حتى نزل عن المنبر وتمكن من السجود فسجد ثم قام فرقى على المنبر وصنع كذلك حتى تمت صلاته ثم أقبل على الناس فقال إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي .

فقه الحديث :
أولاً: يؤخذ من الحديث جواز وقوف الإمام على مكان أرفع من مكان المأموم وعارضه ما رواه أبو داود أن حذيفة رضي الله عنه أمّ الناس بالمدائن على دكان والمراد بالدكان – الدكة التي تجعل للجلوس عليها – فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى قد ذكرت حين مددتني )
وروي عن عمار قصة قريبة من ذلك وفي سندها مجهول .
وأخرج الدار قطني من حديث ابن مسعود ( نهى رسول الله ﷺ أن يقوم الإمام فوق والناس خلفه أسفل منه ) والجمع بين هذه الأحاديث وحديث سهل بن سعد ممكن بحمل النهي على الكراهة وحمل حديث سهل بن سعد على جواز ذلك إن كان لحاجة وعلى الكراهة حمل النهي بعض الفقهاء وفهم مالك وأصحاب الرأي وهو المشهور عند الحنابلة أفاد ذلك في المغني .


وحكاه ابن دقيق العيد عن المالكية وذكر أنهم زادوا أنه إن قصد التكبر بطلت صلاته . ونقل الصنعاني في العدة عن الهادوية أنهم قالوا بعدم جواز ارتفاع الإمام على المأموم بما فوق القامة لا دونها وأجاز ذلك الشافعي للتعليم وعن أحمد ما يدل على أنه لا يكره لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وقيد بعضهم الكراهة بما إذا قصد التكبر والله أعلم .


ثانياً :فيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة لكن فيه إشكال على من حد العمل الكثير بثلاث خطوات فإن منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ثلاث درجات والصلاة كانت على العليا منها ومن ضرورة ذلك أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض بعد ثلاث خطوات والذي يعتذر به عن هذا أن يدّعى عدم التوالي بين الخطوات فإن التوالي شرط في الإبطال أهـ .


هذا كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام . وقال الصنعاني في العدة أقول لأنه ينزل من الدرجة العليا إلى الثانية ومن الثانية إلى الثالثة ثم منها إلى الأرض فلا بد من خطوة في الأرض يتباعد بها عن آخر درجة ليتسع سجوده فأقلها أربع . انتهى

قلت : من المعلوم أن الخطوات إلى وراء غير واسعة إذاً فلا بد من خمس خطوات لكي يتمكن من السجود بعد أن ينزل ولا بد أن تكون هذه الخطوات متوالية لأنها في الاعتدال بين الركوع والسجود وهو وقت يسير وبهذا تعلم أن التحديد بثلاث خطوات للإبطال تحديد لا دليل عليه لا سيما وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه (فتح الباب ) وهذا يحتاج إلى أنه يمشي إلى الباب خطوات ويرجع بخطوات وصح أنه ( حمل الصبية وهو يصلي ) فكان يحملها إذا قام ويضعها على الأرض إذا ركع وسجد وهذا يحتاج إلى حركات وأنه ( أمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة ) وهذا لا تنظبط فيه الحركات ومن ذلك إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن شيطاناً اعترضه في صلاته وأن الله أمكنه منه قال (فذعته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن ذلك ما رواه البخاري في كتاب الكسوف من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت ( أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس ؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية ؟ قالت نعم - يعني : بالإشارة - فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء ) وكل هذه وغيرها أدلة أن العمل الذي يكون في الصلاة لحاجة لا يبطل الصلاة وإنما يبطلها العبث الذي يكون من الإنسان لغير حاجة ويمكن أن يقال أن التحديد بثلاث في الإبطال لما كان من الحركات لغير حاجة وهذا يحصل كثيراً من بعض المصلين فتجده يكبر ثم يهيئ غترته أو يحرك ساعته أو ما أشبه ذلك من الحركات التي تحصل عبثاً لغير حاجة وقد عدّ الحنابلة من مبطلات الصلاة العبث الكثير نسأل الله الهداية للجميع


ثالثاً :قال ابن دقيق العيد وفيه دليل على جواز إقامة الصلاة أو الجماعة لغرض التعليم . قلت :في هذا نظر لأن الظاهر أن النبي _ إنما صلى الفرض وفعل ذلك فيه ليعلمهم

فتكون الصلاة قد أقيمت لشيئين : أولهما وهو الأهم أداء الفرض .
وثانيهما التعليم وليس التعليم فقط .


رابعاً : وفيه مشروعية اتخاذ المنبر للجمعة وغيرها إذا أراد أن يكلم الناس
ليشرف عليهم ويراهم جميعاً ويرونه

خامساً :وفيه أنه ثلاث درجات

سادساً:وفيه أنه من طرفاء الغابة وهذا يؤخذ من مجموع ألفاظ الحديث ‏.


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :










.
رد مع اقتباس