عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 13-06-2015, 06:30AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[208] الحديث الثالث:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية : أن أعتكف ليلة –
وفي رواية : يوماً – في المسجد الحرام؟ قال : (فأوف بنذرك).
ولم يذكر بعض الرواة ( يوماً) ولا ( ليلة) .


موضوع الحديث :

هل يشترط للاعتكاف صوم أم لا


المفردات :

إني كنت نذرت في الجاهلية :المراد بالجاهلية ما قبل الإسلام وعلى هذا فإن نذر عمر بن الخطاب رضي الله
عنه هذا كان قبل إسلامه .
أن أعتكف ليلة : قد مرّ معنا الاعتكاف ليلة : أي في ليلة وفي رواية يوماً : أي في يوم في المسجد الحرام :
المسجد الحرام ظرف مكان للاعتكاف واليوم أو الليلة ظرف زمان فيه .
قال فأوف بنذرك : المقصود أوف بمنذورك والنذر يطلق ويراد به المنذور .


المعنى الإجمالي :

استفتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي ﷺ لأنه كان نذر اعتكاف ليلة في المسجد الحرام في زمن الجاهلية
وأنه أمره النبي ﷺ أن يوف بنذره .


فقه الحديث

يؤخذ من الحديث مسائل
أولاً : صحة النذر من الكافر إذ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر هذا النذر في الجاهلية ولم يوف به فسأل
النبي ﷺ فأمره النبي ﷺ أن يوفيَ بنذره وعلى هذا فيؤخذ من هذا الحديث صحة النذر من الكافر وهذا
محل خلاف .


ثانياً :وهذه المسألة تنبني على مسألة أخرى أصولية وهو هل أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما هم
مخاطبون بأصولها في هذه المسألة خلاف أيضاً والراجح أنهم مخاطبون بالفروع والأصول لأن الله أخبر عن الكافرين
أنهم يسألون مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر : 42 - 43 ] الآيات وإطعام المسكين يعد
من الفروع لا من الأصول وكذلك الصلاة على رأي من لا يرى تركها كفراً .


ثالثاً : إذا صح النذر من الكافر فهل يجب عليه الوفاء به وهل يصح منه الوفاء بالنذر الجواب لا يصح منه الوفاء
به ما دام كافراً ويصح بعد الإسلام كما هو الحال في قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .


رابعاً : الرواية المشهورة ( أن أعتكف ليلة ) وورد في رواية لمسلم يوماً ومن أجل الرواية الأولى استدل بالحديث على
أن الصيام ليس شرطاً في الاعتكاف وقد اختلف الأئمة في هذه المسألة فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصيام ليس
بشرط في الاعتكاف مستدلين على ذلك بأن النبي ﷺ قضى الاعتكاف في شوال ولم يرد أنه صام تلك الأيام التي
قضى فيها الاعتكاف وفي حديث ابن عباس الذي رواه الحاكم في الاعتكاف ( قال ليس على المعتكف
صيام إلا أن يجعله على نفسه ) .


خامساً :وقال مالك وأبو حنيفة يشترط للاعتكاف الصيام واستدل لهذا المذهب بحديث (اعتكف وصم يوماً )
وهو حديث ضعيف لأن في سنده عبدالله بن بديل بن ورقاء ويقال له ابن بديل بن بشر الخزاعي ويقال الليثي
صدوق يخطئ من الثامنة .

وبحديث ( لا اعتكاف إلا بصيام ) وهو حديث ضعيف أيضاً لأن في سنده سفيان بن حسين بن حسن أبو
محمد أو أبو الحسن ثقة في غير الزهري باتفاقهم من السابعة مات بالري مع المهدي وقيل في أول خلافة الرشيد
روى له مسلم والأربعة أهـ.تقريب رقم 2437 .


قلت : وإذا كان ثقة في غير الزهري فإنه في حديثه عن الزهري ضعف قال الحافظ باتفاق وحديثه هذا عن الزهري
وعلى هذا فإن هذا الحديث ضعيف أيضاً أما حديث ابن عباس السابق فسنده على شرط مسلم كما قال الحاكم
ووافقه الذهبي وعلى هذا فإنه لا يشترط للاعتكاف صيام على القول الصحيح


سادساً : يؤخذ من قول النبي ﷺ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أوف بنذرك ) وجوب الوفاء بالنذر حتى ولو
كان قد حصل من كافر في حال كفره فإنه يجب عليه الوفاء بعد الإسلام وتقاس على ذلك القرب بل وفي ذلك
حديث وهو حديث حكيم بن حزام أنه قال ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ
عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْر) فإن قيل هذا في طاعات قدمها
في حال كفره أما هذه المسألة فهي طاعة التزم فعلها في حال كفره وأسلم قبل الإتيان بها وأقول : إن قول النبي
ﷺ لعمر بن الخطاب أوف بنذرك يدل على إنفاذ ما التزم به في حال كفره لكنه لو أنفذه في حال كفره لم يصح
منه لأن من شرط الصحة الإسلام وكذلك القبول .


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الاعتكاف أقل من يوم كامل ومن ليلة كاملة فأجازه بعضهم بالنية لأنه إذا جلس
في المسجد ونوى اعتكاف ساعة اعتبر ذلك عباده
وخالف في ذلك آخرون ومنعوه والقول الأول فيما أرى هو الأصح لأن ما شرع أصله بيوم أو أكثر فلا مانع من
شرعيته بأقل من يوم وبالله التوفيق .





--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ



تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]



رابط تحميل الكتاب :












.
رد مع اقتباس