عرض مشاركة واحدة
  #88  
قديم 12-06-2015, 08:13AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 78 )


[ المتن ] :


فصل في صفات أهل السنة والجماعة ولم سموا بذلك

ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ باطنًا وظاهرًا واتباع سبيل السابقين
الأولين من المهاجرين والأنصار‏.‏ واتباع وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور
فإن كل بدعة ضلالة‏)‏ ‏[‏رواه أحمد ‏(‏4/126‏)‏ وأبو داود ‏(‏4607‏)‏ والترمذي ‏(‏2676‏)‏ وابن ماجه ‏(‏42‏)‏ عن العرباض
وصححه جماهير علماء الأمة‏]‏‏.‏
ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏


ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس ويقدمون هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هدي
كل أحد، ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة، وسموا أهل الجماعة لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة‏.‏ وإن
كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين‏.‏


والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين‏.‏ وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه
الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين‏.‏ والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح
إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة‏.‏


[ الشرح ]:


لما ذكر الشيخ طريقة أهل السنة في مسائل العقيدة ذكر في هذا الفصل والذي بعده طريقتهم في عموم الدين
أصوله وفروعه وأوصافهم التي تميزوا بها عن أهل البدع والمخالفات فمن صفاتهم‏:‏

1 ـ ‏(‏اتباع آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ باطنًا وظاهرًا‏)‏ أي‏:‏ سلوك طريقه والسير على منهاجه ‏(‏باطنًا وظاهرًا‏)‏
بخلاف المنافقين الذين يتبعونه في الظاهر دون الباطن‏.‏ وآثار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنته، وهي ما روي
عنه وأثر عنه من قول أو فعل أو تقرير‏.‏
لا آثاره الحسية كمواضع جلوسه ونومه ونحو ذلك لأن تتبع ذلك سبب للوقوع في الشرك‏.‏
كما حصل في الأمم السابقة‏.‏

2 ـ ومن صفات أهل السنة ‏(‏اتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار‏)‏ لما خصهم الله به من
العلم والفقه فقد شاهدوا التنزيل وسمعوا التأويل وتلقوا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدون واسطة فهم أقرب
إلى الصواب وأحق بالاتباع بعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
فاتباعهم يأتي بالدرجة الثانية بعد اتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.
‏ فأقوال الصحابة حجة يجب اتباعها
إذا لم يوجد نص عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ لأن طريقهم أسلم وأعلم وأحكم،
لا كما يقول بعض المتأخرين‏:‏ إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم فيتبعون طريقة الخلف ويتركون
طريقة السلف‏.‏

3 ـ ومن صفات أهل السنة اتباع وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور‏.‏ فإن كل بدعة ضلالة‏)‏
رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏
وغرض الشيخ أن يبين أن أهل السنة والجماعة يتبعون طريقة الخلفاء الراشدين على الخصوص بعد اتباعهم لطريقة السابقين
الأولين من المهاجرين والأنصار على وجه العموم لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوصى باتباع طريقة الخلفاء
الراشدين وصية خاصة في هذا الحديث، ففيه قرن سنة الخلفاء الراشدين بسنته عليه الصلاة والسلام، فدل
على أن ما سنه الخلفاء الراشدون أو أحدهم لا يجوز العدول عنه‏.‏


‏(‏والخلفاء الراشدون‏)‏ هم الخلفاء الأربعة‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ووصفوا بالراشدين لأنهم عرفوا الحق
واتبعوه، فالراشد هو من عرف الحق وعمل به، وضده الغاوي، وهو من عرف الحق ولم يعمل به‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏المهديين‏)‏ أي‏:‏ الذين هداهم الله إلى الحق‏.‏
‏(‏تمسكوا بها‏)‏ أي‏:‏ الزموها ‏(‏وعضوا عليها بالنواجذ‏)‏ كناية عن شدة التمسك بها، والنواجذ‏:‏ آخر الأضراس‏.‏
و ‏(‏محدثات الأمور‏)‏ هي البدع ‏(‏فإن كل بدعة ضلالة‏)‏‏.‏
والبدعة لغة‏:‏ ما ليس له مثال سابق‏.‏
وشرعًا‏:‏ ما لم يدل عليه دليل شرعي‏.‏
فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين، ولم يكن له دليل هو بدعة وضلالة سواء في العقيدة أو في الأقوال أو الأفعال‏.


4 ـ ومن صفات أهل السنة أنهم يعظمون كتاب الله وسنة رسوله ويجلونهما ويقدمونهما في الاستدلال بهما
والاقتداء بهما على أقوال الناس وأعمالهم لأنهم‏:‏ ‏(‏يعلمون أن أصدق الكلام كلام الله‏)‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ
مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏‏.‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا‏}‏ ‏[‏الآيتان ‏(‏122، 87‏)‏ من سورة النساء‏]‏‏.
‏ ويعلمون‏:‏ ‏(‏أن خير الهدي هدي محمد‏)‏ الهدي، بفتح الهاء وسكون الدال‏:‏ السمت والطريقة والسيرة‏.‏ وقرئ بضم
الهاء وفتح الدال‏.‏ أي‏:‏ الدلالة والإرشاد‏.‏
‏(‏ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس‏)‏ أي‏:‏ يقدمونه ويأخذون به ويتركون ما عارضه من كلام الخلق
أيًا كانوا رؤساء أو علماء أو عبادًا ‏(‏ويقدمون هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ أي‏:‏ سنته وسيرته وتعليمه
وإرشاده ‏(‏على هدي كل أحد‏)‏ من الخلق مهما عظمت مكانته إذا كان هديه يعارض هدي رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ‏.‏ وذلك عملًا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏59‏)‏ من سورة النساء‏]‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة‏)‏
أي‏:‏ لأجل تمسكهم بكتاب الله وإيثارهم لكلامه على كلام كل أحد‏.‏ وتمسكهم بهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقديمه على هدي كل أحد سموا أهل الكتاب والسنة لأجل
ذلك لقبوا بهذا اللقب الشريف الذي يفيد اختصاصهم بهما دون غيرهم ممن حاد عن الكتاب والسنة من فرق أهل
الضلال كالمعتزلة والخوارج والروافض ومن وافقهم في أقوالهم أو في بعضها‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وسموا أهل الجماعة‏)‏ أي‏:‏ كما
سموا أهل الكتاب والسنة سموا ‏(‏أهل الجماعة‏)‏ والجماعة‏:‏ ضد الفرقة، لأن التمسك بالكتاب والسنة يفيد
الاجتماع والائتلاف، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏103‏)‏ من سورة آل عمران‏]‏‏.‏
فالجماعة هنا هم المجتمعون على الحق‏.‏


5 ـ فمن صفات أهل السنة الاجتماع على الأخذ بالكتاب والسنة والاتفاق على الحق والتعاون على البر والتقوى،
وقد أثمر هذا وجود الإجماع ‏(‏والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين‏)‏ وقد عرف الأصوليون
الإجماع بأنه‏:‏ اتفاق علماء العصر على أمر ديني، وهو حجة قاطعة يجب العمل به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وهو الأصل الثالث‏)‏
أي‏:‏ بعد الأصلين الأولين وهما الكتاب والسنة‏.‏

6 ـ من صفات أهل السنة أنهم ‏(‏يزنون بهذه الأصول الثلاثة‏)‏ الكتاب والسنة والإجماع ‏(‏جميع ما عليه الناس من
أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين‏)‏ فهم يجعلون هذه الأصول الثلاثة ميزانًا لبيان الحق من الباطل
والهدى من الضلال فيما يصدر من الناس من تصرفات قولية أو فعلية اعتقادية أو عملية ‏(‏مما له تعلق بالدين‏)‏
من أعمال الناس كالصلاة والصيام والحج والزكاة والمعاملات وغيرها‏.‏ أما ما ليس له تعلق بالدين من الأمور العادية
والأمور الدنيوية فالأصل فيه الإباحة‏.‏


ثم بين الشيخ ـ رحمه الله ـ حقيقة الإجماع الذي جعل أصلًا في الاستدلال فقال‏:‏ ‏(‏والإجماع الذي ينضبط‏)‏
أي‏:‏ يجزم بحصوله ووقوعه‏:‏ ‏(‏هو ما كان عليه السلف الصالح‏)‏ لما كانوا قليلين مجتمعين في الحجاز يمكن ضبطهم
ومعرفة رأيهم في القضية


‏(‏وبعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة‏)‏
أي‏:‏ بعد السلف الصالح صار الإجماع لا ينضبط لأمرين‏:‏
أولًا‏:‏ كثرة الاختلاف بحيث لا يمكن الإحاطة بأقوالهم‏.‏
ثانيًا‏:‏ انتشار الأمة في أقطار الأرض بعد الفتوح بحيث لا يمكن عادة بلوغ الحادثة لكل واحد منهم ووقوفه عليها‏.‏
ثم لا يمكن الجزم بأنهم أطبقوا على قول واحد فيها‏.‏

تنبيه‏:

‏ إنما اقتصر الشيخ ـ رحمه الله ـ على ذكر الأصول الثلاثة، ولم يذكر الأصل الرابع وهو القياس، لأن القياس
مختلف فيه كما اختلفوا في أصول أخرى مرجعها كتب الأصول‏.‏



------



[ المصدر ]










.
رد مع اقتباس