عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 10-06-2015, 09:24AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 77 )



[ المتن ] :

مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء
ومن أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع
العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات‏.‏ والمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر
هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة‏.‏


[ الشرح ]:


قوله‏:‏ ‏(‏ومن أصول أهل السنة‏)‏ أي‏:‏ من أصول عقيدتهم ‏(‏التصديق بكرامات الأولياء‏)‏ الكرامات‏:‏ جمع كرامة
وهي ‏(‏ما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات‏)‏ فالكرامة‏:‏ أمر خارق للعادة‏.‏ أي‏:‏ لمألوف الآدميين‏.‏
والأولياء جمع ولي، وهو المؤمن المتقي كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الآيتان ‏(‏62، 63‏)‏ من سورة يونس‏]‏‏.‏ سمي وليًا اشتقاقًا من الولاء وهو المحبة والقرب، فولي
الله‏:‏ من والى الله بموافقته في محبوباته والتقرب إليه بمرضاته‏.‏
وكرامات الأولياء حق، وقد دل عليها الكتاب والسنة والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين‏.‏


والناس في كرامات الأولياء على ثلاثة أصناف‏:‏
الصنف الأول‏:‏ من ينفيها من المبتدعة كالمعتزلة والجهمية وبعض الأشاعرة، وشبهتهم‏:‏ أن الخوارق لو جاز ظهورها
على أيدي الأولياء لالتبس النبي بغيره، إذ الفرق بين النبي وغيره هو المعجزة التي هي خرق العادة‏.‏

الصنف الثاني‏:‏ من يغلو في إثبات الكرامة من أصحاب الطرق الصوفية والقبوريين الذين يدجلون على الناس
ويأتون بخوارق شيطانية، كدخول النار وضرب أنفسهم بالسلاح وإمساك الثعابين، وغير ذلك مما يدعونه
لأصحاب القبور من التصرفات التي يسمونه كرامات‏.‏


الصنف الثالث‏:‏ الذين ذكرهم الشيخ هنا وهم أهل السنة والجماعة فيؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها
على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة‏.‏
ويردون على من نفاها بحجة منع الاشتباه بين النبي وغيره‏:‏ بأن هناك فوارق عظيمة بين الأنبياء وغيرهم غير
خوارق العادات‏.‏ وأن الولي لا يدعي النبوة ولو ادعاها لخرج عن الولاية وصار مدعيا كذابًا لا وليًا، ومن سنة الله
أن يفضح الكاذب، كما حصل لمسيلمة الكذاب وغيره‏.‏


ويردون على من غلا في إثباتها فادعاها للمشعوذين والدجالين، بأن هؤلاء ليسوا أولياء الله، وإنما هم
أولياء للشيطان وما يجري عليهم إما كذب وتدجيل، أو فتنة لهم ولغيرهم واستدراج، والله أعلم‏.


ولشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الموضوع كتاب جليل اسمه‏:‏ ‏(‏الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان‏)‏‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات‏)‏ إشارة إلى أن الكرامة منها ما يكون من باب
العلم والكشف بأن يسمع العبد ما لا يسمعه غيره أو يرى ما لا يراه غيره يقظة أو منامًا‏.‏ أو يعلم ما لا يعلمه
غيره‏.‏ ومنها ما هو من باب القدرة والتأثير‏.‏


مثال النوع الأول‏:‏ قول عمر‏:‏ يا سارية الجبل وهو بالمدينة، وسارية في المشرق (7) وإخبار أبي بكر
بأن ببطن زوجته أنثى (8) وإخبار عمر بمن يخرج من ولده فيكون عادلًا‏.‏ وقصة صاحب موسى وعلمه بحال
الغلام‏.‏

ومثال النوع الثاني‏:‏ قصة الذي علم من الكتاب وإتيانه بعرش بلقيس إلى سليمان ـ عليه السلام ـ‏.‏
وقصة أهل الكهف وقصة مريم وقصة خالد بن الوليد لما شرب السم ولم يحصل له منه ضرر (9)
وقوله‏:‏ ‏(‏والمأثور عن سالم الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين
وسائر فرق الأمة‏)‏ يشير بذلك إلى الكرامات التي وقعت وذكرت في القرآن الكريم وغيره من النقول الصحيحة،
فمما ذكره الله في القرآن الكريم عن سالم الأمم مما ذكره الله عن حمل مريم بلا زوج، وما ذكر في سورة
الكهف من قصة أصحاب الكهف وقصة صاحب موسى وقصة ذي القرنين‏.‏


وكالمأثور، أي‏:‏ المنقول بالسند الصحيح عن ‏(‏صدر هذه الأمة‏)‏ أي‏:‏ أولها من الصحابة والتابعين كرؤية عمر
لجيش سارية وهو على منبر المدينة وجيش سارية بنهاوند بالمشرق وندائه له‏:‏ يا سارية الجبل، فسمعه سارية وانتفع
بهذا التوجيه وسلم من كيد العدو‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة‏)‏ أي‏:‏ لا تزال الكرامات موجودة
في هذه الأمة إلى يوم القيامة ما وجدت فيهم الولاية بشروطها والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]









.
رد مع اقتباس