عرض مشاركة واحدة
  #86  
قديم 08-06-2015, 05:57AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 76 )

تبرؤ أهل السنة والجماعة مما يقوله المبتدعة في حق الصحابة وأهل البيت

[ المتن ] : ‏

ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل‏.‏ ويمسكون
عما شجر بين الصحابة‏.‏ ويقولون‏:‏ إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيره عن وجهه‏.‏ والصحيح منه
هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون‏.‏ وهم مع ذلك يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم
وصغائره‏.‏ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة‏.‏ ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر‏.‏ حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا
يغفر لمن بعدهم‏.‏ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم‏.‏ وقد ثبت بقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم خير
القرون‏.‏ وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم‏.‏ ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه‏.‏ أو أتى
بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هم أحق الناس بشفاعته‏.‏ أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه‏.‏ فإذا كان
هذا في الذنوب المحققة، فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور‏؟‏ ثم القدر
الذي ينكر من فعلهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل
الصالح‏.‏ ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم
الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله‏.‏

[ الشرح ]:

بين الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا‏:‏
أولًا‏:‏ موقف أهل السنة والجماعة من الصحابة وأهل البيت وأنه موقف الاعتدال والوسط بين الإفراط والتفريط والغلو والجفاء، يتولون جميع المؤمنين لا
سيما السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ويتولون أهل البيت‏.‏ يعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل
البيت التي شرعها الله لهم‏.‏
‏(‏ويتبرؤون من طريقة الروافض‏)‏ الذين يسبون الصحابة ويطعنون فيهم‏.‏ ويغلون في حق علي بن أبي طالب وأهل البيت‏.‏ ‏(‏ومن طريقة النواصب‏)‏ الذين
ينصبون العدواة لأهل البيت ويكفرونهم ويطعنون فيهم، وقد سبق بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة وأهل البيت، ولكن
الغرض من ذكره هنا مقارنته بالمذاهب المنحرفة المخالفة له‏.‏


ثانيًا‏:‏ بين الشيخ ـ رحمه الله ـ موقف أهل السنة والجماعة من الاختلاف الذي وقع بين الصحابة في وقت الفتنة والحروب التي حصلت بينهم‏.‏ وموقفهم مما ينسب إلى الصحابة
من مساوئ ومثالب اتخذها أعداء الله سببًا للوقيعة فيهم والنيل منهم، كما حصل من بعض المتأخرين والكتاب العصريين الذين جعلوا أنفسهم
حكمًا بين أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصوبوا وخطؤوا بلا دليل، بل باتباع الهوى وتقليد المغرضين الذين يحاولون الدس
على المسلمين بتشكيكهم بتاريخهم المجيد وسلفهم الصالح الذين هم خير القرون، لينفذوا من ذلك إلى الطعن في الإسلام وتفريق كلمة المسلمين‏.‏

وما أحسن ما ذكره الشيخ هنا من تجلية الحق وإيضًاح الحقيقة فقد ذكر أن موقف أهل السنة مما نسب إلى الصحابة وما شجر بينهم،
أي‏:‏ تنازعوا فيه‏.‏

يتلخص في أمرين‏:‏

الأمر الأول‏:‏ أنهم ‏(‏يمسكون عما شجر بين الصحابة‏)‏ أي‏:‏ يكفون عن البحث فيه ولا يخوضون فيها لما في
إلخوض في ذلك من توليد الإحن والحقد على أصحاب ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك من أعظم الذنوب، فطريق السلامة هو السكوت
عن ذلك وعدم التحدث به‏.‏
الأمر الثاني‏:‏ الاعتذار عن الآثار المروية في مساويهم لأن في ذلك دفاعًا عنهم وردًا لكيد أعدائهم،

وقد ذكر أن جملة الاعتذارات تتلخص فيما يلي‏:‏

1 ـ ‏(‏هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب‏)‏ قد افتراه أعداؤهم ليشوهوا سمعتهم كما تفعله الرافضة قبحهم الله‏.‏ والكذب لا يلتفت إليه‏.‏
2 ـ هذه المساوئ المروية ‏(‏منها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه الصحيح‏)‏ ودخله الكذب فهو محرف لا يعتمد عليه‏.‏ لأن فضل الصحابة
معلوم وعدالتهم متيقنة، فلا يترك المعلوم المتيقن لأمر محرف مشكوك فيه‏.‏
3 ـ ‏(‏والصحيح منه‏)‏ أي‏:‏ من هذه الآثار المروية ‏(‏هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون‏)‏ فهو من موارد الاجتهاد التي
إن أصاب المجتهد فيها فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد‏.‏ لما في الصحيحين عن أبي هريرة وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ‏:‏ أن رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران‏.‏ وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏7352‏)‏ ومسلم ‏(‏1716‏)‏ عن عمرو بن العاص‏]‏‏.‏


4 ـ أنهم بشر يجوز على أفرادهم ما يجوز على البشر من الخطأ فأهل السنة‏:‏ ‏(‏لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر
الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة‏)‏ لكن ما يقع منهم من ذلك فله مكفرات عديدة منها‏:‏
أ ـ أن ‏(‏لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر‏)‏ فما يقع من أحدهم يغتفر بجانب ماله من الحسنات العظيمة، كما في
قصة حاطب لما وقع منه ما وقع في غزوة الفتح غفر له بشهوده وقعة بدر ‏(‏حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم
من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم‏)‏ وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏114‏)‏ من سورة هود‏]‏‏.‏

ب ـ أنهم تضاعف لهم الحسنات أكثر من غيرهم ولا يساويهم أحد في الفضل، ‏(‏وقد ثبت بقول رسول الله أنهم خير القرون ‏[‏رواه البخاري ‏(‏
3651‏)‏ ومسلم ‏(‏2513‏)‏ عن ابن مسعود‏]‏‏.‏ وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم ‏[‏تقدم تخريجه‏]‏‏.‏ أخرجه
الشيخان وغيرهما أحاديث عن أبي هريرة وابن مسعود وعمران بن حصين‏:‏ ‏(‏أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ خير القرون قرني ثم الذين
يلونهم‏)‏ الحديث‏.‏ والقرون‏:‏ جمع قرن‏.‏ والقرن‏:‏ أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، ويطلق القرن على المدة من الزمان‏.‏


ج ـ كثرة مكفرات الذنوب لديهم فإنهم يتوفر لهم من المكفرات ما لم يتوفر لغيرهم ‏(‏فإذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه،
أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته‏)‏ أي‏:‏ الأعمال الصالحة التي أسبقها قبله ‏(‏أو بشفاعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه‏)‏ أي‏:‏ امتحن وأصيب بمصيبة محي عنه ذلك الذنب بسببها‏.‏ كما في الصحيح
أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏ما يصيب المؤمن من وصف ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها
من خطاياه‏)‏ متفق عليه ‏[‏رواه البخاري ‏(‏5641‏)‏ ومسلم ‏(‏2573‏)‏ عن أبي هريرة وأبي سعيد‏.‏ والصحابة أولى الناس بذلك‏]‏‏.‏
قال‏:‏ ‏(‏فإذا كان هذا في الذنوب المحققة‏)‏ أي‏:‏ الواقعة منهم فعلًا وأن لديهم رصيدًا من الأعمال الصالحة التي تكفرها ‏(‏فكيف بالأمور
التي كانوا فيها مجتهدين‏)‏ الاجتهاد‏:‏ هو بذل الطاقة في معرفة الحكم الشرعي ‏(‏إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، كما سبق
بيان دليل ذلك قريبًا،


وإذًا فما يصدر من الصحابي من خطأ على قلته هو بين أمرين‏:‏ الأول‏:‏ أن يكون صدر عن اجتهاد، وعنده من الأعمال والفضائل والسوابق
الخيرة ما يكفره ويمحوه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ثم القدر الذي نكر من فعل بعضهم‏)‏ إلخ،

هو كالتلخيص لما سبق وبيان فضائل الصحابة إجمالًا وهي‏:‏

1 ـ الإيمان بالله ورسوله وهو أفضل الأعمال‏.‏
2 ـ الجهاد في سبيل الله وهي من أفضل الأعمال‏.‏
3 ـ الهجرة في سبيل الله وهي من أفضل الأعمال‏.‏
4 ـ النصرة لدين الله، قال تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏80‏)‏ من سورة الحشر‏]‏‏.‏
5 ـ العلم النافع والعمل الصالح‏.‏
6 ـ أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، فأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير الأمم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏110‏)‏
من سورة آل عمران‏]‏‏.‏ وخير هذه الأمة صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏خيركم قرني ثم الذين يلونهم‏)‏ الحديث‏.‏


7 ـ أنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد‏:‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال‏:‏ ‏(‏أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله سبحانه‏)‏ رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم في مستدركه ‏[‏رواه الترمذي ‏(‏4087‏)‏ وابن ماجه
‏(‏4287‏)‏ والحاكم ‏(‏4/84‏)‏ وأحمد ‏(‏2/391‏)‏ والطبراني ‏(‏1012‏)‏ وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم‏]‏‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








.
رد مع اقتباس