عرض مشاركة واحدة
  #82  
قديم 03-06-2015, 02:16AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 72 )



فضل الصحابة وموقف أهل السنة والجماعة منه وبيان تفاضلهم
ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة
والإجماع من فضائلهم ومراتبهم‏.‏ ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحديبية ـ وقاتل على من أنفق من
بعد وقاتل‏.‏ ويفضلون المهاجرين على الأنصار‏.‏ ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏:‏ ‏(‏اعملوا
ما شئتم فقد غفرت لكم‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏3007‏)‏ ومسلم ‏(‏2494‏)‏ عن أنس‏]‏‏.‏ وبأنه لا يدخل النار أحد بايع
تحت الشجرة كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (2) وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة (3) ويشهدون بالجنة
لمن شهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة (4) ويقرون
بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر
ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي ـ رضي الله عنهم ـ (5) كما دلت عليه الآثار وكما أجمع الصحابة على
تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي ـ رضي الله عنهما ـ بعد اتفاقهم
على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا، وربعوا بعلي، وقدم قوم عليًا وقوم توقفوا، لكن
استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي‏.‏



[ الشرح ]:

بين الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا المقطع من كلامه تفاضل الصحابة بعد أن بين فيما سبق فضلهم عمومًا وموقف
أهل السنة والجماعة من ذلك‏.‏ فقوله‏:‏ ‏(‏ويقبلون‏)‏ أي‏:‏ أهل السنة والجماعة ‏(‏ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع‏)‏
أي‏:‏ إجماع المسلمين ‏(‏من فضائلهم ومراتبهم‏)‏ وكفى بهذه المصادر الثلاثة شاهدًا على فضلهم‏.‏


ثم إنهم ليسوا على درجة واحدة في الفضل بل بحسب سبقهم إلى الإسلام والجهاد والهجرة، وبحسب ما قاموا به
من أعمال تجاه نبيهم ودينهم ورضي الله عنهم ولذلك قال الشيخ ـ رحمه الله ـ‏:‏ ‏(‏ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو
صلح الحديبية‏)‏ لأن الله سماه فتحًا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا‏}‏ الآية ‏(‏1‏)‏ الفتح، وذلك هو المشهور
أن المراد بالفتح صلح الحديبية لأن سورة الفتح نزلت عقيبه‏.‏

والحديبية‏:‏ بئر قرب مكة وقعت عنده البيعة تحت شجرة كانت هناك حينما صد المشركون رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وأصحابه عن دخول مكة فبايعوه على الموت‏.‏ وسميت هذه البيعة فتحًا لما حصل بسببها من
الخير والنصر للمسلمين‏.‏ والدليل على تفضيل هؤلاء قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا‏}‏ الآية ‏(‏10‏)‏ الحديد‏.‏ وهؤلاء هم السابقون الأولون
من المهاجرين والأنصار قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ‏}‏ الآية ‏(‏100‏)‏ من سورة التوبة‏.‏


قال‏:‏ ‏(‏ويقدمون المهاجرين على الأنصار‏)‏ المهاجرون جمع مهاجر والمراد بهم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة،
والهجرة لغة‏:‏ الترك، وشرعًا‏:‏ الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام‏.‏ والأنصار‏:‏ أي الذين ناصروا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم الأوس وإلخزرج سماهم النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بهذا الاسم‏.‏


والدليل على تفضيل المهاجرين على الأنصار أن الله قدمهم في الذكر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَد تَّابَ الله
عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ‏}‏ الآية ‏(‏117‏)‏ التوبة‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ
تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ‏}‏ الآية‏.‏ الآيتان ‏(‏8 ـ 9‏)‏ الحشر‏.‏ فدلت هذه الآيات
الكريمة على فضل المهاجرين والأنصار وعلى تقديم المهاجرين على الأنصار في الفضل لتقديمهم في الذكر ولما
قاموا به من ترك بلادهم وأموالهم وأولادهم طلبًا للأجر ونصرة لله ولرسوله وصدقهم في ذلك ـ رضي الله عنهم ـ‏.‏


قال‏:‏ ‏(‏ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏:‏ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم‏)‏ كما جاء
في الصحيحين في قصة حاطب بن أبي بلتعة‏.‏ وبدر‏:‏ قرية مشهورة على نحو أربع مراحل من المدينة حصلت عندها
الوقعة التي أعز الله بها الإسلام وسمي يوم بدر يوم الفرقان‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر‏)‏ هكذا ورد عددهم في صحيح البخاري‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏اعملوا ما شئتم فقد غفرت
لكم‏)‏ قال ابن القيم في الفوائد‏:‏ أشكل على كثير من الناس معناه، ثم ذكر الأقوال في ذلك‏.‏ ثم قال‏:‏ فالذي
نظن في ذلك ـ والله أعلم ـ أن هذا خطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم بل يموتون على
الإسلام وأنهم قد يقارفون ما يقارفه غيرهم من الذنوب ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها بل يوقفهم
لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك‏.‏ ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم لأنه قد تحقق ذلك فيهم وأنهم
مغفور لهم، ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي أن يعطلوا الفرائض وثوقًا بالمغفرة‏.‏


فلو كانت قد حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا حج ولا زكاة
ولا جهاد وهذا محال‏.‏ انتهى‏.‏

قال‏:‏ ‏(‏وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ بل لقد ـ رضي الله
عنهم ـ ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة‏)‏ هذا الكلام في شأن أهل بيعة الرضوان، وهي البيعة التي حصلت
في الحديبية حين صد المشركون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن دخول مكة كما سبق بيانه قريبًا‏.‏


وقد ذكر لهم الشيخ مزيتين‏:‏

الأولى‏:‏ أنه لا يدخل النار أحد منهم‏.‏ ودليل ذلك ما في صحيح مسلم من حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة‏)‏‏.‏



الثانية‏:‏ أن الله قد رضي عنهم‏.‏ وهذا صريح القرآن كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏}‏ الآية ‏(‏18‏)‏ الفتح‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة‏)‏ هذا بناء على الصحيح في عددهم‏.‏
والله أعلم‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس
وغيرهم من الصحابة‏)‏ أي‏:‏ يشهد أهل السنة والجماعة بالجنة لمن شهد له الرسول بذلك، أما من لم يشهد له
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنة فلا يشهدون له لأن في هذا تقولًا على الله‏.‏ لكن يرجون للمحسنين ويخافون
على المسيئين‏.‏ وهذا أصل من أصول العقيدة‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏كالعشرة‏)‏ هم‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص
وسعيد بن زيد وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم ـ‏.‏ وقد صحت الأحاديث بالشهادة
لهؤلاء بالجنة وقوله‏:‏ ‏(‏وثابت بن قيس بن شماس‏)‏ هو خطيب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبشارته بالجنة ثابتة
في صحيح البخاري (6) عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وغيرهم من الصحابة‏)‏ أي‏:‏ غير من ذكر ممن
أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم في الجنة كعكاشة بن محصن وعبد الله بن سلام وغيرهما‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره‏)‏ أي‏:‏ يعترف أهل السنة
والجماعة ويعتقدون ‏(‏ما تواتر به النقل‏)‏ أي‏:‏ ما ثبت بطريق التواتر، ‏(‏والتواتر هو أقوى الأسانيد‏)‏، ‏(‏عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وغيره‏)‏ من الصحابة ‏(‏أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر،
ويثلثون بعثمان‏)‏ أي‏:‏ يجعلونه الثالث في الترتيب ‏(‏ويربعون بعلي‏)‏ أي‏:‏ يجعلونه الرابع ‏(‏ ـ رضي الله عنهم ـ‏)‏ وفي هذه
الرواية المتواترة عن علي رد على الرافضة الذين يفضلون عليًا على أبي بكر وعمر ويقدمونه عليهما في الخلافة،
فيطعنون في خلافة الشيخين‏.‏


وهذا البحث يتضمن مسألتين‏:‏

الأولى‏:‏ مسألة الخلافة، الثانية‏:‏ مسألة التفضيل‏.‏ فأما مسألة الخلافة‏:‏ فقد أجمع أهل السنة والجماعة بما فيهم
الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على أن إلخليفة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان
ثم علي‏.‏ وأما مسألة التفضيل‏:‏ فقد أجمعوا على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، كما تواتر به النقل
عن علي‏.‏

واختلفوا في عثمان وعلي ـ رضي الله عنهما ـ أيهما أفضل‏.‏ وقد ذكر الشيخ هنا في المسألة ثلاثة أقوال حيث يقول‏:‏
‏(‏فقدم قوم عثمان وسكتوا، وربعوا بعلي‏.‏ وقدم قوم عليًا وقوم توقفوا‏)‏ هذا حاصل الخلاف في المسألة‏:‏ تقديم
عثمان‏.‏ تقديم علي، التوقف عن تقديم أحدهما على الآخر‏.‏ وأشار الشيخ إلى ترجيح الرأي الأول وهو تقديم
عثمان لأمور‏:‏ الأمر الأول‏:‏ أن هذا هو الذي دلت عليه الآثار الواردة في مناقب عثمان ـ رضي الله عنه ـ


الثاني‏:‏ إجماع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة وما ذاك إلا أنه أفضل فترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة‏.‏

الثالث‏:‏ أنه استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، كما سبق أنهم قدموه في البيعة‏.‏ قال عبد الرحمن بن
عوف لعلي ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ إني نظرت أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان‏.‏ قال أبو أيوب‏:‏ من لم يقدم عثمان
على علي فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار‏.‏ فهذا دليل على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم بعد تشاورهم
وكان علي ـ رضي الله عنهم ـ من جملة من بايعه وكان يقيم الحدود بين يديه‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








رد مع اقتباس