عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 08-04-2015, 01:21PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 29 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن:

فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات، والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل
الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون
هم أصحاب اليمين، والسابقون السابقون أولئك المقربون.

ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلي في أول الوقت،
والمقتصد

الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار.
أو يقول: السابق والمقتصد
والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع،
والناس في الأموال إما محسن، وإما عادل وإما ظالم. فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات،
والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذه الأقاويل.


فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية إنما ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره،
فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق.



الشرح :

صحيح هذا هو الغالب أن التعريف بالمثال أبين وأظهر من التعريف بالحد المطابق، فمثلاً لو قال لك
قائل ما البعير؟ فقلت حيوان كبير الجسم، طويل العنق، ذو سنام، له ذيل قصير وما أشبه ذلك من
صفاته، فلن يعرفه، حتى لو رآه ربما يشك فيه لعله يكون هناك شيء آخر يشابهه، لكن إذا قلت مثال
البعير هذا اتضح، والإيضاح بالمثال أكثر وضوحاً.


ولهذا ذهب كثير من الفقهاء رحمهم الله إلي التعريف بالحكم، وإن كان عند المناطقة يرونه عيباً، فمثلاً
يقولون: الواجب هو ما أثيب فاعله واستحق العقوبة تاركه مثلاً، لكن لو قال: الواجب هو ما أمر به الشرع
على سبيل الإلزام، فقد يشكل على الإنسان أكثر.


والحاصل أن السلف فسروا (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، بأن الظالم
لنفسه هو الذي يؤخر الصلاة عن وقتها، وأن المقتصد هو الذي يصليها في الوقت، وأن السابق بالخيرات
هو الذي يصليها في أول الوقت، أو بعبارة أصح على وقتها، وذلك من أجل أن يشمل الذي يصليها في
أول الوقت فيما يسن تقديمه وفي آخره فيما يسن تأخيره، ولهذا جاء حديث ابن مسعود: ((الصلاة على
وقتها)) (1) ؛ لأن هناك بعض الصلوات يسن تأخيرها كالعشاء.


وإذا قيل المقتصد هو الذي يؤدي الزكاة الواجبة، والسابق بالخيرات هو الذي يؤدي الزكاة مع الصدقات
المستحبة، والظالم لنفسه هو الذي لا يزكي، فليس بين القولين تناقض؛ لأن كل واحد منهم ذكر نوعاً
يدخل في الآية، مع أن الآية أعم من هذا حيث تشمل كل ما ينطبق عليه ظلم النفس والسبق والاقتصاد.





* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf











رد مع اقتباس