عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 02-04-2015, 11:19AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





شرح مقدمة التفسير ( 23)


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمي هذا الاسم، وقد يكون
الاسم علماً وقد يكون صفة، كمن يسأل عن قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 124) . ما ذكره؛ فيقال
له: هو القرآن مثلاً، أو هو ما أنزله من الكتب، فإن الذكر مصدر، والمصدر تارة يضاف إلي الفاعل وتارة
إلي المفعول، فإذا قيل: ذكر الله بالمعني الثاني، كان ما يذكر به مثل قول اعبد: سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله والله أكبر. وإذا قيل بالمعني الأول، كان ما يذكره هو، وهو كلامه، وهذا هو المراد في
قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: من الآية124) .


لأنه قال قبل ذلك: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: 123) ، وهداه هو
ما أنزله من الذكر. وقال بعد ذلك (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً)

(قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا) (طه::125، 126) ، والمقصود أن يعرف أن الذكر هو كلامه المنزل أو هو
ذكر العبد له، فسواء قيل: ذكري: كتابي أو كلامي، أو هداي، أو نحو ذلك فإن المسمى واحد.



الشرح :

هنا يقول المؤلف رحمه الله: إذا كان مقصود السائل- يعني الذي يسأل عن تفسير آية من القرآن_، تعيين
المسمي عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم. فلو قال سائل: ما معني قوله تعالي: (وَمَنْ أَعْرَضَ
عَنْ ذِكْرِي) ؟ وهل المراد بذكري المضاف إلي الفاعل أو المضاف إلي المفعول؟ يعني هل المعنى
من أعرض عن ذكره إياي أو المعنى من أعرض عن ذكري الذي أنزلته إليكم؟


والجواب على ذلك أنه يحتمل أن يكون المعنى من أعرض عن ذكري أي: عن ذكره إياي، كما قال تعالي:
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) ، أي: لتذكرني بها، فالمعني لذكري أي: لذكره إياي، ويحتمل أن يكون المراد
بذكري أي: ما أنزلته عليه من الذكر وهو القرآن، أو بعبارة أعم وهو أحسن ما أنزله الله من الكتب، فالمعنى
من أعرض عن الكتب الذي أنزلتها ليذكر بها، وهذا المعني إلي اللفظ أو إلي السياق أقرب؛ لقوله: (ٌّ فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 123، 124) ،
فالمراد بذكري هنا هداه الذي أنزله؛ لأنه قال: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ) ، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) ولكنه عبر في
الإعراض عن ذكره؛ لأن فيما أنزله من الهدى تذكيراً للإنسان وإنذاراً له وتخويفاً.


فهنا إذا سأل عن الذكر فقيل له: الذكر قول سبحان الله، والحمد
لله، والله أكبر صار تفسيراً صحيحاً وإذا عن ذكري فقلنا له: ما أنزله من الكتب على عباده صار معنى صحيحاً؛
لأن اللفظ صالح لهما جميعاً. وهذا اختلاف تنوع، لأن المعني الثاني لا يضاد المعني الأول. فكل ما أنزله
الله عز وجل فهو مستلزم لذكره وهو تذكير لعباده.


* * * * * * * *

شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







رد مع اقتباس