عرض مشاركة واحدة
  #73  
قديم 24-05-2015, 04:13PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح مقدمة التفسير ( 73 )


للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



المتن :

والأولون صنفان تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به.
وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول،

وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول، وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضاً في
تفسير الحديث.


فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة
الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها.

وعمدوا إلي القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات علي مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف
مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.



الشرح :

والفرق بين الأمرين أنهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم ويحرفون
الكلام عن مواضعه. ونضرب مثلاً لذلك بالمعطلة، حيث يقولون: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، هذا يدل على أننا لا نثبت
أي صفة تكون للمخلوق، وليس صحيحاً أن الآية تدل على ما قالوا. وتارة يحرفون الكلم فيقولون: إن المراد باليد:
القدرة أو النعمة. فهم يثبون هذا لكن يحرفونه، فتارة يحملون اللفظ، ما لا يحتمله، وتارة يصرفونه عن معناه.


ومن هذا ما وقع أخيراً من أولئك الذين فسروا القرآن بما يسمي بالإعجاز العلمي، حيث كانوا يحملون القرآن
أحياناً ما لا يتحمل، صحيح أن لهم استنباطات جيدة تدل على أن القرآن حق ومن الله عز وجل، وتنفع في
دعوة غير المسلمين إلي الإسلام ممن يعتمدون على الأدلة الحسية في تصحيح ما جاء به الرسول عليه الصلاة
والسلام، لكنهم أحياناً يحملون القرآن ما لا يتحمله، مثل قولهم: إن قوله

تعالي: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ إِنِ
اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن: 33) ، إن هذا
يعني الوصول إلى القمر وإلى النجوم وما أشبه ذلك، لأن الله قال: (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) والسلطان عندهم
العلم.


وهذا لا شك أنه تحريف، وأنه حرام ان يفسر كلام الله بهذا، لأن من تدبر الآية وجدها تتحدث عن يوم القيامة،
والسياق كله يدل على هذا. ثم إنه يقول: (أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) وهؤلاء ما نفذوا
من أقطار السموات، بل ما وصلوا إلي السماء، وأيضاً يقول: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ) وهؤلاء لم
يرسل عليهم.


والحاصل أن من الناس من يتجاوز ويغلو في إثبات أشياء من القرآن ما دل عليها القرآن، ومنهم من يفرط وينفي
أشياء دل عليها القرآن، لكن يقول هذا ما قاله العلماء السابقون ولا نقبله. لا صرفاً ولا عدلاً، وهذا خطأ أيضاً،
فإذا دل القرآن على ما دل عليه العلم الآن من دقائق المخلوقات، فلا مانع من أن نقبله وأن نصدق به إذا كان
اللفظ يحتمله، أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يمكن أن نقول به.




* * * * * * * *


شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -

الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf







رد مع اقتباس