عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10-06-2009, 02:51PM
أم سلمة
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي :: فوائد سورة النازعات :::

d فَوَائِدٌ مُخْتَارَةٌ مِنْ تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّازِعَات c
ــــــــــــــــ

[ما هي النازعات؟ وما الذي تنزع؟!]

يعني الملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار تنزعها (غَرْقًا) أي نزعاً بشدة.

***ــــــــــــــــ***

[ما هي الناشطات؟ وما الذي ينشط؟!]

(وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا): يعني الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين، تنشطها نشطاً: أي تسلها برفق كالأنشوطة، والأنشوطة: الربط الذي يسمونه عندنا (التكة) أو ما أشبه ذلك من الكلمات، يعني يكون ربطاً بحيث إذا سللت أحد الطرفين انفكت العقدة وهذا ينحل بسرعة وبسهولة، فهؤلاء الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين تنشطها نشطاً أي: تسلها برفق.

***ــــــــــــــــ***

[لماذا كانت صفة الملائكة التي تقبض أرواح الكفار تدل على النزع بشدة، بينما صفة الملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين تدل على النشط بخفة؟!]

سبب ذلك أن الملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار إذا دعت الروح إلى الخروج تناديها بأقبح الأوصاف تقول الملائكة لروح الكافر: اخرجي أيتها النفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث، اخرجي إلى غضب الله، فتنفر الروح لا تريد أن تخرج إلى هذا، وتتفرق في الجسد حتى يقبضوها بشدة، وينزعوها نزعاً يكاد يتمزق الجسد منها من شدة النزع.
أما أرواح المؤمنين ـ جعلني الله وإياكم منهم ـ فإن الملائكة إذا نزلت لقبضها تبشرها: أخرجي يا أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب أخرجي إلى رضوان الله ، فيهون عليها أن تفارق جسدها الذي ألفته فتخرج بسهولة[1].

***ــــــــــــــــ***

[هل كراهية الموت تعني كراهية لقاء الله سبحانه وتعالى؟!!]

قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ).
قالت عائشة: يا رسول الله إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ.
فقال: (لَيْسَ ذَلكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)[2].
لأنه في تلك اللحظة يرى أنه سينتقل إلى دار أحسن من الدار التي فارقها فيفرح كما يفرح أحدنا إذا قيل له أخرج من بيت الطين إلى بيت المسلح القصر المشيد الطيب، فيفرح فيحب لقاء الله، والكافر ـ والعياذ بالله ـ بالعكس إذا بشر بالغضب والعذاب فإنه يكره أن يموت، يكره لقاء الله فيكره الله لقاءه.

***ــــــــــــــــ***

[مَنْ الأقـوى بين الثلاث: الإنسان، الجن، الملائكـة؟ وما الدليل على ذلك؟!]

قال الشيخ رحمه الله تعالى بعد إقسام الله سبحانه ببعض الملائكة الكرام وأفعالهم:
الملائكة أقوى من الجن، والجن أقوى من البشر، انظر إلى قوله تعالى عن سليمان: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) [النمل: 38 ـ 40]، يعني إذا مددت طرفك ثم رجعته فقبل أن يرجع إليك آتيك به (فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) في الحال رآه مستقراً عنده (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) قال العلماء: إنه حملته الملائكة حتى جاءت به إلى سليمان من اليمن، وسليمان بالشام بلحظة فدل هذا على أن قوة الملائكة أشد بكثير من قوة الجن، وقوة الجن أشد من بني آدم ؛ لأنه لا يستطيع أحد من بني آدم أن يأتي بعرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام إلا مدة طويلة، فالحاصل أن الملائكة تسبح بأمر الله عز وجل بما يأمرها به.

***ــــــــــــــــ***

[لماذا حديث موسى عليه السَّلام أكثر ذكرًا في القرآن الكريم مع أنَّ نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّم هو خاتم الأنبياء؟!]

حديث موسى عليه الصلاة والسلام ذكر في القرآن أكثر من غيره؛ لأن موسى هو نبي اليهود وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم، فكانت قصص موسى أكثر ما قص علينا من نبإ الأنبياء وأشملها وأوسعها.

***ــــــــــــــــ***

[فائـدة بلاغيـة: التشويق غرض من أغراض أسلوب الاستفهام في القرآن الكريم]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى):
تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.

وأيضًا قال رحمه الله تعالى عند الآية (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى):
الاستفهام هنا للتشويق، تشويق فرعون أن يتزكى مما هو عليه من الشر والفساد، وأصل الزكاة النمو والزيادة، وتطلق بمعنى الإسلام والتوحيد.

***ــــــــــــــــ***

[ما الفرق بين الخشية والخوف؟!]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قوله عَزَّ وَجلَّ: (فَتَخْشَى):
أي فتخاف الله عز وجل على علم منك؛ لأن الخشية هي الخوف المقرون بالعلم، فإن لم يكن علم فهو خوف مجرد، وهذا هو الفرق بين الخشية والخوف.
الفرق بينهما أن الخشية عن علم قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: 28].
وأما الخوف فهو خوف مجرد ذعر يحصل للإنسان ولو بلا علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه لا حقيقة له، قد يرى في الليلة الظلماء شبحاً لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم.

***ــــــــــــــــ***

[فائـدة منهجية: تنوع معجزات الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام ومناسباتها مع ما يسود البيئات من علوم ومعارف]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى):
قال أهل العلم: وفي عهد عيسى صلى الله عليه وآله وسلم انتشر الطب انتشاراً عظيماً، فجاء عيسى بأمر يعجز الأطباء، وهو أنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برىء، إذا جيء إليه بشخص فيه عاهة أي عاهة تكون مسحه بيده ثم برىء بإذن الله (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) مع أن البرص لا دواء له لكن هو يبرىء الأبرص بإذن الله عز وجل، ويبرىء الأكمه الذي خلق بلا عيون، وأشد من هذا وأعظم أنه يحيي الموتى بإذن الله، يؤتى إليه بالميت فيتكلم معه ثم تعود إليه الحياة، وأشد من ذلك وأبلغ أنه يخرج الموتى بإذن الله من قبورهم، يقف على القبر وينادي صاحب القبر فيخرج من القبر حيًّا، وهذا شيء لا يمكن لأي طب أن يبلغه، ولهذا كانت آية عيسى في هذا الوقت مناسبة تماماً لما كان عليه الناس.
قال أهل العلم: أما رسول الله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم فقد أتى إلى العرب وهم يتفاخرون في الفصاحة، ويرون أن الفصاحة أعظم منقبة للإنسان فجاء محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم، بهذا القرآن العظيم الذي أعجز أمراء الفصاحة، وعجزوا عن أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88]، يعني لو كان بعضهم يعاون بعضاً فإنهم لن يأتوا بمثله.

ـ يتبـع إن شاء اللهُ تعالى ـ

ـــــــــــــــ
[1] أخرجه الإمام أحمد: في المسند (287/4)، وأبو داود: كتاب (السُّنَّة)، باب المسألة في القبر (4753) ، والحاكم (37/1) وقال : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
[2] أخرجه البخاري: كتاب (الرقاق)، باب (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه)، (6507).
رد مع اقتباس