الحج عباده وميدان دعوه
أما من لديه علم ويعلم ما عليه الفتوى ويعرف أقوال أهل العلم ويتجنب الأقوال الشاذة، فهذا فعه لإخوانه فيما عمله من المسائل بحجته أو بإحالته على من قاله من أهل العلم فهذا لاشك أنه من تيسير الفتوى على الناس.
أيضا مما ينبغي التنبه له في الحج أنْ نحفظ ألسنتنا في الحج من القيل والقال، والقيل والقال والغيبة والبهتان إذا كان موجودا قبل الحج فإنه لا يجوز أن يكون في الحج، إذا كان موجودا بظلم من الناس واكتساب للمحرم من نيل بعضهم ببعض، حتى صالح من صالح، وشخص طيب من آخر أيضا مثله، وهذا يغتاب هذا وهذا ينم على هذا إلى آخر ذلك.
فإن الحج ميدان لأن نربي فيه ألسنتنا وأعمالنا على أن لا نقول ولا نتصرف إلا على وفق الشرع، هناك أهواء متعددة وهناك آراء مختلفة؛ ولكن لا يجوز أن جعل هذه الأهواء مسيطرة علينا وحكم على الشرع، الله جل جلاله قال ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾[النساء:114]، فقط، هذا هو الذي فيه الخير: صدقة أو معروف وهو ما عرف حسنه في الشرع أو إصلاح بين الناس، وأما ما عدا ذلك فهو عليه وقد تدخل في أن تكون من أهل الفسوق؛ لأن الفاسق اسم فاعل الفسق وهو ضد الصلاح، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة.
لهذا لابد من ضبط اللسان في أن لا تتكلم في أحد إلا بما أُذن به في الشرع، تتكلم في مدح في الثناء عليه حتى ترغب الناس على الخير هذا طيب، أما الغيبة أما البهت أما القيل والقال، حتى ولو جعل ذلك في لباس الديانة، فإن هذا ينبغي التخلص منه في الحج إلا ما كان منه مما أذن فيه شرعا فإن هذا مطلوب في كل وقت، قال جل وعلا ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾[الإسراء:53].
ولاحظ قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لمن قال له: يا رسول الله أوصني. قال «لا تغضب» قال: أوصني، قال «لا تغضب»، والغضب يكون ابتداء، ويكون أكثر عند الحوار وعند النقاش وإذا غضب المحاوِر أو المحاوَر أو غضب الاثنان اللذان يناقشان المسألة، فإن الغضب يجعل المتخاصمين يسيران إلى غير الصواب، والقاضي لا يقضي وهو غضبان.
كذلك من يجادل فيغضب فلا بد أن يحيد قليلا أو كثيرا، فلهذا إذا تناقشت مع أحد فاضبط نفسك مع هذه القضية العظيمة «لا تغضب».
وفي الحج قد يأتي من يطعن فيك أو يطعن في العلماء أو يطعن من يطعن أهل البدع والضلال ولكن عليك بان تضبط نفسك بأن لا تغضب، فما نجح غاضب في الحوار قط.
ولهذا أوصي بأن تعوِّد نفسك على عدم الغضب، وإذا أردت أن تناقش أو تحاور أخا في الحج فإن الغضب قد يؤدي إلى هُجِر من القول، ثم قد يؤدي إلى قول سيئ، ثم يؤدي إلى كبيرة، وهكذا فلا بد من الانتباه للسان في ذلك.
إذن الحج لاشك أنه عبادة عظيمة ولابد فيها من إخلاص القصد والنية لله جل جلاله، ويسعى المرء بعد ذلك في أن يُشهد نفسه وإخوانه المسلمين المنافع فيما ذكرنا من أمور الدين، وفيما يترتب عليه المغفرة للحاج ورجوعه مغفورا له ذنبه.
هذه كلمات ربما عند كثيرين منكم تفصيلات للواقع العملي كيف ننتقل وننتشر بالدعوة في الحج؛ ولكن هي توجيه لابد أن نسعى إلى إنفاذه؛ لأجل أن نحظى بالأجر العظيم وأن نكون ممن دعا إلى الله جل جلاله، ولا تنسَ أبدا قول الله جل جلاله ﴿مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إٍنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾[فصلت:33].
هذا وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعا ممن غفرت له الذنوب والآثام، وعظِّمت له الحسنات.
اللهم فاجعلنا من الأبرار.
اللهم من حج منا هذا العام فأرجعه من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
اللهم لا تؤاخذا إن سينا أو أخطأنا، واجعلنا اللهم من عبادك المتقين ومن الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
اللهم اختم لنا بالصالحات واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
المقدِّم: أسأل الله تعالى أن يثيب فضيلة الشيخ على هذا الموضوع الطيب وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة، إنه هو ولي ذلك والقادر عليه .
الأسئلة كثيرة لعل الشيخ إن شاء الله تعالى يجيب عليها بعد الأذان.
بعض الأسئلة أجاب عليها فضيلة الشيخ أثناء المحاضرة، ألا وهي أن بعض يقول إن هناك مجموعة من الشباب يجلسون بعد نهاية نسك من الأنساك يتحدثون عن العلماء ويغتابون بعض الناس، يقولون فلان أخطأ، فلان فيه كذا، فلان فيه كذا، أجاب الشيخ جزاه الله خيرا عن هذه المسألة.
والواجب على المسلم الداعية أن يتقي الله تبارك وتعالى:
فلا تذكر لي عورة مؤمن فكلك عوات والناس ألسنة
وأذكر أني حضرت مناقشة الدكتوراه للشيخ صالح الفوازن جزاه الله خيرا وكان المناقش عبد الله [...] رحمه الله تعالى فقال فضيلته: عندما تحدث المناقشون عن بعض الخطاء في الرسالة، قال فضيلته جزاه الله خيرا: أنه ليس هناك عالم تكلم إلا وأخطأ، قال أن صاحب المغني ذكر مسألة وذكر فيها حديثا وقال أما الحديث فقد ضعفه علماؤنا والحديث في صحيح البخاري....
هذا هو العدل والإنصاف، أما أن يحج المرء ويتكلم في أعراض الناس ويقع في العلماء فهذا أمر لا يجوز.
الشيخ: وأما ما يدل على ما ذكره الأخ أنّ الكلام في أهل العلم ما تجرأ عليه أحد إلا وخُذل، ولهذا قال الحافظ ابن عساكر في أول كتابه تبيين كذب المفتري: لحوم العلماء مسمومة وعادة الله -يعني وسنة الله- لهتك أستار منتقصيهم معلومة.
لم كان ذلك؟ لأن النيل من العالم ليس نيلا من شخصه، وإنما هو نيل لما حمله من العلم وإلا فلو لم يكن عالما وتخلى من العلم؛ يعني لو تصورت أنه أزيل عنه العلم وبقي فلانا بن فلان المعروف أو العالم المشهور بدون علم، لأصبح هذا لا يقع فيه؛ لكن لما حمله من العلم الذي يخالف ما عنده فإنه يقع فيه، وهذا لاشك أنه من الباطل.
وهذا مما نهى عنه السلف أشد النهي وتكلموا في ذلك أشد الكلام.
واستثنوا من هذا حالة، وهي فيما إذا كان التحذير من العالم تحذير من خطأ وقع فيه حكم عليه العلماء بأنه أخطأ فيه، مثل ما قال صالح بن كيسان ورويت أيضا عن الإمام أحمد فيما أذكر قيل له: إنك تتكلم في أناس من العلماء قد ماتوا، أفلا تخشى من ذلك؟ قال: ويحك ألا ترى أنفع لهم من أمهاته وآبائهم، ألا ترى كيف أحجز الناس عن أن يتبعوهم فيما أخطؤوا فيه فتعظم أوزار المتبع.
فهو يرى أن هذا الذي أخطأ فاتبعه الناس على خطئه أن من محبته أنه يبين أنه أخطأ حتى لا يتبعه الناس على خطئه فتعظم أوزاره؛ لأنه قد ثبت في الصحيح أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها أو وزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
فإذن الكلام في العلماء هذا حرام، ولا يجوز.
وإذا احتاج العالم، العالم وليس العامي والشاب، إذا احتاج العالم أن يبين خطأ عالم آخر، فعند العالم ضوابطه فيخطئه فيما أخطأ فيه نصحا للأمة لكن لا تراه يطعنه في سلوكياته التي لا علاقة لها بالمسألة التي أخطأ فيها.
مثلا تجد أن بعضهم أخطأ في مسألة علمية، أو في مسائل علمية، فتجد أن الذي يتكلم ويريد أن يحذر من خطئه، يتعرض إلى مسائل سلوكية يقول كان في صغره يفعل كذا وكان يلبس كذا وكان يحضر كذا، وهذا لاشك أنه مما لا يؤذن به شرعا كيف تنتقل من شيء لا نفع للناس فيه في أن تبين لهم عورته، أنت اطلعت أنه فعل في صغره عمل معصية كذا، وأخذت له صورة كذا، أو أنه في بيته كان له كذا أو إلى آخره. فتنشر هذا. ليس له علاقة في خطئه الذي أخطأ فيه في التوحيد أو في العقيدة أو في الفقه أو إلى آخره.
فإذن إذا تجاوز الناصح حد النصيحة المأذون بها شرعا في تبيين ما غلط به العالم، فإنه ينتقل من كونه ناصحا إلى كونه متعديا على حق أخيه المسلم، فيما إذا قال شيئا لا يُحتاج إليه في نصيحته، مثل الكلام على سلوكياته الكلام على أشياء لا علاقة لها بالآراء وما أشبه ذلك.
لهذا ترى أن الأئمة رحمهم الله تعالى، فيمن ردوا عليهم من معاصريهم لم يفضحوهم في شيء من أعمالهم، وإنما امتثلوا قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أو قال «أمسكوا عن موتاكم» أو كما قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ والحديث في البخاري «واذكروا محاسن موتاكم ولا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء» هذا في الصحيح .
فإذن هناك مسبة لا يؤذن بها وهي التي لا يتعلق بها نصيحة للأمة فيما تكلم به العالم.
فإذن هذه المسألة التي نبه عليها الشيخ لها ضابطان:
الضابط الأول: ألا تتكلم إلا فيما فيه نصيحة للأمة فيما تعلق به الخطأ الذي يخشى أن يتعدى للأمة هذا واحد.
والثاني: أن يتكلم العالم وأن لا يتكلم صغار طلبة العلم أو المنتسبين أو العوام يتكلموا في أخطاء الناس، وهذا يقول كذا وهذا يقول كذا؛ لأن هذا يربي في الناس نقد العلماء جميعا، هذا أخطأ في كذا وهذا أخطأ في كذا، وبالتالي لا يكون للدين ولا للعلم حرمة في القلوب بعد زمن.
فبهذا إذا أخذ بهذه الضوابط ألا ينتقد إلا عالم وأنه إذا انتقد وبين الخطأ لما فيه حاجة شرعية ماسة حفاظا على الأمة ونصيحة للأمة فإن هذا لابد منه، وما عدا ذلك فإنه لا يجوز لأحد أن يشغل نفسه بذكر أهل العلم إلا بالخير؛ لأن من ذكرهم بغير الجميل فهو على غير السبيل كما قال الطحاوي في عقيدته.
س1/ فضيلة الشيخ يغلط بعض الشباب الذين ينكرون المنكر بأسلوب يزداد فيه البلاء شدة ويزداد فيه لمنكر ولا يتغير في مثل هذه بعض الشباب يأخذون الكاميرات ويكسرونها مما يجعل المنكر يزداد فما توجيهم لذلك جزاكم الله خيرا؟
ج/ قاعدة مهمة في هذا وهي أن العلماء قرروا أن المسائل التي فيها خلاف قوي فإنه لا ينكر فيها المسلم على أخيه.
الخلاف قسمان-يعني في الفقهيات-:
خلاف قوي.
وخلاف ضعيف.
المسألة التي فيها خلاف قوي فلا يكن فيها إنكار، وهذا في مسائل كثيرة مثل أهل العلم بأمثلة نذكر منها مثلا في زكاة الحلي، من زكى أو لم يزكِّ، هذه المسألة فيها خلاف قوي فلا إنكار فيها ما يأتي واحد ينكر على أهله على أبيه أنه ما قال لأهله يخرجوا الزكاة أو القول الآخر، والذي كان عليه العلماء في هذه البلاد من قديم أن لا زكاة في الحلي كما هو معروف، والآن أفتى عدد من أهل العلم مثل سماحة الشيخ عبد العزيز حفظه الله الشيخ محمد بن عثيمين وغير أولئك بأن الزكاة فيها، فإذا كان في مثل هذه المسألة فيها خلاف قوي؛ يعني اختلف فيها المفتون عندنا وهم إنما يختلفون في المسائل التي فيها معه قوة من جهة الاستدلال وهنا لا ينكر هذا.
كذلك مسألة قراءة الفاتحة، وفي مسائل من أشباه ذلك.
منها مسألة التصوير الفوتغرافي فإن المفتين انقسموا منهم من قال إنه يحرم ومنهم من قال لا يحرم، وهؤلاء الذين أفتوا بعدم الحرمة فيه لهم حجة، وإن كان القول الصحيح عندنا أن جميع التصوير بأنواعه حرام؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن المصورين ونهى عن التصوير وهذا يعم جميع أنواع التصوير الذي يكون ثابتا، ولكن ما دام فيه خلاف لبعض المفتين في هذه البلاد الكبار الذي يصار إلى قولهم فإنك إذا أنكرت على ما يستعمل ذلك فإنك قد تنكر عليه أنه أخذ بفتوى ذلك العالم، وهذا يحصل فيه خلل في كثير من المسائل؛ لكن هنا يأتي مسألة الدعوة والبيان والنصيحة، بأنك تقول له أن هذا التصوير ما يجوز وتأتي له بالأدلة لعله أن يترك ذلك ويأخذ بالقول الصحيح فيها.
المسائل التي فيها خلاف قوي؛ يعني اختلف فيها المفتون عندنا، يعني مثلا الشيخ ابن عثيمين يفتي بشيء الشيخ ابن باز يفتي بشيء آخر، هذه المسألة يصير فيها خلاف قوي الإنكار فيها معناه أنك تنكر على من أخذ بقول هذا المفتي وهذا فيه تضييق، وليس ماشيا مع قواعد أهل العلم.
وإنما الإنكار يكون في المسائل التي الدليل فيها واضح أو التي الخلاف فيها ضعيف.
س2/ فضيلة الشيخ -حفظه الله- كيف أوفق بين القيام بإبلاغ ما لدي من علم ومعرفة وبين الالتزام بالتعليمات التي توجب الحصول على إذن من الوزارة أو من الجهة المسؤولة بالكلام والدعوة؟
ج/ الإذن مشترط للمصلحة العامة فيما فيه حديث مع أمام الناس.
أما إذا أردت أن تمارس الدعوة وتقوم بهذا الواجب في بيتك ومع زملائك وفي المخيمات المجاورة لك؛ تذهب وتنصح هذا وتدعو هذا، فهذا مطلوب منك في كل مكان وفي كل زمان.
لكن أن تتصدر وتوجه الناس على كرسي أو تجلس ويجتمع حولك جماعة أو تذهب إلى المساجد فتتكلم أمام العامة، فهذا لاشك يحتاج إلى إذن، واشتراط هذا الإذن قديم لأجل أن تتحقق المصلحة العامة بأن لا يوجه الناس إلا من علم علمه وتحريه للصواب فيما يذكر.
أما في جهدك الخاص فيما تدعو فهذا في كل مكان، تجلس في الطائرة، أنت داعية، تجلس في السيارة أنت داعية، تجلس في بيتك، أنت داعية في كل مكان، أنت داعية بقولك أو بفعلك لابد، قولك محسوب عليك وحركتك محسوبة فلابد أن تنتبه لهذا .
س3/ فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لعل من أهم الأسباب التي يجب توفرها حتى يشهد الناس في الحج منافع سواء في العقيدة أو العبادات والمعاملات أن تقوم الجامعات لا سيما التي تعنى بالدراسات الإسلامية اختيار مجموعة من طلابها وتزويد المؤسسات بهم للقيام بشرح العقيدة وتوضيحها للحجاج، هل لكم توجيه على ذلك؟
ج/ هناك ترتيب قديم منذ كانت أمور الحج في الدعوة في الداخل أو تبع للرئاسة العامة بإدارات البحوث العلمية والدعوة والافتاء والإرشاد ترتيب أنه ينتخب مجموعة من جميع الجامعات ومن أساتذة الجامعات للمشاركة في الحج ليقوموا بالدعوة دعوة الحجاج في أماكنهم في المراكز وكذلك في المخيمات وفي أماكن الطوافة إلى غيره، كذلك الهيئات يذهب الإخوان في الهيئات إلى المشاعر وإلى غيرها في المواقيت وغيره ويمارسون واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل سنة يحصل هذا مثل هذا العام فيه نحو من ثلاثمائة وثلاث وأربعين من الدعاة المشاركين من الجامعات المختلفة ومن وزارة المعارف من الأساتذة المدرسين في الوزارة يشاركون في الحج، وهناك ضوابط لهم وموضوعات نوقشت معهم في أن يؤدوا واجب الدعوة بمؤسسات الطوافة وكذلك في مراكز الدعاة وكذلك في المساجد وبرامج تمتد تقريبا شهرا من 20-11- إلى 20-12 وهناك بذل في هذه الجهة ومنتخب كثير ولله الحمد يأتون ويقومون بهذا الواجب.
لكن ليس هذا الشّأن الشأن أن تنطلق أنت فيما عندك من القدرات وتعمل في ذلك ولاشك أنك إذا جربت فإنك ستجد المجال رحبا واسعا.
واحذر من أن تسوف وأن يغرك الشيطان بأن تلقي اللائمة على غيرك دون عمل، فهذا من إغراءات الشيطان العظيمة في كل زمن وفي هذا الزمن عظمت عند كثيرين يلقي باللائمة على غيره وهو لا يعمل شيئا وهذا غير مقبول.
فالميدان كبير جدا في الدعوة وتبدأ أنت هنا أو تبدأ في الحج أو تبدأ في المشاعر مع الحجاج أو مع من يريد الحج، بالطبع مثلا بالكتيبات صغيرة وتوزيعها في العقيدة أو في العبادات وفي الأذكار أو نحو ذلك تبدأ أنت توزعها بما تريد وتشرح ذلك بحسب ما يتهيأ لك؛ لكن بشرط أن تكون متحققا بالعلم، أما إذا كان العلم عندك قاصرا فلا ترقى تلك العقبة فإنها كؤود.
س4/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعض الحملات يقومون ببعض النشاطات في الدعوة للتعليم، ومن ذلك ما يقوم به البعض الحملات من عرض المسرحيات أو مشاهد في .....، فما رأيك في هذا الأمر؟
ج/ إذا كانت هذه الموجودة في بعض الحملات مثل الذي يُعرف أنه المسائل الموجودة في بعض المدارس ونحو ذلك على تلك الهيئة، فهذا لا يصلح أن يكون في الحج لأن هذه تنقل المُشاهد لهذا إلى شيء من الجو الغير مناسب للحج بما يتذكر فيه رؤية المسرح ورؤية كذا وكذا، فإن كان أمرا خيرا لكن تنتقل نفسيته إلى شيء آخر غير جيد.
يمكن التعليم فيه على غير أ يكون مسرح أو غيره بأن يكون اثنان يقومان بشرح تعليم الحج أمام الناس بدون أن يكون له صفة المسرحية والإعداد الذي يكون معروف؛ يعني إعداد حوار معروف وحضور على شكل معين وبداية ونهاية إلى آخر ذلك، يكون على شكل دعوة وتشرح لمجموعة من الناس كيف يكون مثلا يكون الاضطباء كيف تكون الصلاة في مكان معين مثلا كيف تكبر كيف تركع الركوع الصحيح كيف تبدأ كيف تحاذي الحجر الأسود إلى آخره، كيف ترفع يديك على الصفا، كيف ترفع يديك على المروى، وأشباه ذلك، وبما لا يكون معه صفة المسرحية .
أما صفة المسرح ونحو ذلك فهو مما ينبغي تنزه الحجاج عنه وتنزيه الحملات عنه؛ لأنه يجعل الحاج متصلا بما كان عليه قبل الحج من أمور المسرح، وهذه ربما يكون له في داخله تذكرات غير محمودة.
س5/ فضيلة الشيخ بعض النساء اللاتي يحضرن من بعض الدول بلا محارم هل في دعوتهن حرج عن الضوابط الشرعية، مع العلم أن بعضهن قد يكون غير متحجبة فه نستغل الفرصة في دعوتهن كذلك عند عدم وجود نساء داعيات ؟
ج/ إذا لم يكن هناك خلوة في مجموعة من النساء، مثلا تتكلم في أتوبيس في مكان ويكون فيه شيء من الستر وأنت لا تباشر المرأة عينك بعينها ويكون معها محرم، فهذا من التعليم لا بأس به؛ لكن إذا كان هناك خلوة أو كان هناك مباشرة للرؤية ونحو ذلك، فهذا يمتنع منه إلا مع وجود ساتر وأشباه ذلك.
س6/ فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف ننكر على أهل البدع والشرك من الرافضة وغيرهم، هل ينكر عليهم مع العلم أنهم مقرون بذلك، أي بذلك المنكر، مثل دعاء فاطمة وعلي وغيرها من البدع والشرك؟
ج/ هذا من المنكرات العظيمة، فمن سمع ذلك وجب عليه أن يعلم وأن ينكر.
والتعليم مهم لأن به بيان الحق وإيضاح الأدلة، والإنكار إعلام بأن هذا منكر، فقد يفهم منه أنك من أهل السنة وهم الشيعة وهذا عقيدة وهذا عقيدة، لكن إذا بينت الأدلة صار هناك شيء من إيضاح المقام بحجته الشرعية لعل الله جل وعلا أن يجعل في قلبه خيرا.
وهذه الطائفة وأشباه أولئك ممن عندهم الشركيات الكبرى، مثل كثير من الطوائف أيضا المنتسبة للسنة في المسلمين من عبّاد القبور والأوثان والمشاهد وأشباه هؤلاء، إذا سُمع منهم الأشياء الشركية هذه والدعوات التي هي من دعوات الشرك الأكبر أو فيها دعاء غير الله جل وعلا أو استغاثة بغير الله أو طلب المدد من غير الله أو ما أشبه ذلك، فإنه يجب عليك أن تُعلّم وأن تقيم الحجة وأن توضح، وأن تصبر على ذلك فالدعوة ميدانها عظيم؛ ولكن يجب على من سمع ذلك أن ينكره، فإن كان يرى أن المقام يمكنه معه أن يعلم فيكون لتعليم، ثم بعده إذا لم يستجب فيكون هناك إغلاظ وشدة وإنكار.
وإذا كان لا يتيسر له التعليم في مقام سريع فينكر عليه ويغلظ عليه وهو ماشي، وفي هذا تبرأ ذمته.
ومن رأى شيئا منكرا أمامه مثل واحد يدعو بدعوات فيها الشرك بالله جل وعلا فيجب عليه أن يُسكت ذلك؛ لأن هذا من المنكر العظيم.
لكن تنتبه إلى أن الرافضة قد يقول القائل منهم يا علي، وإذا قيل له أنك لا تستغيث إلا بالله. قال العلي من أسماء الله فأنا أدعو العلي الذي هو الله جل جلاله، وربما كان مهم في الماضي من قال ذلك، حينما قيل لا تقل يا علي قال العلي هو الله جل وعلا فأنا أنادي رب العالمين.
فتنتبه إلى الموقع الذي تتحدث فيه فهناك أشياء ينبغي منك أن تستفصل تنتبه إلى المراد بالكلام ثم بعد ذلك تعلم أو تنكر بحسب المقام.
وهذا من الأمور الواجبة في هذا الزمن الذي شاع فيه ترك الغيرة على التوحيد وعلى دين الله والله المستعان.
س7/ فضيلة الشيخ حفظه الله ما هي الكتب التي يرى فضيلتكم توزيعها في الحج؟
ج/ الكتب كثيرة لكن السائل إذا كان عنده مجموعة من الكتب يريد أن يستشير فيها يأتي بها إلي أو إلى أحد الإخوان هنا ويرشدوه إلى الكتب المناسبة.
س8/ فضيلة الشيخ ما رأيكم في قول القائل لنجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه؟
ج/ هذه الكلمة سُئل عنها العلماء، وسئل عنها من سئل كثيرا، وترددت كثيرا.
وكنت أظن أن مثلها أصبح واضحا يعني الكلام في هذه الكلمة، وأنها أصبحت من الواضحات في بيان معناها وبيان أنها غلط على الشريعة، وأنها ليست من كلام المتبعين للسلف الصالح.
لكن لتأكيد المقام ولمزيد إيضاح، فإن هذه الكلمة معنى ألفاظها:
(نجتمع فيما اتفقنا عليه) هنا ما اتُّفق عليه من أمر الدين أو من أمر الدنيا يجتمعون عليه ويعين بعضهم بعضا عليه.
وهذا الذي اجتمعوا وليس معناه أجمعوا عليه، اجتمعوا عليه، قد يكون اجتماعا على غير الحق، وقد يكون اتفاقا على غير الحق، فما اجتُمع عليه لابد أن ينظر إليه بالمنظار الشرعي هل ما اجتمع عليه صحيح شرعا فقد يجتمع على شيء باطل شرعا.
فإذن هذا الجزء الأول (نجتمع فيما اتفقنا عليه) الاجتماع فيما اتفق عليه مثل ما ذكرت لك يحتمل أن يكون المتفق عليه فيما بينهم على ضلالة.
مثل مثلا أن يأتي ناس من أهل السنة من المتصوفة ويجتمعون مع أناس من الشيعة ويجتمعون مع أناس فئة أخرى، ويتفقون على قدر من التصوف، هذا القدر؛ لأنه خرجت عنهم طائفة أهل السنة والجماعة وأتباع السلف الصالح فلا شك أن هذا القدر سيكون خارجا عن المنهج الصحيح، فسيجتمعون على أمر غلط، وقد اتفقوا عليه ولكن اتفقوا على أمر بدعي غلط.
فإذن (نجتمع فيما اتفقنا عليه) صحيح إذا كان المتفق عليه صحيح شرعا قد أقر بأنه صحيح شرعا أئمة أهل السنة والجماعة في كتبهم وعقائدهم وكلامهم.
والقسم الثاني (ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه).
المختلف فيه أقسام ليس قسما واحدا، فالمختلف فيه:
3[القسم الأول] منه ما لا يجوز أن يختلف فيه، مثل الخلاف في حال الاستغاثة بغير الله شرك أو غير شرك، فهذا مختلف فيه صحيح بعض العلماء حسّن هذا ولكن لا عبرة بالخلاف في هذا؛ لأن الخلاف في هذا مخالف لأن الخلاف في هذا مخالف للقرون الثلاث المفضلة ولما أقره الأئمة في شرحهم للقرآن للتفسير ولكتب السنة في قرون المفضلة، هذا إذا قام هناك اختلاف فيه فلا عذر فيه؛ لأن الاختلاف اختلاف باطل والحق واحد وغيره باطل بيقين.
فنعرف أن التوحيد الخالص هو الصواب والحق وأن ما عداه باطل قطعا.
فهذا لا يجوز أن يعذر بعضنا بعضا في الخلاف فيه، فلا نعذر القبوري في قبوريته، ولا نعذر الرافضي في رافضيته، ولا نعذر الإسماعيلي في إسماعيليته، ولا نعذر كذا وكذا من الطوائف الضالة القادياني أو البهائي فيما ذهبوا إليه؛ بل نضللهم في ذلك ويكون بيننا وبينهم في ذلك ما بين أهل الحق وأهل الباطل، ولا يمكن أن نجتمع معهم، ولا أن يعذر بعضنا بعضا في تلك المسائل التي اختلفنا فيها معهم؛ لأنه معناه يجتمع الناس على كل شيء، وهذا به انجراف الديانة وذهاب صفاء الملة وديانة التوحيد.
3 القسم الثاني من المختلف فيه أن يكون الاختلاف فيه قوي، وهذا يصح -كما ذكرت- أن يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، إذا اختلفنا أنا وأنت في أشياء وكان لخلاف قويا لك أنت منزع من الأدلة وأنا لي منزع من الأدلة، هذا القول الذي قلت به أو ذهبت إليه قال به جماعة من أئمة أهل السنة، وقال آخرون بقول آخر فذهبت إليه، فهنا يصبح الخلاف قويا كمن ذهب إلى أحد القولين فلا ينكر عليه، وإنما تصبح المسألة مسألة حجاج وبيان للحق؛ في هل يقتنع المقابل أو لا يقتنع.
هذه يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه؛ لأن الخلاف فيها قوي والصحابة اختلفوا في مسائل وعذر بعضهم بعضا، فقد قال الإمام أحمد في شأن إسحاق بن راهوية: إسحاق يصاحبنا وإن كان يخالفنا في مسائل.
3القسم الثالث مسائل الخلاف فيها ضعيف، هناك خلاف فيها؛ ولكن الخلاف فيها ضعيف، فهنا الإنكار فيها واجب بقاء لقوة الحق في مسائل، وهنا إعذار بعضنا بعضا يختلف بحسب المسألة التي الخلاف فيها ضعيف، إذا كانت من مسائل الفروع، فهنا يحصل هناك اجتماع ولو مع هذا الخلاف الضعيف، وإذا كان في مسائل من الأصول؛ بمعنى أن هذا الخلاف الضعيف يرجع على أصل من أصول العقيدة بإضعاف فإنه لا يعذر بعضنا بعضا فيه.
فتحصل من هذا التقسيم الثلاثي أننا نقسمه باعتبار آخر إلى قسمين:
• خلاف في العقيدة.
• وخلاف في الفروع.
الخلاف في العقيدة لا عذر فيه، إذا كان في أصول العقيدة.
والخلاف في الفروع يعني في الفقهيات نقسمه:
إلى خلاف قوي، وإلى خلاف ضعيف.
والخلاف القوي والخلاف الضعيف لا يكون معه منابذة منافرة؛ ولكن في الخلاف الضعيف ينكر ويبيَّن فيه ما يجب بيانه.
نخلص إلى أن الكلمة هذه غلط في معناها وكذلك ألفاظها تدل على معاني أوسع مما ذكرت مما لا يكون مطابقا ولا موافقا لمنهج المتبع للسلف الصالح.
س9/ تقول إنها إمراة متدينة ولله الحمد؛ ولكنها تعيش من أناس لا يشهود صلاة الفجر فإنهم لا يصلون في الجماعة كيف تتعامل معهم جزاكم الله خيرا، وأحيانا أغضب عليهم ويغضبون علي فما حكم هذا الغضب؟
ج/ يجب المواصلة في النصيحة وأن تقومي بواجبك كل ليلة بأن توقظيهم للصلاة، وإذا أوقضوا للصلاة فأبوا مع رجوع الشعور لهم، فتكون قد أديت الذي عليك والحمد لله.
ولكن لا تيأس المرأة من إيقاظ زوجها أو إيقاظ إخوانها أو إيقاظ أبيها بالأسلوب الحسن الذي لعلهم معه أن تنفتح قلوبهم للحق وأن يتخلصوا مما يكون مع عدم القيام بهذا الواجب العظيم وهو القيام للصلاة في وقتها مع الجماعة في المساجد.
وأما الغضب الذي ذكرته السائلة، فإن الغضب إذا ل يكن في أمر لها حق فيه فليس لها أن تغضب، وإذا كان الغضب لأجل الشرع أو المصلحة الشرعية فإنها معذورة فيه، وقد تؤجر عليه لكن تنظر هل الغضب هذا سيجعل أولئك سيصدون عن طريقتها في النصيحة وعن الإلزام بالدين أو لا؟
فإن كان لا يصد والغضب سيؤتي بنتيجة فهذا جيد.
وأما إذا كان لم يأت معه نتيجة فإنها تتركه ولو غضبت في داخلها، فكظم الغيظ طيب والصبر وعدم الحزن مأمور به.
أعاننا الله وإياها على الخير والهدى .
س10/ أنا إمرأة ولها ولد في سن المراهقة.... ولكنه بدأ يشتكي من هذا الشيء... التلفاز ....من المعاصي كيف أتعامل معه هل أضربه وأزجره أم ماذا ؟
ج/ هذا من البلاء الذي ينبغي للوالدين أن يتعاملا معه بحِسْنَةٍ وسكينة وهدوء؛ لأنه في هذا الزمن يخشى من لقسوة ألاَّ يأتي معها النتيجة المرجوة.
صحيح أن القسوة أحيانا تنفع لكن أحيانا لا تنفع وخاصة في سن المراهقة وهي من تقريبا العاشرة إلى الخامسة عشر، فلهذا على الوالد وعلى الوالدة أن يتعاملا معه بحكمة وأناة وأن يحبب له الخير شيئا فشيئا.
ومن الأساليب الجيدة أن يبحث له عن صديق أو عن أصدقاء فيهم صلاح، وأن يغري الوالد أو الوالدة ابنهما بأن يصحب هذه الرفقة الصالحة، ولو أغروه بمادة أو أغروه بكذا وكذا فإن هذا من الأمر المحبَّب للنفوس ربما يصلح معه؛ لأن الغالب لأن الشباب لا يصلحهم إلا من هو من أمثالهم.
|