الجواب عن قول بعضهم انا مقاطع للوالدين فترة لكي لا تترتب مفسدة من العقوق بوصلهما
لا ارد على اتصالهما ولا اصلهما
أو واحد منهما......
بسم الله الرحمن الرحيم
ان من تلبيس ابليس ماسمعته من بعض المقاطعين لاحد والديه قائلا إني اخشى لو وصلته وبررته منكر أكبر فقد يشتد علي باللوم او يعزرني بكلام فارد عليه فيكون العقوق بالرد اشد من مجرد القطيعة فابقى حينئذ مقاطعا له حتى يطيب خاطري فاستطيع اتبسم واطلق وجهي بوجهه ......فاحقق كمال البر.......الخ
والجواب عن هذا من وجوه عدة :
اولا :القطيعة وترك الرد على الوالدين ومصاحبتهما معروفا في الدنيا وخاصة اذا دعا الوالد ابنه ان يجيبه وناداه عقوق متيقن
والعقوق من أكبر الكبائر لان فيه ادخال الحزن على قلب الوالدين بالهجر والقطيعة ...وهومتفق على تحريمه بلا شك
والقول بانه سيقع منكر أكبر بالوصل من العقوق والصلة بالتوبيخ فقد لا اتمالك نفسي محتمل فيحتمل حصول ذلك بل قد يكون وهم فلا يقدم محتمل على متيقن كما لايجوز العلاج بالخمر لانه محتمل الشفاء والخمر متيقن...ولافك السحر بالسحر لان التحريم بهذا العلاج متيقن التحريم...
الثاني: أنه يجب اصلا على الولد ان يجاهد نفسه ....
وقوله لا استطيع لا يسلم ...للمكلف البالغ العاقل الطبيعي لان الله لا يمكن ان يكلف الناس ما لا يطيقون قال تعالى " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا "فكلف سبحانه بالبر والصلة والتحمل والاحسان ومجاهدة النفس وبذل اقصى الطاقة في ذلك ووعد من فعل ان يهديه فقال والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا....
الثالث :اي مقتضي للهجر اشد من الشرك !!ومع ذلك أمر سبحانه بوصلها مع الشرك وصاحبهما في الدنيا معروفا فكيف بما دونه...ولذلك سئل ابن تيمة شخص بالشام فقال امي تقيم مع رجل بشقته بالحرام فهل اصلها فقال لو قارفت الشرك يجب وصلها وبرها فكيف بما دونه....
الرابع :لابد تأكيدا على ماسبق من مجاهدة النفس لتحصيل هذا المقصد العظيم الذي جعل في الفضل بعد التوحيد الا وهو بر الوالدين قال تعالى: " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا " اي اذا اتبعوا اهواءهم ولم يجاهدوا ..لايهديهم وفي الحديث المجاهد من جاهد هواه في سبيل الله.....
الخامس :غالب مشكلات من يقول مثل ذلك يكون امر الدنيا واستحواذ الشيطان وهل هو مقدم على امر الدين كلا...ففي الحديث الصحيح " اطع والديك وان امراك ان تخرج من مالك " وقال " أنت ومالُك لأبيك" وقال " الوالدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ فإن شئتَ فأضع ذلِكَ البابَ أوِ احفظْهُ" يعني بره والصبر عليه وبذل الجهد في ذلك يؤهل لآعالي الجنة
فان كنت لاعقل لك فاهمله...وان شئت فقم ببره وصلته...فلاسبيل لاغضابهم ولو اخذا مال الولدكما في الحديث وان امراك ان تخرج من مالك فكيف ولم يصل الامر لذلك....
السادس:قال ابن القيم اذا اردت ان تعلم كيف سيعاملك الله فانظر كيف تعامل خلقه : فاذا كنت يعني تسيء الظن ولا تعذرهم وتتأول التأويلات الفاسدة في قطيعتهم كقول هذا الشخص اقاطعهم لان المفسدة في وصلهم اكبر!! فسيسلط على مثله ما يسمونه عذاب رايه في خلقه كولده او من يعز عليه من اصحابه او اخاه وسيعتذر له حينئذ بنفس العذر البارد الذي تهاون في اسقاط الحق من اجله...
وصاحب هذا القول يقال له نراك تمسك بنفسك واعصابك مع مدراءك ومدرسيك بالجامعة كي لا تذهب دنياك فلن تقاطع معلمك تأكيدا سواءا كنت بالجامعة او مديرك بالشركة او الحكومة من اجل دنيا تصيبها ولو جاء بأكثر مما يفعله الوالد معك من توبيخ وتأديب يراه مناسب قد ضايقك
فلن تقاطع مديرك ومعلمك.. قطعا....تقول مضطر!!
واضطرارك للآخرة أشد
كيف وفي صحيح البخاري حديث يدل على أن القطيعة والعقوق أشد وهو حديث اكبر الكبائر الشرك ثم ذكر...عقوق الوالدين ولم يقل حتى في الزنا اكبر الكبائر عياذا بالله
قال تعالى " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا "
وقال...( وصاحبهما في الدنيا معروفا )
وقد يحتج بعض الجهلة بأثر لعمر لا تعرف صحته أصلا وهو انه استدعى ولد يعق والده...فقال ما حق الولد على الوالد فذكر حقوقا فقال لم يوفيناها ابي....لم يحسن اسمي ولم يعلمني القران وتزوج مجوسية
وهذا في غاية العجب فهل الولد حينئذ يجوز بمثل هذه الاثار اهدار الحق الواجب لوالد هو في القران المتواتر ان الوالد اذا لم يقم بحق الله كليا وهو الشرك تجب صلته فكيف بحق البشر وهو ولده...ان هذا الا اختلاق وتلبيس من الشيطان في دين الواحد الخلاق...
اللهم اتي نفوسنا تقواها زكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها
وكتبه /ابوعبدالله ماهر بن ظافر القحطاني