ملخص لما جاء فى كلمة بعد صلاة الجمعة وليس تفريغ كامل لما فيها
02/01/1439
للشيخ ماهر بن ظافر القحطانى حفظه الله
مسئلة عظيمة قام عليها سوق الجنة و النار و تمايز الناس بها عند الله بين من كان تقيا و من كان من الفجار فكم ذكرت القول الحق بدليله الصحيح لأشخاص تعرفهم و تتعجب ما سبب إعراضهم و عدم قبولهم للحق
الحق من أسماء الله و هو ما دل عليه الدليل من الكتاب و السنة الصحيحة بفهم السلف الصالح أنه حق وهذا هو المقصود به شرعآ أما في أمور الدنيا فيقصد به الشيء الصحيح
ثانيآ : حكمه واجب الإلتزام به
و هذا دليل على وجوب طلب العلم لأن الشريعة ألزمتك بإتباع الحق و نهتك عن الباطل الذى هو ضده و لا يعرف ذلك الا بطلب العلم
مثل أن يقول لك ناصح في سفرك ان هناك خمس طرق ستقابلك منهم طريق واحد فقط الذى سيصل بك لما تريد فالعاقل حينها لابد ان يتعلم بدقه هذا الطريق الموصل و صفته حتى لا يضل الى غيره و لذلك فلا عقل و لا دين لمن لم يطلب العلم المعرف بالحق و الباطل
ولهذا ضل الكثير من الناس الطريق لإعراضهم عن طلب العلم و هذا مصداق قوله تعالى " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ " (الأنعام اية 116) و لذلك سمى الله النصارى بالضالين و أشد منهم من تعلم الحق و لم يعمل به كاليهود الذين سماهم الله المغضوب عليهم و جعل منهم القردة و الخنازير
أما الصحابة و هم من أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بإتباعهم فهم على الصراط المستقيم فكانوا يطلبون العلم الحق من مصدره الصحيح و يعملوا به فصحبوا النبى صلى الله عليه وسلم و لم يجالسوا المنافقين و اليهود مع ما عندهم من إغراءات دنيوية فليسوا كما نرى الآن من دعاة افتتنوا بالدنيا
لا يعرف بالإلهام و لا يورث عن الأعمام و لا يعرف بالرؤى في المنام و إنما يعرف بطريق واحد كما فعل الصحابة بالتزامهم الصراط المستقيم و تعلموا ما نزل به الوحى و عملوا به فتركوا طريق المغضوب عليهم و الضالين ولذلك أمرنا الرب أن ندعوه بهذا فقال " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ "
رابعآ : طلب الحق لا يكون عشوائيا
· فلابد لطالب الحق من نية صادقة في طلبه
فليس للعبد حيلة لمعرفة الحق الا بطلبه بإخلاص من الله ليرشده كما قال تعالى " وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ "
· و لابد من طلبه عند أهله
لقول الله تعالى " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "( النحل 43)
و قوله تعالى " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى° أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " (النساء 83)
و قال صلى الله عليه وسلم " إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا ، وأَوْرثوا العلمَ ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ "
فلابد أن يقود الناس أهل العلم لا الجهال
و انظروا الى تاريخ من ضل كالفتنة في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه و فتنة جهيمان قريبآ في الحرم فضلوا لأخذهم العلم من غير أهله
و كما جاء في الحديث " إن عبدا قتل تسعة و تسعين نفسا ، ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدل على رجل ، وفي رواية : راهب ، فأتاه ، فقال : إني قتلت تسعة و تسعين نفسا ، فهل لي من توبة ؟ قال : بعد قتل تسعة و تسعين نفسا ؟ قال : فانتضى سيفه فقتله به ، فاكمل به مائة ، ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدل على رجل [ عالم ] ، فأتاه فقال : إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ؟ فقال : و من يحول بينك و بين التوبة ؟ "فلما أخذ العلم من أهله نجا
وهذا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له طريقا إلى الجنة "
خامسآ : موانع قبول الحق
فيسمع النص الصحيح واضح جلى فيمتنع عن قبوله لما !
1) الكبر :و هو كما عرفه نبينا صلى الله عليه وسلم " الكِبرَ بَطَرُ الحقِّ وغمصُ النَّاسِ " كأن يأتيك الحق من من هو دونك في العلم او المنزلة او من غير حزبك او من غير بلدك فترد الحق كبرا
و علاج ذلك
أن يتذكر عاقبة الكبر و أنه " لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبرٍ " و عاقبة من تكبر مثل الشيطان و عاقبة اليهود و من شابههم و تكبر عن قبول الحق الذى جاء به الرسل
و يتذكر عاقبة التواضع و قبول الحق مثل الصحابة فرفعوا بهذا الدرجات في الدنيا و الآخرة
2) إتباع الهوي :كما قال تعالى " فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ، وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّه، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " (القصص اية 50) اى لا أضل منه و كما جاء عن الإمام أحمد في الزهد بإسناد ضعيف لكن معناه صحيح عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال " أما اتباعُ الهوى فإنَّهُ يصدُّ عن الحقِّ "
و علاجه مجاهدة النفس لترك الهوى لقوله تعالى " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا " و كما في الحديث " المجاهدُ مَن جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللهِ " ويصبر على ذلك " ومن يتَصبَّر يُصبِّرهُ اللَّهُ "
3) حب الدنيا :فهذا هرقل كاد أن يسلم و لكن خاف من فقد ملكه فآثر الدنيا عن اتباع الحق و النجاة
و علاج ذلك ان يتذكر أن الدنيا متاعاها قليل و أنها سريعة الزوال و يتدبر قول الله تعالى " بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا, وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى° " ( الأعلى 16و17) و قوله " أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ " (التوبة 38) وقوله " وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ "(الكهف 45)
و ما رواه مسلم في صحيحة أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بالسوقِ ، داخلًا من بعضِ العاليةِ ، والناسُ كنفتْهُ . فمرَّ بجديٍ أسكَّ ميتٍ . فتناولَه فأخذ بأذنِه . ثم قال " أيكم يحبُّ أنَّ هذا لهُ بدرهمٍ ؟ " فقالوا : ما نحبُّ أنَّهُ لنا بشيٍء . وما نصنعُ بهِ ؟ قال " أتحبون أنَّهُ لكم ؟ " قالوا : واللهِ ! لو كان حيًّا ، كان عيبًا فيهِ ، لأنَّهُ أسكُّ . فكيف وهو ميتٌ ؟ فقال " فواللهِ ! للدنيا أهونُ على اللهِ ، من هذا عليكم " . وفي روايةٍ : بمثلِه . غيرَ أنَّ في حديثِ الثقفيِّ : فلو كان حيًّا كان هذا السَّكَكُ بهِ عيبًا .(صحيح مسلم 2957) و قوله صلى الله عليه وسلم " إنَّ مَطعمَ ابنِ آدمَ قد ضُرِب للدُّنيا مثلًا ، فانظُرْ ما يخرجُ من ابنِ آدمَ وإن قزَّحه وملَّحه ، قد علِم إلى ما يصيرُ " و قوله صلى الله عليه وسلم " ما الدنيا في الآخرةِ إلَّا كما يَمشِي أحدُكمْ إلى اليَمِّ ، فأدخلَ إِصبُعَهُ فيه ، فما خرجَ مِنهُ فهوَ الدنْيا "
و تذكر ما في الجنة من نعيم دائم كما قال تعالى " مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا، وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ " (الرعد 35)
4) الحزبية :فيتحزب مع طائفة او حزب من اخوان مسلمين ,تبليغ , أشاعرة , ماتردية ,جهمية, قدرية ...... فينصرهم و يتعاون معهم و يخاف أن يخالفهم في الآراء فيهجروه مع وضوح الأدلة التي تخالفهم فيتحزب لمقالاتهم و يوالى و يعادى فيها , و أحيانا يظهرون السلفية فيكون تحزب في قالب سلفى و لكن يظهر تحزبهم في مقالاتهم التي تخالف منهج السلف
5) الإعتياد و التربى على التعصب المذهبى
فكما قال بن تيمية من تربى على مذهب و عاش عليه يعسر إقامة الحجة عليه
فتذكر لأحد المتعصبة للمذاهب النص الصريح الصحيح فيرده لأنه يخالف مذهبه و يقول لعل هناك ناسخ لعل له تأويل ...
فيقال له حينئذ ما عندك ظن (لعله لعله ) و امامك الآن يقين حق فكيف ترد الحق بالظن كما قال الله تعالى " إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى " (النجم 23) فيترك الهدى بعد ان جاءه لمجرد الظن
6) العجب :فيعجب بنفسه و يرى ان قوله و ما فهمه هو الحق و ما جاء من غيره فلا
7) الابتداع في الدين :مثل أن يعتقد أن هناك مصادر غير الكتاب و السنة كما يفعل الرافضة فيظنون أن الإمام معصوم و أن قول الإمام ينسخ نصوص الكتاب و السنة أو انه يجوز له فهم القرآن على فهمه فيكون كما جاء في الحديث " هلاك أمتي في الكتاب واللبن قالوا : يا رسول ما الكتاب واللبن؟ قال : يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل ، ويحبون اللبن فيدعون الجماعات و الجمع ، ويبدون "
نسأله سبحانه أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و أن يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه
فمن عقوبة اتباع الباطل كما قال تعالى " قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا " فيظل في الباطل حتى يهلك
و ميزة الحق أن الله سينصره و لو بعد حين قال تعالى " وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا " (الإسراء 81)
1) صوم أكثره أو كله :
لما جاء عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أفضلُ الصيامِ ، بعدَ رمضانَ ، شهرُ اللهِ المحرمِ "(صحيح مسلم 1163)
2) لزوم التقوى :
بترك المنكرات و القيام بالواجبات و رد الحقوق الى أهلها لأن الذنب في الأشهر الحرم أعظم و العقوبة أشد
3) صيام عاشوراء :
فعن أبى قتادة الأنصاري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صيامُ يومِ عاشوراءَ ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه " (صحيح مسلم1162)