عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 01-12-2015, 10:40PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[277]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أو قال سمعت النبي ﷺ يقول من أدرك ماله بعينه عند رجل ـ أو إنسان ـ قد أفلس فهو أحق به من غيره .



موضوع الحديث :
حكم من أدرك ماله بعينه عند مفلس ولم يكن قد أخذ من ثمنه شيئاً فإنه يستحقه دون سائر الغرماء



المفردات
قوله من أدرك ماله بعينه : أي بأن يكون هو عين المبيع لم يتغير بزيادة ولا نقص
قوله عند رجل قد أفلس : المفلس هو من صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً فالهمزة في أفلس للسلب بأن كان قد حجر عليه لكثرة دينه وقلة ماله .
قوله فهو أحق به من غيره : أي يستحق أن يأخذه دون سواه من الغرماء ولكن بشروط




المعنى الإجمالي
من كثرت ديونه بحيث زادت على ماله أو ساوته فلم يبق له من ماله شيء فإنه يجب الحجر عليه ويباع ماله ويقضى به دينه وقد حكم رسول الله _ بأن من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به إن توفرت الشروط


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من كثرت ديونه حتى زادت عن ماله أو ساوته على الأقل فإنه يحجر عليه ويمنع من التصرف في ماله


ثانياً : هل يحجر عليه بطلب الغرماء أم بدون ذلك إذا علم والظاهر أن الحجر لا يكون إلا بمطالبة الغرماء


ثالثاً : إذا حجر عليه ومنع من التصرف في ماله حسبت ديونه وقوّم ماله بحكم من القاضي وباستعانته بأهل الخبرة ثم بيع ماله وقضي به دينه


رابعاً : إن كان الدين أكثر من المال نسب المال إلى الدين فإن وجد المال نصف الدين أعطي كل واحد من أهل الدين نصف ماله وإن وجد ثلثيه أعطي كل واحد من أهل الدين ثلثا ماله وهكذا


خامساً : وحينئذ نتوصل إلى ما جاء في هذا الحديث وهو أنه إن وجد عنده مال لرجل باعه منه ثم وقع الحجر عليه

ففي هذه المسألة يستحق صاحب المال ماله بشروط
الشرط الأول : أن يدركه بعينه ولم يكن قد تغير بزيادة أو نقص
الشرط الثاني : أن يدركه عنده ولم يكن قد انتقل إلى غيره

الشرط الثالث : أن لا يكون قد قبض من ثمنه شيئاً الشرط الرابع : أن يكون في الفلَسَ دون الموت كما دل الدليل فلو فرضنا أن رجلاً حجر عليه لفلس وكان قد اشترى سيارة جديدة على سبيل الدين ووجدت السيارة عنده ولم يكن قد أعطى صاحب السيارة شيئاً فإن بائعها يستحقها حينئذ دون غيره ولا تباع ويكون البائع مع غيره أسوة الغرماء إلا في حالة أن يكون قد اقتضى البائع شيئاً من ثمنها أو وجدت بعد أن باعها من غيره أو وجدت وقد تغير فيها شيء على ما سيأتي بيانه


سادساً : قد اختلف الفقهاء في هذه القضية وهي مسألة كون صاحب العين يأخذها وحده فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يرجع إليه في الموت والفلس . قال ابن دقيق وهو مذهب الشافعي والثاني أنه لا يرجع إليه لا في الموت ولا في الفلس قال وهو مذهب أبي حنيفة والثالث يرجع إليه في الفلس دون الموت أما في الموت فإنه يكون أسوة الغرماء وهو مذهب مالك وقال الصنعاني في العدة وقد قال به أحمد يعني ابن حنبل واحتجا بما في مرسل مالك ( وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ) وفرقوا بين الفلس والموت بأن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه والمسألة من معترك الأنضار والخلاف فيها جار من قديم الزمان وإلى الآن .


سابعاً : ذكر ابن دقيق العيد أن الرجل المدرك ماله هاهنا هو البائع دون غيره قال ويمكن أن يدخل تحته ما إذا أقرضه رجل مالاً وأفلس المقترض والمال باق فإن المقرض يرجع به وقد علله الفقهاء بالقياس على المبيع . وأقول : إن هذا القياس قياس أولوية فإذا كان البائع يرجع على عين ماله وهو انتقل منه بمقابل فإن المقرض من باب أولى لأنه محسن إلى من أقرضه وفي الإحسان يكون أولى بماله


ثامناً : قال ابن دقيق العيد لا بد في الحديث من إضمار أمور يحمل عليها وإن لم تذكر لفظاً مثل كون الثمن غير مقبوض ومثل كون السلعة موجودة عند المشتري دون غيره ومثل كون المال لا يفي بالديون


وأقول : إن هذه الشروط قد ذكر منها رواية في الحديث مثل كونه لم يقبض من الثمن شيئاً فإن قبض شيئاً كان في الباقي أسوة الغرماء ومثل كونه يستحق ذلك في الفلس دون الموت فإن انتقل بالموت كان ذلك أسوة الغرماء


تاسعاً : يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر


عاشراً : قال الحكم في الحديث يتعلق بالفلس ولا يتناول غيره ومن أثبت من الفقهاء الرجوع بامتناع المشتري من التسليم مع اليسار أو هربه أو امتناع الوارث من التسليم بعد موته فإن ما يثبته بالقياس على الفلس . وأقـول : قد تقدمت الإشارة إلى الخلاف بين الفقهاء هل الموت يلحق بالفلس أم لا ؟ وهذا راجع إلى تصحيح الأحاديث الواردة في الموضوع


الحادي عشر : قال ابن دقيق العيد شرط رجوع البائع بقاء العين في ملك المفلس فلو هلك لم يرجع


قلت : إذا هلكت لم يكن وجد متاعه بعينه فيكون الكلام عار عن الفائدة إلا أن يقصد بذلك انتقالها من ملك البائع بعتق أو وقف أو هبة وفي هذه الحالة لم يكن قد وجد متاعه بعينه عند المفلس لأن كلمة عند المفلس يتحقق بها كون ذلك المتاع باق في ملكه .


الثاني عشر : قال ابن دقيق العيد إذا تغير المبيع في صفته بحدوث عيب فأثبت الشافعي الرجوع إن شاء البائع من غير أرش يأخذه عن العيب وقال ابن دقيق العيد أقول في المنهاج واستدل بقياسه على تعيب المبيع في يد البائع فإن المشتري يخير بين أن يأخذه ناقصاً أو يترك وسواء كان النقص حسياً كسقوط بعض الأعضاء أو العمى أو غير حسي كنسيان الحرفة والإباق والتزويج .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










رد مع اقتباس