عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 15-11-2015, 05:04AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



باب الشروط في البيع

[267]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقلت : إن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس فقالت إني عرضت ذلك على أهلي فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فأخبرت عائشة النبي ﷺ فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله ﷺ في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) .



موضوع الحديث :
الشروط الجائزة والممنوعة



المفردات
كاتبت أهلي : المكاتبة هي عقد بين السيد وعبده وعرفوها بأنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة
قولها على تسع أواق : أواق جمع أوقية والأوقية هي أربعون درهماً وهي تساوي عشرة ريالات باعتبار أن الدرهم ربع ريال سعودي .
قولها في كل عام أوقية : أي منجمة على تسع سنين أي مقسطة
قولها فأعينيني : طلبت الإعانة من عائشة رضي الله عنها
فقلت : القائلة عائشة إن أحب أهلك : أي أسيادك أن أعدها لهم أي أنقدهم إياها أي أعطيهم الآن نقداً وولاءك لي فعلت أي بأن يكون ولاءك لي
فذهبت بريرة إلى أهلها لتشاورهم فأبوا عليها : أي منعوا إلا أن يكون الولاء لهم



فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس : الواو واو الحال فقالت إني عرضت ذلك أي بالشرط الذي تشترطينه على أهلي فأبوا أي امتنعوا من العتق على أن يكون الولاء لعائشة رضي الله عنها إلا أن يكون الولاء لهم فأخبرت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ فقال خذيها أي اشتريها واشترطي لهم الولاء أي إقبلي شرطهم فإن شرطهم باطل لذلك فإن وجوده كعدمه
قوله فإنما الولاء لمن أعتق : أي لمن دفع الثمن وأعطى الورق وسمح بالعتق بناءً على ذلك



ثم قام رسول الله ﷺ في الناس أي خطيباً فحمد الله وأثنى عليه يعني وأثنى عليه خيراً بذكر ما له من الصفات العلى والأسماء الحسنى
قوله فما بال رجال : أي ما شأنهم ولم يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله أي في شرعه كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي غير معمول به لبطلانه
قوله وإن كان مائة شرط : يعني وإن أُكد بتأكيدات
قضاء الله أحق : أي حكمه وشرعه أحق بالتنفيذ
وشرط الله أوثق : أي أوثق من الشروط التي يشترطها الناس مخالفة لكتاب الله عز وجل
وإنما الولاء لمن أعتق : إنما أداة حصر والولاء مبتدأ ولمن أعتق خبر أي إنما الولاء في شرع الله مستحق لمن أعتق .


المعنى الإجمالي
هذه القصة مضمونها أن أهل بريرة رضي الله عنها بعد أن كاتبوها على تسع أواق منجمة أي مقسطة وجاءت تستعين عائشة رضي الله عنها فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيهم الثمن المؤجل معجلاً وتعتقها على شرط أن يكون الولاء لها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فعند ذلك أمرها النبي ﷺ أن تقبل هذا الشرط الذي وجوده كعدمه فقبلت واشترتها واعتقتها بناءً على ذلك لكن ذلك الشرط هدم بإنكار الشارع له لأنه خلاف شرع الله وقضاءه وقضاء الله أن الولاء لمن دفع الثمن وأعطى الورق والله سبحانه وتعالى يقول ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل : 90 ] وليس من العدل أن تعطي عائشة رضي الله عنها الثمن وتعتق ويكون الولاء لغيرها وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قولها كاتبت أهلي مشروعية المكاتبة وقد أمر الله عز وجل بها في قوله ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [ النور : 33 ].


ثانياً :الكتابة مستحبة وليست بواجبة وإلى ذلك ذهب الجمهور وحملوا الأمر على أنه أمر إرشاد لا أمر إيجاب .


ثالثاً : يؤخذ من الآية أن استحباب الموافقة على الكتابة تكون معلقة بما إذا علم عن العبد صلاحاً وكسباً وهذا هو القول الصحيح


رابعاً : الكتابة منجمة غالباً أي مقسطة .


خامساً : يؤخذ من قولها في كل عام أوقية أن التقسيط يجوز أن يكون بالأعوام وأن يكون بالأشهر


سادساً : أن العبد لا يكون حراً إلا إذا أكمل قيمة نفسه التي كاتب عليها سيده


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز بيع المكاتب فبعضهم أجاز وبعضهم منع فإن كان البيع مقصود للعتق كما في قصة بريرة فالأظهر الجواز وإن كان البيع مقصود به غير ذلك فالظاهر أنه مكروه أما أن نقول أنه محرم فلا والكراهة تنبني على أمرين . الأمر الأول : أنه يعتبر تخلفاً من سيده وهذا التخلف مذموم



الأمر الثاني : قد جاء في الحديث (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ ) إذا فنحن نقول أن الوفاء بهذا العقد بين السيد وعبده إما أن يكون واجباً وإما أن يكون مستحباً والعدول عنه يكون مكروهاً .


ثامناً : يؤخذ من قولها فأعينيني جواز الاستعانة ممن حصل له سبب يوجب الاستعانة كهذا وكذلك من أصابت ماله جائحة وكذلك من تحمل ديوناً


تاسعاً : قول عائشة فإن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت يؤخذ منه أن عائشة رضي الله عنها استعدت بدفع مال المكاتبة على شرط العتق .


عاشراً : الصحيح أنها ابتاعت بريرة ولم تبتع الكتابة


الحادي عشر : امتناع أهل بريرة من الموافقة على بيعها إلا بشرط أن يكون لهم الولاء يُعدّ وضعاً للشيء في غير محله واشتراطاً لشرط باطل .


الثاني عشر : في قول النبي ﷺ خذيها واشترطي لهم الولاء يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ أمرها بأن تشتريها وأن تقبل هذا الشرط الذي اشترطوه .


الثالث عشر : في قوله وإنما الولاء لمن أعتق إخبار أن ذلك الشرط لاغٍ لأنه مخالف لكتاب الله عز وجل وشرعه


الرابع عشر :قد اعترض على هذه العبارة بأن فيها إشكال واضح لا يتلائم مع مقام النبوة وذلك أن أمره لعائشة رضي الله عنها بأن تقبل ذلك الشرط مع أنه باطل ربما يقال أن فيه شيء من الخداع الذي يتنافى مع مقام النبوة


الخامس عشر : قد أُجيب عن هذا بأجوبة غير منتهضة .
وأقول الصواب في نظري أن النبي ﷺ أولاً : أباح لها أن تقبل هذا الشرط نظراً لأنه شرط باطل ووجوده كعدمه وثانياً : أنه لو أظهر لهم ذلك أولاً لمنعوا من العتق والعتق مقصود للشرع مرغب فيه والحث عليه كثير فلذلك أمر عائشة أن تقبل هذا الشرط مع أنه غير صحيح حتى يتم عتق بريرة وأخيراً يجب أن يعتقد كل مكلف أن النبي ﷺ لا يقول إلا حق ولا يفعل إلا ما هو حق فلا يجوز أن يتطرق هذا الاحتمال إلى مقام النبوة أبداً ، وثالثاً :أن قبول عائشة رضي الله عنها لهذا الشرط ثم إظهار بطلانه من النبي ﷺ في الخطبة أشد وقعاً حتى يعرفه كل من سمع ذلك أن مثل هذا الشرط باطل وبالله التوفيق .


السادس عشر : يؤخذ من فعله ﷺ وهو أنه بعد ذلك قام خطيباً وأعلن الحكم أن مثل هذه الأمور ينبغي إعلانها ليترتب على ذلك معرفة الناس بالأحكام الشرعية .


السابع عشر : يؤخذ من قولها فحمد الله وأثنى عليه أن الخطبة لا بد أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه


الثامن عشر : الثناء على الله هو مدحه بما له من المحامد والكمالات التي لا تنبغي إلا له .


التاسع عشر : في قوله أما بعد يؤخذ منه مشروعية هذه الكلمة ليفصل بها بين مقدمة الخطبة والمقصود الذي يريد أن يدخل فيه .


العشرون :يؤخذ من قوله ما بال رجال يشترطون شروطاً أن من أنكر شيئاً من المناكر ينبغي له أن يُكني ولا يصرح وهو أن يقول ما بال أقوام يفعلون كذا ولا يقول ما بال فلان أو آل فلان يفعلون كذا .


الحادي والعشرون : يؤخذ من قوله يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ربما قيل أين هذا الشرط من كتاب الله نقول إن الشرط في كتاب الله بإقامة العدل بين عباده في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) [ النحل : 90 ]


الثاني والعشرون : أن هذه القصة داخلة في العدل بإعطاء الحقوق لمستحقيها ومن أعطى الورق ودفع المال وأعتق فهو المستحق للولاء ولا يجوز أن يأخذه غيره ممن لم يفعل شيئاً من ذلك


الثالث والعشرون :قوله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل يؤخذ من هذا أن كل شرط لا يؤيده كتاب الله ودينه وشرعه فهو باطل وإن كان مائة شرط


الرابع والعشرون : يؤخذ من قوله وإن كان مائة شرط جواز المبالغة


الخامس والعشرون : يؤخذ من قوله قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق أنه يجوز السجع الذي يظهر به الحق ويكون غير متكلف


السادس والعشرون : أنه يجوز مكاتبة الأَمة المزوجة بمملوك مثلها .


السابع والعشرون : أن الأمة إذا عتقت تحت عبد خيرت بين البقاء تحته أو فسخ النكاح كما حصل لبريرة


الثامن والعشرون : أنها إذا اختارت نفسها خرجت من حكم الزوجية وانفسخ النكاح بينهما


التاسع والعشرون : أنها إذا اختارت زوجها ثم أرادت الفسخ لم تمكن منه
الثلاثون : أنها يجب أن تخير بذلك كما أخبر النبي ﷺ بريرة قبل التخيير .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.


رد مع اقتباس