22-05-2015, 03:11PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 71)
للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -
فصل
في النوع الثاني: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال
وأما النوع الثاني من سببي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين
حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد
يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين، مثل تفسير عبد الرزاق ووكيع وعبد بن حميد وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم،،
ومثل تفسير الإمام أحمد، وإسحاق بن راهوية، وبقي بن مخلد، وأبي بكر بن المنذر، وسفيان بن عيينه،
وسنيد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وأبي عبد الله بن ماجه، وابن مردويه.
أحدهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
والثاني: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر
إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به.
الشرح :
إذا القسم الأول: وهم الذين اعتقدوا شيئاً فأرادوا أن يحملوا معاني الكلام عليه، وهذا كما يكون في العقائد
والأمور العلمية يكون كذلك في الأحكام والأمور العملية، تجد الرجل يعتنق مذهباً معيناً ثم يحاول أن يصرف
معاني النصوص إلي ذلك المعنى المعين الذي كان يعتنقه سواء في أسماء الله وصفاته، أو في التوحيد، أو ما أشبه ذلك.
فمثلاً: يقول أنا أجيز التوسل حتى بالجن والشياطين، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَة) (المائدة: 35) فأتوسل بكل شيء، وكذلك أيضاً ينكر صفات الله عز وجل ويقول لأن الله يقول
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشوري: 11) وأنا إذا أثبت الصفة مثلت، يكون معتقداً هذا الاعتقاد ثم يحمل القرآن
على ذلك.
القسم الثاني: ليس عنده اعتقاد سابق لكنه يفسر القرآن بحسب ما يدل عليه اللفظ، بقطع النظر به وهو الله،
وعن المنزل
عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم، ينظر إلي الكلام من حيث هو
كلام فقط، وهذا أيضاً خطأ، فإنه بلا شك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به،
وبحسب المخاطب به أيضاً.
فمثلاً لو جاءتك كلمة نابية من شخص محترم، وجاءتك مثل هذه الكلمة من شخص ساقط فإن كلمة الأول
أشد تاثيراً، لأن كلمة المحترم لها وزن، فإذا وصفني بعيب مثلاً فمعناه أنه حط من قدري، لكن إذا جاء شخص
ساقط يسب كل أحد وسبني فلن يهمني كثيراً. مع أن الكلمة واحدة.
كذلك أيضاً، لو أن واحداً تكلم مع شخص فقال: والله هذا رجيل ! ورجيل تصغير رجل- وهو يتحدث عن
صبي صغير، صارت مدحاً له، ولكن لو قالها لرجل عاقل كبير صارت ذماً.
إذاً فالكلمة الواحدة تجدها تختلف
بحسب المخاطب بها، حتى إن الكلمة التي تصغر تكون أحياناً معناها عظيماً وكبيراً كما قيل:
وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
فبعض الناس يأخذ القرآن والحديث ويفسره بحسب ما يقتضيه ذلك اللفظ الظاهر بقطع النظر عن المتكلم
به والمخاطب والمنزل عليه وقرائن الأحوال، وهذا خطأ.
* * * * * * * *
شرح مقدمة التفسير
لشيخ الإسلام ابن تيمية
لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد بن صالح العثيمين
-رحمه الله تعالى -
الرابط المباشر لتحميل الكتاب:
http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf
|