عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 25-04-2015, 10:49PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[باب التشهد]

[119] : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال علمني رسول الله ﷺ التشهد كفي بين كفيه – كما يعلمني
السورة من القرآن : " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " وفي لفظ " إذا قعد أحدكم
في الصلاة فليقل : التحيات لله " وذكره وفيه فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء
والأرض وفيه فليتخير من الدعاء ما شاء " .



موضوع الحديث :

التشهد في الصلاة .


المفردات :

التشهد تفعل سمي بذلك لاشتماله على التلفظ بالشهادتين تغليباً على ما سواهما من الأذكار لشرفها ،
التحيات : جمع تحية : وهي كل ما يحيا به الملوك من الألفاظ الدالة على التعظيم وكلها مستحقة لله عز وجل ،
الصلوات : جمع صلاة وهي الصلاة المعهودة على الأرجح دون سواه ، الطيبات : وهي الأقوال والأفعال والأوصاف
الطيبة والدالة على الكمال كلها مستحقة لله تعالى ، السلام عليك أيها النبي : هذا دعاء على الأصح وكذلك ما بعده
إلى قوله "وعلى عباد الله الصالحين" .



المعنى الإجمالي :

يخبر عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ علَّمه التشهد كفه بين كفي النبي ﷺ أي : قابضاً على كف ابن مسعود
بكفيه معاً وذلك من كمال الاعتناء وشدة الحرص فصلى الله وسلم على المعلم الهادي معلم الخير
والهادي إلى طريق السلامة .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ من قوله : "فليقل" أن التشهد واجب وفي ذلك خلاف بين العلماء فذهب الشافعي وأحمد إلى أن
الأخير ركن ، واختلفا في التشهد الأول فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الأخير ركن ، واختلفا في التشهد الأول
فذهب الشافعي إلى أنه سنة . وذهب أحمد إلى أنه واجب ، وفي رأيي أن الخلاف بين المذهبين هنا لفظي ،
وعند الشافعية الواجب والفرض مترادفان دليلهم حديث ابن بحينة السابق في سجود السهو والمنقول عن الحنفية
والمالكية القول بسنيتهما وعن أبي حنيفة رواية أن الأخير واجب كالإمامين وحكى النووي الوجوب رواية عن مالك .
والقول بالوجوب هو الأولى إن شاء الله لإطلاق الأمر وعدم تفسيره . والله أعلم .



ثانياً : اختلف الأئمة في المختار من ألفاظ التشهد فذهب أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله إلى اختيار تشهد ابن مسعود
هذا ؛ لأنه أصح ما روي في التشهد وقال الترمذي بعد إيراده : " قال أبو عيسى حديث ابن مسعود وقد روى
عنه من غير وجه وهو أصح حديث روي عن النبي _ في التشهد والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب
النبي ﷺ ومن بعدهم من التابعين ، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق " اهـ. (2/84) .

وذهب الشافعي إلى ترجيح حديث ابن عباس الذي رواه مسلم وغيره
ولفظه : " التحيات المباركات الصلوات
الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا
الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " . بناء على أن حديث ابن عباس أكثر ألفاظ الثناء لزيادة المباركات فيه .


واختار مالك التشهد المروي عن عمر وفيه زيادة " الزاكيات" وزيادة "لله" بعد كل لفظ ثناء ، وزيادة "بسم الله" في أول
التشهد في بعض ألفاظه أخرجه في الموطأ ص87.86 عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر وعن نافع عن
عبد الله بن عمر وفيه زيادة التسمية وعن عائشة نحوه إلا أن لفظ الجلالة لم يذكر إلا في آخر الثناء .

وقد ورد ذكر التسمية من رواية أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر لكن أشار الترمذي إلى تضعيفه فقال : وروى أيمن
بن نابل المكي عن أبي الزبير عن جابر وهو غير محفوظ .

قلت : حديث أيمن عن أبي الزبير عن جابر الذي أشار إليه أخرجه النسائي ص138 وابن ماجة رقم 903 ولفظه
يشبه لفظ حديث ابن مسعود إلا أنه زاد في أوله "بسم الله" وفي آخره " أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار " وأيمن ثقة
روى له البخاري

.
وقد ورد ذكر التسمية في تشهد زيد بن علي ولفظه كما ذكره الشوكاني : " بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى
كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله ... " الخ .

واختار هذا اللفظ الهادوية إلا أني لا أعرف مدى صحته وقد سكت عليه الشوكاني ، والذي يتبين جواز التشهد
بكل لفظ ثابت عن النبي ﷺ وقد حكى الاتفاق على ذلك النووي وأبو الطيب الطبري ويترجح تشهد ابن مسعود لأمور :

لصحته فهو أصح حديث ورد في التشهد واتفق عليه الشيخان .
لاتفاق ألفاظه ، فهو على كثرة طرقه
ألفاظه متفقة .


لأن ألفاظ الثناء فيه معطوف بعضها على بعض والعطف يفيد التغاير ، فهو لذلك يُعد كل لفظ فيه ثناء مستقلاً
أما غيره من التشهدات فذكرت بدون عطف فصارت كاللفظ المؤكد . والله أعلم .

ثالثاً : يؤخذ من قوله : " فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض " أن الألف
واللام التي لاستغراق الجنس تعم أهل السماء والأرض إذا وجدت في وصف كهذا .

رابعاً : يؤخذ من أن هذا الدعاء يشمل جميع الملائكة وجميع المؤمنين الأولين منهم والآخرين الموجودين منهم والميتين
ومن سيوجد من المؤمنين إلى يوم القيامة ، وفيه تنويه بأهل الصلاح وما لهم من الفضل المدخر بدعوة كل مصلَّ
منذ بعث رسول الله _ إلى يوم القيامة .



خامساً : ويؤخذ منه بطريق المفهوم العكسي أي مفهوم المخالفة عظيم حرمان الفساق والكفار والمنافقين حيث حرموا
من دعوات المصلين واستغفار الملائكة ، فالويل لهم ما أفظع خسارتهم وأفدح مصيبتهم لو علموا والله أعلم .



سادساً : ويؤخذ من قوله : " ثم ليتخير من المسألة ما شاء " أنه يجوز كل سؤال يتعلق بالدنيا والآخرة . قال ابن
دقيق العيد رحمه الله : إلا أن بعض الفقهاء من أصحاب الشافعي استثنى بعض صور من الدعاء تقبح ...

قلت : الدعاء جائز ما لم يخرج الداعي عن آداب الدعاء وفي الحديث عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه سمعت
رسول الله ﷺ يقول : " سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور " .





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf






رد مع اقتباس