08-04-2015, 11:28PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】
لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
شرح العقيدة الواسطية. ( 24 )
[ المتن ] :
7 ـ إثبات اتصافه بالرحمة والمغفرة سبحانه وتعالى
وقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}
{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا
وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
[ الشرح ]
وقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تقدم تفسيرها في أول الكتاب، ومناسبة ذكرها هنا أن فيها إثبات الرحمة
لله تعالى صفة من صفاته كما في الآيات المذكورة بعدها. قال الإمام ابن القيم: الرحمن دال على الصفة القائمة
به سبحانه، والرحيم دال على تعليقها بالمرحوم كما قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ولم يجئ قط:
رحمن بهم. وكان الأول للوصف والثاني للفعل. فالأول دال على أن الرحمة وصفة، والثاني دال على أنه يرحم
خلقه برحمته. اه ـ.
قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} هذا حكاية عن الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله أنهم
يستغفرون للذين آمنوا فيقولون: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} أي: وسعت رحمتك وعلمك كل
شيء. فـ {رَّحْمَةً وَعِلْمًا} منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل، وفي ذلك دليل على سعة رحمة الله وشمولها.
فما من مسلم ولا كافر إلا وقد نالته رحمة الله في الدنيا، وأما في الآخرة فتختص بالمؤمنين.
وقوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} هذا إخبار من الله ـ سبحانه ـ أنه رحيم بالمؤمنين يرحمهم في الدنيا والآخرة،
أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم وبصرهم الطريق الذي ضل عنه غيرهم. أما رحمته بهم في
الآخرة فآمنهم من الفزع الأكبر ويدخلهم الجنة. وقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي: أوجبها على
نفسه الكريمة تفضلًا منه وإحسانًا. وهذه الكتابة كونية قدرية لم يوجبها عليه أحد.
وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} يخبر سبحانه عن نفسه أنه متصف بالمغفرة والرحمة لمن تاب إليه وتوكل عليه،
ولو من أي ذنب كان كالشرك فإنه يتوب عليه ويغفر له ويرحمه.
وقوله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} هذا مما حكاه الله تعالى عن نبيه يعقوب ـ عليه السلام ـ حين طلب منه بنوه أن
يرسل معهم أخاهم. وتعهدوا بحفظه، فقال لهم: إن حفظ الله سبحانه له خير من حفظكم. وهذا تفويض من
يعقوب إلى الله في حفظ ابنه. ومن أسمائه تعالى: الحفيظ الذي يحفظ عباده بحفظه الخاص عما يفسد
إيمانهم وعما يضرهم في دينهم ودنياهم.
الشاهد من الآيات الكريمة: أن فيها وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالرحمة والمغفرة على ما يليق بجلاله كسائر
صفاته. وفيها الرد على الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن ينفون عن الله اتصافه بالرحمة والمغفرة فرارًا من التشبيه
بزعمهم قالوا: لأن المخلوق يوصف بالرحمة. وتأولوا هذه الآيات على المجاز وهذا باطل، لأن الله سبحانه
أثبت لنفسه هذه الصفة. ورحمته سبحانه ليست كرحمة المخلوق حتى يلزم التشبيه كما يزعمون، فإن
الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} والاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في المسمى.
فللخالق صفات تليق به وتختص به، وللمخلوق صفات تليق به وتختص به والله أعلم.
------
[ المصدر ]
http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf
|