عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 07-04-2015, 01:09AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 22 )

[ المتن ]


وقوله‏:‏ ‏{‏فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا
يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء‏}‏‏.‏




[ الشرح ]

‏{‏فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ‏}‏ أي‏:‏ من شاء الله سبحانه أن يوقه وجعل قلبه قابلًا للخير‏.‏ و ‏{‏من‏}‏‏:‏ اسم شرط
جازم، ويرد‏:‏ مجزوم على أنه فعل الشرط‏.‏ ‏{‏يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ‏}‏ مجزوم بجواب الشرط‏.‏



والشرح‏:‏ الشق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر‏:‏ بينته ووضحته‏.‏ والمعنى‏:‏ يوسع الله صدره للحق
الذي هو الإسلام حتى يقبله بصدر منشرح‏.‏ ‏{‏وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ‏}‏ أي‏:‏ ومن شاء سبحانه أن يصرفه
عن قبول الحق‏.‏ ‏{‏يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا‏}‏ أي‏:‏ لا يتسع لقبول الحق‏.‏ ‏{‏حَرَجًا‏}‏ أي‏:‏ شديد الضيق فلا
يبقى فيه منفذ للخير، وهو تأكيد لمعنى ‏{‏ضَيِّقًا‏}‏‏.‏ ‏{‏كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء‏}‏ أصله يتصعد، أي كأنما
تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء‏.‏ شبه الكافر في ثقل الإيمان
عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء‏.‏


الشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال، أي‏:‏ يريد
الهداية ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمة بالغة‏.‏



فالإرادة الربانية نوعان‏:‏

النوع الأول‏:‏ إرادة كونية قدرية، وهذه مرادفة للمشيئة، ومن أمثلتها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً
أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يُرِدْ
أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا‏}‏‏.‏


النوع الثاني‏:‏ إرادة دينية شرعية، ومن أمثلتها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏}‏ الآية ‏(‏27‏)‏ النساء
وقوله‏:‏ ‏{‏مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ‏}‏ الآية ‏(‏6‏)‏ المائدة‏.‏ وقوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ‏}‏ الآية ‏(‏33‏)‏ الأحزاب‏.‏



الفرق بين الإرادتين‏:‏

1 ـ الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها، وقد لا يحبها ولا يرضاها والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها‏.‏
فالله أراد المعصية كونًا ولا يرضاها شرعًا‏.‏


2 ـ والإرادة الكونية مقصودة لغيرها، كخلق إبليس وسائر الشرور لتحصل بسبب ذلك المجاهدة
والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب‏.‏ والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها، فالله أراد الطاعة كونًا
وشرعًا وأحبها ورضيها‏.‏


3 ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها، والإرادة الشرعية لا يلزم وقوعها فقد تقع وقد لا تقع‏.‏


تنبيه‏:‏

تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي‏.‏


تنبيه آخر‏:‏

من لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية‏.‏ فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط،
والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط‏.‏ وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما‏.



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








رد مع اقتباس