بسم الله الرحمن الرحيم
الجديد في شرح كتاب التوحيد
باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
ص -80- باب من الشرك1 لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
وقول الله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }2.
شرح الكلمات:
أفرأيتم: أخبروني، والهمزة للاستفهام الإنكاري.
تدعون: تعبدون وتسألون.
بضر: مرض أو فقر أو بلاء.
كاشفات: مزيلات.
برحمة: نعمة من صحة أو غنى أو غير ذلك.
ممسكات: مانعات رحمته عني.
حسبي الله: الله كافيني.
يتوكل: يعتمد.
الشرح الإجمالي:
يأمر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بأن ينكر على هؤلاء المشركين عبادتهم لتلك الأصنام العاجزة التي لا تستطيع إزالة ضر نزل بأحد،
1 أي من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد.
2 سورة الزمر آية : 38.
ص -81- ولا إمساك نعمة نزلت بأحد، ثم يأمره بأن يفوض أمره إلى الله، فهو كافيه بجلب النفع ودفع الضر، وكاف كل من اعتمد عليه وصدق في الاعتماد.
الفوائد:
1. وجوب إنكار المنكر.
2. بطلان عبادة الأصنام.
3. أن كشف الضر وجلب النفع من خصائص الله.
4. وجوب التوكل على الله والاكتفاء به عما سواه، وهذا لا ينافي عمل الأسباب المشروعة.
مناسبة الآية للباب:
حيث دلت الآية على أن دفع الضر من خصائص الله فيكون طلبه من غير الله - كالحلقة والخيط ونحوهما - شركا.
المناقشة:
أ. اشرح الكلمات الآتية: أفرأيتم، تدعون، بضر، كاشفات، برحمة، ممسكات.
ب. اشرح الآية شرحا إجماليا.
ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الآية لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
ص -82- وعن عمران بن حصين1 -رضي الله عنهما- " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر. فقال: ما هذه؟ فقال: من الواهنة. فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا ". رواه أحمد بسند لا بأس به2.
شرح الكلمات:
رجلا: المراد به عمران بن حصين الراوي نفسه.
حلقة من صفر: الحلقة هي ما أحاط بالشيء.
من الواهنة: عن الواهنة. والواهنة: عرق يأخذ في المنكب، أو في اليد كلها وهو غالبا في الرجال دون النساء.
انزعها: ارمها بقوة.
لا تزيدك إلا وهنا: لا تزيدك إلا ضعفا.
ما أفلحت: ما فزت وظفرت بالسعادة في الآخرة.
الشرح الإجمالي:
يخبرنا عمران بن حصين رضي الله عنهفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل حلقة من الصفر، فسأله عن هدفه من لبس هذه الحلقة فأخبره أنه يريد بها دفع مرض الواهنة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بخلعها، وأخبره أنها
1 هو عمران بن حصين أبو نجيد الخزاعي, صحابي ابن صحابي أسلم عام خيبر، وتوفي بالبصرة سنة (52هـ).
2 رواه أحمد في المسند (4/ 445). وابن ماجة رقم (3531) في الطب، باب تعليق التمائم. والحاكم في المستدرك (4/ 216) وصححه. ووافقه الذهبي. وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: " حديث حسن ".
ص -83- لا تزيده إلا ضعفا ومرضا، وأنه لو مات وهو مصر على لبسها والاعتقاد بها لم يفز ولم يظفر بالسعادة الأبدية.
الفوائد:
1. استفصال المفتي.
2. اعتبار المقاصد.
3. أن مراتب الإنكار تتفاوت، فإذا نفع الكلام حرم التغليظ فيه.
4. بيان جهل المشركين قبل الإسلام.
5. تحريم التداوي بالحرام.
6. أن الحرام لا ينفع في الأصل، وإن نفع في بعض فمضرته أكبر.
7. لا يعذر الشخص بجهله مع إمكان التعلم.
8. أن الأعمال بخواتيمها.
ملاحظة:
أ. هذا الحديث لا يعارضه حديث علي بن الحسين مرفوعا: " احرثوا فإن الحرث مبارك، وأكثروا فيه من الجماجم "؛ لأن حديث علي بن الحسين حديث ساقط مرسل، وهو من مراسيل أبي داود. وأبو داود لم يشترط الصحة في مراسيله، ثم على فرض صحة الحديث فإن المراد بالجماجم هو البذر عند كثير من العلماء.
ب. الاستفهام في قول: ما هذا ؟ يحتمل أن يراد به الإنكار، ويحتمل أن يكون استفصالا على حقيقته.
ج. ذكر بعض العلماء أن لبس الحلقة ونحوها لدفع الضرر من الشرك الأصغر، والذي يفهم من حديث عمران أنه شرك أكبر؛ لأنه رتب عليه
ص -84- عدم الفلاح المؤبد، ويمكن التفصيل في ذلك بحسب النية والاعتقاد، فإن اعتقد أنها تفعل بنفسها من دون الله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنها سبب وأن الفاعل هو الله فهو شرك أصغر.
مناسبة الحديث للباب:
حيث دل الحديث على إنكار لبس الحلقة لدفع الضرر؛ لأن جلب النفع ودفع الضرر من الأفعال الخاصة بالله، وطلبها من غير الله شرك به.
المناقشة:
أ. اشرح الكلمات الآتية: رجل، حلقة من صفر، من الواهنة، انزعها، لا تزيدك إلا وهنا، ما أفلحت.
ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا.
ج. استخرج سبع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الحديث لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
وله عن عقبة بن عامر1 مرفوعا: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له". وفي رواية: " من تعلق
1 هو عقبة بن عامر الجهني, صحابي مشهور, كان شجاعا فقيها شاعرا قارئا, توفي -رضي الله عنه- سنة (58هـ).
ص -85- تميمة فقد أشرك "1.
شرح الكلمات:
تعلق تميمة: علقها على نفسه أو أحد من ولده.
والتمائم: جمع تميمة وهي خرز يعلقونها.
لا أتم الله له: لا أتم الله له جميع أموره، وهذا خبر بمعنى الدعاء عليه.
الودعة: هو شيء يستخرجونه من البحر يشبه الصدف يعتقدون أنه يشفي من العين.
لا ودع الله له: لا جعله في دعة وسكون وهو دعاء عليه.
الشرح الإجمالي:
يخبرنا عقبة بن عامر رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على كل من علق تميمة أو ودعة معتقدا فيهما النفع دون الله، فإن الله لا يتم أموره بل ويحرمه من الدعة والسكون، وأخبر أن مثل هذا عمل باطل، بل أخبرنا في رواية أخرى: أن التميمة شرك؛ لأن صاحبها اعتقد فيها النفع دون الله تعالى.
الفوائد:
1. نفي النفع المعتقد في التميمة والودعة.
1 أحمد في المسند (4/ 156). والحاكم في المستدرك (4/ 216). والمنذري في الترغيب والترهيب (4/ 307). وقال: (رواه أحمد ورواته ثقات). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (492).
ص -86- 2. جواز الدعاء على العصاة على سبيل العموم.
3. أن بعض الصحابة قد يجهلون مثل هذا فكيف بمن بعدهم.
4. أن التميمة نوع من الشرك.
مناسبة الحديث للباب:
حيث دل الحديث أن تعليق التميمة معتقدا فيها النفع شرك؛ لأن جلب النفع ودفع الضر من الأفعال الخاصة بالله.
المناقشة:
أ. اشرح الكلمات الآتية: تعلق، لا أتم الله له، الودعة، لا ودع الله له.
ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا.
ج. استخرج أربع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الحديث لباب من الشرك لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
ولابن أبي حاتم1 عن " حذيفة2 أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ }3.
1 هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي صاحب (الجرح والتعديل)، مات سنة (327هـ) رحمه الله.
2 هو حذيفة بن اليمان, صحابي جليل من السابقين، توفي -رضي الله عنه- سنة (36هـ).
3 سورة يوسف: آية 106.
ص -87- الشرح الإجمالي:
زار حذيفة مريضا فوجد في يده خيطا، فلما سأله عن غرضه من هذا الخيط، وأخبره أنه لدفع الحمى فقطعه حذيفة، واعتبره شركا مستدلا على ذلك بقول الله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ }1.
ومعنى الآية: أن كثيرا من الناس يكون مؤمنا بالله ولكن يخلط إيمانه بالشرك.
الفوائد:
1. إزالة المنكر باليد ولو لم يأذن صاحبه.
2. أن اتخاذ الخيط ونحوه لدفع الضرر شرك.
3. وجوب إنكار المنكر.
4. عمق فهم الصحابة -رضي الله عنهم- وسعة علمهم.
5. أن الشرك يوجد في هذه الأمة.
6. أن قلب الشخص قد يجتمع فيه الإيمان والشرك.
مناسبة الأثر للباب:
حيث دل عمل حذيفة هذا على أن اتخاذ الخيط لدفع الضرر شرك؛ لأن دفع الضرر من الأفعال الخاصة بالله عزوجل.
المناقشة:
أ. اشرح الأثر شرحا إجماليا.
1 سورة يوسف آية : 106.
ص -88- ب. استخرج خمس فوائد من الأثر مع ذكر المأخذ.
ج. وضح مناسبة الأثر لباب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
المصدر :
الجديد في شرح كتاب التوحيد
رابط التحميل بصيغةpdf
http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf