عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-08-2013, 11:00PM
محمد بن صالح الدهيمان
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي عليكم بالأقلام يا طلاب العلم فالاستماع والقراءة وحدهما لا يكفيان

عليكم بالأقلام يا طلاب العلم فالاستماع والقراءة وحدهما لا يكفيان

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فإني أود التنبيه في البداية على أمرٍ هام وهو أن هذا الموضوع لا أعني به مطلقاً (التأليف العلمي)، فالتأليف له أهله من العلماء الأفاضل، وإنما أعني به أمور أخرى سيأتي بيانها -إن شاء الله تعالى-.

في البداية أودّ الإشارة إلى جوهر الموضوع وسببه وأساسه في كتابتي هذه وهي أن طالب العلم المثابر والذي يريد أن يصل إلى مرحلة رفيعة من العلم فإن الاستماع والقراءة لوحدهما قد لا ينفعانه ولو قضى فيهما سنين طويلة، وهذا أمر مجرّب وموجود وهو في الواقع معهود، فكم من طالب علم درس سنين طويلة واستمع وقرأ وفي نهاية تلك السنين قد يقول: كأني لم أقرأ شيئاً وكأني لم أحضر مجلساً، فما أذكر إلا القليل مما تعلمت. نعم هكذا حال البعض إن لم يكونوا كُثُر، والله المستعان، فلذلك أخي طالب العلم اعلم بأن الكتابة والحفظ هما سببان رئيسان في ترسيخ المعلومة في الذهن، أما بالنسبة للحفظ فلا بد منه لطالب العلم فلا يصلح أن يقول عن نفسه طالب علم وهو لا يحفظ من كتاب الله ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن المتون العلمية ومن الأشعار ومن اللغة ومن غيرها ما يساعده في مشواره على الاستحضار والإلقاء والتبليغ، ,ومما جاء عن الإمام الشافعي رحمه لله أنه قال: علمي معي حيثما يممت ينفعني صدري وعاء له لا بطن صندوقِ إن كنت في البيت كان العلم فيه معي وإن كنت في السوق كان العلم في السوقِ، وأما بالنسبة للكتابة فقد تبيّن لي على قدر معرفتي المتواضعة بأساليب الكتابة أربعة طُرُق لاستخدام القلم بالنسبة لطالب العلم -من غير التأليف- لأن ذلك كما أسلفنا هو من شأن أهل العلم وحملته، وأذكر الطرق الأربعة مع بيان حالها باختصار من مفهومي الشخصي:

[ 1 ] التّقييد: ويكون بتقييد الفوائد وكتابتها عند الاستماع إليها من الشيخ في دفتر خاصّ مع نسبتها إلى الشيخ الذي سُمعت منه حتى يبارك الله لك في علمك ولا يكون طالب العلم ممن ابتلي بالسرقات العلمية بحيث ينقل استنباط لحكم شرعي ليس من مجهوده.

[ 2 ] التّلخيص: ويكون بإعادة صياغة الجمل والفقرات بكلمات مختلفة عن الكلمات الأصلية مع عدم الإخلال بالمعنى وجوهر الكلام ومع اختصار النّص، وهذه الطريقة في الكتابة هي أنفع الطرق وذلك لأن طالب العلم يُجبر فيها على الفهم لأنه هو من يعيد صياغة الكلمات بأسلوب مختلف فيكون مضطر لأن يفهم المعنى الأصلي للجملة حتى يستطيع أن يختار كلمات جديدة ويعيد صياغتها، وقد انتفعت شخصياً بهذه الطريقة في كتاباتٍ كثيرة، وتبين لي أن من فوائد هذه الطريقة كذلك أن المعلومة تعلق بالذهن عند التلخيص بخلاف طريقة النّسخ المجرّد.

[ 3 ] النّسخ: ويكون بنسخ ما يتيسر لطالب العلم من مؤلفات أهل العلم، ويبدأ باليسير كالمتون العلمية القصيرة إلى أن يصل إلى الكتب الطوال ولكن يجب التنبيه هنا إلى أن النسخ سيء للبعض وجيد لبعض آخر، فهو سيء لمن قلّ وضَعُفَ تركيزه فيصبح عندما ينسخ فقط ينقل الكلمات من موضع لموضع وعقله مشتغل بأمر آخر والحلّ في هذا الأمر أن يقوّي طالب العلم تركيزه وذلك بأن يجعل نسخه مبنياً على بحث عن معلومة، وليس مجرّد نسخ، فحينئذ يبقى متيقظ خلال فترة النسخ، فيكون ذهنه غير شارد بل متيقظ لتلك المعلومة التي يبحث عنها، وقد يكون النّسخ جيد لآخرين قوي تركيزهم، ولكن الأولى لمن ضعف تركيزه في النسخ أن يمارس التلخيص ابتداءً فهو أنفع له -إن شاء الله- لانه كما ذكرنا بأن التلخيص يُجبر فيه طالب العلم على الفهم بخلاف النسخ لمن ضعف تركيزه.

[ 4 ] العَنْوَنة: بحيث أن طالب العلم تكون أمامه فقرة معينة فيقرأ هذه الفقرة قراءة متأنية ليصل إلى الفكرة الأساسية من الفقرة أو الغرض الأساسي، ومن ثم يختصر هذه الفقرة بجملة واحدة قصيرة أو بكلمة أو كلمتين ويكتبها بجانب الفقرة أو على ورقة خارجية، وهذه الطريقة تشبه التلخيص إلا أن التلخيص أوسع وأدق وأطول من مجرد جملة واحدة قصيرة أو كلمة أو كلمتين، وقد تكون العنونة بحد ذاتها ليست مجرد هدف بل وسيلة إلى أمر آخر وهو أن طالب العلم وبعد أن يكون قد عَنْوَنَ مثلاً عشر فقرات فيجمع هذه العناوين في ورقة واحدة فيخرج بالأفكار الرئيسة مختصرة لهذه الفقرات العشر مرتّبة من عنوان الفقرة الأولى إلى عنوان الفقرة العاشرة، وهكذا.

باختصار: التلخيص وتقييد الفوائد والعنونة هي أنفع وأهم وأحسن الطرق لطالب العلم في مشواره في طلب العلم.

هذا ما تيسر لي كتابته في هذا الموضوع، وأرجو ممن كان له تعليق أو تنبيه أو تصحيح، أرجو أن يسارعنا في ذلك مأجوراً -إن شاء الله-، والله الهادي والموفق سبحانه وتعالى.

كتبه/ محمد بن صالح الدهيمان
رد مع اقتباس