مشكلة الطلاق والزواج بنية الطلاق والاختلاع عند بعض الصالحين والصالحات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين أما بعد
إعلموا عباد الله أن وراء كثرة الطلاق والاختلاع لغير سبب معتبر إنما هو لسبب يجهله كثير من الناس لا يذكره الصحفيون ولا النفسانيون ولا الاجتماعيون على مختلف فنونهم الطبية النفسية أو الاجتماعية كما يسمونها.
فتارة يذكرون تدخل الأهل وتارة عدم التناسب في العمر والحالة الاسرية او الاجتماعية كما يقولون وتارة وتارة وهذه وإن كانت قد تكون اسبابا مجتمعة أو متفرقة، ولكنهم ينسون ذلك السبب الأعظم والذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق من علم الغيب وهو الذي أكثر هؤلاء به جاهلين فيهملونه ولا يراعونه.
وهو إبليس وما يرسله من جند لحث الازواج والزوجات الصالحين وغيرهم عليه والوسوسة به وجعل ابليس مرتبة لجنديه اذا فتن المطلق فأوقعه في أعلى مراتب الاغواء فيدنيه ويتحفه بالثناء لأن في الطلاق والخلع والذي يشبهه تحقيق لاغواء عباد رب الاض والسماء وقد وعد الرب فقال ولأغوينهم اجمعين إلا عبادك منهم المخلصين
فكم من مطلق طلق ظان أن الطلاق أرجح لمصلحته وكان فيه شقاوته وضياع اسرته وانحراف اولاده وتغير عفة زوجه بعد تحصينها بالزواج فماأسرع مايتزوج وماأبطأ ماتزوج المطلقة الا في رجل في الغالب أقل ممن كان معها هيئة أو دينا وعلما الا نادرا والواقع لايكذبه الا جاحد الا من تركت رجل لله بلا تحريش شياطين الانس أو او الجن لاستعصاء اصلاحه فمن ترك شيئا لله ابدله الله خيرا منه أو تركها الصالح لذلك ظن انها صالحة روحها سماوية وإذا بها صاحبة دنيا خالدة للأرض روحها أرضية تعجبها الدنيا ويعجبها زخرفها ولربما طلبت الدنيا بالتظاهر بارادة الاخرة والعلم وانها تريد رجلا صالحا
فتعرفها في لحن القول حتى سمعنا بعضهن ينكر على الزوج رخص الهدية عند العرس وكأن قيمة الرجل في هداياه لافي علمه ودينه وسجاياه فقرينة رخص الهدية عندها وضيق المنزل على حسب القدرة وقلة المؤونة
مؤهلة لسماع كل رزية تذكر فيه بلاتثبت فتقبل كل خبر سيء تحمله نمامة تتشوف الفراق وتتبناه شيطانة تسعى وراء الطلاق
وتنسى مع ذلك كل ذكر جميل فتصبح ممن يبهته ويصفه بالقبيح من البخل من غير النظر الى مهر رسول الله لازواجه وهجرهن وغضبه منهن لمطالبتهن زيادة في النفقة المقدور عليها شهرا لايدخل عليهن
تتابع بنهم أخبار المهور وفاخر اللباس والخادمة والقاعات وغلاء الهديات والقصور وان كل ذلك الا متاع الحياة الدنيا
والاخرة خير وأبقى
قال تعالى: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ))
((قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ))
فيعلم من يريد الدنيا ومن يريد الاخرة فيتأهل بالزوج الصالح والقرين الصالح
ومن تقوى الله العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
فلاتعبا بالصلاح فالصالح بلا مال كثير مع أن معه الكفاف طالح وإذا رأته فلكأن وجهه عندها مسود كالح فتنسى بحبها لبهرج الدنيا وزخرفها ذاك الصالح الذي اذا انتفعت من علمه وفضله فقامت معه الليل وصامت النهار وارشدها بعلم ارتفعت المنازل العالية في دار الحبور فالمرء على دين خليلة وأي خليل أكثر صحبة من الزوج
فتتجرع المر بمقارنة نفسها مع قريناتها المقارنة المخالفة للسنة فتطلب الفراق بالخلع وفي الحديث الحسن المختلعات هن المنافقات
ويحرشه ذلك السب من اوجه أو خر كما يحرشها فيوقع الطلاق فيكون الفراق
فوراء كل ذلك سبب خفي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيمارواه مسلم في صحيحه من طريق الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ قَالَ الْأَعْمَشُ أُرَاهُ قَالَ فيلتزمه
فلو لم يكن في الطلاق والاختلاع الاأنه طاعة للشيطان المارد لكان ذلك رادعا للرجل الحكيم والمرأة أن ينثني عنه إلا إذا خاف فتنة الزوجه ولم يفلح في اصلاحها مع طول المعالجة
وكانت عدوة وشؤمها سينتقل اليه بسوء الخلق والوله على الدنيا وزخرفها والتحريض على ركوب المعاصي تمشيا مع رغبات الناس من جلب التلفاز والقنوات والسفر لبلاد الفجار للنزه ونحو ذلك
كما قال تعالى إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم
فمن لم يحذرهم بالنصح وترك طاعتهم في المعصية والتخلص بالطلاق كما قال ابراهيم عليه السلام لاسماعيل غير عتبة بابك لتلك المرأة التي لم تصبر على الشدة فراحت تحكي للغريب
فان لم ينفع الاصلاح فلم يحذرهم ويتخذهم اعداءا
وفي صحيح البخاري مرفوعا الشؤم في ثلاثة وذكر منهم المرأة
وشؤمها سوء خلقها وتحريضها الزوج على المعصية الموافقة لرغباتها دون النظر لسوء عاقبتها في الدنيا والآخرة
ولربما ترك الوسوسة بالخلع أو بالطلاق إذا كانت تحت رجل عاصي فاجر أو مبتدع يرى أن بقاءها مع اتلاف لاخرتها واغراء بدنياها وكذلك الزوج
وقد سول الشيطان للبعض تبييت نية الطلاق قبل الزواج بالمرأة والعزم عليه مع عدم اعلام المرأة بذلك
وهذا وإن أفتى البعض من ذوي العلم بجوازه لكنهم لم يجمعوا على ذلك بل قال بعضهم بإنه غش للمرأة فلو كانت تعلم أن نية الطلاق مبيته لم تسلمه نفسها ولم يوافق وليها
وفي الحديث من غش فليس منا
قال ابن تيمية رحمه الله النص إذا جاء فيه ليس منا فيد على ان فاعل الامر مرتكب لكبيرة
وقال رحمه الله إذا اختلف العلماء فلايجوز أن يجعل عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية
وأي دليل أوضح من كون ذلك من الغش
نعم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى يجوز أن يتزوجها وينوي أنها إذا أعجبته أبقاها والا طلقها في سفر مثلا فلابأس ولكن هذا لون
والعزم على الطلاق والذي في الغالب نرى العازم عليه يبرمه
كرحالة اندنوسيا في طلب النكاح بنية الطلاق بعد السفر
وفي الحديث الذي خرجه البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ
وشرط كل مرأة الايطلقها زوجها الذي رغبته عند اجراء النكاح
لانها بالطلاق تنقص قيمتها في المجتمع الا اذا تركت مبتدع او فاسق وهي تخشى على دينها فالله قادر ان يرفع منزلتها ويرزقها خير منه فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
فكونوا عباد الله على هدي سلفكم الصالح لم يتزوج أحدهم ليطلق
واتقوا الله عباد الله واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت وهم لايظلمون
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
التعديل الأخير تم بواسطة أم الحميراء السلفية ; 09-09-2011 الساعة 12:00PM
|