مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر الأسرة والمجتمع السلفي (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=22)
-   -   [مقال] وصايا في تربية الأطفال (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=9064)

أم محمود السلفية 20-03-2011 06:15AM

وصايا في تربية الأطفال
 
وصايا في تربية الأطفال




بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد فإن من نعمة الله عز وجل على الإنسان أن رزقه بالولد الذي يأنس به إذا دخل المنزل وسمع صياح الأبناء وصراخهم ثم بعد ذلك إذا كبر هذا الولد واصطحبه أبوه إلى مجامع الكبار وأنس به ورآه قرة عين له يذهب ويأتي ويمشي إلى آخر ذلك من الأمور ثم هو بعد ذلك عدة لأبيه في الضراء وذخرا له وعونا له في السراء ثم إذا مات الإنسان وانقطع عمله من هذه الحياة أصبح الابن ولدا صالحا يدعو له كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن الإنسان إذا مات انقطع عمله من هذه الحياة إلا من ثلاث وذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم ( ولد صالح يدعو له) ولو رأى الإنسان إلى من حرم هذه النعمة بأن لا يولد له أو أنه يكون عقيما فإذا دخل البيت لا يسمع صياح الأطفال ولا أصواتهم ولا غير ذلك ولا يأنس بهم في كبرهم لا شك أنه فقد لنعمة عظيمة ولذلك امتن الله عز وجل على عباده بقوله ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزوجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات ) فهي نعمة عظيمة ينبغي للإنسان أن يشكر الله عز وجل عليها ولذلك صور بعضهم هذا الأمر بقوله:
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض

ونجد أن الشرع المطهر قد اعتنى عناية فائقة بهذا الأمر وهو موضوع تربية الأطفال والاهتمام بهم وأتى في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله ما يشهد بذلك وهو كثير ثم أن علماء المسلمين قد كتبوا في هذا الأمر كتابات كثيرة وكان من ألمع وأميز من كتب الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله حيث صنف في أحكام المولود وكتب ما يجب تجاهه قبل ولادته ثم إذا أتى إلى هذه الدنيا وما يجب في حقه من تسمية وعقيقة والعدل في الأولاد بالهبات والعطايا إلى غير ذلك من الأمور وأصبح هذا المؤلف معينا يستقي منه العارفون مما يدل على صفاء النفس وعظيم الفقه وبركة اليراع فرحمه الله من إمام ولا يزال هذا الباب مفتوحا إلى كثير من الذين يهتمون بشؤون الأسرة والتربية إلى إلقاء الضوء على هذا الأمر المهم والاستفادة من خصائص مدرسة النبوة في الأشياء التربوية الصرفة وهي كثيرة وإن العقوق الذي نشاهده كثيرا هذه الأيام لو تتبع الإنسان أسبابه لوجد أن عامته أتى من قبل الآباء كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى وقد عاتب بعضهم ولدا له في العقوق قال يا أبت إنك قد أضعت فأجاب الولد يا أبت إنك قد أضعتني صغيرا فأضعتك شيخا كبيرا وعققتني صغيرا فععقتك كبيرا فيجب الاهتمام بهذه الشريحة حيث أنه إذا صلحت لا شك أن هذا سيؤثر في المستقبل عندما يكونوا بالغين وأعضاء صالحين في المجتمع وإليك أخي المشاهد جملة من الوصايا التي أسأل الله عز وجل أن ينفعك بها.

أول هذه الوصايا
هو حسن اختيار الزوجة فإن الإنسان ربما بحث عن جمال المرأة وحسن خلقتها وصفاتها وما إلى ذلك بل ربما سأل عن وظيفتها ومالها وما تدره من أرباح وما تأتي به من مال وما تحمل به من شؤون الأسرة وأهمل موضوع الدين وهو الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم قطب رحى الموضوع فقال في الحديث (تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) فإن الدين هو الصفة التي تجمع شتات الأخلاق الحميدة والصفات الكريمة وقد أحسن بعضهم إلى أولاده بذلك وقال في ذلك:
وأول إحساني إليكم تخيري لماجدة الأعراق بادن عفافها
فإنه قد أحسن إلى أولاده باختيار الأم الصالحة لهم التي يتربون في حجرها وفي أحضانها ويسمعون منها الكلام الطيب والتربية الحسنة.

الصفة أو الوصية الثانية
حسن التسمية فإنه يجب على الأب والأم أن يختارا للولد اسما حسنا يكون فخرا له في هذه الدنيا وبعد وفاته لا يلجأ إلى أسماء أعجمية مولدة قد كثرت في هذا الزمان وتفشت وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة عندما رأى أن لها معان منكرة مشينة حيث أن الاسم يؤثر في المسمى
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

الوصية الثالثة
القدوة الحسنة بأن يكون الأب والأم قدوتين حسنتين لأطفالهما فلا يقولان إلا صدقا ا يتكلمان بالكذب في حديثهما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ( من قال لصبيه تعالى هاك فلم يعطه فإنها كذبة ) وهذا يدل على أن هذا الأمر من الأهمية بمكان حيث أنه يرسخ في ذهن الطفل أن الكذب صفة طبيعية وليست منكرة وهذا غير صحيح أيضا فإن أقارب الإنسان الذين يكونون يعيشون معه يؤثرون فيه من أصدقاء وأقارب كما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ماكان عوده أبوه
ومادان الفتى بحج ولكن يعوده التدين أقربوه

فإن الأقربين لهم أثر كبير في صلاح الإنسان واستقامته وغير ذلك من الأمور ثم أن قلب الطفل كما قيل جوهرة فارغة ليس فيها نقش ولا صورة فإذا نقش فيها الخير وحب الصفات الكريمة والخلال الحميدة نشأ وترعرع على ذلك وإذا نقش فيه المعاني المرذولة المشينة لا شك أنه سيتأثر بذلك بل لو أنه أهمل إهمال البهائم لا شك أنه سينحرف عن الجادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)

الوصية الرابعة
الحنان والعطف وإغداقه على الأطفال فإن هذا الأمر من الأهمية بمكان حيث يوفر لهم الأمن النفسي والاستقرار العاطفي ولما أخل كثير من الناس بهذا الموضوع أصبحت تسمع عن اضطرابات نفسية سيكولوجية تؤثر في سريان الإنسان وعطائه وانخراطه في المجتمع بشكل طبيعي وانسيابي فبدأنا نسمع عن ظواهر التبول اللاإرادي عند الأطفال مثلا أو شذوذ الشهية وما ينتج عنه من التهام الحصى والصابون والطباشير والتراب وغيرها من الأمور وإهمال الغذاء النافع الذي يفيد الطفل وكذلك من الخوف الذي يصل في كثير من الأحيان إلى الخوف المرضي الذي يعتمل داخل النفس ومن آثاره فقدان التواصل البصري واللفظي من الطفل حيال من حوله وغير ذلك من الأمور مثل رهاب المدرسة والخوف منها وغير ذلك من الاضطرابات النفسية الكثيرة التي بدأت تفشو وتنتشر في المجتمع وقد كان من حال النبي صلى الله عليه وسلم الاهتمام بهذه الشريحة اهتماما كبيرا فقد كان يضع الطفل في حجره عليه الصلاة والسلام وربما بال في حجره فرشه إن كان ذكرا وغسله إن كان أنثى وكان يقبل الأطفال ويجلس معهم بل أن أعرابي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورآهم يقبلون أطفالهم فقال أوتقبلون أطفالكم إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحد منهم فقال عليه الصلاة والسلام (أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك) وقال في حديث آخر ( من لا يرحم لا يُرحم)

الوصية الخامسة
الاستقرار العاطفي مطلب فإن الاستقرار الأسري وانسجام الأب والأم في البيت لا شك أنه مؤثر في الطفل وما نسمع الآن من انتشار ظواهر جنوح الأحداث وانحرافهم وسقوطهم في حمأة الرذيلة والمخدرات إلا نتاج لمثل هذه التربية المشينة حيث يذهب الطفل إلى ملاذ آمن يظله ويقله

الوصية السادسة
الجلوس مع الأولاد والاستماع إلى حديثهم وسرد القصص عليهم من قصص الأطفال والشجعان حتى يشبوا وهم متعشقين للبطولة وسير العلماء والصالحين وعدم إهمالهم فإننا نجد كثيرا من الآباء أهمل أولاده بالصفق في الأسواق أو بحرفة أو مهنة أو وظيفة أو زراعة أو غيرها أو يكون يخرج مع زملائه وأقرانه إلى المتنزهات والاستراحات ويهمل أمر أطفاله وكذلك الأم تهمل أمر أبنائها وأطفالها إلى مربية والخادمة التي لا يعلم من أين جاءت ولا إلى أين ستذهب وقد تكون كافرة وتغرس فيهم المعاني القبيحة المرذولة وعليه بعد ذلك أن يستمر في نصح الأبناء والأخذ بأيديهم ولا ينقطع فلربما استجاب الولد بعد حين وادكر بعد أمة وكذلك فإن عليه أن يزرع في أفئدتهم نشدان المعالي وتطلاب الكمال وغيرها من الصفات.

الوصية السابعة
وهي أن يسدي إليهم الجراءة أو يعلمهم الجراءة الأدبية واحترام الشخصية بأن يسمع إلى حديثهم وأن ينيط بهم الأعمال فإذا حصل إصابة قومهم وشجعهم وإذا حصل غير ذلك فإنه يقومهم ويرشدهم بلا تجريح ولا تعنيف.

الأمر والوصية الأخيرة
العدل بين الأولاد وهو مهم فبالعدل قامت السماوات والأرض وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن جار في عطيته قال: ( ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)
هذه كلمات أيها الأحبة عجلى أردت بها إلقاء الضوء على هذا الموضوع الكبير وفيها إشارة ضمنية إلى جملة الباحثين والمهتمين إلى الاهتمام بهذا الأمر بمزيد من البحث والتأليف والعناية والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team