مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   السنن الصحيحة المهجورة (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام (الحلـــــــــقة الرابعـــــــــــــة) (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=299)

الشيخ ربيع المدخلي 26-05-2004 01:05PM

حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام (الحلـــــــــقة الرابعـــــــــــــة)
 
حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام



الحـــــــلقـــــــــــــة الرابعــــــــــــــــة





--------------------------------------------------------------------------------



مشروعية كتابة السنة وثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين فضلاً عمن بعدهم




1- كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الإمام البخاري رحمه الله:
"باب كتابة العلم"، ثم أورد أربعة أحاديث:
1- بإسناده إلى أبي جحيفة قال:" قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال:لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة قال: قلت: وما في هذه الصحيفة، قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر"( 1).
2- وروى بإسناده إلى أبي هريرة : "أن خزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه فأخبر بذلك النبي  فركب راحلته فخطب فقال:"إن الله حبس عن مكة الفيل" وذكر في خطبته أشياء، قال أبو هريرة بعدها: فجاء رجل من أهل اليمن فقال : اكتب لي يا رسول الله. فقال: "اكتبـوا لأبي فلان" ( 2)، ورواه مسلم. والشاهد أمر رسول الله بكتابة هذه الخطبة التي حوت أشياء عظيمة.
3- وروى بإسناده إلى أبي هريرة  أنه قال:" ما من أصحاب النبي  أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" ( 3).
4- وروى بإسناده إلى ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: لما اشتد بالنبي  وجعه قال: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده"، قال عمر: إن النبي  غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، قال: "قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع", فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله  وبين كتابه" ( 4).
5- وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيدالله بن الأخنس أخبرنا الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن ماهك عن عبدالله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله  أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ، ورسول الله  بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله ، فقال: "اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق"( 5).
ورواه الحاكم في المستدرك(6 )بإسناده إلى الليث بن سعد حدثني خالد بن يزيد عن عبد الواحد بن قيس عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بنحوه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وفي إسناده عبد الواحد بن قيس وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة الدمشقي وهو أعلم بحاله لأنه بلديه، وضعفه يحيى القطان وغيره.
وعلى كل فهو على أقل أحواله صالح للاعتبار.
قال الحاكم عقب رواية حديث عبد الواحد: "وهذا حديث صحيح الإسناد أصل في نسخ الحديث عن رسول الله ".
ثم قال :" وله شاهد قد اتفقا على إخراجه على سبيل الاختصار عن همام ابن منبه عن أبي هريرة أنه قال: ليس أحد من أصحاب النبي  أكثر حديثاً مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب".
وعن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه همام عن أبي هريرة بنحوه.
أما حديث عبد الواحد بن قيس وحديثه عن عبد الله بن عمرو فقد وجدت له شاهداً من حديث عمرو بن شعيب ونقل بإسناده عن إسحاق بن إبراهيم أنه قال: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.
ثم ساق له شاهداً من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن سليمان عن عقيل بن خالد عن عمرو بن شعيب أن شعيباً حدثه ومجاهداً أن عبد الله بن عمرو حدثهم أنه قال: يا رسول الله أكتب ما أسمع منك؟ قال:"نعم"، قلت: عند الغضب وعند الرضا قال: "نعم إنه لا ينبغي أن أقول إلا حقاً" ثم ساقه بإسناده إلى عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو به "( 7).
وبالجملة فالحديث صحيح وقد صححه من سبق ذكرهم.
6- حديث: "قيدوا العلم بالكتاب".
رواه عدد من الأئمة من طرق عن أنس وابن عباس وعبد الله بن عمـرو -رضي الله عنهم-، وقد أورده العلامة الألباني من طرق عن الصحابة المذكورين وحسنه عن أنس وصححه بمجموع طرقه إلى الصحابة المذكورين( 8).
7- قال الإمام أحمد رحمه الله:
ثنا يحيى بن إسحاق ثنا يحيى بن أيوب حدثني أبو قبيل قال: "كنا عند عبدالله بن عمرو بن العاص، وسئل أي المدينتين تفتح أولاً، القسنطينية أو رومية؟، فدعا عبدالله بصندوق له حلق. قال: فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله  نكتب إذ سئل رسول الله  أي المدينتين تفتح أولاً القسنطينية أو رومية؟، فقال رسول الله : "مدينة هرقل تفتح أولاً"( 9) .
وأخرجه الإمام الدارمي في سننه(10 )، والحاكم في المستدرك( 11).
وأورده الألباني في الصحيحة، ونقل عن عبد الغني تحسين إسناده، وتصحيح الحاكم والذهبي له، وقال: "وهو كما قالا"( 12).
8- قال الإمام أحمد- رحمه الله:
" حدثني أبو معاوية، ثنا أبو إسحاق يعني الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن رسول الله كتب إلى أهل جرش ينهاهم أن يخلطوا الزبيب والتمر" ( 13).
قال الإمام ابن حبان-رحمه الله- في صحيحه( 14): "ذكر كِتبة المصطفى  كتابه إلى أهل اليمن.
أخبرنا الحسن بن سفيان وأبو يعلى، وحامد بن محمد بن شعيب في آخرين، قالوا: حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله  كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن وهذه نسختها وذكر فيه زكاة الحبوب والثمار، وزكاة الإبل والغنم والذهب والفضة وتحريم الصدقة على آل محمد وذكر أكبر الكبائر مثل الإشراك بالله وقتل النفس بغير حق وذكر أموراً أخرى".
ورواه الحاكم وقال:" هذا حديث كبير مفسر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز وإمام العلماء في عصره محمد بن مسلم الزهري بالصحة"( 15).
وأخرجه النسائي في سننه( 16) بإسناده إلى الحكم بن موسى قال: حدثنا يحيى ابن حمزة عن سليمان بن داود قال حدثني الزهري به، ثم قال: خالفه محمد بن بكار بن بلال أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي قال: حدثنا محمد بن بكار بن بلال قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا سليمان بن أرقم، قال حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله كتب إلى أهل اليمن. ثم قال: وهذا أشبه بالصواب والله أعلم.
وسليمان بن أرقم متروك الحديث، ثم قال: وقد روى هذا الحديث يونس عن الزهري مرسلاً.
والظاهر أن النسـائي يرجح إرسـال هذا الحديث لكنه قد صححه عدد من الأئمة.
قال الزيلعي في "نصب الراية": "قال الحاكم: إسناده صحيح وهو من قواعد الإسلام -يعني أنه صحيح من طريق سليمان بن داود-"( 17).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- في "التحقيق": "قال أحمد بن حنبل -رضي الله عنه-:" كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح.." ( 18) .
وقال بعض الحفاظ من المتأخرين: "ونسخة كتاب عمرو بن حزم تلقاها الأئمة الأربعة بالقبول، وهي متوارثة كنسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده". ثم رجح الزيلعي رواية سليمان بن أرقم المتروك قال:" لكن قال الشافعي-رضي الله عنه- في الرسالة: "لم يقبلوه حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله ".
وقال أحمد رضي الله عنه:" أرجو أن يكون هذا الحديث صحيحاً".
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي:" لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح منه كان أصحاب النبي  والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم".
ورواه البيهقي في سننه بسند ابن حبان ثم قال:" وقد أثنى جماعة من الحفاظ على سليمان بن داود الخولاني منهم أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وعثمان بن سعيد الدارمي وابن عدي الحافظ، قال:" وحديثه هذا يوافق رواية من رواه مرسلاً ويوافق رواية من رواه من جهة أنس بن مالك وغيره موصولاً".
وقد روى بعض هذا الحديث الإمام مالك في الموطأ ( 19) في كتاب العقول عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه هكذا مرسلاً.
فقال ابن عبد البر في التمهيد ( 20):
"لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد، وقد روي مسنداً من وجه صالح، وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة وقد روى معمر هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده وذكر ما ذكره مالك سواء في الديات"، وزاد في إسناده عن جده.
وروي هذا الحديث أيضاً عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده بكماله، وكتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء وما فيه فمتفق عليه إلا قليلاً وبالله التوفيق.
ومما يدلك على شهرة كتاب عمرو بن حزم وصحته ما ذكره ابن وهب عن مالك والليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه من رسول الله  فيه:".. وفيما هنالك من الأصابع عشر عشر فصار القضاء في الأصابع إلى عشر عشر..".
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله- بعد نقل كلام من ضعف الحديث بسليمان بن أرقم: " وصححه الحاكم وابن حبان كما تقدم والبيهقي ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أرجو أن يكون صحيحاً".
وذكر تزكيات لسليمان بن داود الخولاني ثم قال: وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من حيث الإسناد بل من حيث الشهرة؛ فقال الشافعي في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله ، وقال ابن عبد البر:" هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم..."، إلى آخر كلام ابن عبد البر.
قال: "وقال العقيلي: هذا حديث ثابت محفوظ إلا أننا نرى أنه كتاب غير مسموع عمن فوق الزهري"( 21).
ومما يؤكد شهرته وصحته ما رواه أبو عبيد في" الأموال" قال( 22):
1- "حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حبيب بن أبي حبيب قال: حدثنا عمرو بن هرم، قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري قال: لما استخلف عمر بن عبدالعزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله  في الصدقات وكتاب عمر بن الخطاب فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله  إلى عمرو بن حزم في الصدقات، ووجد عند آل عمر كتاب عمر في الصدقات مثل كتاب رسول الله  قال: فنسخا له.
قال: فحدثني عمرو بن هرم أنه طلب إلى محمد بن عبد الرحمن أن ينسخه ما في ذينك الكتابين فنسخ له ما في هذا الكتاب من صدقة الإبل والبقر والغنم والذهب والورق والتمر أو الثمر والحب والزبيب"(23 )، ثم ذكر باقي الحديث.
وإذن فالكتاب كان مشهوراً لدى التابعين.
2- وقال أبو عبيد: "وحدثنا حجاج، عن ابن جريج قال أعطاني عثمان ابن عثمان كتاباً كتب به عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إلى محمد بن هشام -وهو عامل على أهل مكة- قال: -وهو زعموا- الكتاب الذي كتب به رسول الله  إلى عمرو بن حزم بسم الله الرحمن الرحيم هذا فرض رسول الله  فريضة الغنم والإبل.."( 24).
3- وقال الدارقطني: "حدثنا الحسين بن صفوان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبو صالح الحكم بن موسى قال: حدثنا إسماعيل ابن عياش، عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، عن جده أن النبي  كتب له إذ وجهه إلى اليمن: في الأنف إذا استوعب جدعه الدية كاملة، والعين نصف الدية، والرجل نصف الدية، والمأمومة ثلث الدية، والمنقلة خمس عشرة من الإبل، والموضحة خمس من الإبل، وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل.." ( 25).
4- حدثنا محمد بن أحمد بن قطن قال: حدثنا أحمد بن منصور قال: حدثنا عبدالرزاق قال: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده:" أن النبي  كتب لهم كتاباً: في الموضحة خمس من الإبل، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة، وفي العين خمسون من الإبل، وفي الأنف إذا أوعى جدعه الدية كاملة، وفي السن خمس من الإبل، وفي الرجل خمسون، وفي كل إصبع مما هنالك من أصابع اليدين والرجلين عشر عشر.." ( 26).
5- وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي قال:" حدثنا نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي : كتب لعمرو بن حزم في خمس من الإبل شاة...وساق نعيم الحديث بطوله" ( 27).
6- وقال أبو داود:" حدثنا موسى بن إسماعيل قال حماد قلت لقيس بن سعد: خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتاباً أخبر أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي  كتب لجده فقرأته فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل فقص الحديث إلى أن يبلغ عشرين ومائة..."الحديث ( 28).
7- وقال الطحاوي: "حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية الأنصاري عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري أخبره أن هذا كتاب رسول الله لعمرو بن حزم في الصدقات...فذكر فيما زاد على العشرين والمائة كذلك أيضاً.."( 29).
8- وقال الطحاوي أيضاً:" حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال: حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- أن النبي  كتب لعمرو بن حزم فرائض الإبل ثم ذكر فيما زاد على العشـرين والمائـة كذلك أيضاً.."( 30) .
فهذه الروايات بالإضافة إلى ما سبق تفيد علماً يقيناً أن رسول الله  كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم في الصدقات.
قال أبو عبيد: "حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة، عن يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب قال: هذه نسخة كتاب رسول الله  في الصدقات، قال: وكانت عند آل عمر بن الخطاب؟ قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله ابن عمر ..."، ثم اقتصر أبو عبيد على صدقة الإبل بتفاصيلها لأنه أورده في باب الصدقة في الإبل.
وقال أبو عبيد:" وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يونس ابن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بمثل هذه النسخة والقصة.
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن كثير عن الزهري عن سالم ، قال أبو عبيد: أحسبه عن أبيه – بمثل ذلك أيضاً أو نحوه-.
قال أبو عبيد: وكان عباد بن العوام يحدث بهذا الحديث عن سفيان بن حسين عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه حدثت بذلك عنه"( 31).


2- كتابة الصحابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته.


1- أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-.
قال البخاري- رحمه الله -: حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنساً حدثه أن أبا بكر t كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين:" بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله  على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله..."، ثم ذكر فرائض الإبل وفرائض الغنم بتفاصيلها ثم قال: وفي الرقة ربع العشر" ( 32).
وأخرجه من هذا الوجه ابن ماجـه (33 ) وابن خزيمـة (34 ) وابن حبان (35 )، وأخرجه غيرهم كابن الجارود والطحاوي والبيهقي.
وأخرجه أحمد في مسنده ( 36) قال حدثنا أبو كامل قال ثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك: "أن أبا بكر t كتب لهم أن هذه فرائض الصدقة..." الحديث.
وأخرجه أبو داود ( 37) والنسـائي(38 ) والدارقطني (39 ) كلهم من طريق حماد ابن سلمة به.
2- وقال الإمام أحمد في المسند( 40): حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: كان رسول الله  قد كتب الصدقة ولم يخرجها إلى عماله حتى توفي، فأخرجها أبو بكر من بعده فعمل بها حتى توفى ثم أخرجها عمر من بعده فعمل بها قال: فلقد هلك عمر يوم هلك وأن ذلك لمقرون بوصيته".
وذكر فيها فريضة الإبل بتفاصيلها ثم فريضة الغنم بتفاصيلها وأخرجه أبو داود( 41) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين به.
قال الألبـاني:" قلت: إسناده صحيح ورجاله ثقات رجال الشيخين على ضعف في روايته عن الزهري خاصة لكنه قد توبع وأشار البخـاري إلى تقويته كما ذكـرت في "الإرواء (792)" وتشهد له رواية الزهري الآتية بعد الرواية الثانية عن نسخة كتاب رسول الله  التي عند آل عمر" .
وأخرجه الترمذي(42 ) من طريق زياد بن أيوب البغدادي وإبراهيم بن عبدالله الهروي ومحمد بن كامل المروزي قالوا حدثنا ابن العوام عن سفيان بن حسين به، وقال عقبه: "حديث ابن عمر حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء، وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم بهذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين".
وقد أخرج أبو عبيد هذا الحديث من طرق عديدة إلى الزهري وغيره، وقال عقبها: "قال أبو عبيد: وقد تواترت الآثار من أمر رسول الله  في الصدقة وكتاب عمرو وما أفتى به التابعون بعد ذلك"( 43).
وانظر تعليق شعيب الأرناؤوط وشركاه على حديث سفيان بن حسين هذا من مسند الإمام أحمد( 44).


3- كتابة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قال أبو عبيد:" وحدثنا حجاج عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد أن أبا بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر كتب إليه بكتاب نسخه أبو بكر بن عبيد الله من صحيفة وجدها مربوطة بقراب عمر بن الخطاب"( 45).
قال أبو عبيد: وحدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير وعبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال: هذا كتاب الصدقة في أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة ثم ذكر مثل ذلك -أيضاً-، وقال: قال الليث حدثني نافع أن هذه نسخة كتاب عمر بن الخطاب وكانت مقرونة مع وصيته.
وقال الليث: وأخبرني نافع أنه عرضها على عبد الله بن عمر مرات"( 46).
وتقدمت رواية أبي عبيد بإسناده إلى محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أن عمر بن عبدالعزيز لما استخلف أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله  في الصدقات وكتاب عمر بن الخطاب.... وفيه:" ووجد عند آل عمر كتاب عمر في الصدقات مثل كتاب رسول الله  قال فنسخـا له ... إلى آخره".
وقال الإمام البخاري- رحمه الله – : "حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا عاصم، عن أبي عثمان، قال: "كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي  : نهى عن لبس الحرير إلا هكذا -وصف لنا النبي  إصبعيه ورفع زهير الوسطى والسبابة-" (47 ).


4- كتابة علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام البخاري(48 ): حدثنا محمد بن سلام، قال أخبرنا وكيع عن سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة قال:" قلت: لعلي: هل عندكم كتاب؟
قال: لا. إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة.
قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟، قال العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر".
وقال الإمام البخاري- أيضاً-:
وقال الحميدي: حدثنا سفيان، حدثنا محمد بن سوقة، قال: سمعت منذراً الثوري، عن ابن الحنفية قال:" أرسلني أبي خذ هذا الكتاب، فاذهب به إلى عثمان فإن فيه أمر النبي  بالصدقة" ( 49).


5- كتابة أنس بن مالك .

روى الإمام مسلم( 50) بإسناده إلى ثابت عن أنس بن مالك قال: حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك... قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله  أني أحب أن تأتيني فتصلي في منـزلي فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي  ومن شاء الله من أصحابه، وذكر حديثهم حول مالك بن دخشم وقول النبي :" أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟، قالوا: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه، قال: لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه"( 51).
قال أنس:" فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني أكتبه فكتبه".


6- كتابة أبي هريرة .

سبق قوله:" ما من أصحاب النبي  أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"، وسبق عنه رواية أمر النبي  بكتابة خطبته في تحريم الحرم وفي بيان أن القتل موجب للقود أو الدية.
فهو يروي هذا لبيان مشروعية كتابة حديث رسول الله  ، ومن هنا نرى أن عدداً من أصحابه كانوا يكتبون عنه حديثه عن رسول الله .
ومن أصحابه الذين كتبوا حديثه عن رسول الله  همام بن منبه وله صحيفة مشهورة باسم "صحيفة همام بن منبه"( 52) .
ومنهم بشير بن نهيك قال أبو بكر بن أبي شيبة: نا وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز عن بشـير بن نهيـك قال: كنت أكتب ما أسمع من أبي هريرة فلما أردت أن أفارقـه أتيته بكتابه فقرأته عليه وقلت: هذا ما سمعته منك ؟ قال: نعم "(53 ) وإسناده صحيح.


7- كتابة أبي سعيد

روى الإمام مسلم بإسناده إلى أبي نضرة قال: "سألت ابن عباس عن الصرف؟ فقال: أيداً بيد؟ قلت: نعم، قال: فلا بأس به. فأخبرت أبا سعيد فقلت: إني سألت ابن عباس عن الصرف فقال: أيداً بيد؟ قلت: نعم قال: فلا بأس به، قال: أو قال ذلك؟ إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه"، ثم روى عن رسول الله  حديثاً في تحريم ربا الفضل في التمر ( 54).
وهذا يدل على أن أبا سعيد يجيز كتابة حديث رسول الله  لأنه لا يكتب إلى ابن عباس في هذا الموضوع الكبير إلا حديث رسول الله  لا رأيه.
وروى الخطيب البغدادي قول أبي سعيد: "ما كنا نكتب شيئاً غير القرآن والتشهد" من طريقين، ثم قال:" قلت: أبو سعيــد هو الذي روي عنه أن رسول الله  قال : "لا تكتبــوا عني سوى القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ".
ثم هو يخبر أنهم كانوا يكتبون القرآن والتشهد، وفي ذلك دليل أن النهي عن كتب ما سوى القرآن إنما كان على الوجه الذي بيناه من أن يضاهى بكتاب الله تعالى غيره، وأن يشتغل عن القرآن بسواه، فلما أُمن ذلك، ودعت الحاجة إلى كتب العلم لم يكره كتبه كما لم تكره الصحابة كتب التشهد ولا فرق بين التشهد وغيره من العلوم في أن الجميع ليس بقرآن، ولن يكون كتب الصحابة ما كتبوه من العلم وأمروا بكتبه إلا احتياطاً كما كان كراهتهم لكتبه احتياطاً -والله أعلم-" ( 55).
قال ابن القيم:" قد صح عن النبي النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخر، فيكون ناسخاً لحديث النهي فإن النبي  قال في غزاة الفتح:" اكتبوا لأبي شاه"، يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة وحديثه متأخر عن النهي، لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها "الصادقة" ولو كان النهي عن الكتابة متأخراً لمحاها عبد الله، لأمر النبي بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا واضح والحمد لله.
وقد صح عن النبي أنه قال لهم في مرض موته:" ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً".
وهذا إنما كان يكون كتابة كلامه بأمره وإذنه.
وكتب النبي  لعمرو بن حزم كتاباً عظيماً: فيه الديات، وفرائض الزكاة وغيرها.
وكتبه في الصدقات معروفة، مثل كتاب عمر بن الخطاب، وكتاب أبي بكر الصديق الذي دفعه إلى أنس - رضي الله عنهم-.
وقيل لعلي: هل خصكم رسول الله  بشيء؟ فقال:لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا ما في هذه الصحيفة وكان فيها العقول وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر".
وإنما نهى النبي  عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما علم القرآن وتميز وأفرد بالضبط والحفظ، وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة.
وقد قال بعضهم: إنما كان النهي عن كتابة مخصوصة، وهي: أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة، خشية الالتباس، وكان بعض السلف يكره الكتابة مطلقاً، وكان بعضهم يرخص فيها، حتى يحفظ فإذا حفظ محاها.
وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل." (56 )
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرح حديث أبي هريرة:" ما من أصحاب النبي  أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا اكتب"الحديث:
"ويستفاد منه ومن حديث علي المتقدم ومن قصة أبي شاه أن النبي  أذن في كتابة الحديث عنه وهو يعارض حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله  قال:" لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن" رواه مسلم.
والجمع بينهما أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك، أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد والإذن في تفريقهما، أو أن النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربها مع أنه لا ينافيها، وقيل النهي خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن منه ذلك.
ومنهم من أعلَّ حديث أبي سعيد وقال: الصواب وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره.
قال العلماء: كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظاً كما أخذوه حفظاً، ولكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه.
وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير فلله الحمد"(57 )


8- كتابة عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – وثبوتها.

قال الإمام أحمد –رحمه الله-: حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد – يعني بن أبي أيوب-، حدثني أبو صخر عن نافع قال: كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه مرة عبد الله بن عمر إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي فإني سمعت رسول الله  يقول: "سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر" (58 ).
وقال - رحمه الله -:
" حدثنا حماد بن مسعدة، عن ابن عجلان، وصفوان قال: أنا ابن عجلان المعني، عن القعقاع بن حكيم أن عبدالعزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر: أن ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه عبد الله بن عمر إني سمعت رسول الله  يقول: "ابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى"، وإني لأحسب اليد العليا المعطية والسفلى السائلة، وإني غير سائلك شيئاً ولا رادّ رزقاً ساقه الله إلي منك ( 59) ".
وقال الإمام البخاري - رحمه الله -:
"وقال لي علي بن الحسن: أخبرنا أبو حمزة عن إبراهيم الصائغ عن نافع: كان ابن عمر إذا أراد أن يخرج إلى السوق نظر في كتبه " ( 60).
وقال الإمام أحمد:" ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي فروة الهمداني سمعت عوناً الأزدي قال: كان عمر بن عبيد الله بن معمر أميراً على فارس، فكتب إلى ابن عمر يسأله عن الصلاة فكتب ابن عمر: إن رسول الله كان إذا خرج من أهله صلى ركعتين حتى يرجع إليهم" ( 61).
صحح إسناده أحمد محمد شاكر (62 ) وفي تصحيحه نظر.
وقد كتب جماعة أحاديث ابن عمر منهم نافع مولاه وعند أحمد أنه كان لنافع كتاب ذكره ابن عون( 63).


9-كتابة ابن عباس –رضي الله عنهما-للعلم وثبوت ذلك عن تلاميذه.

قال الإمام أحمد - رحمه الله -:" ثنـا أبو معاوية ثنـا الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال: كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسـأله عن قتل الصبيان، وعن الخمس لمن هو، وعن الصبي متى ينقطـع عنـه اليتم، وعن النساء هل كان يخرج بهن أو يحضرن القتال وعن العبد هل له في المغنم نصيب؟.
قال: فكتب إليه ابن عباس: أما الصبيان فإن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم.
وأما الخمس فكنا نقول: إنه لنا فزعم قومنا أنه ليس لنا.
وأما النساء، فقد كان رسول الله  يخرج معه بالنساء فيداوين المرضى، ويقمن على الجرحى ولا يحضرن القتال، وأما الصبي فينقطع عنه اليتم إذا احتلم.
وأما العبد فليس له من المغنم نصيب، ولكنهم قد كان يرضخ لهم " ( 64).
وقال البخاري -رحمه الله-: " حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: " كتبت إلى ابن عباس، فكتب إليَّ: أن النبي  قضى أن اليمين على المدعى عليه" ( 65).
وكان تلاميـذه يكتبون الحديث عنه ومنهم سعيد بن جبير -رحمه الله-، قال الإمام الدارمي:" أخبرنا إسماعيل بن أبان عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال: كنت أكتب عند ابن عباس في صحيفة وأكتب في نعلي " (66 ).


10- كتابة جابر بن سمرة – رضي الله عنه-.

روى مسلم بإسناده إلى عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله  قال: فكتب إلي: سمعت رسول الله  يوم جمعة عشية رجم الأسلمي. يقول: " لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش"، وسمعته يقول:" عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض. بيت كسرى أو آل كسرى" وسمعته يقول:" إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم" وسمعته يقول:" إذا أعطى الله أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته"، وسمعته يقول: " أنا الفرط على الحوض" ( 67).
فهذه جملة من الأحاديث كتبها جابر بن سمرة -رضي الله عنه- إلى عامر بن سعد.


11- الكتابة عن جابر بن عبد الله الأنصاري – رضي الله عنه-.

قال الحافظ الذهبي:" له منسك صغير في الحج أخرجه مسلم" (68 ).
وكتب عنه سليمان بن قيس اليشكري صحيفة .
وروى عنه أبو الزبير وأبو سفيان والشعبي عن جابر وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة وكذلك قتادة (69 ).
وقال البخاري:" روى قتادة وأبو بشر والجعد أبو عثمان عن كتاب سليمان بن قيس " ( 70).
وهؤلاء علماء، وقتادة بصري، والشعبي كوفي، وكل منهما إمام في بلده، وهذا عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس وإمام أهل مكة في زمانه يروي الإمام أحمد بإسناده إلى يزيد بن أبي حبيب أن عطاء كتب يذكر أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول: سمعت رسول الله  يقول عام الفتح: " إن الله عز وجل ورسوله حرم بيع الخنازير وبيع الميتة، وبيع الخمر، وبيع الأصنام"، وقال رجل: يا رسول الله ما ترى في شحوم الميتة، فإنها يدهن بها السفن والجلود، ويستصبح بها؟ فقال رسول الله : "قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها أخذوه فجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه" ( 71).


12- كتابة رافع بن خديج – رضي الله عنه-.

روى مسلم بإسناده إلى نافع بن جبير أن مروان بن الحكم خطب الناس، فذكر مكة وأهلها وحرمتها، ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها فناداه رافع بن خديج، فقال: مالي أسمعك ذكرت مكة وأهلها وحرمتها ولم تذكر المدينة وأهلها وحرمتها؟. وقد حرم رسول الله  ما بين لابتيها. وذلك عندنا في أديم خولاني إن شئت أقرأتكه قال: فسكت مروان ثم قال: قد سمعت بعض ذلك" ( 72).


13- زيد بن أرقم – رضي الله عنه- يكتب إلى أنس بن مالك –رضي الله عنه-.

روى الإمام البخـاري ( 73) بإسناده إلى عبد الله بن الفضل أنه سمع أنس بن مالك - رضي الله عنه- يقول: حزنت على من أصيب بالحرة فكتب إلي زيد ابن أرقم –وبلغه شدة حزني– يذكر أنه سمع رسول الله  يقول: "اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار" -وشك ابن الفضل في أبناء أبناء الأنصار-، فسأل أنساً بعض من كان عنده فقال: هو الذي يقول رسول الله  هذا الذي أوفى الله له بإذنه ".
وأخرجه الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي بكر بن أنس قال: كتب زيد بن أرقم إلى أنس يعزيه بمن أصيب من ولده وقومه يوم الحرة فكتب إليه أبشرك ببشرى..."، وذكره بنحوه وفيه بعض الزيادة ( 74).
وأخرجه الإمام الترمذي من طريق ابن جدعان عن النضر بن أنس عن زيد ابن أرقم بنحوه " ( 75).
والحديث يطول عمن كان يكتب حديث رسول الله، أو يكتب عنهم، وقد ذكر الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في كتابه "دراسات في الحديث النبوي"، اثنين وخمسين صحابياً ممن كتب عنهم الحديث، وذكر عدداً كثيراً ممن كتب عنهم من التابعين.
وذكر الخطيب في كتابه تقييد العلم عدداً جيداً من التابعين اهتموا بكتابة الحديث النبوي لا يتسع المقام لذكرهم ودراسة الأسانيد إليهم.
وذكر محمد مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً يبلغ ( 152 ) وأضعافهم ممن كتب عنهم من أهل العلم وطلابه ونحيل من يريد المزيد إلى المصادر المعروفة، ومنها المصدران المشار إليهما، ولكن لا بد أن نذكر بعضهم:


1- فمنهم الإمام نافع مولى ابن عمر – رضي الله عنهما -.


قال الإمام الدارمي: "أخبرنا الوليد بن شجاع أخبرنا محمد بن شعيب بن شابور ثنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن سليمان بن موسى: أنه رأى نافعاً مولى ابن عمر يملي علمه ويكتب بين يديه" ( 76).


2- ومنهم أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ت ( 104هـ ] من أئمة الإسلام.


قال محمد بن سعد:
أخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدثنا حماد بن زيد قال: أوصى أبو قلابة، قال:" ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حياً وإلا فأحرقوها ؟ "( 77).
ثم قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: مات أبو قلابة بالشام بداريا وكان مكتبه بالشام ".


3- ومنهم الإمام الشعبي الإمام الشهير.


قال أبو خيثمة: حدثنا وكيع عن أبي كيران قال: سمعت الشعبي قال: إذا سمعت شيئاً فاكتبه ولو في الحائط" ( 78).
وله كتب منها: كتاب "الجراحات"، وكتاب في "الصدقات"، وكتاب في "الفرائض"، وكتاب في "الطلاق" (79 ).


4- ومنهم الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز (ت:101هـ


قال الإمام الدارمي: أخبرنا الحسين بن منصور ثنا أبو أسامة، حدثني سليمان بن المغيرة قال أبو قلابة: خرج علينا عمر بن عبدالعزيز لصلاة الظهر ومعه قرطاس ثم خرج علينا لصلاة العصر وهو معه فقلت له: يا أمير المؤمنين ماهذا الكتاب؟ قال: حديث حدثني به عون بن عبد الله فأعجبني فكتبته "( 80).
وقال الإمام البخاري - رحمه الله –:"...وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله  فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي ، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم...".
حدثنا العلاء بن عبد الجبار حدثنا عبدالعزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار بذلك يعني حديث عمر بن عبدالعزيز إلى قوله: " ذهاب العلماء..."( 81).

5- ومنهم الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الذي له يد طولى في خدمة السنة وحفظها ونشرها وهذا أمر مشهور عنه.


قال عبد الرزاق عن معمر عن صالح بن كيسان قال: "اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن فكتبنا كل شيء سمعناه عن النبي  ثم كتبنا –أيضاً– ما جاء عن أصحابه، فقلت: لا ليس بسنة، وقال هو: بل هو سنة، فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت " ( 82).

6- ومنهم الإمام الحسن بن أبي الحسن البصري الإمام الشهير (ت:110هـ


قال أبو خيثمة: حدثنا جرير عن الأعمش عن الحسن قال:" إن لنا كتباً نتعاهدها" ( 83).


7- ومنهم أبو المليح عامر أو زيد بن أسامة (ت 98 وقيل 108هـ


• قال الدارمي أخبرنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي المليح، قال:"يعيبون علينا الكتاب وقد قال الله: عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ (طـه: 52)" (84 ).
أما الذين كتبوا الحديث من التابعين كبارهم وصغارهم وطلابهم فلا يحصى عددهم إلا الله.


--------------------------------------------------------------------------------



الشبهة السادسة عشرة:


قال محمد صدقي:
"نهى بعضهم عن التحديث، وكذلك علماء التابعين".
أقول:
هذه دعوى كبيرة فأين أدلتها؟ ومن هم هذا البعض ؟.
ومن هم هؤلاء العلماء من التابعين الذين كانوا ينهون عن التحديث عن رسول الله ؟، وكيف يكون هؤلاء علماء دون تعلمهم سنة نبيهم  ؟.
وقد تعلق شبيهه في حرب السنـة محمود أبو رية بما ذكره الذهبي -رحمه الله – في "تذكرة الحفاظ" (85 ) حيث قال في ترجمة أبي بكر الصديق : "ومن مراسيل ابن أبي مليكة أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله  أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه".
ولقد أهمل هذا الرجل نقد الذهبي لهذه الرواية وبيانه أنها مرسلة والمرسل لا تقوم به الحجة.
وأهمل بيان الذهبي لمقصود أبي بكر على فرض صحة الرواية ألا وهو التثبت والاحتياط.
وأهمل ما نقله الذهبي في سياق الحديث عن الصديق أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث، فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، وما علمت أن رسول الله  ذكر لك شيئاً. ثم سأل الناس فقام المغيرة، فقال: حضرت رسول الله  يعطيها السدس، فقال له هل معك أحد، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها.
أفمن هذا حاله ينهى الناس عن الحديث عن رسول الله .
قال الذهبي في هذا السياق: "وصح عن الصديق أنه خطبهم، فقال: "إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار".
وذكر حديثاً آخر عنه  وهذا الذي رواه حديث عن النبي  والذي خطب به كذلك هو حديث عن النبي  لماذا تجاهل هذا الرجل حكم الذهبي على هذا الأمر؟.
ولماذا تجاهل هذه السياقات التي هي ضد منهجه وغايته؟.
ولماذا تجاهل بيان الذهبي مقاصد أبي بكر اللائقة به ويسوق النص لضد مقصده وما يليق بمكانته؟.
لقد روى أبو بكر عن رسول الله  مائة واثنين وأربعين حديثاً اتفق الشيخــان على ستة منها وانفرد البخاري بأحد عشر حديثاً ومسلم بحديث( 86)" هذا على قصر مدة حياته بعد النبي  واشتغاله بأعباء الخلافة والجهـاد والقضـاء على الـردة، ولو طالت به الحياة لروي عنه الكثير المبارك -رضي الله عنه-.


--------------------------------------------------------------------------------



الشبهة السابعة عشرة:

قوله: " كان أفاضلهم أقلهم حديثاً ويصدفون عنه، ولو كان واجباً لما كان هذا حالهم ".
وهذه شبهة سخيفة، والجواب عنها من وجوه:
أن الصحابة كلهم أفاضل وتفاوتهم لا يرجع إلى قلة الرواية وكثرتها وإنما يرجع إلى أمور أخرى منها:
1- أن تبليغ القرآن والسنة إنما هو واجب على عموم المسلمين في الجملة إذ هو من فروض الكفايات فإذا قام بهذا الواجب بعض الأمة سقط الحرج عن الباقين.
فمن قال: إن تبليغ القرآن كان فرضاً عينيَّاً على جميع الصحابة فضلاً عن السنة؟.
2- أن قلة الحديث وكثرته ليس سببه كراهة تبليغ السنة أو محبتها، وإنما سببه التفرغ لتحمله أولاً ثم لتبليغه ثانياً كما هو حال أبي هريرة  وإخوانه من المكثرين مثل جابر بن عبد الله وعائشة وأنس وعبد الله بن عمر وعبد الله ابن عباس -رضي الله عنهم-.
3- أن الأمر يرجع إلى الدواعي إلى التبليغ وعدمها.
4- أن الأمر يرجع إلى اعتقادهم أن هذا التبليغ إنما هو من فروض الكفايات.
هذا مع اشتغال بعضهم بالجهاد وتفرغ الآخرين للتبليغ كما قال تعالى:
 فَلَوْلا نَفَـرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَـةٍ مِنْهُمْ طَائِفـَةٌ لِيَتَفَقَّهُـوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْـذِرُوا قَوْمَهـُمْ إِذَا رَجَعُـوا إِلَيْهِـمْ لَعَلَّهُـمْ يَحْذَرُونَ  (التوبة: 122). فإذا تصدى بعضهم للجهاد وغيره من مصالح المسلمين تصدى غيرهم للدعوة ونشر القرآن والسنة فيكمل عمل بعضهم عمل البعض الآخر تبليغاً وتطبيقاً.
أما الدعوى أنهم يصدفون عن رواية الحديث وتبليغه استصغاراً لشأنه فإنها فرية كبيرة على أصحاب محمد  برأهم الله منها والمؤمنون.


الشبهة الثامنة عشرة:

قول محمد صدقي:
" من كان من الصحابة كثير الحديث ملوا منه ونهوه وزجروه كما فعل عمر بأبي هريرة، وشكوا فيه وقالوا إنه يضع الشيء في غير موضعه، ونسبوه للجنون كما في كتبكم".
أقـول:
هذا الكلام كله هذيان بالباطل وافتراء على أصحاب رسول الله .
وقد سبقه إلى مثل هذا الباطل الملاحـدة وغلاة الرفض وشاركه في الإرجاف به المستشرقون ومن سار على نهجهم من المنتسبين إلى الإسلام مثل أحمد خان وأتباعه ومثل أحمد أمين وأبي رية ومن خذله الله باتباعهم، وقد دفع أباطيل هؤلاء عدد من العلماء منهم الشيخ عبد الرحمن المعلمي في كتابه " الأنوار الكاشفة"، والشيخ عبد الرزاق حمزة في كتابه "ظلمات أبي رية".
قال العلامة المعلمي في كتابه " الأنوار الكاشفة لما في أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة " (87 )، الذي دحض فيه أباطيل أبي رية وبين فيه أكاذيبه وخيانته ومجازفاته.
قال - رحمه الله -:
"وقال (ص:162) –يعني: أبا رية- " كثرة أحاديثه"( 88)، ثم قال (ص:163): وقد أفزعت كثرة رواية أبي هريرة عمر بن الخطاب فضربه بالدرة وقال له: "أكثرت يا أبا هريرة من الرواية وأَحْرِ بك أن تكون كاذباً".
1- قال المعلمي: "أقول: لم يعز هذه الحكاية هنا وعزاها (ص:171) إلى شرح "النهج" لابن أبي الحديد حكاية عن أبي جعفر الإسكافي، وابن أبي الحديد من دعاة الاعتزال والرفض والكيد للإسلام وحاله مع ابن العلقمي الخبيث معروفة.
والإسكافي من دعاة المعتزلة والرفض –أيضاً- في القرن الثالث ولا يعرف له سند.
ومثل هذه الحكايات الطائشة توجد بكثرة عند الرافضة والناصبة وغيرهم بما فيه انتقاص لأبي بكر وعمر وعلي وعائشة وغيرهم وإنما يتشبث بها من لا يعقل.
وقد ذكر ابن أبي الحديد (1/360) أشياء عن الإسكافي من الطعن في أبي هريرة وغيره من الصحابة وذكر من ذلك مزاح أبي هريرة فقال ابن أبي الحديد " قلت: قد ذكر ابن قتيبة هذا كله في كتاب المعارف(89 ) في ترجمة أبي هريرة، وقوله فيه حجة لأنه غير متهم عليه".
وفي هذا إشارة إلى أن الإسكافي متهم. ونحن كما لا نتهم ابن قتيبة قد لا نتهم الإسكافي باختلاق الكذب، ولكن نتهمه بتلقف الأكاذيب من أفاكي أصحابه الرافضة والمعتزلة.
وأهل العلم لا يقبلون الأخبار المنقطعة، ولو ذكرها كبار أئمة السنة فما بالك بما يحكيه ابن أبي الحديد عن الإسكافي عمن تقدمه بزمان".
ثم قال: "قال أبو رية (ص:163): "ومن أجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر وذهاب الدرة إذ أصبح لا يخشى أحداً بعده".
قال المعلمي: أقول: لم يمت الحق بموت عمر –رضي الله عنه- وسيأتي تمام هذا".
ثم ذكر أثرين إلى أبي هريرة أحدهما معلّ بالانقطاع وفي إسناد الثاني متهم وذكر أنه يقابلهما آثار.
ثم قال المعلمي -رحمه الله-: "وبعد فإن الإسلام لم يمت بموت عمر، وإجماع الصحابة بعده على إقرار أبي هريرة على الإكثار مع ثناء جماعة منهم عليه، وسماع كثير منهم منه، وروايتهم عنه كما يأتي يدل على بطلان المحكي عن عمر من منعه.
بل لو ثبت المنع ثبوتاً لا مدفع له لدلّ إجماعهم على أن المنع كان على وجه مخصوص أو لسبب عارض أو استحساناً محضاً لا يستند إلى حجة ملزمة، وعلى فـرض اختـلاف الرأي فإجماعهم بعد عمر أولى بالحق من رأي عمر-رضي الله عنه-"( 90).
إن عدداً من الصحابة معدودين في المكثرين من الرواية فمنهم أصحاب الألوف ومنهم من روى ما يربوا على ألف حديث ومنهم أصحاب المئين ومنهم أصحاب المأتين.
فإذا كان أبو هريرة- رضي الله عنه- قد روى خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً فقد روى ثلاثة من الصحابة ما يزيد مجموعه على هذا العدد فقد روى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- ألفي حديث وستمائة وثلاثين حديثاً.
وروى أنس بن مالك رضي الله عنه ألفي حديث ومائتين وستة وثمانين حديثاً.
وروت عائشة -رضي الله عنها- ألفي حديث ومائتي حديث وعشرة أحاديث.
فمجموع ما رواه هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم يبلغ سبعة آلاف حديث ومائة وستة وعشرين حديثاً.
أي أنها تزيد على مجموع ما رواه أبو هريرة  بسبعمائة حديث وألف حديث.
وأربعة آخرون وهم عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبو سعيد وابن مسعود -رضي الله عنهم- يروون خمسة آلاف حديث ومائتين وعشرة أحاديث أي أن الفارق بسيط جداً بين مارواه أبو هريرة ومجموع ما رواه هؤلاء الأربعة فمن هم الصحابة الذين ملوهم ونهوهم وزجروهم.
لم تستطع أن تذكر من هؤلاء الزاجرين الناهين إلا عمر رضي الله عنه البريء -والحمد لله- من هذه التهمة التي يفتريها عليه الروافض والزنادقة ليشوهوه ويشوهوا أبا هريرة الذي هو قذى في أعينهم لأنه أحفظ حفاظ أصحاب محمد  لسنة رسول الله التي تغيظهم كما يغيظهم أصحاب محمد .
2- ما كان الصحابة يشك بعضهم في بعض ولا يكذب بعضهم بعضاً فهذا أبو هريرة رضي الله عنه الذي يحشد أهل الإلحاد والرفض قواهم لإسقاطه وإسقاط رواياته عن رسول الله  لا يلقى من الصحابة والتابعين وأفاضل الأمة - رغم أنوف الحاقدين - إلا الإجلال والإكبار والثقة الكبيرة به.
فيروي عنه من أهل العلم والفضل من الصحابة والتابعين نحو من ثمانمائة.
والأمة من التابعين الكرام ومن تبعوهم بإحسان يقدرونه ويعتزون به وبحفظه لسنة رسول الله  الذي كان ثمرة لملازمته لرسول الله  وحرصه على السنة كما شهد له بهذا الحرص رسول الله .


الشبهة التاسعة عشرة:

قوله: " إن أئمة المسلمين لم يتفقوا على الصحيح منها وما منهم من أحد إلا خالف في مذهبه كثيراً منها".
والجواب على هذا من وجوه:
1- أن علماء الإسلام وعلى رأسهم أئمة الفقه والحديث متفقون على تعظيم سنة رسول الله  وعلى وجوب الأخذ بها في دينهم ودنياهم وأنها الأصل الثاني مع كتاب الله وعلى أنها حجة في دين الله أصوله وفروعه.
2- أنه ما من إمام إلا حث أتباعه على التمسك بالكتاب والسنة ودعاهم إلى ترك أقواله إذا خالفت الكتاب والسنة، وقد سبق أن ذكرنا أقوالهم في هذا الشأن. ومن ذلك قول الإمام الشافعي المشهور عنه عند أصحابه وغيرهم.
" إذا صح الحديث فهو مذهبي" وقوله: "إذا خالف قولي قول رسول الله  فخذوا بقول رسول الله  واضربوا بقولي عرض الحائط"، وقد خالف أصحابه أقواله التي خالفت ما ثبت عن رسول الله  وصح عندهم من حديثه.
ونصائح أبي حنيفة -رحمه الله- لأصحابه في الأخذ بقول الله وقول رسول الله  بل بأقوال الصحابة معروف، ومن هنا خالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن في ثلث أو ثلثي المذهب وما ذلك منهما إلا اتباعاً للحق وتقديماً منهما لما صح لهما عن رسول الله  على رأي واجتهاد شيخهما.
3- إنّ ما يحصل من بعضهم من مخالفة لحديث رسول الله  فليس من المنطلق الذي يرجف به أعداء السنة - حاشاهم من ذلك - فهم يعظمون السنة ويؤمنون بها وأنها حجة من حجج الله على عباده ولا يقع لأحد منهم مخالفة لحديث ثابت إلا لعذر من الأعذار الشرعية التي يعذره الله بها.
وذلك مثل:
أ- أن تأتيه حادثة لم يكن قد بلغه فيها نص من كتاب الله أو سنة رسول الله  فيجتهد فيها فيخالف نصاً عن رسول الله  قد بلغ غيره من أئمة الإسلام وصحّ عندهم فقالوا به ودانوا الله به.
ب- أو يكون قد بلغه النص لكنه عند فتواه أو تدوينه نسيه فيعذره الله في ذلك ويثيبه على اجتهاده.
قال تعالى تعليماً للمؤمنين أن يقولوا: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (البقرة: 286). ثم قال الله كما في الحديث القدسي: "قد فعلت"، وقد وقعت فتاوى من بعض العلماء مخالفة لنصوص من القرآن والسنة لا تعمداً منهم وإنما هو لعذر من الأعذار التي يعذرهم الله بها، ومنها ما ذكرناه كالنسيان أو عدم بلوغ النص ويحصل مثل ذلك للأئمة الكبار للأسباب نفسها التي يعذرهم الله بها.
ومن ادعى عليهم أو على أحدهم تعمد المخالفة لما صح عن رسول الله  فقد افترى عليهم افتراءً عظيماً ومن زعم لأحد منهم أنه قد أحاط علماً بكل ما صح عن رسول الله  فقد غلا فيه وقال الباطل، والحاصل أننا نجزم أن علماء الإسلام المشهود لهم بالعلم والورع والتقوى وقدم الصدق في الإسلام لا يتعمدون مخالفة أو رد الأحاديث الثابتة عن نبيّهم كيف وهم يوصون برد أقوالهم إذا خالفت ما ثبت عن رسول الله  كيف وبعضهم يحتج بالمرسل والضعيف أحياناً فكيف يتصور مسلم في أحد منهم أنه يرد الأحاديث الصحيحة أو يخالفها عمداً.
ج- أو يكون في المسألة حديثان أحدهما ناسخ والآخر منسوخ فيبلغ أحدهم المنسوخ دون ناسخه فيأخذ بما بلغه ويبلغ عالماً آخر الناسخ فيأخذ به، ويبلغ ثالثاً الناسخ والمنسوخ فيقدم الناسخ على المنسوخ.
د- أو يكون في الباب أحاديث مطلقة وأحاديث مقيدة أو أحاديث عامة وأخرى تخصصها فيبلغ بعضهم العامة دون المخصصات أو المطلقات دون المقيدات فيعمل ويفتي بما بلغه ويعذره الله ذلك.
ويبلغ غيره العامة والخاصة والمطلقة والمقيدة فيحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد وقد يختلفون في الأصول فيقدم بعضهم العام على الخاص والمطلق على المقيد.
وقد استوفى شيخ الإسلام الأعذار للأئمة التي يعذرهم الله بها في كتابه القيّم "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، فأوصلها إلى عشرة أسباب.


الشبهة العشرون:

قول محمد صدقي:
" لم يعتن المسلمون بحفظها في صدورهم كما اعتنوا بحفظ القرآن الشريف، فإذا كان هذا هو حال الأحاديث وما قاله المسلمون فيها، وما عملوه بها، فأي فائدة منها ترجون وأي ثقة بها تثقون؟.
وأي شيء خالفت فيه الإجماع أو ابتدعته حتى أرمي بالكفر أو المروق؟.
مع أن هذه المطاعن وأمثالها كثير لم يخل منها عصر من عصور المسلمين ولم تصدر إلا منهم.
فيجب علينا أن نقدر أخبار الآحاد حق قدرها ولا يعمينا الجهل والتعصب عن حقيقة أمرها".
والجواب من وجوه:
1- أن المسلمين من عهد الرسول  في الجملة وهم يعتنون بالقرآن والسنة حفظاً وعملاً بهما.
2- أن الله لم يكلف المسلمين جميعاً بحفظ القرآن، ولذا لم يحفظه كله إلا نفر قليل من الصحابة، حتى أن من كبارهم من مات وهو لم يستوف حفظ القرآن، لكن القرآن كله محفوظ عند بعضهم ومحفوظ في جملتهم فعلى شبهته الباطلة يكون القرآن مطعوناً فيه.
أما السنة ففي الصحـابة من حفظ الكثير ومنهم المتوسط ومنهم المقلّ، وجملتها محفـوظ عند الجميع بحيث لم يضع منها شيء إذ يصــدق على القرآن وعليها قول الله جل وعلا  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  (الحجر:9).
وحيث إن السنة هي المبينة للقرآن والشارحة له؛ فإن ضمان الله لحفظ القرآن ضمان لحفظها، بل هي داخلة في الذكر، لأنّ الذكر هو الوحي. والسنة وحي كما قال الله -تعالى- بياناً لمكانة الرسول  وأقواله وأفعاله:
 وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى  ( النجم: 1-4 ). فهو  معصوم من الضلال والغي، ونطقه بالسنة لا ينطلق من هوى أبداً، وإنما هو وحي يوحى من رب الأرض والسماء، ولذا كلف الله البشر جميعاً بالإيمان به وطاعته طاعة مطلقة واتّباعه والتأسي بأقواله وأفعاله وتقريراته التي يقصد بها التشريع، وذلك معلوم كله عند علماء الأمة ومعمول به ومسلم به عندهم والحمد لله.
3- وقوله: " فإذا كان هذا هو حال الأحاديث، وما قاله المسلمون فيها وما عملوه بها فأي فائدة منها ترجون وأي ثقة بها تثقون؟".
انظر إليه يسميها بالأحاديث ولا يقول سنة رسول الله  ولا يبعد أنه يقصد ما يقصد أعداء الله في وصفهم للقرآن بأنه أساطير.
فإذا كان هذا هو حال الأحاديث الشريفة عندك وعند أمثالك وأسلافك المندسين في المسلمين وحالها عند اليهود والنصارى ولا سيما المستشرقين فإن لها عند المسلمين حالاً آخر مضادّاً لما تفتريه على السنة النبوية وعلى علمائها. إن لها حالاً آخر عندهم هو احترامها وإجلالها والتزامها في عقائدهم وعباداتهم وسائر شؤون حياتهم جنباً إلى جنب مع نصوص القرآن الكريم.
وهم على هذه الحال من عهد الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولقد لقيت من العناية العظيمة من الحفظ لنصوصها والعمل بها والرحلات في سبيلها، حتى إنه ليرحل الرجل مسافة الشهر وأكثر من أجل حديث واحد، بدأ من الصحابة -رضي الله عنهم-، وألفوا فيها وفي العلوم التي تخدمها ما تزخر به المكتبات في شرق العالم الإسلامي وغربه. وأنشئوا لها المدارس إلى جانب مساجدهم التي تخرج الألوف من فحول العلماء وخاصة في السنة.
فهذا حالها عند المسلمين أما عند أعدائها من الزنادقة وغلاة الرفض والباطنية وسائر أعداء السنة فحال آخر، وقد تصدى لفضحهم وإهانتهم وإخزائهم علماء الإسلام والسنة على امتداد العصور بما فيهم محمد توفيق وأمثاله من أفراخ الزنادقة والمستشرقين ووراث الحقد على الإسلام فهذا هو ما يقوله المسلمون ويعملونه.
4- وقوله: "وأي فائدة منها ترجون؟".
فيقول المسلمون مالا يخطر ببال أعداء الله ورسوله ودينه من السعادة في الدين والدنيا والآخرة.
يرجوا المسلمون من إجلالها واحترامها والتمسك بها الفوز والفلاح في الآخرة واستقامة حياتهم في هذه الدنيا.
فلا قيمة لحياة المسلمين بدونها ودون الاستضاءة بنورها فالحياة بدونها خسران مبين وضلال مهين وغضب من رب العالمين، -والله- لحديث واحد منها خير من الدنيا وما عليها من ذهب وفضة ومال وسلطان، هذه بعض فوائدها وبها وبالقرآن ساد سلف هذه الأمة الدنيا وساسوها وفتحت بهما الشعوب والقلوب وذلت لهما أعناق الجبابرة والملاحدة والزنادقة وعتاة اليهود والمجوس والنصارى، وبضعف المسلمين في التزامها وتطبيقها نزل بهم من الذل والهوان ما نزل ولا يرفع عنهم ما نزل بهم من ذلك إلا بالعودة إليها.
5 – وقولك: "وأي ثقة بها تثقون؟".
نقول: إن ثقة المسلمين فوق ما يخطر ببالك وبال أمثالك، إن ثقتهم بها مثل ثقتهم بالقرآن ومثل ثقتهم بالرسول الكريم ويحبونها إلى درجة الإيثار على الأبناء والآباء ويوالون ويعادون من أجلها يوالون الأبعدين نسباً إن احترموها، ويعادون أقرب الأقربين إن هم نالوا من كرامتها.
لقد أهان عبد الله بن عمر ابنه وهجره من أجل حديث واحد، وهجر عبد الله بن أبي أوفى ابن أخيه من أجل حديث واحد، وشك أحد وجوه قريش في حديث واحد في مجلس الرشيد فغضب الرشيد وقال:"النطع والسيف زنديق يطعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "(91) .
فكيف لو رأى الرشيد وسمع مثل هذه الطعون والشبهات الخبيثة، والاستهانة بعموم سنة رسول الله والسخرية بها إلى درجة أنه لا فائدة ترجى منها والدعوة إلى إسقاط كل ثقة بها. فأين سيف ونطع الرشيد عن أمثال محمد توفيق المجاهرين بالحرب على سنة محمد  والمعلنين للطعن فيها والاستهانة والسخرية بها؟.
6- وقولك:" وأي شيء خالفت فيه الإجماع أو ابتدعته حتى أرمى بالكفر والمروق".
وأقول: أي شيء أبقيت للإسلام والمسلمين، إذا كنت قد حشدت كل شبه أعداء الله أو جُلَّها وطعونهم في سنة رسول الله .
ولقد خالفت بل تحديت القــرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان بهذه الحرب الضروس التي وجهتها لسنة محمد  وابتدعت بدعة كفرية جلبت لها بخيلك ورجلك وخيل ورجل شياطين الإنس والجن فما تركت سلاحاً من أسلحة هؤلاء الشياطين إلا وجهته إلى نحر سنة رسول الله بل إلى القرآن نفسه وإجماع المسلمين فماذا تنتظر بعد كل هذه العداوة والعـدوان والتحدي من المسلمين وآه ثم آه على عصر الرشيد ومن قبله.
7- قولك:" مع أن هذه المطاعن وأمثالها كثير لم يخل منها عصر من عصور المسلمين ولم تصدر إلا منهم".
أقول: هذه حجة داحضة، فقد خلت القرون المفضلة من هذه المطاعن ولم تبدأ هذه الطعون أو بعضها إلا بعد انقراضها على أيدي الزنادقة ثم غلاة أهل الضلال من المنتسبين إلى الإسلام والله أعلم بإسلامهم.
ولقد تصدى لهم أهل الحق والسنة والعلم، فهتكوا أستارهم ودحضوا أباطيلهم، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، فهل تريد أن توهم الناس الآن أن المسلمين تواطؤا على حرب السنة على مرّ العصور؟، وهم بين طاعن وساكت، ولم يحصل اعتراض إلا على مطاعنك.
إن علماء الإسلام لم يسكتوا عن أي خطأ صدر باسم الإسلام ولو من أفضل العلماء ولو في حديث واحد أو بعضه، فكيف يسكتون عن مطاعن الملحدين ومن سار على نهجهم من الضالين في العصور الماضية أو الحاضرة، وذلك مصداق وعد الله بحفظ دينه.
8- وقولك:" ولم تصدر إلا منهم ".
أقول: هذا افتراء على المسلمين وبرأهم الله مما ترميهم به ، وإنما صدرت هذه الطعون من زنادقة في القدم والحديث يندسون بين المسلمين، وإلا من اليهود والنصارى مستشرقين ومستغربين ومن تابعهم، والله يرد مكايدهم ويدحض أباطيلهم على أيدي المسلمين.
9- وقولك:" فيجب علينا أن نقدر أخبار الآحاد قدرها ولا يعمينا الجهل والتعصب".
وأقول: أما المسلمون فيعرفون منـزلة سنة رسول الله  العظيمة التي لا يقوم لهم دين ولا دنيا بدونها وبها يطاردون الجهل والتعصب الأعمى وأهلهما.
ومنهم محمد توفيق صدقي وشيوخه شيوخ الجهل والضلال والتعصب للرفض والزندقة والتزلف إلى اليهود والنصارى بالطعن في الإسلام تحت ستار حرب الجهل والتعصب، ونحمد الله ونشكره الذي أعان على دحض أباطيل وطعون أعداء الله في سنة نبيه بل في صميم الإسلام نفسه.


--------------------------------------------------------------------------------

الحواشي:

(1 ) البخاري حديث ( 111 ).
(2 ) البخاري حديث ( 112 ) ومسلم في الحج حديث 1355.
(3 ) البخاري حديث ( 113 ).
(4 ) البخاري حديث ( 114 ) وأخرجه مسلم في الوصية حديث ( 1637 ).
(5 ) المسند حديث ( 6510 ) وأبو داود في العلم حديث ( 3646 ) وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير الوليد بن عبيدالله وهو ابن أبي مغيث العبدري فمن رجال أبي داود. قال الحافظ في التقريب:" ثقة"، وفي إسناده عبدالله بن الأخنس وثقه أحمد وابن معين وأبو داود والنسائي وقال ابن حبان يخطئ كثيراً قال الحافظ في الفتح ( 10/199 ):" وشذَّ ابن حبان فقال في الثقات : " يخطئ كثيراً ".
(6 ) ( 1/104 – 105 ).
(7 ) المستدرك ( 1/ 105 ).
(8 ) انظر الصحيحة حديث ( 2026 ).
(9 ) المسند (2/176).
(10 ) الدارمي (ص 104 ).
(11 ) المستدرك ( 4/422، 508 ).
(12 ) الصحيحة حديث رقم (4)
(13 ) المسند ( 1/224 ) وإسناده صحيح.
(14 ) الإحسان ( 14/501 ).
(15 ) (1/395-397).
(16 ) (8/57-58 )
(17 ) ( 2/341-342).
(18 ) انظر "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/1361).
(19 ) ( 2/ 849 ).
(20 ) ( 17/338-339 ).
(21 ) التلخيص الحبير ( 4/18 ).
(22 ) الأموال (ص: 497-498).
(23 ) الأموال (ص: 500-501).
(24 ) الأموال (ص: 500 ).
(25 ) سنن الدارقطني ( 3/209-210 ).
(26 ) المصدر السابق.
(27 ) رد الإمام الدارمي على المريسي (ص:131).
(28 ) المراسيل (ص: 128)، وشرح معاني الآثار للطحاوي ( 4/375 ).
(29 ) شرح معاني الآثار ( 4/374).
(30 ) شرح معاني الآثار ( 4/374).
(31 ) هذه الروايات كلها في الأموال لأبي عبيد ( ص: 499-500 ).
(32 ) في الزكاة حديث ( 1454 ) وأخرجه في عدد من المواضيع مقطعاً.
(33 ) في الزكاة حديث ( 1800 ).
(34 ) ( 4/14 ) حديث ( 2261 ).
(35 ) ( 8/57 ) حديث (3266 ).
(36 ) ( 1/11 ).
(37 ) في الزكاة، حديث ( 1567 ).
(38 ) والنسائي في الزكاة، حديث ( 2455 ).
(39 ) في سننه ( 2/115 ).
(40 ) ( 2/15 ).
(41 ) في الزكاة، حديث ( 1568 ).
(42 ) في الزكاة، حديث ( 621 ).
(43 ) الأموال (497-503)
(44 ) ( 8/253-256 )
(45 ) الأموال (ص: 501).
(46 ) الأموال (ص: 501).
(47 ) كتاب اللباس حديث ( 5829 ) ومسلم في اللباس حديث ( 2069 ).
(48 ) كتاب العلم حديث ( 111 ).
(49 ) كتاب فرض الخمس حديث ( 3112 ).
(50 ) كتاب الإيمان ( 33 ).
(51 ) هذا القول قد ورد مقيداً بقوله  " يبتغي بذلك وجه الله " رواه البخاري في الصلاة برقم (1186) من طريق الزهري عن محمود بن الربيع.
(52 ) وقد طبعت عدة مرات منها طبعة المكتب الإسلامي بتحقيق علي حسن عبد الحميد ومنها طبعة الخانجي بتحقيق د/ رفعت فوزي وتحتوي هذه الصحيفة على ( 138 ) حديثاً.
(53 ) المصنف ( 9/50 ) وانظره في سنن الدارمي ( 1/105 ) والعلم لأبي خيثمة ( ص: 145 ) وتقييد العلم ( ص: 101 ) وجامع بيان العلم ( 1/87).
(54 ) في الصحيح كتاب المساقات حديث ( 1594 ) وهو مسند الإمام أحمد ( 3/60 ).
(55 ) تقييد العلم ( ص: 93-94 ).
(56 ) تهذيب السنن (5/245-246).
(57 ) الفتح(1/208).
(58 ) المسند ( 2/90 ) إسناده يحتمل التحسين.
(59 ) المسند ( 2/152 ) إسناده حسن.
(60 ) التاريخ الكبير ( 1/325 ) إسناده حسن يحتمل الصحة.
(61 ) المسند ( 2/45 ).
(62 ) المسند ( 7/99 ) رقم الحديث ( 5042 ) تحقيق أحمد شاكر.
(63 ) المسند ( 2/29 ) إسناده صحيح.
(64 ) المسند ( 1/224 ) وانظر صحيح مسلم كتاب الجهاد حديث ( 1812 ) فقد أورده مسلم من عدة طرق بنحوه.
(65 ) الصحيح، في الرهن حديث ( 2514 ) والشهادات حديث ( 2668 ).
(66 ) السنن (1/ 105 ) وإسناده حسن.
(67 ) في الصحيح كتاب الإمارة حديث ( 1822 ) وهو في مسند أحمد ( 5/89 ).
(68 ) تذكرة الحفاظ ( 1/43 ).
(69 ) انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ( 4/136 ).
(70 ) التاريخ الأوسط(1/325) دار الصميعي للنشر.
(71 ) المسند ( 3/326 ) وهو في صحيح البخاري في البيوع حديث ( 2236 ) وطرفه في التفسير حديث ( 4633 ).
(72 ) في الصحيح في الحج حديث ( 1361 ) وأخرجه الإمام أحمد في السند ( 4/141 ).
(73 ) في صحيحه في التفسير حديث ( 4906 ).
(74 ) في المسند ( 4/374 ).
(75 ) في سننه ( 5/713 ) حديث ( 3902 ) وقال: هذا حديث حسن صحيح والظاهر أنه يريد بمجموع طرقه وقال عقبة وقد رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم.
(76 ) السنن (1/106).
(77 ) في الطبقات ( 7/185 ) والإسناد صحيح إلى حماد بن زيد إذ الظاهر أن شيخ ابن سعد هو محمد بن الفضل السدوسي الملقب بعارم.
(78 ) كتاب العلم رقم 146 ( ص 144 ) وصحح الألباني إسناده، وهو في الطبقات لابن سعد (6/250)،من طريق مندل بن علي وهو ضعيف عن أبي كيران لكنه لا يضر ضعفه بالاسناد الأول
(79 ) انظر كتاب دراسات في الحديث النبوي للدكتور الأعظمي ( ص 153 ).
(80 ) السنن ( 1/107 ) صحيح الاسناد والحسين بن منصور هو السلمي النيسابوري ثقة فقيه.
(81 ) الصحيح العلم ( باب 34 ) وانظر سنن الدارمي ( 1/104 ).
(82 ) المصنف ( 11/258 ) وإسناده صحيح.
(83 ) العلم رقم 66 (ص: 125).
(84 ) السنن ( 1/104 ) وجامع بيان العلم (ص 87).
(85 ) ( 1/3 ).
(86 ) جوامع السيرة ( ص: 278 ) والرياض المستطابة ( ص:140) والخلاصة للخزرجي ( 2/78).
(87 ) (ص: 152).
(88 ) يعني أبا هريرة - رضي الله عنه-.
(89 ) لم يسق ابن قتيبة مزاح أبي هريرة –رضي الله عنه- بقصد الطعن فيه وإنما ذكره في ترجمته ولعله ينوه بتواضعه لأن مزاح أبي هريرة – رضي الله عنه- صورة من صور تواضعه، والمنصف المتأمل لهذا المزاح اللطيف يدرك هذا وانظر كلام ابن قتيبة في "المعارف" (ص: 277-278).
(90 ) الأنوار الكاشفة (ص:152-156).
(91 ) "تاريخ الخلفاء" للسيوطي (ص:285).


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team