مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   منبر القرآن العظيم وعلومه (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   [جمع] نقولات من تفاسير العلماء في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر ) آل عمران الآية 159 (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=9485)

أبو أحمد زياد الأردني 02-07-2011 06:23PM

نقولات من تفاسير العلماء في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر ) آل عمران الآية 159
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ومن والاه أما بعد :
هذه نقولات من تفاسير العلماء في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر ) آل عمران الآية 159 ، أنقلها لما فيها من فوائد تخص الاستشارة والمشاورة ...


تفسير الطبري :


ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي من أجله أمر تعالى ذكره نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يشاورهم، وما المعنى الذي أمره أن يشاورهم فيه؟ فقال بعضهم: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: « وشاورهم في الأمر » ، بمشاورة أصحابه في مكايد الحرب وعند لقاء العدو، تطييبًا منه بذلك أنفسَهم، وتألّفًا لهم على دينهم، وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم، وإن كان الله عز وجل قد أغناه بتدبيره له أمورَه، وسياسته إيّاه وتقويمه أسبابه عنهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: « وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين » ، أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء، لأنه أطيب لأنفس القوم وأنّ القوم إذا شاور بعضهم بعضًا وأرادوا بذلك وجه الله، عزم لهم على أرشدِه. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: « وشاورهم في الأمر » ، قال: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه الوحي من السماء، لأنه أطيب لأنفسهم. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: « وشاورهم في الأمر» ، أي: لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم، و إن كنت عنهم غنيًّا، تؤلفهم بذلك على دينهم. وقال آخرون: بل أمره بذلك في ذلك. ليبين له الرأي وأصوبَ الأمور في التدبير، لما علم في المشورة تعالى ذكره من الفضْل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم قوله: « وشاورهم في الأمر » ، قال: ما أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشورة، إلا لما علم فيها من الفضل. حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن إياس بن دغفل، عن الحسن: ما شاور قوم قط إلا هُدُوا لأرشد أمورهم. وقال آخرون: إنما أمره الله بمشاورة أصحابه فيما أمرَه بمشاورتهم فيه، مع إغنائه بتقويمه إياه وتدبيره أسبابه عن آرائهم، ليتبعه المؤمنون من بعده فيما حزبهم من أمر دينهم، ويستنُّوا بسنَّته في ذلك، ويحتذوا المثالَ الذي رأوه يفعله في حياته من مشاورتَه في أموره مع المنـزلة التي هو بها من الله أصحابَهُ وتبَّاعَهُ في الأمر ينـزل بهم من أمر دينهم ودنياهم، فيتشاوروا بينهم ثم يصدروا عما اجتمع عليه ملؤهم. لأن المؤمنين إذا تشاوروا في أمور دينهم متبعين الحق في ذلك، لم يُخْلهم الله عز وجل من لطفه وتوفيقه للصواب من الرأي والقول فيه. قالوا: وذلك نظير قوله عز وجل الذي مدح به أهل الإيمان: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [ سورة الشورى: 38 ] . ذكر من قال ذلك: حدثنا سوَّار بن عبد الله العنبري قال، قال سفيان بن عيينة في قوله: « وشاورهم في الأمر » ، قال: هي للمؤمنين، أن يتشاوروا فيما لم يأتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: إن الله عز وجل أمرَ نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه، تألُّفًا منه بذلك من لم تكن بصيرته بالإسلام البصيرةَ التي يُؤْمَنُ عليه معها فتنة الشيطان وتعريفًا منه أمته مأتى الأمور التي تحزُبهم من بعده ومطلبها، ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنـزل بهم، فيتشاوروا فيما بينهم، كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه وسلم يفعله. فأما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله كان يعرِّفه مطالب وجوه ما حزبه من الأمور بوحيه أو إلهامه إياه صوابَ ذلك. وأما أمته، فإنهم إذا تشاوروا مستنِّين بفعله في ذلك، على تصادُقٍ وتأخٍّ للحق، وإرادةِ جميعهم للصواب، من غير ميل إلى هوى، ولا حَيْد عن هدى، فالله مسدِّدهم وموفِّقهم . هـ


تفسير البغوي :


)وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْر ) أي: استخرج آراءهم واعلم ما عندهم من قول العرب: شُرتُ الدابة وشَورتُها إذا استخرجت جريَها وشرتُ العسلَ وأشرتهُ إذا أخذتهُ من موضعه واستخرجتهُ. واختلفوا في المعنى الذي لأجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة مع كمال عقله وجزالة رأيه ونـزول الوحي عليه ووجوب طاعته على الخلق فيما أحبُّوا وكرهوا. فقال بعضهم: هو خاص في المعنى أي: وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله تعالى عهد، قال الكلبي: يعني ناظرْهم في لقاء العدو ومكايد الحرب عند الغزو. وقال مقاتل وقتادة: أمر الله تعالى بمشاورتـهم تطييبًا لقلوبهم، فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم، فإن سادات العرب كانوا إذا لم يشاوروا في الأمر شق ذلك عليهم. وقال الحسن: قد علم الله عز وجل أنه ما به إلى مشاورتـهم حاجة ولكنه أراد أن يستنّ به من بعده. أخبرنا أبو طاهر المطهر بن علي بن عبد الله الفارسي: أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، أخبرنا علي بن العباس المقانعي أخبرنا أحمد بن ماهان ، أخبرني أبي، أخبرنا طلحة بن زيد، عن عقيل عن الزهري عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: « ما رأيت رجلا أكثر استشارة للرجال من رسول الله صلى الله عليه وسلم » . هـ


تفسير القرطبي :


قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه. وقد مدح الله المؤمنين بقوله: « وأمرهم شورى بينهم » [ الشورى: 38 ] . قال أعرابي: ما غبنت قط حتى يغبن قومي؛ قيل: وكيف ذلك؟ قال لا أفعل شيئا حتى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال: ما ندم من استشار. وكان يقال: من أعجب برأيه ضل. قوله تعالى: « وشاورهم في الأمر » يدل على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي؛ فإن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه عليه السلام أن يشاور فيه أصحابه؛ فقالت طائفة: ذلك في مكائد الحروب، وعند لقاء العدو، وتطييبا لنفوسهم، ورفعا لأقدارهم، وتألفا على دينهم، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه. روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق والشافعي. قال الشافعي: هو كقوله ( والبكر تستأمر ) تطيبا لقلبها؛ لا أنه واجب. وقال مقاتل وقتادة والربيع: كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم: فأمر الله تعالى؛ نبيه عليه السلام أن يشاورهم في الأمر: فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم، وأطيب لنفوسهم. فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم. وقال آخرون: ذلك فيما لم يأته فيه وحي. روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قالا: ما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده. وفي قراءة ابن عباس: « وشاورهم في بعض الأمر » ولقد أحسن القائل: شاور صديقك في الخفي المشكل واقبل نصيحة ناصح متفضل فالله قد أوصى بذاك نبيه في قوله: ( شاورهم ) و ( توكل )جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المستشار مؤتمن ) . قال العلماء: وصفة المستشار إن كان في الأحكام أن يكون عالما دينا، وقلما يكون ذلك إلا في عاقل. قال الحسن: ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله. فإذا استشير من هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه؛ قاله الخطابي وغيره.وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا وادا في المستشير. قال: شاور صديقك في الخفي المشكل وقد تقدم. وقال آخر: وإن باب أمر عليك التوى فشاور لبيبا ولا تعصه . هـ


تفسير السعدي :


) وشاورهم في الأمر ) أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره: منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.ومنها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس - إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة. ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول. ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا- : ( وشاورهم في الأمر ) فكيف بغيره؟ هـ


قال أبو عمر بن عبد البر في كتابه (بهجة المجالس وأنس المجالس):
الاستبداد مذموم عند جماعة الحكماء، والمشورة محمودة عند عامة العلماء، ولا أعلم أحداً رضي الاستبداد وحمده، إلا رجل واحد مفتون، مخادع لمن يطلب عنده لذته فيرقب غرته، أو رجل فاتك يحاول حِيَن الغفلة، ويرتصد الفرصة، وكلا الرجلين فاسق مائق. هـ



وهذه بعض الأقوال منتقاة من سلسلة نزهة الخاطر للشيخ سالم العجمي حفظه الله الحلقة الثامنة :
قال الحسن البصري : الناس ثلاثة فرجل رجل ، ورجل نصف رجل ورجل لا رجل ، فأما الرجل الرجل ذو الرأي والمشورة وأما الرجل الذي هو نصف رجل فالذي له راي ولا يشاور وأما الرجل الذي ليس برجل الذي ليس له رأي ولا يشاور .

وقال بعض الأعراب : لا مال أوفر من العقل ، ولا فقر أعظم من الجهل ، ولا ظَهر أقوى من المشورة
ويقال : من أُعطي أربعا لم يُمنع أربعا .
من أعطي الشكر لم يمنع المزيد
ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول ومن أعطي الاستخارة لم يمنع الخيرة ومن أعطي المشورة لم يمنع الإصابة يقول الفضل بن يحيى : المشورة فيها البركة وإني لأستشير حتى هذه الحبشة الأعجمية ( جارية له ) ...... ( المنتصر بن بلال ) لا تسبقن الناس بالرأي وأتئد ... فإنك تعجل إلى القول تزلل ولكن تصفح رأي من كان حاضرا ... وقل بعدهم رسلا، وبالحق فاعمل


هذا ما تيسر أسأل الله أن ينفع به والحمد لله رب العالمين.
جمع الأخ أبو الفداء مصطفى السلفي.


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

 


Security team