ظنّ السّوء ، و سوء الظّنّ ( ! )
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ظنّ السّوء ، و سوء الظّنّ الحمد لله ربّ العالمين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله الأمين ، و على آله و صحبه الطّيّبين الطّاهرين ، و تابعيهم بإحسانٍ السّلفيّين الأثريّين إلى يوم الدّين . أمّا بعد : فهذا ما كنت قلته - في هذا - في جزئي " القول الثّبت في القواعد الفوائد من حديث (( بئس الخطيب أنت !!! )) " : (( ... فإنّ صيانة الّلسان عن اللّغط و الهذيان من واجبات الأديان ، و المقرِّبات من الرّحمن . فأنا راقمٌ هذه الأحرف في ضرورة ضبط التّلفّظ ، و ما يجب في ذلك من التّحفّظ ؛ لا سيّما ما يتعلّق بالفرق بين ظنّ الحُسن و حسنه ، و ظنّ السّوء و سوئه ؛ إذ ترى الخلط بين النّقيضين على لسان كثيرين ؛ حتّى من أولي الرّسوخ في العلم و الدّين . حتّى قال العالم الفاضل الشّيـخ سليمـان بن سحـمان - رحمه الله - في " منظومته في الرّدّ على من أنكر على الإخوان تكفير جهميّة أهل هذا الزّمان " : و لسـنا نسـيء الظـّنّ بالمسـلم الّـذي ....................يقـول مـقـالاً تستبــين محامـــله و لكــن نسـيء الظـّنّ بالمسـلم الّذي..................يجاهــر بالسـّوء الـّذي شـاع باطـله و هذا غلطٌ غير مقبول ؛ و العلّة سوء العبارة ؛ كما قال الشّاعر : والحق قد يعتريه سوء تعبير و من هنا وجب التّفريق بين اللّفظين كما فرّقنا بين مطلق الشّيء ، و الشّيء المطلق ، و بين كمال الشّيء ، و الشّيء الكامل( ) ؛ كما نقول ذلك في الإيمان ، و غيره ؛ فإنّ حُسن الظّنّ شيءٌ ، و ظنّ الحُسن غير ذلك ، و إن وافقه - أحياناً - ؛ إلاّ أنّه كثيراً ما يفارقه . و بيان ذلك أنّ الحَسَن ينبغي ظنّ الحُسْن فيه ؛ فإن ظننّا فيه ذلك كان الظّنّ حسناً ، و السّيّء يجب ظنّ السّوء فيه ؛ فإن ظُنّ فيه ذلك كان الظّنّ حسناً - أيضاً - ؛ فأمّا إذا ظُنّ السّوء في الحَسَن ، أو الحُسن في السّيّء كان الظّنّ سيّئا ً ( ! ) . فوضعُ الشّيء في مكانه هو الحُسن ، و وضعه في غير مكانه هو السّوء . فحُسن الظّنّ - إذاً - هو ظنّ الحُسْن في الحَسَن ، أو ظنّ السّوء في السّيّء ؛ إذ ذلك محلّ ذلك . و سوء الظّنّ هو ظنّ السّوء في الحَسَن ، أو ظنّ الحُسْن في السّيّء . و هذا الخلط أوقع ناساً في ذمّ طريق الأنبياء و منهج السّلفيّة في ردع الخصوم و الرّدّ على المخالف ؛ إذ راحوا يشاغبون أنّ الواجب حسن الظّنّ بالمسلمين ؛ و أنّ جرح المجروح و الطّعن في المطعون سوء ظنٍّ مذموم ( ! ) ... و لم يدرِ أولئك النّوكى أنّ حُسن الظّنّ ليس هو ظنّ الحُسن - دائماً - - كما بيّنّاه - . فلأجل ذا ذمّ علماؤنا تخنّث الصّوفيّة وباردَ ورعِهم ؛ فمثّل إمامنا الألبانيّ - تغمّده الله بواسع رحمته - لذلك بصوفيٍّ رأى عاهرين ( رجلاً و امرأةً ) يتسافدان على قارعة الطّريق كما الحُمُر ؛ فراح الصّوفيّ يبكي - حُزناً على الزّوجين المسكينين - أنّهما لا يجدان مكاناً لقضاء حاجتهما ( !!! ) . فقال شيخنا - رحمه الله - أنّهما حقيقان بظنّ السّوء ؛ إذ يبعُد - عقلاً و واقعاً - أن يكون مَن هذا حالهما زوجين ( ! ) . فهذا هو الفرق - إذاً - بين علم العلماء الرّبّانيّين ، و جهالات الأدعياء المتمعلمين ؛ و بالله - وحده - نستعين . فلو أنّ الشّيخ الفاضل ابن سحمان - رحمه الله - قال : و لكــن ( نظـنّ السّـوء ) بالمسـلم الّذي .......................يجاهــر بالسـّوء الـّذي شـاع باطـله لكان الأولى و الأولى ؛ و هذا - إن شاء الله - هو مراده ؛ و لكنّ الأمر كما قلت - من قبل - : والحق قد يعتريه سوء تعبير . فبان بهذا أنّ من ظنّ السّوء بمستحقّه فقد أحسن الظّنّ ، و حُمد ، و برئ من الذّمّ ؛ بل المذموم من ذمّه ( ! ) . )) و الله أعلم و الحمد لله ربّ العالمين . و كتب : ـــــــــــــ أبو عبد الرّحمن الأثريّ معـاذ بن يوسـف الشّمّريّ في : الأردن - إربد - حرسها الله - ؛ في : 10 - جمادى الثّانية - 1425 هـ . |
Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd