القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية للمجلة »
موقع الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني »
المحاضرات والدروس العلمية »
الخطب المنبرية الأسبوعية »
القناة العلمية »
فهرس المقالات »
فتاوى الشيخ الجديدة »
برنامج الدروس اليومية للشيخ »
كيف أستمع لدروس الشيخ المباشرة ؟ »
خارطة الوصول للمسجد »
تزكيات أهل العلم للشيخ ماهر القحطاني »
اجعلنا صفحتك الرئيسية »
اتصل بنا »
ابحث في مجلة معرفة السنن والآثار »
ابحث في المواقع السلفية الموثوقة »
لوحة المفاتيح العربية
البث المباشر للمحاضرات العلمية
دروس الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله والتي تنقل عبر إذاعة معرفة السنن والآثار العلمية حسب توقيت مكة المكرمة حرسها الله :: الجمعة|13:00 ظهراً| كلمة منهجية ثم شرح كتاب الضمان من الملخص الفقهي للعلامة الفوزان حفظه الله وشرح السنة للبربهاري رحمه الله :: السبت|19:00| شرح كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :: الأحد|19:00 مساءً| شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز الحنفي رحمه الله :: الاثنين|19:00 مساءً| شرح سنن أبي داود السجستاني:: الثلاثاء|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج وسنن أبي عيسى الترمذي رحمهما الله :: الأربعاء|19:00 مساءً| شرح الموطأ للإمام مالك بن أنس رحمه الله :: الخميس|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام البخاري رحمه الله
 
جديد فريق تفريغ المجلة

محاضرة علمية جديدة [ البدعة في الدعاء والذكر ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: محاضرة علمية جديدة [ منكرات إجازة الصيف ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: خطبة جمعة جديدة [ زيغ القلوب ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: خطبة جمعة [ المرء على دين خليله ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: خطبة جمعة [ الصحة والفراغ ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: تفريغ [صلاة الكسوف] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: تفريغ [وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: تفريغ [مسؤولية الأمة في حفظ الأمن ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: محاضرة منهجية قيمة [ الإنكار على القصاصين ] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: محاضرة قيمة [تأديب الأبناء عند السلف] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] :: خطبة قيمة [لا يضركم من ضل إذا اهتديتم] للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله [انقر هنا] أخبـار المجلـة


العودة   مجلة معرفة السنن والآثار العلمية > السـاحة الإســلاميـــة > منـبر السنة النبوية والآثار السلفية > الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها
مشاركات اليوم English
نود التنبيه على أن مواعيد الاتصال الهاتفي بفضيلة الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله، ستكون بمشيئة الله تعالى من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الثانية عشرة والنصف ظهراً بتوقيت مكة المكرمة، وفي جميع أيام الأسبوع عدا الخميس و الجمعة، آملين من الإخوة الكرام مراعاة هذا التوقيت، والله يحفظكم ويرعاكم «رقم جوال الشيخ: السعودية - جدة 00966506707220».

جديـد المجلـة سؤال في كل ما يتعلق بالحجر الأسود من أحكام؟؟!! (الكاتـب : ناصر الهيفاني - آخر مشاركة : أم سمية - )           »          حكم التغني والترتيل لدعاء القنوت في رمضان والنوازل للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله (الكاتـب : أم سمية - )           »          📮 لايمكن الإجتماع إلا بالسمع والطاعة لولي الأمر [ ٣٤ ] (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          📕 ما معنى قول شيخنا في رده على أشباه الحدادية الغلاة في التبديع قوله ( إعتبارات في ا (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          📕 الرد على من يتهم علماء ومشايخ السنة السلفيين بعدم الوضوح في المنهج وأن من المنهج ا (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          📕 إحذر أن تغضب غضب الخوارج بإثارة مسألة الإنكار العلني على الحكام [ ٣١ ] . (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          📕 من قوي توحيده ترك التعصّب للرجال [ ٣٠ ] . (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          📕 كيف يبدأ مشوار التعصب للأشخاص [ ٢٩ ] (الكاتـب : أبوأيمن الجزائري - )           »          الترجيح بدون مرجح ممتنع (الكاتـب : أبو عمير ياسر الصيفي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 14-11-2015, 05:22AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[باب السلم]

[266] الحديث الأول :

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال :
من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) .



موضوع الحديث :
السلم وما يصح به من شروط تكون مؤثرة في الصحة وعدمها مؤثر في عدم الصحة


المفردات
السلم : مأخوذ من تسليم الثمن في الحال وتأجيل السلعة إلى أجل محدد أما اسم السلف فهو مأخوذ من التقديم بأن يقدم
الثمن ويؤجل السلعة ومن ذلك قول النبي ﷺ في دعاء دخول المقبرة ( السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ
سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ ) أي أنتم متقدمون ونحن بالأثر بعدكم وكلا اللغتين صحيح .

وحقيقة السلم تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه تقديم السلعة وتأخير الثمن .


المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ المدينة وجدهم يسلفون في الثمار إلى آجال مختلفة بعضها سنة وبعضها سنتين وبعضها
ثلاث سنين فأقر النبي ﷺ السلم وجعل له شرائط تضبطه بقوله ( من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن
معلوم إلى أجل معلوم )



فقه الحديث
أولاً : جواز السلم وقد حكي الاتفاق على جوازه من حيث الجملة للأدلة الآتية الدليل الأول قوله تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) [ البقرة : 282 ] والدليل الثاني من السنة فهو هذا الحديث
وأما الإجماع فهو ما حكاه علماء هذه الأمة قديماً وحديثاً أن الأمة أجمعت على جواز السلم بالشروط المذكورة في الحديث .



ثانياً : السلم جائز بشروط
1- أن يكون مضبوط المقدار والضبط في كل شيء بحسبه فما كان مكيلاً فضابطه الكيل وينبغي أن يُعرف المكيال الذي
يكال به إن كان هناك اختلاف في المكاييل أما إن كان العرف جار على مكيال واحد فلا يلزم التعيين
وما كان موزوناً فضابطه الوزن وما كان معدوداً فضابطه العد وما كان مذروعاً فضابطه الذرع وقد نبه النبي ﷺ
على الضابط بالكيل والوزن .



2- من شروط السلم أن يكون المبيع موصوفاً في الذمة إذاً فكل ما لم يكن موصوفاً فإنه لا يصح السلم فيه


3- اشترطوا فيما كان معدوداً أن يكون مستوي الأحجام ومنعوا ما يكون مختلف الأحجام اختلافاً فاحشاً كالحبحب
مثلاً فإنه قد يكون حجمه صغير كيلو فأقل وقد تصل الحبحبة الواحدة أحياناً إلى خمسة عشر كيلو فمثل هذا لا ينبغي أن يكون
السلم فيه إلا بوصف يضبطه أو يكون متقارب الأحجام .



4- من شروط السلم ذكر الأجل بأن يكون الأجل معيناً بزمنه ومكانه .


5- من شروط السلم أن يذكر محل التسليم بحيث أن يكون مسلماً في مكان كذا


6- أن يكون الأجل يجوز فيه أن يكون له وقع في الثمن كشهرين أو ثلاثة أو سنة أو سنتين


7- أنه يشترط أن يكون المسلم إليه واجداً للسلعة قبل الأجل فإن وجود السلعة يجب توفره عند الأجل .


ثالثاً : اختلف أهل العلم في عكس السلم بأن يبيع سلعة بثمن مؤجل هل يجوز له الزيادة على الثمن المعروف
في حال البيع أو لا يجوز ؟ فذهب الجمهور إلى الجواز ومن أدلتهم قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ ) ومن أدلتهم أيضاً أن السلم لا يرتبط بسعر الزمن الذي حصل العقد فيه بل يكون بحسب ما يتفقان
عليه المسلم والمسلم إليه وكما أنه لا يشترط فيه أن يكون مرتبطاً بسعر وقته فكذلك البيع إلى أجل أيضاً لا يشترط
أن يكون البيع مرتبطاً بسعر وقت العقد ومما استدل به على جواز ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي _ مات ودرعه
مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير اشتراها نفقة لأهله ) واليهود معروفون بجشعهم فلا يعطوا النبي
ﷺ إلا بسعر أكثر من سعر يومه و أيضاً حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ ( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‎_ أسأله يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ
الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ قَالَ لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) وذهب قوم إلى أنه لا تجوز الزيادة وإلى
ذلك ذهبت الزيدية وبعض أهل السنة مستدلين بحديث أسامة بن زيد ( لا ربا إلا في النسيئة) وهذا الحديث تأوله الشافعي بأنه كان
لسؤال عن شيئين يجوز فيهما التفاضل ويحرم النسأ فأجابه النبي ﷺ بقوله ( لا ربا إلا في النسيئة )



رابعاً :اختلفوا في السلم الحال هل هو جائز أو ممنوع فمنعه مالك وأبو حنيفة وأجازه بعضهم إلا أن قول النبي ﷺ
إلى أجل معلوم دال على أنه لا بد أن يكون فيه أجل له وقع في الثمن وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.



رد مع اقتباس
  #17  
قديم 15-11-2015, 05:04AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



باب الشروط في البيع

[267]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقلت : إن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس فقالت إني عرضت ذلك على أهلي فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فأخبرت عائشة النبي ﷺ فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله ﷺ في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) .



موضوع الحديث :
الشروط الجائزة والممنوعة



المفردات
كاتبت أهلي : المكاتبة هي عقد بين السيد وعبده وعرفوها بأنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة
قولها على تسع أواق : أواق جمع أوقية والأوقية هي أربعون درهماً وهي تساوي عشرة ريالات باعتبار أن الدرهم ربع ريال سعودي .
قولها في كل عام أوقية : أي منجمة على تسع سنين أي مقسطة
قولها فأعينيني : طلبت الإعانة من عائشة رضي الله عنها
فقلت : القائلة عائشة إن أحب أهلك : أي أسيادك أن أعدها لهم أي أنقدهم إياها أي أعطيهم الآن نقداً وولاءك لي فعلت أي بأن يكون ولاءك لي
فذهبت بريرة إلى أهلها لتشاورهم فأبوا عليها : أي منعوا إلا أن يكون الولاء لهم



فجاءت من عندهم ورسول الله ﷺ جالس : الواو واو الحال فقالت إني عرضت ذلك أي بالشرط الذي تشترطينه على أهلي فأبوا أي امتنعوا من العتق على أن يكون الولاء لعائشة رضي الله عنها إلا أن يكون الولاء لهم فأخبرت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ فقال خذيها أي اشتريها واشترطي لهم الولاء أي إقبلي شرطهم فإن شرطهم باطل لذلك فإن وجوده كعدمه
قوله فإنما الولاء لمن أعتق : أي لمن دفع الثمن وأعطى الورق وسمح بالعتق بناءً على ذلك



ثم قام رسول الله ﷺ في الناس أي خطيباً فحمد الله وأثنى عليه يعني وأثنى عليه خيراً بذكر ما له من الصفات العلى والأسماء الحسنى
قوله فما بال رجال : أي ما شأنهم ولم يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله أي في شرعه كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي غير معمول به لبطلانه
قوله وإن كان مائة شرط : يعني وإن أُكد بتأكيدات
قضاء الله أحق : أي حكمه وشرعه أحق بالتنفيذ
وشرط الله أوثق : أي أوثق من الشروط التي يشترطها الناس مخالفة لكتاب الله عز وجل
وإنما الولاء لمن أعتق : إنما أداة حصر والولاء مبتدأ ولمن أعتق خبر أي إنما الولاء في شرع الله مستحق لمن أعتق .


المعنى الإجمالي
هذه القصة مضمونها أن أهل بريرة رضي الله عنها بعد أن كاتبوها على تسع أواق منجمة أي مقسطة وجاءت تستعين عائشة رضي الله عنها فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيهم الثمن المؤجل معجلاً وتعتقها على شرط أن يكون الولاء لها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فعند ذلك أمرها النبي ﷺ أن تقبل هذا الشرط الذي وجوده كعدمه فقبلت واشترتها واعتقتها بناءً على ذلك لكن ذلك الشرط هدم بإنكار الشارع له لأنه خلاف شرع الله وقضاءه وقضاء الله أن الولاء لمن دفع الثمن وأعطى الورق والله سبحانه وتعالى يقول ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل : 90 ] وليس من العدل أن تعطي عائشة رضي الله عنها الثمن وتعتق ويكون الولاء لغيرها وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قولها كاتبت أهلي مشروعية المكاتبة وقد أمر الله عز وجل بها في قوله ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [ النور : 33 ].


ثانياً :الكتابة مستحبة وليست بواجبة وإلى ذلك ذهب الجمهور وحملوا الأمر على أنه أمر إرشاد لا أمر إيجاب .


ثالثاً : يؤخذ من الآية أن استحباب الموافقة على الكتابة تكون معلقة بما إذا علم عن العبد صلاحاً وكسباً وهذا هو القول الصحيح


رابعاً : الكتابة منجمة غالباً أي مقسطة .


خامساً : يؤخذ من قولها في كل عام أوقية أن التقسيط يجوز أن يكون بالأعوام وأن يكون بالأشهر


سادساً : أن العبد لا يكون حراً إلا إذا أكمل قيمة نفسه التي كاتب عليها سيده


سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز بيع المكاتب فبعضهم أجاز وبعضهم منع فإن كان البيع مقصود للعتق كما في قصة بريرة فالأظهر الجواز وإن كان البيع مقصود به غير ذلك فالظاهر أنه مكروه أما أن نقول أنه محرم فلا والكراهة تنبني على أمرين . الأمر الأول : أنه يعتبر تخلفاً من سيده وهذا التخلف مذموم



الأمر الثاني : قد جاء في الحديث (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ ) إذا فنحن نقول أن الوفاء بهذا العقد بين السيد وعبده إما أن يكون واجباً وإما أن يكون مستحباً والعدول عنه يكون مكروهاً .


ثامناً : يؤخذ من قولها فأعينيني جواز الاستعانة ممن حصل له سبب يوجب الاستعانة كهذا وكذلك من أصابت ماله جائحة وكذلك من تحمل ديوناً


تاسعاً : قول عائشة فإن أحب أهلك أن أعدّها لهم وولاءك لي فعلت يؤخذ منه أن عائشة رضي الله عنها استعدت بدفع مال المكاتبة على شرط العتق .


عاشراً : الصحيح أنها ابتاعت بريرة ولم تبتع الكتابة


الحادي عشر : امتناع أهل بريرة من الموافقة على بيعها إلا بشرط أن يكون لهم الولاء يُعدّ وضعاً للشيء في غير محله واشتراطاً لشرط باطل .


الثاني عشر : في قول النبي ﷺ خذيها واشترطي لهم الولاء يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ أمرها بأن تشتريها وأن تقبل هذا الشرط الذي اشترطوه .


الثالث عشر : في قوله وإنما الولاء لمن أعتق إخبار أن ذلك الشرط لاغٍ لأنه مخالف لكتاب الله عز وجل وشرعه


الرابع عشر :قد اعترض على هذه العبارة بأن فيها إشكال واضح لا يتلائم مع مقام النبوة وذلك أن أمره لعائشة رضي الله عنها بأن تقبل ذلك الشرط مع أنه باطل ربما يقال أن فيه شيء من الخداع الذي يتنافى مع مقام النبوة


الخامس عشر : قد أُجيب عن هذا بأجوبة غير منتهضة .
وأقول الصواب في نظري أن النبي ﷺ أولاً : أباح لها أن تقبل هذا الشرط نظراً لأنه شرط باطل ووجوده كعدمه وثانياً : أنه لو أظهر لهم ذلك أولاً لمنعوا من العتق والعتق مقصود للشرع مرغب فيه والحث عليه كثير فلذلك أمر عائشة أن تقبل هذا الشرط مع أنه غير صحيح حتى يتم عتق بريرة وأخيراً يجب أن يعتقد كل مكلف أن النبي ﷺ لا يقول إلا حق ولا يفعل إلا ما هو حق فلا يجوز أن يتطرق هذا الاحتمال إلى مقام النبوة أبداً ، وثالثاً :أن قبول عائشة رضي الله عنها لهذا الشرط ثم إظهار بطلانه من النبي ﷺ في الخطبة أشد وقعاً حتى يعرفه كل من سمع ذلك أن مثل هذا الشرط باطل وبالله التوفيق .


السادس عشر : يؤخذ من فعله ﷺ وهو أنه بعد ذلك قام خطيباً وأعلن الحكم أن مثل هذه الأمور ينبغي إعلانها ليترتب على ذلك معرفة الناس بالأحكام الشرعية .


السابع عشر : يؤخذ من قولها فحمد الله وأثنى عليه أن الخطبة لا بد أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه


الثامن عشر : الثناء على الله هو مدحه بما له من المحامد والكمالات التي لا تنبغي إلا له .


التاسع عشر : في قوله أما بعد يؤخذ منه مشروعية هذه الكلمة ليفصل بها بين مقدمة الخطبة والمقصود الذي يريد أن يدخل فيه .


العشرون :يؤخذ من قوله ما بال رجال يشترطون شروطاً أن من أنكر شيئاً من المناكر ينبغي له أن يُكني ولا يصرح وهو أن يقول ما بال أقوام يفعلون كذا ولا يقول ما بال فلان أو آل فلان يفعلون كذا .


الحادي والعشرون : يؤخذ من قوله يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ربما قيل أين هذا الشرط من كتاب الله نقول إن الشرط في كتاب الله بإقامة العدل بين عباده في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) [ النحل : 90 ]


الثاني والعشرون : أن هذه القصة داخلة في العدل بإعطاء الحقوق لمستحقيها ومن أعطى الورق ودفع المال وأعتق فهو المستحق للولاء ولا يجوز أن يأخذه غيره ممن لم يفعل شيئاً من ذلك


الثالث والعشرون :قوله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل يؤخذ من هذا أن كل شرط لا يؤيده كتاب الله ودينه وشرعه فهو باطل وإن كان مائة شرط


الرابع والعشرون : يؤخذ من قوله وإن كان مائة شرط جواز المبالغة


الخامس والعشرون : يؤخذ من قوله قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق أنه يجوز السجع الذي يظهر به الحق ويكون غير متكلف


السادس والعشرون : أنه يجوز مكاتبة الأَمة المزوجة بمملوك مثلها .


السابع والعشرون : أن الأمة إذا عتقت تحت عبد خيرت بين البقاء تحته أو فسخ النكاح كما حصل لبريرة


الثامن والعشرون : أنها إذا اختارت نفسها خرجت من حكم الزوجية وانفسخ النكاح بينهما


التاسع والعشرون : أنها إذا اختارت زوجها ثم أرادت الفسخ لم تمكن منه
الثلاثون : أنها يجب أن تخير بذلك كما أخبر النبي ﷺ بريرة قبل التخيير .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 23-11-2015, 01:11PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[268]الحديث الثاني :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه كان يسير على جمل فأعيى فأراد أن يسيبه فلحقني النبي ﷺ فدعا لي وضربه فسار سيراً لم يسر مثله ثم قال بعنيه بوقية قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه ثم رجعت فأرسل في أثري فقال أتراني ماكستك لآخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك .


موضوع الحديث :
الشرط الجائز في البيع



المفردات
أنه كان يسير على جمل فأعيى : المراد بالعي العجز والضعف عن أن يسير مع القافلة .
قوله فأراد أن يسيبه : أي يتركه
قال فلحقني النبي ﷺ :في هذا إلتفات من ضمير الغيبة إلى ضمير التحدث عن النفس
قوله فدعا لي : من الدعوة التي هي الدعاء
وضربه : الضمير يعود على الجمل أي ضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله : النفي هنا كأنه نفي لحصول سير يساوي سيره ذلك فيما سبق
قوله بعنيه :هذا طلب من النبي ﷺ أن يبيعه منه
بوقية : الوقية هي أربعون درهماً
قلت لا ثم قال بعنيه فبعته بوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي : أي اشترطت على النبي ﷺ أن أتبلغ عليه إلى أهلي في المدينة فقبل النبي ﷺ هذا الشرط .



فلما بلغت :أي وصلت إلى أهلي أتيته بالجمل أي تنفيذاً للاتفاق بيني وبينه
فنقدني ثمنه : أي أعطاني الأوقية التي بعته بها
ثم رجعت فأرسل في أثري :أي بعدي مباشرة ويحتمل أن يكون في إثري لكن الرواية الأولى لعلها هي الأصح والإثر والأثر متقاربان فإن الرسول ﷺ كأنه تتبع أثره فقال أتُراني بضم التاء أي تظنني وتحسبني
ماكستك :المماكسة هي المكالمة بالنقص من الثمن لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك تفضل عليه بإعطائه الجمل والدراهم .


المعنى الإجمالي
بينما كان جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في غزوة من الغزوات يسير على جمل له فأعيى ذلك الجمل أي ظهر عليه العجز وعدم القدرة على السير مع القافلة فأراد صاحبه (جابر ) أن يسيبه أي يتركه لغلبة الظن على صاحبه أنه لا فائدة في بقائه معه فبينما هو كذلك لحقه النبي ﷺ وضرب الجمل فسار سيراً لم يسر مثله وتلك معجزة من معجزاته ﷺ ثم طلب منه أن يبيعه إياه فأبى أولاً ثم وافق بعد ذلك لكنه استثنى حُملانه إلى أهله في المدينة فوافق النبي ﷺ على ذلك فلما بلغ أتاه بالجمل فأعطاه ثمنه فرجع وترك الجمل عنده وإذا به يرسل في أثره قائلاً أتُراني ماكستك لآخذ جملك أي ناقصتك في البيع لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه جواز التسييب للدابة التي لم يبق فيها فائدة وذلك بإقرار النبي ﷺ وعدم نهيه عن ذلك


ثانياً : لم يكن التسييب على ما كان يعتقده أهل الجاهلية في السائبة ولكن لغلبة الظن على أن الجمل لا يستفاد منه فيما بعد .


ثالثاً : دعاء النبي ﷺ لجابر رضي الله عنه يظهر أنه دعاء قصد منه النبي ﷺ تطييب خاطره وجبر ما في نفسه من ذلك المأزق الذي كاد يقع فيه لولا ما يسره الله له من رحمة النبي ﷺ وعطفه عليه .


رابعاً : في قوله وضربه فسار سيراً لم يسر مثله الضرب من النبي ﷺ تحول بركة في حق جابر وجمله فسار سيراً ما كان يسيره وهذه هي المعجزة الظاهرة .


خامساً : يؤخذ من قوله بعنيه بوقية أنه يجوز مبايعة من لم يعرض سلعته للبيع .


سادساً : قوله لا يحتمل أنه امتناع من البيع ويحتمل أنه امتناع من الثمن


سابعاً : قول النبي ﷺ بعنيه مرة أخرى تأكيد من النبي ﷺ بطلب البيع .


ثامناً : فيه دليل على جواز تكرار المبايعة لمن لم يعرض سلعته للبيع .


تاسعاً : في قوله فبعته الفاء هنا رابطة بين طلب البيع والموافقة عليه أو سببيه أي بسبب تكرير النبي ﷺ بعته وبأوقية كما طلب .


عاشراً : يؤخذ من قوله واستثنيت حملانه إلى أهلي جواز الاستثناء إذا كان معلوماً وهذا استثناء للمنفعة ولم يكن استثناء لبعض الشيء المبيع


الحادي عشر : أن هذا لا يتنافى مع حديث النهي عن الثنيا فالثنيا المنهي عنها هي ما لم تكن معلومة بأن كانت عائمة في المبيع فمن قال بعتك هذا القطيع من الغنم واستثنيت واحدة منه فإنه لا يجوز ذلك إلا أن ينصص على الشاة المستثناه وإن استثنى منفعة فلا بد أن تكون تلك المنفعة معلومة بمقدارها وثمنها فالنهي إنما يكون عن ثنيا غير معلومة وإذا فلا تعارض .


الثاني عشر : أن هذا الاستثناء كان شرطاً في البيع وكان إنشاؤه مع إنشاء العقد ولم يتم العقد إلا به وقد أنكر بعض الفقهاء مثل هذا ولكن سلكوا في سبيل تخريجه والاعتذار عن وقوعه مسالك شتى مع العلم أن حديث جابر رضي الله عنه أقوى من حديث النهي عن بيع وشرط وقد قال الصنعاني رحمه الله بعد ما ذكر بعض تلك المسالك التي سلكوها في الاعتذار عن هذا الحديث والأخذ به فقال ( وقوى الحافظ ابن حجر كونه وعداً حل محل الشرط كما نقله عن الإسماعيلي قلت والقول للصنعاني


وهذا كله وفاءً بحق المذاهب وإلا فقوله ﷺ إلا أن يكون معلوماً في حديث الثنيا واضح في صحة هذا الشرط وأمثاله ) أهـ فدل أن تلك التكلفات التي تكلفوها في زعمهم المعارضة من هذا الحديث لحديث النهي عن الثنيا أو لحديث النهي عن بيع وشرط والصواب أن النهي إنما هو عن الثنيا المجهولة والشرط الذي يتعارض مع البيع أو ينافيه ويضاده أما ما لم يكن كذلك فليس فيه معارضة له علماً بأن حديث جابر أصح من تلك الأحاديث التي عارضوا بها رحمنا الله وإياهم



الثالث عشر :يؤخذ من قوله أتراني ماكستك لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك يؤخذ من هذا تفضل النبي ﷺ على أصحابه ومكارم خلقه وسخائه وكرمه الذي جعل الدنيا عنده لا تساوي شيئاً فصلوات الله وسلامه عليه القائل ( مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ) .


الرابع عشر : أن الاستثناء إنما يكون صحيحاً بشروط :-


الشرط الأول : أن يكون الاستثناء من عين المبيع معيناً كاستثناء شاة من قطيع الغنم واستثناء نخلة من نخيل البستان فهذا لا يصح إلا أن يكون المستثنى معروفاً


الشرط الثاني : أن يكون الاستثناء من منفعة المبيع معيناً أيضاً ومبيناً كاستثناء سكنى الدار مدة معلومة واستثناء ركوب الدابة أو السيارة إلى موضع معين .


الشرط الثالث : أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا كان في ذات المبيع أو منفعته أما أن يكون الاستثناء في غير المبيع فهذا لا يجوز ويكون مما نهي عنه في حديث ( النهي عن بيع وشرط ) وبالله التوفيق


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








رد مع اقتباس
  #19  
قديم 23-11-2015, 01:16PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[269]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها .


موضوع الحديث:
النهي عن بيوع لما فيها من الضرر على الفرد أو المجتمع وعن اشتراط المخطوبة طلاق الزوجة قبلها



المفردات
الحاضر : هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والقرية
والباد : هو ساكن البادية
ولا تناجشوا : تقدم تعريف النجش وأنه الزيادة في الثمن ليوقع فيه غيره
ولا يبع على بيع أخيه : قد تقدم أيضاً وهل المقصود به مجرد السوم أو النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه بعد تمام العقد
قوله ولا يخطب على خطبة أخيه : الخطبة بالكسر هو طلب النكاح وبالضم خطبة الجمعة هكذا قرر ابن دقيق العيد رحمه الله
قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها : أي تطلبه وتشترطه والمراد بأختها : هي أختها في الإسلام
لتكفئ ما في صحفتها : أي لتفرغ ما في صحفتها وتمنع عنها الرزق الذي ساقه الله لها


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن الثلاثة البيوع المذكورة في هذا الحديث منعاً للغرر والخداع وحسماً لأسباب التباغض بين أمة محمد ﷺ ويلتحق بذلك نهيه عن الخطبة على الخطبة ونهي المرأة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته الأولى لتكفأ ما في صحفتها من الرزق وتمنع عنها ما قد ساقه الله لها


فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث النهي عن بيع الحاضر للباد والتناجش وبيع الرجل على بيع أخيه وهذه قد تقدم فقهها.


ثانياً : يؤخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه تحريم خطبة المسلم على خطبة أخيه وذلك بعد التراكن أي بعد أن يقبل الخاطب وتركن المخطوبة إليه ويركن إليها .


ثالثاً : خصوا النهي بهذه الحالة لما قد ورد مما يدل على جواز الخطبة على الخطبة قبل القبول فمن ذلك حديث فاطمة بنت قيس أنها لما انتهت من عدتها جاءت إلى النبي ﷺ تستشيره فقالت إن أبا جهم ومعاوية خطباني فقال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) فإقرار النبي ﷺ فاطمة بنت قيس على كون أبي جهم ومعاوية خطباها ولم تقبل واحداً منهما حتى تلك اللحظة وإقرار الخطبة على الخطبة دال على أن المنع يختص بمن قد قبل .


أما لو أرسل هذا وأرسل هذا ولم يقبل أحد منهما فإنه لا مانع حينئذ من أن تقبل غير الخاطبين الأولين كما أشار النبي ﷺ على فاطمة بنت قيس بقوله ( ولكن أنكحي أسامة ) فدل على أن النهي مختص بمن قد قبل


رابعاً :أخذ من قوله ولا يخطب على خطبة أخيه أنه يجوز خطبة المسلم على خطبة الكافر نظراً لأن النهي إنما هو أن يخطب على خطبة أخيه المسلم والكافر ليس كذلك .


وأقول :أن الكافر ممنوع من تزوج المسلمة لقوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً )[ النساء : 141 ] ولكن يتصور هذا فيما إذا خطب كتابي ومسلم كتابية.


خامساً :أخذ بعض الفقهاء من هذا النهي أنه لو خطب على خطبة أخيه المسلم لم يصح عقد النكاح وبه قال داود وعن مالك روايتان ذكرهما الصنعاني في العدة وذهب الجمهور إلى أن العقد لا يفسد ولا يفسخ وإن كان الخاطب على الخطبة عاصياً وهذا هو الحق إن شاء الله .


سادساً : ذكر الصنعاني أن هناك وجه للمالكية أن النهي في حق المتقاربين في الديانة أما إذا كان الخاطب الأول فاسقاً ولآخر صالحاً فلا يندرج تحت النهي أما مذهب الشافعي رحمه الله فهو صحة العقد وعدم فسخه .


سابعاً :قال الصنعاني أقول لأنه لا يسمى الفاسق للمؤمن أخاً فإنه تعالى قال ( إنما المؤمنون إخوة ) ومن فسق فليس بمؤمن وهذا يناسب رأي المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين .


وأقول : الله سبحانه وتعالى قد أثبت الأخوة بين المسلمين المقتتلين فقال في سورة الحجرات حين ذكر اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض وأمر بالإصلاح بينهم فقال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) [ الحجرات : 10 ] فأثبت الأخوة بين المتقاتلين وقد سمى ذلك في الحديث كفراً حين قال
(‎ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ولكن ذلك متأول بأنه من كفر النعمة وهو من الكفر دون كفر وكذلك هو يعتبر من الفسق ولا يخرج عن مسمى الإيمان إلا عند الخوارج والمعتزلة ومن يقول بقولهم ممن يكفر بالكبيرة وعلى هذا فإن الاخوة ثابتة بينهما أي بين الخاطب الأول والثاني ولكن النظر إلى المصلحة ربما يقال أن الفاسق يجب أن يطرد وأن يقدم الصالح فمثلاً من عرف بشرب الخمر إذا ألقيت المرأة في حجره أوقعها فيما هو فيه فينبغي أن تقدم هذه المصلحة . أقول ذلك برأي ولا أقصد مخالفة الحديث ولكن نظراً لجلب المصلحة للمرأة الضعيفة بإعطائها للرجل الصالح ودفعاً للمفسدة المتوقعة من تزويجها بالفاسق .



ويؤيد ما قلته ما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ( إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) لكن هل يدخل فيه المنع بعد الموافقة ؟ الجواب نعم نظراً للمصلحة وبالله التوفيق .


ثامناً : يؤخذ من قوله ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها أنه يحرم على المرأة المخطوبة أن تشترط على الخاطب طلاق زوجته القديمة لأنه ظلم لها ومنع لما قد ساقه الله إليها من الرزق


تاسعاً : إذا اشترطت المرأة هذا الشرط وقبله الزوج ثم امتنع بعد زواجه بالمرأة المشترطة فهل يُلزم بالوفاء بهذا الشرط أولا يُلزم ؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم والذي أعلمه أن الجمهور من العلماء يرون عدم لزوم هذا الشرط وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهي المشهورة في فقه الحنابلة أن الزوج إذا قبل ذلك لزمه إنفاذه لقوله ﷺ ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .

--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










رد مع اقتباس
  #20  
قديم 23-11-2015, 01:23PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


باب الربا والصرف


[270]الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء .


موضوع الحديث :
تحريم الربا



المفردات
الربا :مأخوذ من ربى الشيء بمعنى زاد ومن ذلك قوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) [ فصلت : 39 ]
أما تعريف الربا شرعاً : فهو زيادة مخصوصة في شيء مخصوص دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ
والصرف : هو التحويل وهو أن تحول عملة إلى عملة أخرى أو بيع نقدٍ بنقدٍ آخر .



قوله الذهب بالورق : المراد بالورق هنا الفضة مطلقاً
رباً: أي محرم بيع بعضها ببعض وهو يعتبر من الربا الذي حرمه الله
إلا هاء وهاء : معنى هاء هاك أي خذ ويقول الآخر خذ ومحصل ذلك أنه إذا لم يحصل فيه التقابض في الحال دخل في الربا بكون أحدهما مقبوضاً والآخر مؤجلاً
قوله والبر بالبر رباً: البر جنس يدخل فيه أنواع . إلا هاء وهاء أي بأن يحصل التقابض بين البائعين في المجلس والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء هكذا هو أيضاً من بيع الجنس بجنسه والشعير جنس يدخل تحته أنواع إلا هاء وهاء أي هاك وهاك .


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ في هذ الحديث أن الذهب لا يباع بالورق إلا إذا كان المبيعان حاضرين ويحصل بينهما التقابض في الحال وكذلك البر بالبر والشعير بالشعير وفي الجملة الأولى بيع جنس بآخر تشملهما علة واحدة وفي الجملتين الأخيرتين بيع بعض الجنس بجنسه وأن ذلك يكون رباً إلا إذا لم يحصل التقابض


فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الذهب بالورق أحدهما حاضر والآخر مؤجل ومعلوم أن الذهب جنس والورق وهو الفضة جنس وأنه لا يجوز بيع أحدهما بآخر إلا أن يكونا حاضرين يتم التقابض فيهما في المجلس ومن هنا نعلم أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة كالذهب بالورق حيث أن العلة فيهما واحدة وهي إما النقدية وإما الوزن وأن ما كان كذلك يجوز فيه التفاضل ويحرم النسأ فيجوز أن تبيع عشرة مثاقيل من الذهب بعشرين مثقالاً من الفضة فيكون أحدهما فاضلاً والآخر مفضولاً إلا أنه يحرم النسيئة في ذلك وهي التأجيل فتبين أن بيع الجنس بغير جنسه مما يشترك معه في العلة يجوز فيه التفاضل كما مثلنا ويحرم النسأ وهو التأجيل ومثل ذلك بيع البر بالشعير والتمر بالملح إذ أن العلة التي جمعت بين جنسين هي الكيل عند قوم أو ما يعبر عنه بالطعم عند قوم أو الادخار عند قوم فليعلم هذا .


ثانياً : يؤخذ من قوله والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء أن بيع الجنس بجنسه بأن يكون نوع منها بنوع آخر فهذا يحرم فيه شيئان التفاضل والنسأ كما سيأتي في حديث أبي سعيد وكما سيأتي في حديث أبي سعيد الآخر في قصة بلال ومن ذلك يتبين أن بيع الجنس بجنسه يحرم فيه شيئان يحرم فيه التفاضل وإن كان أحد النوعين فاضلاً والآخر مفضولاً كالبرني والجمع من التمر وكذلك بعض الأنواع ببعض من البر فلا يجوز بينهما التفاضل ولا يجوز فيهما النسأ ومثل ذلك الذهب إذا اختلفت أنواعه وهكذا كما سيأتي توضيحه أيضاً في الأحاديث التي بعد هذا وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf











رد مع اقتباس
  #21  
قديم 23-11-2015, 01:29PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[271]الحديث الثاني :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز .
وفي لفظ إلا يداً بيد . وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء


موضوع الحديث :
تحريم الربا وبيان بعض أنواعه



المفردات
تشفوا : أي تفضلوا وتزيدوا
غائباً بناجز :أي مؤجلاً بحال
قوله وفي لفظ إلا يداً بيد : هذا يراد منه التقابض يداً بيد أي أنا أقبض منك بيدي وأنت تقبض مني بيدك
وفي لفظ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء بسواء : هذا كله تأكيد يقصد منه وجوب التساوي وتحريم التأجيل وهو التأخير عن التسليم في المجلس .


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث التحذير من الزيادة في بيع الذهب بالذهب وكذلك الورق بالورق وأن يكون أحدهما غائباً والآخر حاضراً .


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم التفاضل في بيع الجنس بجنسه والتأكيد على التساوي والتقابض وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بالحديث من المسائل الفقهية .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










رد مع اقتباس
  #22  
قديم 23-11-2015, 01:38PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


[272]الحديث الثالث :

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء بلال إلى رسول الله ﷺ بتمر برني فقال له النبي ﷺ من أين هذا ؟ قال بلال كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ فقال النبي ﷺ عند ذلك أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به .


موضوع الحديث :
تحريم ربا الفضل فيما إذا اتحد الجنس واختلف النوع


المفردات
قوله بتمر برني : نوع من أنواع التمر جيد
قوله كان عندنا تمر رديء وفي رواية جمع فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي ﷺ : فسرت الرداءة بالرواية الأخرى وهو أن الجمع نوع رديء من التمر
قوله أوّه أوّه : قال الأمير الصنعاني قال أهل اللغة هي كلمة توجع وتحزن وهي بفتح الهمزة وواو مفتوحة مشددة وهاء ساكنة وفيها لغات هذه أصحها . قلت : هذه الكلمة تنطق عندنا بضم الواو ويقصد بها الاحتقار كأنه يقول لم تصنع شيئاً ولعلها تأتي بالمعنيين .



قوله عين الربا : أي ما فعلته هو عين الربا الذي نهى الله عنه في القرآن وتوعد عليه بالنار والتكرار يراد به التأكيد والإفهام
قوله لا تفعل : هذا نهي عن الوقوع في مثل هذا ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به


المعنى الإجمالي
جاء بلال رضي الله عنه إلى النبي ﷺ بتمر جيد وما كان يعهده ﷺ عندهم فسأل بلالاً عن مصدره فأخبره أنه باع صاعين من التمر الذي عندهم بصاع من هذا الجيد لكي يطعم النبي ﷺ ذلك التمر الجيد فأرشده ﷺ إلى الطريقة التي يعملها حتى لا يقع في الربا وأنه يبيع ما عنده من التمر ثم يشتري بالثمن التمر الذي يريد .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلاً فالرديء تمر والجيد تمر ولكن الجيد مرغوب فيه والرديء مزهود فيه فلا يمكن مبادلة بعضه ببعض متساوياً لأن النفوس تشح فصاحب التمر الجيد يشح بأن يبادل به في تمر رديء متساوياً فأخبر النبي ﷺ بلالاً بأنه يبيع الرديء بثمن ثم يشتري بالثمن ما شاء وهذه هي الطريقة للتخلص من الوقوع في الربا

واعلم أن الربويات تنحصر في ثلاثة أقسام وهي :

القسم الأول : بيع الجنس بجنسه مع اتحاد النوع أو اختلافه وهذا يمثل له بحديثنا هذا وهو يحرم فيه التفاضل والنسأ فلا يجوز أن يباع الجنس بجنسه متفاضلاً حالاً ولا نسيئة


القسم الثاني : أن يختلف المبيعان في الجنس ويتحدا في العلة كالذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح وما أشبه ذلك فالذهب والفضة جنسان مختلفان في الجنس ومتحدان في العلة فيجوز أن تبيع كيلو من الذهب بأربعة كيلو من الفضة إذا كان قد حصل بين البائعين التقابض في المجلس .


القسم الثالث :أن يختلف المبيعان في الجنس والعلة كالتمر بالورق أو بالذهب فهنا يجوز التفاضل ويجوز النسأ علماً بأن العلة في الذهب والفضة الوزن عند قوم والنقدية عند قوم آخرين والعلة في البر والشعير والتمر والملح هو الكيل عند قوم والاقتيات عند قوم آخرين والادخار عند قوم آخرين أيضاً وهنا حصل الاختلاف بين أهل العلم في القياس على المنصوص عليه فمن قال العلة في البر والشعير والتمر الكيل قاس ما كان مكيلاً ومن قال العلة الاقتيات قاس ما كان مقتاتاً كالذرة والدخن والأرز وما أشبه ذلك .


ومن قال أن العلة فيما ذكر هو الادخار ولو لم يكن مقتاتاً قاس عليه ما كان مدخراً كالسدر والحنّا والقشر وما إلى ذلك وللعلماء في هذه المسائل اختلاف كثير كما أن بعضهم يقتصر على ما ذكر في الحديث وهي الستة الأنواع الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والبعض الآخر قاس بنوع من المشابهة كما عرفتم وأن كل قوم قاسوا بحسب ما رجحوه باجتهادهم أو متابعة إمامهم ومذهبهم وعلى هذا فإن ما اختلف فيه الجنس والعلة لا يدخل فيه الربا أصلاً كما سبق أن أشار الصنعاني رحمه الله إلى هذه المسألة واستدل عليها بعد أن استشكلها استدل على جواز النسيئة في بيع ما اختلف جنساً وعلة بأن النبي ﷺ مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير أخذها ﷺ قوتاً لأهله فدل على أنه يجوز بيع ما اختلف في الجنس والعلة تفاضلاً ونسئاً ولا يدخل فيه الربا .


ثانياً : يدخل تحت عموم هذا الحديث بيع الذهب بالذهب فإنه يحرم فيه التفاضل ويحرم فيه النسأ وما أكثر ما يقع الناس في هذا فتجد أن باعة الذهب يذهب الواحد منهم إلى الذين يبيعون الذهب بالكيلوات فيشتري منهم كمية كبيرة مثلاً بأربعة مليون ريال يدفع لهم منها مليونين ويؤخر مليونين إلى أن يبيع وقد صدرت فتوى في هذه المسالة بأنها حرام وأنها ربا ولكن قاتل الله الهوى كذلك أيضاً هذا الذي يشتري الكمية يأتي إلى مكانه فيأتيه الذي يريد الزواج فيعطيه عشرة آلاف مثلاً ويقول له أعطني ذهباً بخمسة وعشرين ألفاً أدفع لك العشرة الآلاف وأقسط لك خمسة عشر ألفاً وهذا أيضاً من الربا الواضح ومثل ذلك من يريد أن يبدل ذهب زوجته بذهب جديد واعتاد أصحاب الترف أنهم في نهاية كل سنة يغيرون الذهب فيذهب بالكمية التي معه ويعطيها بائع الذهب بقيمة أدنى ويشتري منه بقيمة أعلى ويحسم قيمة الذهب الملبوس ثم يكمل عليه وهذا كله محرم وأكثر الناس واقعون فيه إذ أن الكثير منهم لا ينظر إلى التحريم والتحليل وإنما ينظر إلى تمشية حاله فقط وأذكر أنه جرى حوار بيني وبين أحد المشائخ الخريجين من كلية الشريعة وأخبرت عن آخر أيضاً وهو خريج من كلية الشريعة يفعل ذلك فنهيتهم عن ذلك الأمر لأنه من الربا الواضح فلم يصدقوني


فكتبت سؤالاً لهيئة كبار العلماء بواسطة رئيسهم في ذلك الزمن الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وذلك قبل ما يقارب عشرين سنة وذكرت فيه ما يقع فيه هؤلاء فأجابت هيئة كبار العلماء بأن هذا هو الربا المحرم وقد وزعت الفتوى في ذلك الوقت بعد أن صورت تلك الفتوى وزعت كثيراً منها على كثير من المساجد فنسأل الله للناس الهداية وإنه ليؤسف لهذا الأمر أن تجد ممن يتسمون بالعلم ويحملون الشهادة العليا في الشريعة يقعون في ذلك غير مبالين فإذا عذر العامة في الجهل بذلك على فرض وإلا فإنهم لا يعذرون ما دام أهل العلم عندهم فكيف يعذر الذين يحملون الشهادات العليا في ذلك إلا أنه قلة الاعتناء بالدين وعدم المبالاة وإنا لله وإنا إليه راجعون .



ثالثاً : أرشد النبي ﷺ إلى طريقة التخلص من الربا في قوله ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به فقوله ببيع آخر أي بيع لا يكون فيه ربا وهذا يدل على تحريم الحيل التي تتنافى مع الشرع أو يكون فيها شيء من الشبهة .


رابعاً : يؤخذ من الحديث أن التفاضل في الصفات لا اعتبار به في تجويز الزيادة فإذا كان التمر البرني تمر فاخر لما فيه من الصفات العالية لكن هذه الصفات لم تجوز زيادة الرديء على الجيد في الكم ليقابل جودة الجيد في الكيف فلقد أنكر النبي ﷺ على بلال كونه اشترى صاعاً بصاعين وقال له أوّه عين الربا عين الربا فهذا دليل واضح على أنه يجب على المسلم التحرز من الوقوع في المعاملات المحرمة ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الشرع وما يحل فيه وما يحرم لذلك فقد أوجب الله على فئة من الناس غير معينة أن يتفقهوا في الدين ليكونوا مرجعاً لأقوامهم في التمييز بين الحلال والحرام وفي إرشادهم إلى ما يحل من تلك المعاملات وما يحرم وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25-11-2015, 11:09AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[273]الحديث الرابع :
عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فكل واحد يقول هذا خير مني وكلاهما يقول نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالورق ديناً


موضوع الحديث :
تحريم تأخير أحد النقدين في الصرف كأن يكون أحدهما حاضر والآخر غائب



المفردات
الصرف : هو التحويل أي تحويل النقد من شيء إلى شيء بأن يحول النقد الذي بيده إلى نقد آخر
الورق : هو الفضة


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث الشريف نهى النبي ﷺ أن يباع ذهب بورق ديناً أي بأن يكون أحدهما غائب عن المجلس والآخر حاضر فيه


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث
تحريم المداينة في الصرف بأن يكون أحدهما حاضراً والآخر غائباً فلا يجوز في الصرف إلا أن يكون يداً بيد ويجوز فيه التفاضل إذا كان التحويل من جنس إلى آخر أما إذا كان التحويل من وحدة إلى أخرى وكلاهما من جنس واحد مثلاً بأن يصرف الرجل من فئة المائة ريال إلى فئة العشرات والخمسات فلا يجوز في هذه الحالة أن يتأخر شيء من أحد النقدين فإذا كانا من جنس واحد حرم فيه التفاضل وحرم النسأ

أما إذا كان من وحدة نقدية إلى وحدة نقدية أخرى كأن تحول النقود التي بيدك من ريالات سعودية إلى دولارات أو من دولارات إلى دنانير كويتية مثلاً أو ليرة لبنانية أو ريال يمني أو ما أشبه ذلك فكل وحدة من هذه الوحدات يجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلاً لكنه يحرم فيه النسأ أما إذا كانت الوحدة النقدية واحدة لكن يريد أن يصرف فئة إلى فئة أخرى ففي هذا الحالة يحرم التفاضل والنسأ لأن كل وحدة نقدية تعتبر جنساً على ما يراه فقهاء العصر حسب علمي فمثلاً نقول النقود السعودية تعتبر وحدة نقدية وكذلك الريال اليمني والدولار الأمريكي والجنيه الاسترليني والجنيه المصري والدينار الأردني وهكذا يقال فكل نقد دولة يُعد وحدة نقدية فيجوز بيعها بوحدة أخرى متفاضلةً ويجب التقابض في المجلس فإن كانت الوحدة واحدة ويريد البائع تحويلها من فئة إلى فئة أخرى حرم التفاضل والنسأ وقد جاء في الحديث (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ) .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29-11-2015, 01:18AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[274]الحديث الخامس :
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله ﷺ عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء
وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا قال فسأله رجل فقال يداً بيد فقال هكذا سمعت



هذا الحديث قد تقدم شرحه في الأحاديث السابقة فلا داعي لإعادته هنا
وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf







رد مع اقتباس
  #25  
قديم 29-11-2015, 01:23AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




باب الرهن وغيره

[275]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد .



موضوع الحديث :
الرهن



المفردات
تعريف الرهن : لغة الثبوت والدوام أو حبس شيء في مقابل آخر .
وشرعاً : جعل المال وثيقة فقد جعل النبي ﷺ درعه وثيقة في قيمة ثلاثين صاعاً من شعير .
قوله رهنه : أي جعله عنده رهناً في الثمن حتى يوفيه إياه .
درعاً من حديد : الوصف بقوله من حديد ليفهم أنه من دروع الحرب ذوات القيم العالية .


المعنى الإجمالي
صلوا ت الله وسلامه على نبينا محمد لقد كان مترفعاً عن الدنيا زاهداً فيها فكانت تأتيه الأموال إما من الجزية وإما من
الغنائم وإما من الفئ فينفقها في حينه ورغم أنه كان قادراً على تأمين القوت لأهله إما من غلال الأرض وإما مما يأتيه من الأموال التي سبق ذكرها ومع ذلك فقد أنفق ما بيده جميعاً ولم يجد قوتاً لأهله إلا أنه اشترى لهم من يهودي ثلاثين صاعاً من شعير ورهن بها درعه وإن هذا ليدل دلالة عظيمة على تقلله من الدنيا وإنفاقه للأموال التي تأتيه ﷺ ولقد كان ﷺ في السنة التاسعة والعاشرة حينما كثرت الأموال يجيز الوافدين كما هو معلوم لكل من استقرأ السيرة فلو طلب ثلاثين صاعاً من أصحابه لوجدها بالمجان ولكنه ترك ذلك كله واشترى من اليهودي ورهنه درعه صلوات الله وسلامه عليه .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه مشروعية الرهن وقد دل على مشروعيته كتاب الله تعالى حيث يقول الله عز وجل ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ) [ البقرة : 283 ] فهذه الآية دلت على جواز الرهن في السفر إذا لم يكن هناك ائتمان من بعض المتبايعين لبعض وقد دل على جوازه في الحضر هذا الحديث


ثانياً: يؤخذ منه جواز معاملة الكفار من غير استفصال عن أموالهم من أين دخلت ومعلوم أن أموال الكفار على العموم وبالأخص اليهود يجمعونها من الربا ومهر البغايا وبيع الخـنـزير وغير ذلك من المعاملات الفاسدة المحرمة وقد أباح الله عز وجل معاملة الكفار فكان أصحاب رسول الله ﷺ يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وأخذاً وعطاءً ولا يسألونهم من أين جاءتكم هذه الأموال وقد حصل أن النبي ﷺ أقام هو وأصحابه بمكة ثلاث عشرة سنة يبايعون المشركين ويتعاملون معهم وعشر سنين في المدينة يبايعون اليهود ويتعاملون معهم ولا يسألون عن مصادر أموالهم وإن كان ذلك معلوماً ضرورة أن في كسبهم ما لا يحل .


ثالثاً:لعل بعض المتعنتين أو الجاهلين يقولون كيف نبايع اليهود والنصارى وكيف نبايع المشركين ونحن نعلم أن في معاملاتهم ما لا يحل لنا ؟ ونقول لهم إن الله حين أباح ذلك كان أرحم بعباده منكم ولو حرم الله عز وجل على المسلمين معاملة الكفار سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين وثنيين أو ملحدين لا يؤمنون بدين لوقع عليهم الحرج والضرر إذ كان أغلب ما يستعملون من الآنية والثياب وغير ذلك كلها مما يجلبه الكفار ونحن الآن كذلك قد عشنا وعاش من قبلنا وهم يتعاملون مع الكفار من غير نكير من أحد من العلماء ومن أنكر ذلك ينكر عليه فقد كان النبي ﷺ يتعامل معهم وهذا يكفي في الاستدلال على حله


رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز البيع إلى أجل بأكثر من سعر يومه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وخالف في ذلك الزيدية ومنعوا البيع بأكثر من سعر يومه استدلالاً بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حدث به ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ _ قَالَ ( إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ) وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا ) ولكن هذين الحديثين متأولين بتأويل يخرج به كل منهما عما قصدوه وقد تأول الحديث الأول الإمام الشافعي في الرسالة وقال حديث أسامة بن زيد إنما هو جواب على شيء معين وكأنه سئل رسول الله ﷺ عمّا يجوز البيع فيه يداً بيد ويحرم فيه النسأ فقال ( إنما الربا في النسيئة ) هكذا تأوله الشافعي رحمه الله والخطابي رحمه الله والجمهور بل كل العلماء على هذا التأويل لم يخرج عن ذلك إلا من شذ وأما حديث ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فذلك كأن يفارقه من غير تعيين لأحد البيعين فمثلاً لو أعطى سلعة للمشتري وقال له إن أردت أن تأخذها نقداً فهي لك بثمانمائة (800) وإن أردتها نسيئة فهي لك بألف (1000) وذهب ولم يعين أحد البيعين ثم بعد أن مضت مدة قال أريدها نقداً ففي هذه الحالة لا يجوز أخذ الزيادة على أكثر من سعر يومه وهذا الحديث دليل على جواز الزيادة في البيع المؤجل لأن اليهود عرفوا بجشعهم وهلعهم على المال فهل يعقل أن ذلك اليهودي يعطي النبي ﷺ ثلاثين صاعاً بسعر يومها ويأخذ درعه فيها رهناً إلى أجل هذا لا يعقل أبداً .



والأمر الثاني : قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } [البقرة : 282 ] وقد وقع الإجماع على السلم وهو تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه مثله وعليه الجمهور كما قلنا لكن لا بد من تحديد وقت الاستلام ومكانه وبالله التوفيق .



خامساً: يشترط في الرهن أن يكون مقابلاً للمال الذي جعل وثيقة فيه أو قريباً منه فإذا كان الدين خمسمائة ريال فلا يكون الرهن قيمته أقل من ذلك بكثير وثانياً : أن الرهن إن كان من المنقولات فينبغي أن يأخذه المرتهن لأن الله تعالى يقول ( فرهان مقبوضة ) أي يقبضها المرتهن وإن كان الرهان عقاراً أو شيئاً لا ينقل فلا بد أن يأخذ صكاً بذلك .



سادساً : إذا كان قد جعل الرهن في مقابل الدين فإن تعذر دفع الدين لصاحبه بيع الرهن بإشراف القاضي وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعطيه الباقي وذلك يكون بواسطة أمين يتولى البيع ويقضي الدين ويرد الباقي إلى صاحبه .
وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









رد مع اقتباس
  #26  
قديم 29-11-2015, 01:27AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[276]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع .



موضوع الحديث:
الحوالة



المفردات
المطل : منع قضاء ما استحق أداءه هكذا عرفه الفقهاء
الغني : هو القادر على أداء الدين وقد يكون الدين كثيراً فلا يقدر المُطالب على أداءه مع غناه
قوله ظلم :أي أنه حرام لأنه ظلم لصاحب الحق لكونه منعٌ للحق عن مستحقه .
اتبع : يعني جعل تابعاً لمن أحيل عليه .
مليء :المليء هو الغني الوفي .
قوله فليتبع :هذا أمر من الشارع _ وهل هو للوجوب أو للندب على خلاف بين أهل العلم


المعنى الإجمالي
صلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا ترك شراً إلا حذر الأمة منه فهاهو ﷺ يخبر أن مطل الغني ظلم وهو تأخير أداء ما وجب ولكونه ظلم فإنه إذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع فقد يكون الذي يكون عليه الدين له دين على آخر وحينئذٍ فإذا أحال صاحب الدين على مليء يقدر على دفع دينه فينبغي له أن يتبع المحال عليه تعاوناً مع أخيه وإحساناً منه إليه . وبالله التوفيق .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم المطل للحق لمن هو قادر عليه أما من ليس بقادر فلا يسمى تأخيره مطلاً ولا يكون حراماً بل يجب إنضاره لقول الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280 ] وفي صحيح مسلم في قصة أبي اليسر رضي الله عنه وأنه كان له دين على رجل فجاء يتقاضاه حيث قال كَانَ لِي عَلَى فُلانِ ابْنِ فُلانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي وَإِلا أَنْتَ فِي حِلٍّ) فدل هذا الحديث على أن المعسر ينظر


ثانياً : قول النبي ﷺ مطل الغني ظلم . الظلم هو منع الحق عن مستحقه مع القدرة على أداءه وقد ذكر الصنعاني في العدة أن للعلماء خلاف في تفسيق الماطل هل يفسق بمرة واحدة أولا بد من التكرار لأن المطل إطالة المدافعة وقال قال النووي ومقتضى مذهبنا لا يشترط فيه التكرار لأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه يشبه المطل كثرة وإن تسمية النبي ﷺ له ظلماً يشعر بأنه كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك حتى يظهر عدم عذره لأنه قد يكون معذوراً في الباطن وحاصل هذه الجملة أنه لا يحكم بفسقه إلا بعد تبين عدم العذر .


ثالثاً : يؤخذ من قوله فإذا اتبع بضم الهمزة وإسكان التاء وكسر الباء أحدكم رفع لأنه نائب فاعل فليتبع مفتوح الياء ساكن التاء مفتوح الباء الموحدة أي فليقبل الإحالة .


رابعاً : اختلف العلماء في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهبت الظاهرية إلى وجوب ذلك على من أحيل على مليء أي وجوب قبول الحوالة وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أنه أمر ندب لما فيه من الإحسان إلى المحيل لتحصيل مقصوده وهو تحويل الحق عنه والإحسان لا يجب فكان مندوباً .


خامساً : قال ابن دقيق العيد وفي الحديث إشعار بأن الأمر بقبول الحوالة على المليء معلل بكون مطل الغني ظلم ولعل السبب فيه أنه إذا تعين كونه ظلماً والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سبباً للأمر بقبول الحوالة لحصول المقصود من غير ضرر ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليء لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحاكم قهراً ويوفيه


سادساً : استدل باشتراط أن يكون المحال عليه مليئاً أنها إذا صحت الحوالة ثم تعذر القبض بحدوث حادث من فلس أو غيره لم يكن للمحال رجوع على المحيل لأنه لو كان له رجوع ما كان لاشتراط الغنى فائدة .


وأقول : إن هذا القول يستلزم ضياع الحق والإضرار بصاحبه والذي يتبين أنه إذا تعذر استلام المحال به من المحال عليه جاز الرجوع إلى المحيل وإلا فإنه يلزم من ذلك الضرر على المحال وبالله التوفيق .


سابعاً : يشترط في الحوالة شروط أربعة هي :
الشرط الأول : تماثل الحقين لأنها تحويل للحق ونقل له فينقل على صفته ويعتبر تماثلهما في أمور ثلاثة هي الجنس والصفة والحلول أوالتأجيل
الشرط الثاني : أن تكون على دين مستقر
الشرط الثالث : أن تكون بمال معلوم
الشرط الرابع : أن يحيل برضاه أما المحال عليه لا يلزم رضاه .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










رد مع اقتباس
  #27  
قديم 01-12-2015, 09:40PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[277]الحديث الثالث :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ أو قال سمعت النبي ﷺ يقول من أدرك ماله بعينه عند رجل ـ أو إنسان ـ قد أفلس فهو أحق به من غيره .



موضوع الحديث :
حكم من أدرك ماله بعينه عند مفلس ولم يكن قد أخذ من ثمنه شيئاً فإنه يستحقه دون سائر الغرماء



المفردات
قوله من أدرك ماله بعينه : أي بأن يكون هو عين المبيع لم يتغير بزيادة ولا نقص
قوله عند رجل قد أفلس : المفلس هو من صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً فالهمزة في أفلس للسلب بأن كان قد حجر عليه لكثرة دينه وقلة ماله .
قوله فهو أحق به من غيره : أي يستحق أن يأخذه دون سواه من الغرماء ولكن بشروط




المعنى الإجمالي
من كثرت ديونه بحيث زادت على ماله أو ساوته فلم يبق له من ماله شيء فإنه يجب الحجر عليه ويباع ماله ويقضى به دينه وقد حكم رسول الله _ بأن من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به إن توفرت الشروط


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن من كثرت ديونه حتى زادت عن ماله أو ساوته على الأقل فإنه يحجر عليه ويمنع من التصرف في ماله


ثانياً : هل يحجر عليه بطلب الغرماء أم بدون ذلك إذا علم والظاهر أن الحجر لا يكون إلا بمطالبة الغرماء


ثالثاً : إذا حجر عليه ومنع من التصرف في ماله حسبت ديونه وقوّم ماله بحكم من القاضي وباستعانته بأهل الخبرة ثم بيع ماله وقضي به دينه


رابعاً : إن كان الدين أكثر من المال نسب المال إلى الدين فإن وجد المال نصف الدين أعطي كل واحد من أهل الدين نصف ماله وإن وجد ثلثيه أعطي كل واحد من أهل الدين ثلثا ماله وهكذا


خامساً : وحينئذ نتوصل إلى ما جاء في هذا الحديث وهو أنه إن وجد عنده مال لرجل باعه منه ثم وقع الحجر عليه

ففي هذه المسألة يستحق صاحب المال ماله بشروط
الشرط الأول : أن يدركه بعينه ولم يكن قد تغير بزيادة أو نقص
الشرط الثاني : أن يدركه عنده ولم يكن قد انتقل إلى غيره

الشرط الثالث : أن لا يكون قد قبض من ثمنه شيئاً الشرط الرابع : أن يكون في الفلَسَ دون الموت كما دل الدليل فلو فرضنا أن رجلاً حجر عليه لفلس وكان قد اشترى سيارة جديدة على سبيل الدين ووجدت السيارة عنده ولم يكن قد أعطى صاحب السيارة شيئاً فإن بائعها يستحقها حينئذ دون غيره ولا تباع ويكون البائع مع غيره أسوة الغرماء إلا في حالة أن يكون قد اقتضى البائع شيئاً من ثمنها أو وجدت بعد أن باعها من غيره أو وجدت وقد تغير فيها شيء على ما سيأتي بيانه


سادساً : قد اختلف الفقهاء في هذه القضية وهي مسألة كون صاحب العين يأخذها وحده فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يرجع إليه في الموت والفلس . قال ابن دقيق وهو مذهب الشافعي والثاني أنه لا يرجع إليه لا في الموت ولا في الفلس قال وهو مذهب أبي حنيفة والثالث يرجع إليه في الفلس دون الموت أما في الموت فإنه يكون أسوة الغرماء وهو مذهب مالك وقال الصنعاني في العدة وقد قال به أحمد يعني ابن حنبل واحتجا بما في مرسل مالك ( وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ) وفرقوا بين الفلس والموت بأن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه والمسألة من معترك الأنضار والخلاف فيها جار من قديم الزمان وإلى الآن .


سابعاً : ذكر ابن دقيق العيد أن الرجل المدرك ماله هاهنا هو البائع دون غيره قال ويمكن أن يدخل تحته ما إذا أقرضه رجل مالاً وأفلس المقترض والمال باق فإن المقرض يرجع به وقد علله الفقهاء بالقياس على المبيع . وأقول : إن هذا القياس قياس أولوية فإذا كان البائع يرجع على عين ماله وهو انتقل منه بمقابل فإن المقرض من باب أولى لأنه محسن إلى من أقرضه وفي الإحسان يكون أولى بماله


ثامناً : قال ابن دقيق العيد لا بد في الحديث من إضمار أمور يحمل عليها وإن لم تذكر لفظاً مثل كون الثمن غير مقبوض ومثل كون السلعة موجودة عند المشتري دون غيره ومثل كون المال لا يفي بالديون


وأقول : إن هذه الشروط قد ذكر منها رواية في الحديث مثل كونه لم يقبض من الثمن شيئاً فإن قبض شيئاً كان في الباقي أسوة الغرماء ومثل كونه يستحق ذلك في الفلس دون الموت فإن انتقل بالموت كان ذلك أسوة الغرماء


تاسعاً : يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر


عاشراً : قال الحكم في الحديث يتعلق بالفلس ولا يتناول غيره ومن أثبت من الفقهاء الرجوع بامتناع المشتري من التسليم مع اليسار أو هربه أو امتناع الوارث من التسليم بعد موته فإن ما يثبته بالقياس على الفلس . وأقـول : قد تقدمت الإشارة إلى الخلاف بين الفقهاء هل الموت يلحق بالفلس أم لا ؟ وهذا راجع إلى تصحيح الأحاديث الواردة في الموضوع


الحادي عشر : قال ابن دقيق العيد شرط رجوع البائع بقاء العين في ملك المفلس فلو هلك لم يرجع


قلت : إذا هلكت لم يكن وجد متاعه بعينه فيكون الكلام عار عن الفائدة إلا أن يقصد بذلك انتقالها من ملك البائع بعتق أو وقف أو هبة وفي هذه الحالة لم يكن قد وجد متاعه بعينه عند المفلس لأن كلمة عند المفلس يتحقق بها كون ذلك المتاع باق في ملكه .


الثاني عشر : قال ابن دقيق العيد إذا تغير المبيع في صفته بحدوث عيب فأثبت الشافعي الرجوع إن شاء البائع من غير أرش يأخذه عن العيب وقال ابن دقيق العيد أقول في المنهاج واستدل بقياسه على تعيب المبيع في يد البائع فإن المشتري يخير بين أن يأخذه ناقصاً أو يترك وسواء كان النقص حسياً كسقوط بعض الأعضاء أو العمى أو غير حسي كنسيان الحرفة والإباق والتزويج .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf










رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-12-2015, 08:57PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[278]الحديث الرابع:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال جعل ـ وفي لفظ قضى ـ النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .



موضوع الحديث :
الشفعة وأنها إذا قسمت العقار المشتركة ووقعت حدودها وصرفت طرقها فلا شفعة بالشراكة



المفردات
قوله قضى : بمعنى حكم
الشفعة : هي مأخوذة من الشفع وهي بأن يضم الشفيع نصيب شريكه إلى نصيبه في البيع ويمنعه من أن يبيع لغيره
في كل ما لم يقسم : أي في كل شركة لم تدخلها القسمة
الحدود : جمع حد وهي الفواصل بين الممتلكات
صرفت الطرق : أي عدلت من مكان إلى مكان تبعاً للقسمة الجديدة
قوله فلا شفعة : أي لا شفعة بالشراكة


المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قضى وحكم بالشفعة في كل شراكة لم تقسم وكان من جملة قضاءه أنه إذا وقعت الحدود بين الشركاء وصرفت الطرق بينهم على القسمة الجديدة فلا شفعة بالشراكة .


فقه الحديث
المسألة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث بأن الشفعة إنما تكون في كل شركة لم تقسم وأن الشراكة إذا قسمت وعدلت الطرق على حسبها فلا شفعة إذاً وقد أخذ بهذا الحديث جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء فأجازوا الشفعة بالشراكة قبل القسمة ومنعوها بعدها كما منعوا الشفعة بالجوار وممن ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه رحمهم الله فنفوا الشفعة بالجوار وذهب آخرون إلى ثبوت الشفعة بالجوار وهم الحنفية
والقول بالشفعة بالجوار هو القول الحق إن شاء الله لما يأتي


أولاً : أن هذا الحديث خاص بالشفعة في الشركات ولم يتعرض للشفعة بالجوار وعلى هذا فيمكن أن نقول قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة بالشراكة


ثانياً : أن نفي شفعة الجار من هذا الحديث إنما هو بالمفهوم والقول بشفعة الجار هو حاصل بالمنطوق والمنطوق قد ورد من أحاديث وهي الحديث الأول : حديث ( الجار أحق بسقبه ) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي رافع رضي الله عنه وقال الألباني رحمه الله صحيح


الحديث الثاني : ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً ) رواه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبدالله وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء


الحديث الثالث : حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً ( جار الدار أحق بالدار ) صححه الترمذي ولكن فيه سماع الحسن من سمرة وفيه اختلاف وصحح هذا الحديث الألباني في الإرواء وذكر له طريقاً آخر عن أنس واعتبرها الألباني معززة لرواية الحسن عن سمرة لكنه قال الحسن وقتادة كلاهما مدلس وقد عنعن ونقل عن الترمذي أنه قال في حديث الحسن عن سمرة حسن صحيح ثم قال قلت لعله يكون كذلك بمجموع الطريقين .


وأقول : إن هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة وحديث أبي رافع في البخاري والباقي صحيحة وهي صريحة في الحكم بشفعة الجار وبهذا تعلم أن القول بالشفعة للجار هو القول الصحيح .


الوجه الثالث : أن الراوي لحديث الصحيحين وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما والذي استدل به على نفي شفعة الجار هو الذي روى الحديث في إثبات شفعة الجار في قوله ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إن كان طريقهما واحداً ) ومن هذه الثلاثة الأوجه يتبين لنا رجحان القول بشفعة الجار التي ذهب إليها أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه وأن قول ابن دقيق العيد رحمه الله فمن قال بعدم ثبوت الشفعة تمسك بها يعني رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم ومن خالفه يحتاج إلى إضمار قيد آخر يقتضي اشتراط أمر زائد


قلت : قوله اشتراط أمر زائد هو أن نقيد نفي الشفعة بالشراكة فإذا قيدنا نفي الشفعة في الحديث بالشراكة سلم لنا ما دلت عليه الأحاديث الأخرى من شفعة الجوار


وخلاصة ما سبق رجحان هذا القول لأمور
الأمر الأول : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مفهوم وتلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة إذا جعلنا حديث أنس حديث مستقل منطوقة والمنطوق مقدم على المفهوم


الأمر الثاني : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في تخصيص الشفعة في الشراكة وانتهائها بالقسمة محتمل أن يكون المقصود به الشراكة فقط بإضمار في آخر الحديث حيث يقال فلا شفعة بالشراكة


الأمر الثالث : أن تلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة وكلها بلغت إلى درجة الصحة فحديث أبي رافع وحديث جابر بن عبدالله كلاهما صحيح لذاته أما حديث الحسن عن سمرة وحديث سعيد الجريري عن قتادة عن أنس فيكون كل منهما صحيح لغيره أو حسن لغيره على الأقل وقد تبين بهذا رجحان القول بالشفعة للجار إذا كان يدخل عليه ضرر من دخول أجنبي لا يدري ما حاله وقد دل على ذلك قوله إذا كان طريقهما واحداً


المسألة الثانية : أخذ من قوله في كل ما لم يقسم أن الشفعة إنما تجوز فيما يقسم بدون ضرر على كل من الشركاء المقتسمين فإذا كان هناك حمام صغير لا يصلح للقسمة انتفت الشفعة فيه وبهذا قال الشافعي وأحمد رحمهما الله


المسألة الثالثة : ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشفعة إنما تكون في الدور والعقارات الزراعية غير المنقولة أما المنقولات فلا شفعة فيها فإذا اشترك اثنان في سيارة ثم باع أحد الشريكين نصيبه من غير شريكه فهل له الشفعة في ذلك أم لا ؟ فعلى قول من يرى أن الشفعة في المنقولات جائزة ومشروعة جازت الشفعة وإلا فلا وهو قول الجمهور


المسألة الرابعة : أنهم خصصوا الشفعة فيما انتقل بعوض وهو البيع ومنعوها فيما انتقل بدون عوض كالهبة التي يراد بها وجه الله عز وجل وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








رد مع اقتباس
  #29  
قديم 06-12-2015, 07:06PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[279]الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال ( أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به ؟
فقال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فتصدق بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه ) وفي لفظ غير متأثل


موضوع الحديث :
الوقف



المفردات
ما تعريف الوقف :تعريف الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهذا أحسن تعريف وأجمعه وقال الصنعاني حقيقة الوقف في الشرع حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ممنوع من التصرف في عينه وتصرف منافعه في البر تقرباً إلى الله عز وجل
قال أصاب عمر أرضاً بخيبر : خيبر بلد معروف بشمال المدينة
قوله فأتى النبي ﷺ يستأمره فيها : أي يطلب أمره
لم أصب مالاً قط : قط نفي لما مضى وعكسه عوض
قوله هو أنفس عندي منه : أنفس من النفاسة وهي الجودة يقال شيء نفيس أي جيد وذكر الصنعاني أنه قيل له نفيس لأنه يأخذ بالنفس
فما تأمرني به : أي ماذا أصنع فيها
فقال إن شئت حبست أصلها : معنى حبست جعلت أصلها حبيساً أو محبساً توضيحه أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث أي أن أصلها باق على ملكية المصلحة التي جعلت عليها
قوله تصدقت بها : يعني بغلتها
قوله فتصدق عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف : أي أن هذه الجهات يكون التحبيس عليها وتصرف ثمرتها التي تزيد عن حراثة الأرض ومساقاتها وتصرف على هذه الجهات
قوله لا جناح على من وليها : أي لا حرج ولا إثم على من وليها أن يأكل منها لكن بالمعروف أو يطعم صديقاً له غير متمول أي متخذ مالاً أو مكتسب مالاً .


المعنى الإجمالي
عندما أصاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الأرض النفيسه فكر ماذا يعمل فيها لينال رضى الله عز وجل متأثراً بقوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فاستشار النبي ﷺ فأمره بأن يحبس أصلها ويتصدق بغلتها لله عز وجل وقد شرط لها عمر شروطاً كما هو معروف في كتب الفقه والسير .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث مشروعية الوقف وقد قال بذلك فقهاء الإسلام ما عدا أبا حنيفة فإنه أنكر الوقف بسبب أنه لم يسمع فيه حديثاً .


ثانياً :للوقف صيغ منها ما هو صريح ومنها ما هو غير صريح بحيث يعتبر كناية وهذه الألفاظ هي وقفت أو أوقفت وحبست وسبلت وحرمت وتصدقت وأبدت فالصريحة هي ثلاثة وقَّفت وحبست وسبلت والثلاثة الأخرى تعتبر من الكنايات لأن لها احتمال آخر .


ثالثاً : من قال في عقار له زراعياً كان أو سكنياً وقفت هذا فهو وقف لا يجوز بيعه ولا هبته ولا توريثه بل يبقى كما هو ويكون التوقيف بالفعل كأن يجعل داره مسجداً يؤذن فيه ويأذن للمصلين فيه


رابعاً: أنه يكون معيناً على الجهة التي عينه فيها سواء كانت هذه الجهة عامة في كل زمان كالفقراء أو خاصة كأن يقول أوقفت هذا على طلاب علم الحديث أو على تحفيظ القرآن الكريم أو ما أشبه ذلك


خامساً : أن ذلك المعين يبقى على ملك المصلحة التي أوقف عليها بحيث تصرف بعض غلته في إصلاحه وما زاد عن ذلك جعل على الجهة التي كان معيناً عليها


سادساً : يشترط في الجهة المعين عليها أن تكون جهة بر يحرص الشرع على تأمينها وإغناء أصحابها كالوقف على طلاب العلم أو على بناء المساجد أو على حفر الآبار ومد شبكة المياه إلى القرى المحتاجة إليها إلى غير ذلك .


سابعاً : لا يجوز الوقف على جهة يحرم الإنفاق عليها كبناء الأضرحة على القبور أو إسراجها أو غير ذلك من الشركيات أوالبدع


ثامناً : أن يكون المحبس عليه غير منقطع ( منقرض ) فإن حبس على منقطع ( منقرض ) ووصله بغيره أي غير منقطع ( منقرض ) صح كأن يقول أوقفت على بني أو على بني فلان فإن انقرضوا فإن وقفي يكون على الفقراء


تاسعاً : ذهب الجمهور من أهل العلم وهم الذين قالوا بصحة الوقف أنه لا يجوز بيعه أبداً وذهب أبو حنيفة إلى جواز بيعه لأنه لم يطلع على حديث عمر هذا ونقل الصنعاني عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة أنه كان يجيز بيع الوقف تبعاً لأبي حنيفة فلما بلغه حديث عمر هذا قال هذا لا يسع أحداً خلافه ولو بلغ أبا حنيفة لقال به ورجع عن رأيه .


عاشراً : اختلف الفقهاء في جواز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه أوضعفت فذهب مالك والشافعي إلى عدم جواز بيعه ولو تعطلت منافعه أو ضعفت وذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه إلى جواز بيعه إذا تعطلت منافعه أو ضعفت بشرط أن ينقله إلى مكان أحسن من الأول .


الحادي عشر : الوقف حكم إسلامي ولم يعرف عن أهل الجاهلية أنهم حبسوا نقل ذلك الصنعاني عن الشافعي فقال قال الشافعي ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمت دوراً ولا أرضاً وإنما حبس أهل الإسلام


وأقول إن أهل الجاهلية لم يكونوا يؤمنون بالبعث بعد الموت فيحبسوا من أجل الثواب فلذلك لم يعرف عنهم التحبيس


الثاني عشر : لا بد من الشرط في الناظر على الوقف أن يكون أميناً ولا يجوز أن يولى عليها أي على الأوقاف من لا ثقه فيه ولا أمانة عنده وقد كان عمر رضي الله عنه جعل وقفه إلى حفصة زوج النبي _ ثم صار بعدها إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما


الثالث عشر : أنه ينبغي أن يوضع للناظر على الوقف والناظر على مال اليتيم أن يوضع له شيء من قبل القاضي بحيث يساوي أجرة يومه أو نفقة يومه وقد يختلف ذلك باختلاف كثرة الأوقاف وقلتها


الرابع عشر : ينبغي أن يكون الناظر على مال اليتيم عنده شيء من التفقه في دين الله وإن لم يكن كذلك ذهب إلى العلماء وسألهم عن بعض التصرفات التي ربما تخفى على بعض الناس


الخامس عشر: هل يقال أن استحقاقه لما يغنيه من الوقف أو مال اليتيم يكون ذلك بشرط حاجته له وعدم غناه أم أنه يجوز له أن يأخذه ولو كان غنياً والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ) [ النساء : 6 ]


السادس عشر : ينبغي أن يحترز الناظر على الوقف من أن يدخل عليه شيء منه غير ما يجب له في قيامه عليه أو يعطيه لمن لا يستحقه فلا بد أن يعرف مواقع الاستحقاق فيه لقوله غير متأثل مالاً
وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf







رد مع اقتباس
  #30  
قديم 06-12-2015, 08:22PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[280]الحديث السادس :

عن عمر رضي الله عنه قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه فظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه
وفي لفظ فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه .


موضوع الحديث :
النهي عن شراء ما تصدق به العبد



المفردات
حملت على فرس في سبيل الله : الظاهر أن معنى حملت أي تصدقت بذلك الفرس على شخص معين ليحمل عليه في سبيل الله بأن يجاهد عليه والمراد بسبيل الله هنا جهاد الكفار
قوله فأضاعه : أي أهمله الذي كان عنده فلم يعتن به حتى ضعف
قوله فأردت أن أشتريه : أي أن عمر رضي الله عنه أراد شراءه ليكرمه حتى تعود له قوته .
فظننت أنه يبيعه برخص : أي بقيمة قليلة
فسألت النبي ﷺ فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم وظاهر النهي هنا نهي تحريم لقوله ﷺ ولو أعطاكه بدرهم فإن العائد في هبته أي الراجع فيها والنادم عليها كالعائد في قيئه أي شبيه بمن يأكل قيئه ولا يفعل ذلك إلا الكلب


المعنى الإجمالي
حمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على فرس في سبيل الله بأن أعطى شخصاً ملكه إياه ليجاهد عليه في سبيل الله فأهمله المعطى وضعف الفرس فأراد عمر شراءه ظناً منه أنه يبيعه برخص فسأل النبي _ فنهاه عن شراءه وقال فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : في قوله حملت على فرس في سبيل الله يؤخذ من هذا جواز إعطاء الشخص فرساً يجاهد عليه في سبيل الله ويكون هذا الغرض هو المقصود من إعطائه وتمليكه إياه وهذا هو القول الراجح لأنه لو كان أوقفه لم يجز بيعه


ثانياً : لعل بعض الفقهاء رأى أن الحمل في سبيل الله إيقاف لذلك الفرس على الجهاد ولكن هذا القول يتنافى مع كونه أراد أن يبيعه ولو كان وقفاً لم يجز بيعه


ثالثاً : لو قلنا أنه وقف لأخذ من ذلك جواز تحبيس المنقولات أو وقف الحيوان فأما تحبيس المنقولات فقد دل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ قال رسول الله (وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) وهذا ظاهر في تحبيس آلات الحرب


رابعاً : أخذ من قوله ﷺ لعمر لما سأله قال لا تشتره ولا تعد في صدقتك أنه لا يجوز للمتصدق أن يشتري صدقته لأن من تصدق بها عليه سيراعيه في شرائها ببعض قيمتها مكافئة له على إعطائه إياها وربما كان ذلك عوداً في بعضها .


خامساً : هل النهي في قوله لا تشتره ولا تعد في صدقتك نهي تحريم أو نهي تـنـزيه وكراهة والظاهر أنه نهي تحريم لأنه اقترن بشيئين يدلان على التحريم الأول قوله وإن أعطاكه بدرهم والثاني قوله فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه


سادساً : يؤخذ من هذا تحريم العود في الهبة وإلى ذلك ذهب الجمهور فقالوا إن الواهب لا يجوز له أن يعود في هبته بل هي محرمة عليه وذهب أبو حنيفة إلى جواز العود في الهبة للأجنبي وهذا خلاف ما نصت عليه الأدلة


سابعاً : يقيد عدم جواز العود في الهبة بما إذا كان قد قبضها أما إذا كان قبل القبض فإنه يجوز


ثامناً : يستثنى من ذلك الوالد بما وهبه لولده لحديث ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ( قَالَ لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ )


تاسعاً : التشبيه بالكلب مقصود به التنفير وقد حصل التشبيه من ناحيتين من ناحية تشبيه الراجع بالكلب تنفيراً له عن ذلك وتشبيه المرجوع فيه بالقيء وهو أيضاً مقصود للتنفير وهذا يدل على أن النهي هنا للتحريم وليس للكراهة وقد أجاز أبو حنيفة رجوع الأجنبي في الهبة ومنع من رجوع الوالد في هبته لولده قال ابن دقيق العيد عكس مذهب الشافعي . وأقول بل هو عكس النصوص الثابتة عن النبي ﷺ .


عاشراً : يؤخذ من الحديث أن من شك في أمر يجب عليه أن يرجع إلى من يعلمون الشرع فيسألهم عن ذلك كما رجع عمر إلى النبي ﷺ وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتصرف في أمر لا يعلمه حتى يسأل عن حكمه


الحادي عشر: كل ما تقدم في الهبة التي يقصد بها الثواب من الله فإن كان مقصود الواهب أو المهدي الثواب من المهدى إليه فإنه يترتب على ذلك أمور هي :-
الأول : أنه لا ينبغي فعل ذلك لحملة العلم ومن يقتدى بهم لقوله سبحانه وتعالى (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) [ المدثر : 6 ] .
الثاني : أن الواهب أو المهدي يستحق الثواب عنها فإن لم يحصل له الثواب جاز له الرجوع في هبته أو قيمتها وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ ﷺ هِبَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ لا قَالَ فَزَادَهُ قَالَ رضيت قَالَ نَعَمْ ) فدل أن إرضاءه شرط .


الثالث : أنه ينبغي للمهدي إليه إذا عرف أن المهدي أو الواهب إنما أهدى أو وهب للثواب فإنه يجب عليه ألا يتصرف في تلك الهبة حتى يرضى الواهب


الرابع : ويترتب على ذلك جواز المنع من قبول الهدية أو الهبة إذا كانت للثواب وليس عند العبد ما يثيب به عليها وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال ( وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ )


النوع الثالث : من الهدية أو الهبة أن تكون الهبة من الموظف لرئيسه فهذه الهدية أو الهبة سماها الشارع غلول وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) لأن من أهداها أو وهبها إنما يقصد بذلك محاباة الرئيس له بأن يتغاضى عنه في الغياب أو يتغاضى عنه فيما إذا حصل منه إخلال بالعمل


النوع الرابع : نوع فيه خداع وكذب وهو أن يجعل لزوجته صكاً على الدار من أجل أن يستخرج به قرضاً من بنك التسليف فهذا إن جاء بلفظ الهبة فهو باطل لما يحتوي عليه من الكذب ولا يجوز أن يؤخذ إن مات المورث الواهب بمثل هذا الصك المكذوب


النوع الخامس : هبة ثواب العمل للمتوفى وهذا أيضاً لا يجوز سواء كان قراءة قرآن أو غير ذلك لا يجوز منه إلا ما خصه الدليل لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) [ النجم : 39 ] وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) ومن جهة أخرى فإن الذي وهب الثواب لم يملكه حتى يهبه وإنما يهب العبد ما يملكه والثواب أمر مخفي لا يدرى هل العامل استحقه أم لا ؟ وهذه المسألة قد بسطتها في رسالة سئلت فيها عن إهداء القرآن للميت

وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 118 29-10-2015 03:32PM
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 51 28-07-2015 08:57PM
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي ام عادل السلفية مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية 1 14-02-2015 12:42AM
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf أبو عبد الودود سعيد الجزائري مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية 1 22-05-2011 11:55AM
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين ماهر بن ظافر القحطاني منبر الجرح والتعديل 0 05-05-2005 12:07AM




Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd