#16
|
||||
|
||||
تواضع سماحة الشيخ مع أن سماحة الشيخ إمامٌ من أئمة المسلمين ، بل على رأس الأئمة من أهل العلم في عصره ، ومع أنه مفتى المسلمين ، وشيخ الإسلام في عصره ، ومع أنه صاحب المعالي ، والسماحة ، والفضيلة ، ورئيس هيئة كبار العلماء ، ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء ، وكان رئيس الجامعة الإسلامية ، وغير ذلك من الألقاب التي تَشرف به لا يشرف هو بها - إلا أنه كان آية في التواضع؛ فلا يكاد يعرف له مثيل في زمانه في هذه الخصلة؛ فهو لا يرى لنفسه فضلاً ، ولا يرغب في المديح ، ولا في التميز على الناس ، وكان محباً للفقراء ، والمساكين ، حريصاً على مجالستهم ، والأكل معهم. ومن تواضعه رحمه الله أنه لم يكن يحتقر الفائدة من أي أحد كائناً من كان. من موقع الشيخ - رحمه الله - |
#17
|
||||
|
||||
بسم الله الرحمن الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تواضع الشيخ رحمه الله قال الله تعالى: ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ))[ الفرقان:63]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفوٍ إلا عِزاً، ومن تواضع لله رفعه ))[ مسلم]. وقال الشاعر: تواضع تكن كالنجم لاح لناظر *** على طبقات الماء وهو رفيعُ ولا تكن كالدخان يرفع نفسه *** الى طبقات الجو وهو وضيع كان الشيخ رحمه الله آية من آيات الله في التواضع، فتحسب أنك إذا جلست بجواره أو تكلمت معه كأنك أمام شخص من أمثالك، وما ذاك إلا لسمّو أخلاقه وعدم ترفّعه على جليسه، بل إنك تعجب إذا قام سماحته يسأل من في المجلس من المشايخ أو طلبة العلم عن بعض الإشكالات التي قد تردُ عليه من السائلين، وهكذا العلماء الربَّانيون. * ومن تواضعه: أن فقير المسلمين يجد عنده من الرَّحابة والتقدير ما لا يحظى به عند غيره. ويقول ابنه أحمد: إن الشيخ يغضب علينا إذا رفع اليه بعض الفقراء شكوى بأنهم يُمنعون من الأكل ولو كانت الشكوى غير صحيحة أو مبالغا فيها، فقد كان رحمه الله متعاطفا مع الفقراء، حريصا على عدم جرح مشاعرهم. * وذات مرة أساء الأدب معه بعض الوافدين الذين يؤويهم الشيخ ويقيمون تحت رعايته وكفالته، فجاء مرّةً ورفع صوته يخاصم في مجلس الشيخ ويقول: لماذا ما أنهيتم إجراءات إقامتي؟! فقال الكاتب: يا شيخ، هذا طبعه دائما ودرُه ضيّق وجادلاته كثيرة. فقال الشيخ: هؤلاء مساكين وأغراب فارحموهم وارفقوا بهم وتحمّلوهم، ألم تسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ))[ مسلم]. * ومن تواضع الشيخ رحمه الله: أن السائق تأخر عليه أو تعطلت السيارة الخاصة به، فطلب من الشيخ صلاح أن يأتي بسيارته فاعترض الشيخ صلاح بأنّ سيارته لا تواجه ولا تليق بمقام الشيخ، فداعبه الشيخ قائلا: سيارتك ما تمشي؟! *ومن تواضع رحمه الله: عدم انتصاره لنفسه، فقد ذكروا لسماحة الشيخ أن أحد الناس عنده أخطاء ومخالفات، فبدأ الشيخ يملي كتابا لتوبيخه، وفي أثناء الكتابة قال أحد الحضور: يا شيخ، إنه يتكلم فيك وينال منك، فأمر الشيخ الكاتب بالتوقف وتركِ الخطاب خشية الانتصار للنفس. *ومرة سأله شخص عن أخذ ما تحت اللحية ووضع السائل يده تحت لحية الشيخ، فأبعد أحدُ المرافقين للشيخ يدَ السائل، فقال الشيخ للمرافقين: هل وضعها على رقبتك؟! ثم أخذ الشيخ يد السائل ووضعها على رقبته مرة أخرى. *ومن تواضع الشيخ رحمه الله: أن الشيخ أعطى مسكينا شيكاً بألفي ريال، لكن المسكين زاد في الشيك صفراً فأصبح المبلغ عشرين ألف ريال، وصار العدد الرقمي في الشيك يخالف العدد الكتاب، فأُعيد الشيك فرجع ذلك المسكين بالشيك الى مكتب الشيخ، فأخبروا الشيخ بذلك وأنه زوَّر الشيك، فلما علم الشيخ بذلك قال: مسكين، لعله محتاج اكتبوا له شيكا بعشرين ألف ريال وذلك لأنّ حاجتَه في عشرين ألف ريال. والحمد لله رب العالمين من كتاب: (( الإمام ابن باز دروس ومواقف وعبر / تأليف: عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان ص 83] |
#18
|
||||
|
||||
شخصيات إسلامية بكت أمام الشيخ ابن باز-رحمه الله - عندما رأوا تواضعه النادر وسهولة الوصول إليه يروي الدكتور محمد بن سعد الشويعر مستشار الشيخ عبد العزيز بن باز جوانب مهمة في حياة التقليد سواء تلك المتعلقة بشخصيته كعالم ومفتي أو تلك المتعلقة بعلاقاته مع سائليه وزواره وطالبي الحاجة ، ويقول الدكتور الشويعر : بأن الفقيد لم يكن من ذوي العلم الذين يباهون بعلمهم ، ولم يكن صاحب منصب يستأثر بمنصبه ، لكن العلم يزهو بمثله ، والمنصب يسعد بأمثاله ، حيث كان في جميع أعماله ينظر ببصيرة العالم الورع ، فيراعي مصلحة الدين وتعاليمه قبل كل شيء . ويهتم بالضعيف حيث يوصلي من حوله دائماً بقوله : ارفقواب الناس وساعدوهم في قضاء حوائجهم ، الله يرحم ضعفنا وضعفهم ... إنما تنصرون بضعفائكم . كما أن الشيخ الراحل يأمر بالسعي في مصالحهم وتتبع حوائجهم حتى تنتهي بتأكيد ويقول : والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . ويضيف الشويعر : أن فقدان الشيخ فقدان لأمور كثيرة تعلمناها منه وآداب رفيعة أخذناها عنه تطبعاً وحسن توجيه ، فهو مع علمه الجم مدرسة بأخلاقه ، ومدرسة بحماسته للدعوة إلى دين الله ، ومدرسة بحب الخير وا لمساعد للقاصي والداني في كل شؤونهم بدون تمييز ، ومدرسة بالتواضع النادر مثله في هذا الزمان ، يبين هذا عندما تأتي وفود منا لخارج يريدون السلام عليه ، وبعد السلام يسألني بعضهم : أين الشيخ ومتى يأتي حتى نسلم عليه ونشرح له قضايانا؟" ويفاجأون عندما أجيبهم بانه هذا الجالس الذي سلمتم عليه وبمجلسه المليء فئات من البشر من آفاق الدنيا بدون تفريق ، ولقد بكى أمامي أكثر من شخصية إسلامية كبيرة بعد إخبراهم ليقولوا : تعودنا حتى من علماء بلادنا التعاظم والمواعيد المسبقة ، إن هذا لا نظير له إلا في ما نقرأ في الكتب عن علماء السلف. ويشير الدكتور الشويعر إلى أن الشيخ عبد العزيز بن باز عرف منذ توليه القضاء عام 1357 هـ في الدلم بالخرج وحتى مساء الليلة التي توفي فيها بأنه لم يحتجب عن الناس ولم يقعده المرض عن ذلك بل سعى إلى مصالح الناس إجابة وإفتاء ومساعد وتشفعاً ، كما قد عرف بذلك الخلق لم يتزحرح عنه ولم يتبدل ساعة من نهار : مواعيد جلوسه ثابتة ومجلسه مفتوح في المكتب ولامنزل ، ومائدته محدودة وهواته لا تسكت ليلاً ونهاراً بالإجابات والتفاعل مع الناس في قضاياهم ، وتبسيط الأمور أمامهم ، لأنه يطبق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا" وسجاياه الحميدة العديدة مستمرة ودائمة ، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عندما يختلفون في أمر وتكثر أمامهم الآراء يلجأون بالهاتف من أي أرض لسماحة الشيخ عبد العزيز فيرضون بما يوجههم إليه ، والجاليات الإسلامية في أنحاء المعمورة – رغم أنه لم يغادر المملكة طوال عمره – لا يحل قضاياهم ولا يريح قلوبهم في أي أمر يريدون ولا يبذل الجاه لبناء مساجدهم ومراكزهم أو يمدهم بالكتب إلا الشيخ عبد العزيز بن باز. ويضيف مستشار الشيخ الراحل : من واقع معايشتي معه فهو لا يصدر في أموره عن رأي شخصي ولا من عاطفة ذاتية ولكنها حمية الإسلام التوثق من الدليل الشرعي ، آية وحديثا ... ثم استخارة الله سبحانه بعد ركعتين يدعو الله فيهما فإن ارتاح قلبه اطمأن وعمل بعد التوكل على الله . ويتناول الدكتور الشويعر جانباً آخر من خصال الشيخ الفقيد والمتعلق بعلاقته بالمحتاجين حيث يقول بأن الشيخ عبد العزيز أب رحيم وعطوف على اليتامى والمساكين وعلى الأرامل والفقراء وعلى المحتاجين ومن لا تصل كلمتهم إلى المسؤولين فيوصلها بشفاعة ودعوات للمشفوع تجعل قلبه يرق ويده تسخو. "الرياض،الشرق الأوسط" من موقع الشيخ - حفظه الله- |
#19
|
|||
|
|||
أتحفتينا يا أختي أم العبدين جزاكِ الله خيرا وأصلح الله ذريتكِ وجعلهم من ورثة الأنبياء..
آمـيــن. فالمزيدَ المزيد يا أم العبدين أثابكِ الله الجنة. |
#20
|
||||
|
||||
اقتباس:
|
#21
|
|||
|
|||
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... لعل من صور التواضع التي علقت في الذهن بعد أن قرأتها في مشاركة في شبكة سحاب، هي هذه الحادثة التي ذكرها الشيخ القاضي أبو بكر العربي في كتابه (أحكام القرآن) عند تفسير [سورة البقرة: الآية (65)، المسألة الخامسة عشر: مسألة إيلاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم] حيث قال رحمه الله تعالى: (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعُثْمَانِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ: وَصَلْت الْفُسْطَاطَ مَرَّةً، فَجِئْت مَجْلِسَ الشَّيْخِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ، وَحَضَرْت كَلَامَهُ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسْت إلَيْهِ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ وَظَاهَرَ وَآلَى، فَلَمَّا خَرَجَ تَبِعْته حَتَّى بَلَغْت مَعَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ، فَجَلَسَ مَعَنَا فِي الدِّهْلِيزِ، وَعَرَّفَهُمْ أَمْرِي، فَإِنَّهُ رَأَى إشَارَةَ الْغُرْبَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّخْصَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْوَارِدِينَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْفَضَّ عَنْهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ لِي: أَرَاك غَرِيبًا، هَلْ لَك مِنْ كَلَامٍ؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَ لِجُلَسَائِهِ: أَفْرِجُوا لَهُ عَنْ كَلَامِهِ. فَقَامُوا وَبَقِيت وَحْدِي مَعَهُ. فَقُلْت لَهُ: حَضَرْت الْمَجْلِسَ الْيَوْمَ مُتَبَرِّكًا بِك، وَسَمِعْتُك تَقُولُ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقْت، وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقْت. وَقُلْت: وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ؛ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَضَمَّنِي إلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَ رَأْسِي، وَقَالَ لِي: أَنَا تَائِبٌ مِنْ ذَلِكَ، جَزَاك اللَّهُ عَنِّي مِنْ مُعَلِّمٍ خَيْرًا. ثُمَّ انْقَلَبْت عَنْهُ، وَبَكَّرْت إلَى مَجْلِسِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَأَلْفَيْته قَدْ سَبَقَنِي إلَى الْجَامِعِ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا دَخَلْت مِنْ بَابِ الْجَامِعِ وَرَآنِي نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَرْحَبًا بِمُعَلِّمِي؛ أَفْسِحُوا لِمُعَلِّمِي، فَتَطَاوَلَتْ الْأَعْنَاقُ إلَيَّ، وَحَدَّقَتْ الْأَبْصَارُ نَحْوِي، وَتَعْرِفنِي: يَا أَبَا بَكْرٍ يُشِيرُ إلَى عَظِيمِ حَيَائِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَوْ فَاجَأَهُ خَجِلَ لِعَظِيمِ حَيَائِهِ، وَاحْمَرَّ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ طُلِيَ بِجُلَّنَارٍ قَالَ: وَتَبَادَرَ النَّاسُ إلَيَّ يَرْفَعُونَنِي عَلَى الْأَيْدِي وَيَتَدَافَعُونِي حَتَّى بَلَغْت الْمِنْبَرَ، وَأَنَا لِعَظْمِ الْحَيَاءِ لَا أَعْرِفُ فِي أَيْ بُقْعَةٍ أَنَا مِنْ الْأَرْضِ، وَالْجَامِعُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، وَأَسَالَ الْحَيَاءُ بَدَنِي عَرَقًا، وَأَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْخَلْقِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا مُعَلِّمُكُمْ، وَهَذَا مُعَلِّمِي؛ لَمَّا كَانَ بِالْأَمْسِ قُلْت لَكُمْ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَّقَ، وَظَاهَرَ؛ فَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَقُهَ عَنِّي وَلَا رَدَّ عَلَيَّ، فَاتَّبَعَنِي إلَى مَنْزِلِي، وَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا؛ وَأَعَادَ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأَنَا تَائِبٌ عَنْ قَوْلِي بِالْأَمْسِ، وَرَاجِعٌ عَنْهُ إلَى الْحَقِّ؛ فَمَنْ سَمِعَهُ مِمَّنْ حَضَرَ فَلَا يُعَوِّلْ عَلَيْهِ. وَمَنْ غَابَ فَلْيُبَلِّغْهُ مَنْ حَضَرَ؛ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا؛ وَجَعَلَ يَحْفُلُ فِي الدُّعَاءِ، وَالْخَلْقُ يُؤَمِّنُونَ. فَانْظُرُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ إلَى هَذَا الدِّينِ الْمَتِينِ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْعِلْمِ لِأَهْلِهِ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَإِ مِنْ رَجُلٍ ظَهَرَتْ رِيَاسَتُهُ، وَاشْتُهِرَتْ نَفَاسَتُهُ، لِغَرِيبٍ مَجْهُولِ الْعَيْنِ لَا يُعْرَفُ مَنْ وَلَا مِنْ أَيْنَ ، فَاقْتَدُوا بِهِ تَرْشُدُوا.) انتهى النقل. جزى الله تعالى خيرًا ناشر هذه الفائدة ابتداءً، وفعلًا صورة تستحق أن تنشر بين طلبة العلم ليتعلموا ويقتدوا وكما قال ناشر هذه الصورة: "ولعل يكون فيها عبرة لأنصاف العلماء الذين لا يخطر ببالهم أن يفعلوا نصف ما فعله صاحب القصّة" الآنفة الذكر. وأسأل الله تعالى أن يجزيَ أختنا أم العبدين الجزائرية خير الجزاء على هذه النقولات الطيبة مع رجاء وطلب منها ومن أخواتي الطيبات اللواتي ينقلن لنا بعض من صور التواضع بأن يقمن بتوثيق هذه الصور وردها لمصادرها للفائدة العلمية عند الرجوع إليها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
..:: أم سَلَمَة المالكية ::.. غفر الله تعالى لها ولوالديها ولجميع المسلمين
|
#22
|
||||
|
||||
بارك الله فيك أختي أم سلمة على الإضافة القيمة والنافعة،،،، فعلا تواضع كبير سبحان الله !! رحمهم الله جميعا ،،،ومن تواضع لله رفعه .
|
#23
|
|||
|
|||
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ .... وموقف آخرٌ من مواقف تواضع العلماء الربانيين ومنهم حامل لواء الجرح والتعديل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى وشافاه وعافاه وأمد في عمره على طاعته، حيث نقل أحد الإخوة موقفًا عايشه، يقول الأخ عبدالرحمن آل عميسان: "كنا في بيت أحد المشايخ في مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنة من السنوات القريبة بعد فتنة المأربي ـ لا ردها الله ـ.. كان الشيخ ربيعًا في المجلس وكان كثير من المشايخ السلفيين في المجلس أيضًا في بيت أحد مشايخنا وقد منَّ الله عليَّ أني كنتُ حاضرًا ذلك بدعوة من شيخنا صاحب البيت فتكلم الشيخ ربيع بكلام في غاية الرفق وغاية الاحترام وغاية النُصح للمشايخ جميعًا ومما ذم في ذالكم المجلس الغلو واتكأ عليه .... فقال أحد المشايخ ـ لا أريد تسمية اسمه ـ يا شيخ ربيع نحن نعاني من الغلو فيك أنت!! والله سمعتها وكأنها صاعقة ولم أستغربها منه ولكن ما هو جواب شيخنا الربيع: قال الشيخ ـ حفظه المولى ـ (اشهدوا .... أنت اكتب ردًا على الغلاة فيَّ وأنا أقرظه لك). ثم التفت الشيخ إلى المشايخ وقال: أي شخص يغلو في ربيع ردوا عليه .... هل باقي شيء علي ... الله أكبر إنه التجرد التام للحق لله درك، أتعبت المعلمين والمربين من بعدك، وأذكر قصة أخرى في زمن فتنة أبي الحسن جاء بعض الشباب اليمنيين وأحسبهم من حضرموت يناصحون الشيخ ربيعًا ـ زعموا ـ في كلامه عن أبي الحسن ولا أذكر إلا أني كنتُ وحدي عند الشيخ فدخلوا مجلسه وكانوا خمسة أو ستة فتكلموا في غاية السفه ورفع الصوت على الشيخ وفي بيته! ثم قالوا نحنُ جئنا لنقيم الحجة عليك! والشيخ مريض ويشكوا من رجله فرفعها على المسندة أو المخدة وهو يتكلم وينصحهم نصح أبٍ رحيم ومعلم مشفق ... ثم انصرفوا فقال لهم الشيخ: تغدوا معنا فأبوا .... ثم لما خرجوا تذكر الشيخ شيئًا، يا تُرى ما تذكر؟ هل تذكر شيئًا يردُّ به عليهم؟ هل أراد أن يضربهم؟ هل أراد شتمهم؟ .... كلا ليست هذه أخلاق شيخنا .... تذكر الشيخ وتندم فقال لي: يا عبدالرحمن شوف ناديهم لا يكونوا انزعجوا من رفع رجلي وأنا نسيت أن أستسمح منهم؛ أنساني الحديث فذهبت لأنظرهم فلقيتهم قد ذهبوا فتحسر الشيخ وتندم واستغفر ... ومما قاله لعلهم ما أرادوا أن يتغدوا عندنا لأني رفعتُ رجلي ... حتى أشفقتُ على الشيخ .... يا لها من أخلاق، ووالله وتالله وبالله إني لأعلم أن الشيخ لا يحبُ ذكر هذا ولا قريبًا من هذا، ولكني أذكرها للعبرة والعظة فهناك أناسًا من لا يعرف مكانة الشيخ بل أذكر كلامًا قاله رجلٌ من أتباع أبي الحسن وهو أبو حاتم الفاضلي ـ هداه الله ـ قال ونحن في سيارة أحد الإخوة قبل مايقارب من 12 سنة تقريبًا قال: "كنت أسمع بالشيخ ربيع فأخاف كنتُ أظنه أنه أسد يفترس ... ولما لقيته فإذا به أب رحيم". ووالله قد رأيت من تكلم في عرض الشيخ وسبه وشتمه في فتنة أبي الحسن ولما رجع فرح الشيخ فرحًا شديدًا وقال لي أحدهم: فو الله ما كرهني ولا نهرني .... ـ وأذكر مرة ويعرفها غيري ـ أن الشيخ حفظه الله جمع الإخوة المتنازعين في قضية أبي الحسن فمنهم من يبدع ومنهم من يخطأ ولا يبدع فوعظنا جميعًا موعظةً بليغة حتى ذرفت منها عيون الشيخ وهو يقول لا تهدموا ما بناه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ ثم قال أحد الإخوة ـ هداه الله ـ أنا عندي شيء على بعض الإخوة فقال الشيخ ولا شيء، الآن تقوموا جميعًا وتتصافحوا وتتصافوا فقام الجميع يتعانقون ويتصافحون والشيخ يبكي، ثم صفت نفوس الجميع بعد ذالكم المجلس ورجعت المياة لمجاريها، فجزاه الله عنا خيرًا. ـ وقد حدثني أخي الفاضل الأستاذ علي المدخلي مدير مدرسة المحمدية في المدينة النبوية قال: كنت خارجًا من المسجد مع الشيخ ربيع فرأى الشيخ قطةً (هرة) تأكل من القمامة فبكى الشيخ وتلى قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ) .... حفظك الله يا شيخ وأطال عمرك وأحسن عملك وأدامك شوكة في حلوق أعداء أهل السنة أينما حلّو وارتحلو, ونفعنا الله بعلمك .... (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) وهذا لا شك أنه غيظ من فيض .... أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم *** أو سدوا المكان الذي سدوا" انتهى النقل من مشاركة الأخ والتي بعنوان (للذكرى ... وقفة قصيرة مع تواضع شيخنا إمام الجرح والتعديل ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ مما عايشته وعرفته ...)[1] نُشِرَتْ بتاريخ 17/ذي القعدة/1431 ـــــــــــــــــــــــــ [1] ورابط المشاركة على شبكة سحاب هو:
__________________
..:: أم سَلَمَة المالكية ::.. غفر الله تعالى لها ولوالديها ولجميع المسلمين
|
#24
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيرا أختي أم سلمة على النقل الطيب.
حفظ الله حامل لواء الجرح والتعديل ومتعه بالصحة والعافية.. آمين. |
#25
|
||||
|
||||
صور من تواضع العلماء رحمهم الله تعالى
بعد أن وصف ابن القيم رحمه الله عمل العلماء في اليوم والليلة ذكر أنه لم يشم لهم رائحة وهذا من تواضع هذا الإمام رحمه الله فقال ما نصه :ـ (....وأما الأبرار المقتصدون فقطعوا مراحل سفرهم بالاهتمام بإقامة أمر الله وعقد القلب على ترك مخالفته ومعاصيه فهممهم مصروفة إلى القيام بالأعمال الصالحة واجتناب الأعمال القبيحة فأول ما يستيقظ أحدهم من منامه يسبق إلى قلبه القيام إلى الوضوء والصلاة كما أمره الله فإذا أدى فرض وقته اشتغل بالتلاوة والأذكار إلى حين تطلع الشمس فيركع الضحى ثم ذهب إلى ما أقامه الله فيه من الأسباب فإذا حضر فرض الظهر بادر إلى التطهر والسعي إلى الصف الأول من المسجد فأدي فريضته كما أمر مكملا لها بشرائطها وأركانها وسننها وحقائقها الباطنة من الخشوع والمراقبة والحضور بين يدي الرب فينصرف من الصلاة وقد أثرت في قلبه وبدنه وسائر أحواله آثارا تبدو على صفحاته ولسانه وجوارحه ويجد ثمرتها في قلبه من الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور وقلة التكالب والحرص على الدنيا وعاجلها قد نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر وحببت إليه لقاء الله ونفرته من كل قاطع يقطعه عن الله فهو مغموم مهموم كأنه في سجن حتى تحضر الصلاة فإذا حضرت قام إلى نعيمه وسروره وقرة عينه وحياة قلبه فهو لا تطيب له الحياة إلا بالصلاة هذا وهم في ذلك كله مراعون لحفظ السنن لا يخلون منها شيء ما أمكنهم فيقبصدون من الوضوء أكمله ومن الوقت أوله ومن الصفوف أولها عن يمين الإمام أو خلف ظهره ويأتون بعد الفريضة بالأذكار المشروعة كالاستغفار ثلاثا وقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لا إله إلا الله ولا نعبد إلاإياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يسبحون ويحمدون ويكبرون تسعا وتسعين ويختمون المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ومن أراد المزيد قرأ آية الكرسي والمعوذتين عقيب كل صلاة فإن فيها أحاديث رواها النسائي وغيره ثم يركعون السنة على أحسن الوجوه هذا دأبهم في كل فريضة فإذا كان قبل غروب الشمس توفروا على أذكار المساء الواردة في السنة نظير أذكار الصباح الواردة في أول النهار لا يخلون بها أبدا فإذا جاء الليل كانوا فيه على منازلهم من مواهب الرب سبحانه التي قسمها بين عباده فإذا أخذوا مضاجعهم أتوا بأذكار النوم الواردة في السنة وهي كثيرة تبلغ نحوا من أربعين فليأتون منها بما علموه وما يقدرون عليه من قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثا ثم يمسحون بها رؤوسهم ووجوههم وأجسادهم ثلاثا ويقرأون آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ويسبحون ثلاثا وثلاثين ويحمدون ثلاثا وثلاثين ويكبرون أربعا وثلاثين ثم يقول أحدهم اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليه لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبقيك الذي أرسلت وإن شاء قال باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وإن شاء قال اللهم رب السموات السبع ورب العرض العظيم ربي ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر وبالجملة فلا يزال يذكر الله على فراشه حتى يغلبه النوم هو يذكر الله فهذا منامه عبادة وزيادة له في قربه من الله فإذا استيقظ عاد إلى عادته الأولى ومع هذا فهو قائم بحقوق العباد من عيادة المرضى وتشييع الجنائز وإجابة الدعوة والمعاونة لهم بالجاه والبدن والنفس والمال وزيارتهم وتفقدهم وقائم بحقوق أهله وعياله فهو متنقل في منازل العبودية كيف نقله فيها الأمر فإذا وقع منه تفريط في حق من حقوق الله بادر إلى الاعتذار والتوبة والاستغفار ومحوه ومداواته بعمل صالح يزيل أثره فهذا وظيفته دائما وأما السابقون المقربون فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وصف حالهم وعدم الاتصاف به بل ما شممنا له رائحة ولكن محبة القوم تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة منها أن لا يزال المتخلف المسكين مزريا على نفسه ذاما لها ومنها أن لا يزال منكسر القلب بين يدي ربه تعالى ذليلا له حقيرا يشهد منازل السابقين وهو في زمرة المنقطعين ويشهد بضائع التجار وهو في رفقة المحرمين ومنها أنه عساه أن تنهض همته يوما إلى التشبث والتعلق بساقة القوم ولو من بعيد ومنها أنه لعله أن يصدق في الرغبة واللجاء إلى من بيده الخير كله أن يلحقه بالقوم ويهيئه لأعمالهم فيصادف ساعة إجابة لا يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه ...........)ا.هـ من كتابه القيم (طريق الهجرتين صـ178ـ189ط.مؤسسة الرسالة ) |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|