|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#16
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [192] الحديث التاسع : عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) . موضوع الحديث : أفضلية تعجيل الفطر المفردات : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر: الخيرية هنا متعلقة بتعجيل الفطر أي ما داموا متصفين بتعجيل الفطر المعنى الإجمالي : يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن المحافظة على هذه السنة وهي تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب هي السبب في خيرية من فعل ذلك من هذه الأمة وهو تمسكهم بالسنة التي ترك النبي ﷺ عليها أمته وأمرهم بالمحافظة عليها . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ منه أفضلية تعجيل الفطر على تأخيره . ثانياً :يؤخذ منه أن تأخير الفطر سواء كان التأخير إلى أن يظهر النجم أو إلى السحر أنه خلاف الأفضل إلا إذا كان التأخير بنية المواصلة المأذون فيها . ثالثاً :فيه رد على الشيعة في قولهم بأن الفطر ينبغي أن يؤخر إلى أن تظهر النجوم . رابعاً :يؤخذ منه أن المواصلة إلى السحر التي قال فيها النبي ﷺ ( فمن كان منكم مواصلاً فليواصل إلى السحر) أنها خلاف الأفضل وأن الأفضل للمسلم الفطر عند الغروب والتسحر في وقت السحر ليبقى الإنسان محتفظاً بقوته الجسمية والعقلية لكي يؤدي دوره في هذه الحياة ويكون نشيطاً في أداء جميع الوظائف المتعلقة به . -------- التصفية والتربية TarbiaTasfia@ تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 28-05-2015 الساعة 10:12PM |
#17
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [193] الحديث العاشر : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول ﷺ ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا [وغربت الشمس ] فقد أفطر الصائم )). موضوع الحديث : ما يكون الإنسان به مفطراً أو ما يجوز به الفطر المفردات إذا أقبل الليل من هاهنا :إذا حرف شرط غير جازم وجملة أقبل الليل من هاهنا فعل الشرط وأدبر النهار معطوف عليه قوله فقد أفطر الصائم أي قد حل له الفطر بدخول وقته أو قد أفطر حكماً وان لم يفطر شرعاً وهو جواب الشرط . المعنى الإجمالي علق النبي ﷺ فطر الصائم على إقبال الليل وإدبار النهار وذلك يكون بمغيب الشمس أما لو وقعت الظلمة لسبب يندر وقوعه فإنه لا يكون مفطراً بذلك فقه الحديث : أخذ من هذا الحديث أن الفطر للصائم يكون بإقبال الليل وإدبار النهار وغروب الشمس وذلك موافق لقوله تعالى (.. ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ .. ) [البقرة : 187 ] وعلى هذا فإن رواية وغربت الشمس تكون مقيدة للإقبال والإدبار بالغروب فلو حصل ما يشبه الليل من الظلمة بتراكم سحاب أو وجود ريح أو ما أشبه ذلك ففي هذه الحالة لا ينبغي للصائم الإفطار إلا بعد أن يتيقن الغروب وفي وقتنا الحاضر فقد منّ الله على الناس بالساعات التي تضبط الوقت ويعرف بها حقيقة الأوقات وقد ذهب قوم إلى أن قوله وقد أفطر الصائم أنه يفطر حكماً ولو لم يفطر فعلاً إلا أن هذا القول يضعف بأن النبي _ واصل ونهى عن الوصال فلما أبى أصحابه إلا أن يواصلوا واصل بهم يومين كالمنكل بهم ثم رأوا الهلال فلو كان من غربت عليه الشمس أفطر حكماً لما كان للوصال معنى ومن هذا يتبين ضعف هذا القول لذلك فقد ذهب الجمهور إلى أن الفطر لا يكون إلا بالفعل ومثل ذلك قول ابن عباس (أن من طاف بالبيت فقد حل) يعني أن من كان قارناً أو مفرداً وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فإنه يعتبر قد حل من إحرامه وإن لم يحل فعلاً وهذا خلاف ما جرى عليه الجمهور الذين يعتبرون الحل بالحلق والتقصير بعد كمال الطواف والسعي فهذه المسألة شبيه بتلك ومذهب الجمهور في المسألتين هو الصحيح إن شاء الله لأن النبي ﷺ أمر من طاف وسعى ولم يسق الهدي بالتحلل فلو كان مجرد الطواف والسعي لمن لم يسق الهدي حلاً لأخبرهم به النبي ﷺ وقد اتضح ضعف قول من قال أن غروب الشمس يكون مُفَطِّراً للصائم ولو لم يفطر وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#18
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [194] الحديث الحادي عشر: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله ﷺ عن الوصال قالوا : إنك تواصل ؟ قال : (( إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)). ورواه أبو هريرة وعائشة وانس بن مالك . ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (( فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر )). موضوع الحديث : النهي عن الوصال المفردات : الوصال لغة : مأخوذ من الوصل وهو الوصل بين شيئين ولما كان الصوم مشروعاً بالنهار فإذا صام الليل الذي يفصل بين اليومين مع صيام اليوم الثاني فقد واصل الصيام قوله قالوا إنك تواصل : أي قال الصحابة لما نهاهم النبي ﷺ عن الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى فاخبر النبي ﷺ. بالعلة الفارقة بينه وبينهم . قوله فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر : هذا أمر من الشارع ﷺ أي إذا أراد أحد منكم الوصال فله أن يواصل إلى السحر ولا يكون في ذلك عاصياً ولا داخلا في النهي . المعنى الإجمالي : نهى النبي ﷺ أصحابه عن الوصال رحمة بهم وإشفاقاً عليهم ولكن الصحابة لمحبتهم للفضل وحرصهم على ما يقرب من الله رغبوا في الوصال تأسياً بالنبي ﷺ في كونه يواصل وقالوا إنك تواصل فأخبرهم بأنه له مطعم يطعمه وساق يسقيه بما يعوضه عن الطعام والشراب ولكن من أراد منكم الوصال فله أن يواصل إلى السحر فقه الحديث يؤخذ من هذا النهي كراهة الوصال وقد اختلف أهل العلم في ذلك فنقل عن بعضهم التحريم ونقل عن بعضهم الكراهة وفرق بعض أهل العلم بين من شق عليه ومن لم يشق عليه فجعلوه مع المشقة حراماً ومع عدم المشقة مكروهاً ولعل هذا هو الأقرب ولما كان العبد مكلفاً بأوامر ونواهي يجب عليه أن يؤديها فإن الوصال يترتب عليه ضعف الجسم عن أداء هذه الواجبات بل أن مواصلة الصوم يترتب عليه هذا الضعف الشديد الذي يمنعه أداء تلك الواجبات أو الإخلال بها فلذلك كره . ومما يدل على ذلك أن النبي ﷺ لما بلغه عن عبدالله بن عمرو أنه يقوم الليل ويصوم النهار ذهب إليه وسأله عن صحة ما بلغه فقال نعم فقال له النبي ﷺ لا تفعل إنك إذا فعلت نفهت النفس وهجمت العين وإن لزوجك عليك حقاً ولزورك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه ) ومعلوم أن الوصال أشد من مواصلة الصوم مع الإفطار في الليل والأكل والشرب فيه وعلى هذا فإن نهي النبي ﷺ عن الوصال نهي لهم عما يشق عليهم ويعنتهم فأداء الحقوق الزوجية وأداء الحقوق الأسرية وأداء الحقوق التي تلزم بالجوار وغيرها كلها مترتبة على اكتمال القوة الجسمية والعقلية معاً فإذا أجهد الإنسان نفسه في جانب وكانت قوته محدودة أخل بالجوانب الأخرى فكان الشارع حكيماً في نهيه وليس ببعيد عنا ما حصل لأبي الأسلت أو أبي أنس قيس بن أبي صرمة حين كان من نام بعد المغرب حرم عليه الطعام وأنه لما رجع من مزرعته قال لامرأته هل عندك من طعام قالت ألتمس فذهبت تعد له الطعام ورجعت وإذا به قد نام فقالت لك الخيبة حرم عليك فواصل صومه وفي اليوم الثاني عند انتصاف النهار واشتداد الحر أغمي عليه وإذا كان الأمر كذلك فإن رحمة الله بنا خير مما نريده لأنفسنا فإذا صام الإنسان إلى المغرب فإذا غربت الشمس أفطر فأكل وشرب أخذ قوته بتغذية جسمه ثم أعاد الأكل والشرب عند السحر وحينئذ يكون قد تقوى بأخذ الزاد في هذه المحطات ويكون العبد قد أتى بهذه العبادة وأدّى الواجبات الأخرى من غير إخلال بها ولا نقص فيها أما ما يروى عن عبدالله بن الزبير والإمام أحمد بن حنبل أنهم واصلوا سبعة أيام أو ثمانية أو أكثر فهذه حالات نادرة بالنسبة لأناس قد يكون أن أجسامهم تتحمل ذلك وأما الأنبياء فشأنهم في ذلك غير شأننا لأن لهم قوة على العبادة أكثر منا وأن الله يعينهم بما أعطاهم من كمال القوى الجسمية والعقلية وعلى ذلك يحمل قوله إني أبيت عند ربي لي طاعم يطعمني وساق يسقيني فلو كان الطعام طعاما عادياً أو شراباً عادياً لما كان للوصال معنى ولهذا قال النبي ﷺ (إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى) وفي رواية ( أبيت يطعمني ربي ويسقيني)ويذكر عن موسى عليه السلام أنه صام شهراً فلما قرب الميعاد تناول شيئاً من حشائش الأرض حتى لا يناجي ربه ورائحة فمه كريهة فأمره ربه أن يعود وأن يواصل عشرة أيام ثم يأتي وقال يا موسى أما تعلم أن رائحة فم الصائم عندي أطيب من المسك ، وإن كانت القصة اسرائيلية إلا أن الآية ربما تدل عليها حيث يقول تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : 142 ] فهل يستطيع أحد من البشر أن يصوم ثلاثين يوماً مواصلة إلا أن يجعل الله فيه ما يعينه على ذلك بإعطائه قوة جسمية وعقليه وإلى هذا أشار بقوله ﷺ إني أطعم وأسقى والذي يتلخص لنا من هذا أن الوصال مكروه وتزيد الكراهة شدة في حق من لا يحتمل الوصال أو كان يشق عليه أكثر وأن الوصال إلى السحر جائز من غير كراهة وإنما قلنا هذا مع وجود النهي لأن النبي _ واصل بأصحابه يومين بعد النهي فكان فعله صارفاً للنهي من التحريم إلى الكراهة . وبالله التوفيق . -------- التصفية والتربية TarbiaTasfia@ تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#19
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب أفضــل الصيـام وغيره [195] الحديث الأول : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أخبر رسول الله ﷺ أني أقول :والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت فقال رسول الله ﷺ : (( أنت الذي قلت ذلك ؟ )) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي قال : (( فانك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر)) قلت : إني لأطيق أفضل من ذلك قال : (( فصم يوماً وأفطر يومين )) قلت : أطيق أفضل من ذلك قال : ((فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك مثل صيام داود وهو أفضل الصيام)) فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال : ((لا أفضل من ذلك )). وفي رواية قال : ((لا صوم فوق صوم أخي داود - شطر الدهر - صم يوماً وأفطر يوماً)) موضوع الحديث : أفضل الصيام وهل الأفضل هو كثرة العمل أو إصابة السنة المفردات : قوله أخبر رسول الله صلى أني أقول ...الخ المخبر لرسول الله صلى هو أبو عبدالله وهو عمرو بن العاص رضي الله عنهما . قوله والله لأصومن النهار ولأقومن الليل هذا قسم يؤكد به على نفسه صيام النهار وقيام الليل ما عاش فهذا يكون كالنذر . قوله أنت الذي قلت ذلك : هذا خطاب من رسول الله صلى لعبدالله بن عمرو . قوله قد قلته : هذا إعتراف من عبدالله بن عمرو بما بلغ النبي صلى . قوله بأبي أنت وأمي : أي أفديك بأبي وأمي قوله فانك لا تستطيع ذلك : أي لا تستطيع الوفاء به . فصم وأفطر : الفاء لعلها تعليلية أي فمن أجل عدم الاستطاعة على ما ألتزمت به صم وأفطر قوله فإن الحسنة بعشر أمثالها : الفاء هنا تعليلية وذلك مثل صيام الدهر أي بدون تضعيف قلت فإني أطيق أفضل من ذلك أي أتحمله وأقدر عليه . قوله وهو أفضل الصيام : يدل على تفضيله على غيره فقلت إني أطيق أفضل من ذلك : قال لا أفضل من ذلك نفي للأفضلية وأكده بقوله لا صوم فوق صوم أخي داود أي لا صوم أفضل . المعنى الإجمالي : أخبر النبي ﷺ بأن عبدالله بن عمرو ألزم نفسه بقيام الليل وصيام النهار ما عاش فذهب إليه وقبل أن ينهاه قرره بما قال فأقر وبعد أن أقر وجهه إلى ما هو أفضل لأنه إنما فعل ذلك طلباً للأفضل . فقه الحديث : المسالة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث النهي عن صيام الدهر وقد اختلف فيه أهل العلم فمنعته الظاهرية أي قالت بتحريمه للأحاديث الواردة في ذلك كقوله ﷺ ( لا صام من صام الأبد ) أو (من صام الأبد فلا صام ولا أفطر) وقال بجوازه مالك والشافعي والمسألة فيها خلاف وأخذ ورد بين الفريقين وكل يحتج على قوله بحجج ربما كانت مقنعة في نظره والذي ظهر لي : بعد قراءة أقوالهم وأدلتهم أن صوم الدهر منهي عنه وما نهى عنه متردد بين الكراهة والتحريم فقول النبي ﷺ لما سئل عن صيام الدهر قال لا صام ولا أفطر أو ما صام ولا أفطر وقول النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو لما حصلت بينهما المراجعة والمحاورة إلى صيام يوم وإفطار يوم فقال عبدالله بن عمرو وأطيق أفضل من ذلك فقال له النبي ﷺ لا أفضل من ذلك ومن هنا يقال هل الأفضلية معتبرة بكثرة الصوم أو معتبرة بإصابة الحق ومتابعة الشارع ﷺ الذي وصفه الله بقـوله تعـالى(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة : 128] والحق أن الأفضلية هي في متابعة النبي ﷺ ليست بكثرة العمل ولا شك أن الشارع حكيم في إيراده وإصداره وأمره ونهيه وأن الخير هو فيما أمر به ودل عليه وإن التشديد على النفس في فضائل العبادات منهي عنه في الشرع ففي الحديث ( المنبت لا سيراً قطع ولا ظهراً أبقى) ولما جاء النبي ﷺ إلى بيت عائشة ووجد عندها امرأة فقال من هذه قالت فلانه تذكر من صلاتها قال ( مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا …) وبهذا يتبين أن الأفضلية ليست في كثرة العمل ولكن في إصابة السنة والله تعالى أعلم وقد تبين من ما ذكرت أن الشارع حكيم في النهي عن صوم الدهر وأن من صام الدهر استفرغ قوته في جانب واحد وأخل بالجوانب الأخرى وقد قال النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو ( فإنك لا تستطيع ذلك ...) وذلك أن من قام الليل وصام النهار لا بد له من سهر الليل كله ويحتاج إلى جزء كبير من النهار ينام فيه وبذلك ستتعطل مصالح الشخص والله قد جعل النهار للمعاش والليل للراحة فإن فعل ذلك شخص تتوفر له الراحة بسبب الغنى فانه لا يستطيع الآخرون على فعله وأحب الدين إلى الله أيسره وأفضل العمل ما دوم عليه وإن قل . ثم إن هذا الغنى المخدوم لو أراد أن يفعل ذلك فانه سيخل بالسنن فيجعل الليل يقظة والنهار نوماً وانقطاعاً . وستأتي عليه أزمنة يحتاج فيها إلى الشغل في النهار ولو كان جهاداً في سبيل الله فقول النبي ﷺ ( فإنك لا تستطيع ذلك) إخبار عن المشقة الحاصلة على من فعل ذلك مشقة ليست بهينة ودين الله الذي أوحاه إلى رسله هو ما جمع فيه العبد بين عبادة ربه وحظوظ نفسه وذلك يحصل بثلاثة أيام من الشهر وقيام جزء من الليل وقد أنكر النبي ﷺ على الرهط الذين قال بعضهم إني أصوم فلا أفطر وقال بعضهم إني أصلي فلا أنام وقال بعضهم إني لا أتزوج النساء أو لا أنام على فراش أو لا آكل اللحم فلما بلغه ﷺ قام في أصحابه خطيباً فقال ما بال أقوام يتنزهون عن العمل أعمله فوالله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له وإني لأصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء وفي رواية وأنام على الفراش وفي رواية وآكل اللحم ومن رغب عن سنتي فليس مني وبهذا يتبين على أن الأفضلية هي بمتابعة هديه ﷺ. والتأسي بسنته وليست بكثرة العمل هذا هو القول الفصل فيما أرى في هذه المسالة التي اختلفت فيها أنظار العلماء وكثر فيها الأخذ والرد وأرجو أن ذلك هو الصواب لما يحتف به من الأدلة وبالله التوفيق المسألة الثانية : قال ابن دقيق العيد كره جماعة قيام كل الليل لرد النبي ﷺ. ذلك على من أراده وأقول إن النبي ﷺ رد ذلك على عبدالله بن عمرو في هذا الحديث وما في معناه وأيضاً إن رده على الرهط الذين قال أحدهم إنه يصلي فلا ينام وقال بعضهم أنه يصوم فلا يفطر ..الحديث فقام النبي ﷺ خطيباً فحمد الله وأثنى عليه فقال (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) . وفي حديث عائشـة قــالت ( دخل علىّ النبي ﷺ وعندي امرأة فقال من هذه قلت فلانه وسميت في بعض الروايات الحولاء بنت تويت تذكر من صلاتها فقال النبي ﷺ مه عليـكـم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ) وفي قصة سلمان مع أبي الدرداء إلى غير ذلك كل هذا يدل على أن التشديد على النفس زيادة على اللازم أنه لا ينبغي للمسلم وكما تقدم أن العبد مطالب بواجبات أخرى فلنفسه عليه حق الراحة ولعياله عليه حق طلب الرزق ولزوجته عليه حق المعاشرة ولزواره عليه حق الانبساط والجلوس معهم وكل هذه الحقوق لا يستطيع الإنسان على أدائها إذا أخذ نفسه في العبادة بالشدة المتناهية التي تقطعه عما يجب عليه ولهذا قال النبي ﷺ لعبدالله بن عمرو( إنك إذا فعلت ذلك نفهت النفس وهجمـت العين ) وإن الله سبحانه وتعالى عاب الرهبانية على أهل الكتاب فلا ينبغي للمسلمين أن يكونوا كذلك وقد تبين أن أخذ الإنسان نفسه بشيء من الجد حيث يجمع بين قيام جزء من الليل لا يمنعه عن الوظائف الأخرى وبين أداء ما يجب عليه هذا هو الحق إن شاء الله وبالله التوفيق. المسألة الثالثة :قوله إنك لا تستطيع ذلك يطلق عدم الاستطاعة بالنسبة إلى الشاق على الفاعل في قوله وعليها ذكر الاحتمال في قوله ( وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) [البقرة : 83] فحمله بعضهم على المستحيل حتى أخذ منه جواز تكليف المحال وحمله بعضهم على ما يشق وهو الأقرب أهـ . قلت : إن نفي الاستطاعة هنا إما أن يقصد به المحال الذي لا يتصور وقوعه كتكليف الإنسان بأن يطير في الهواء بدون آلة تحمله والأمر الثاني التكليف بما يشق فأما التكليف بالمحال مطلقاً فالظاهر أنه لا يجوز في الشرع لأن الله أرحم بعباده من أن يكلفهم بالمحال وأما الثاني فإن الله عز وجل قد استجاب لأصحاب نبيه لما حصل منهم من الإيمان فأنزل الرحمـة في قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة : قوله ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة : 83 ]ومن هنا يتبين أن الله عز وجل رحم أمة محمد ﷺ فلم يكلفهم بما يشق عليهم مشقة تؤثر في حياتهم فمثلاً التكليف بما فيه مشقة أو عدم استطاعة تارة تكون عدم الاستطاعة ذاتية كتكليف المريض أن يصلي قائماً وتارة تكون عدم الاستطاعة مالية فلم يكلف الله الفقير بالحج عند العجز عن أدائه لعدم وجود المال الذي يستطيع به الأداء وتارة تكون عدم الاستطاعة لوجود المعارض الذي تحصل به المشقة الكبيرة على العبد وهذا أي ما هو مقصود هنا وهو قيام الليل كله منع لوجود المشقة فيه وعدم الاستطاعة عليه باعتبار أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مختلفين فهذا يحتاج إلى كسب وهذا يحتاج إلى النوم في الليل ليتقوى به فمن أجل ذلك أنكر النبي ﷺ على من كلف نفسه بهذه المشقة التي قد عوفي منها ويكفي فيها قيام جزء من الليل ولو قليلاً وصيام جزء من الزمن وليس هناك أفضل مما أرشد إليه بصيام ثلاثة أيام وقيام ما لا يمنع العبد عن متطلباته الأخرى وبالله التوفيق المسألة الرابعة:يؤخذ منه استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر . المسألة الخامسة :في قوله إن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر هذا متأول على التضعيف وهو تضعيف الحسنة بعشر أمثالها وهو أن التضعيف في حق أمة محمد ﷺ فيحصل للإنسان ثواب صيام الدهر من دون أن يكلف نفسه بما يشق عليها المسالة السادسة :أن من ترك رخصة النبي ﷺ فلا بد أن يندم فهذا عبدالله بن عمرو مع إصراره على الإكثار من الصلاة والصيام وعدم قبوله للرخصة التي عرضها له النبي ﷺ فإنه قد ندم على ذلك حين كبرت سنه وضعف جسمه فينبغي للمسلم أن يقبل رخصة الله عز وجل التي جعلها لعباده وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#20
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [196] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله _ : ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوماً ويفطر يوما )). موضوع الحديث : أفضلية الصيام المفردات إن أحب الصيام إلى الله صيام داود :جملة إن أحب الصيام إلى الله جملة خبرية مؤكدة بإن وخبرها صيام داود وهو خبر إن وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كذلك جملة خبرية مؤكدة بإن لأنها معطوفة على التي قبلها . قوله كان يقوم نصف الليل هل المراد به نصف الليل كله أو ما بعد العشاء لأن ما قبل العشاء لا يعد محلاً للقيام فلا يحسب منه وإذا كان الأمر كذلك فإن الإعتبار في النصف والثلث والسدس إنما هو لما كان بعد العشاء قوله وكان يصوم يوما ويفطر يوما بمعنى أنه يصوم نصف الدهر المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن أحب الصيام إلى الله وأحب القيام إليه فجعل أحب الصيام إلى الله صيام يوم وإفطار يوم وأحب القيام إلى الله قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه ونوم سدسه بعد قيامه . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن أحب الصيام إلى الله صيام داود وهو صيام نصف الدهر بأن يصوم يوماً ويفطر يوماً . ثانياً : وأخبر النبي ﷺ أن أفضل القيام قيام ثلث الليل وهو أن ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه . ثالثاً : أن الأفضلية معتبرة بخبر الشارع لا بكثرة العمل على الأصح إذ أن الفضيلة حكم شرعي لا طريق إلى الوصول إليه بالعقل أما كثرة العمل مع مخالفة السنة فهي لا تعد فضيلة على الأصح والله سبحانه وتعالى قد أخبر عن قوم أنهم يتعبون أنفسهم في العمل ومع ذلك يكونون يوم القيامة من أهل النار قال تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ _ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ _ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ _ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً _ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) [الغاشية : 1-5 ] فإن قيل إن هذه الآيات نزلت في أقوام يعملون على غير شرع قلنا إن من يريد أن يصل إلى معرفة الفضيلة بعقله له من هذه الآيات نصيب إذ أنه قد حصل منه شئ من الخطأ وعلى هذا فإن الواجب علينا أن نسلم الأفضلية للشرع سواء كانت هذه الأفضلية في الكمية أو الكيفية هذا ما يظهر لي من هذا النص والله تعالى أعلم وقد أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد في قوله والكلام فيه كالكلام في الصوم من تفويض مقادير المصالح والمفاسد إلى صاحب الشرع قال الصنعاني بعد نقله أقول هذا حسن جداً فإنه إذا نص الشارع على أفضلية شيء فليس لنا أن نعارضه بالرأي بأن في غيره مصلحة أو أنه أكثر أجراً لزيادة المشقة أهـ . رابعاً : يؤخذ من كونه ينام سدس الليل الأخير أنه يكون أبعد عن الرياء وأنشط للعبد حتى يستقبل صلاة الفجر والأذكار بعدها بنشاط قلت : وهذا استنباط حسن والله أعلم -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#21
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [197] الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي ﷺ بثلاث :صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام موضوع الحديث: أفضلية صيام ثلاثة أيام من كل شهر . المفردات : أوصاني : الوصية هي كلام جميل يحث به الموصي من أوصاه على شيء ما والوصية مأخوذة من الوصي وهو الوصل إذ أن الموصي وصل حياته بموته لأنه أمر الموصى إليه بأن يعمل بتلك الوصية بعد الموت فهو من وصيت الحبل بمعنى وصلته لأنه أراد بهذه الوصية وصل حياته بموته قوله خليلي : أوضح صاحب الحاشية أن الخلة المرادة هنا من جانب واحد لأن النبي ﷺ قد تنصل من كل خلة للمخلوقين لتكون خلته خالصة لربه فقال (لو كنت متخذا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخي وصاحبي) . قوله صيام ثلاثة أيام من كل شهر : هذا حث على أقل ما يمكن ومثله ركعتي الضحى والوتر قبل النوم المعنى الإجمالي : أخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ أوصاه بثلاث خصال وهي صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى والوتر قبل النوم . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهو مخير بين أن يجعلها في الأيام البيض وبين أن يصوم الثلاثة الأيام أحياناً مبتدأً بالأربعاء ثم الخميس ثم الجمعة أو مبتدأً بالأحد ثم الاثنين ثم الثلاثاء والكل قد ورد وبين أن يصومها على حسب ما يتهيأ له كل ذلك جائز . ثانياً: قوله وركعتي الضحى الخلاف في مشروعية سبحة الضحى كثير فاخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ ما كان يسبح الضحى قالت وإني لأسبحها فنفي عائشة رضي الله عنها هذا قد يدل على عدم الاستحباب ، وأمر النبي ﷺ بها في هذا الحديث يدل على الشرعية أما نفي عائشة رضي الله عنها فيمكن أن يحمل على أن النبي ﷺ ما كان يسبحها في البيت بل كان يخرج إلى أصحابه في المسجد فيسبحها فيه وعائشة لا تعلم وبهذا تجتمع الأدلة ومما يدل على مشروعيتها قوله ﷺ في الحديث ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) . أما كم تشرع فالأقل ركعتين كما في هذا الحديث وأكثرها ثمان استدلالاً بصلاة النبي ﷺ حين قدم مكة ونزل في بيت أم هانئ فصلى ثمان ركعات ومن قال أكثرها اثنتي عشر ركعة فقد اعتمد على أحاديث ضعيفة . ثالثاً : يؤخذ من قوله وأن أوتر قبل أن أنام استحباب الوتر قبل النوم ولكنه محمول على حالة خاصة وهو أن يكون العبد ممن لا يستطيع القيام آخر الليل فالمستحب له أن يوتر قبل النوم أما إن كان ممن يثق من نفسه بالقيام فالأفضل له التأخير لأن الله سبحانه وتعالى قد أثنى على الذين يقومون الليل في آيات كثيرة كما في قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون ) [السجدة : 16 ] وكما في قوله تعالى ( كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) [الذاريات : 17] إلى غير ذلك وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#22
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [198] الحديث الرابع : عن محمد بن عباد بن جعفر قال : سألت جابر بن عبدالله أنهى النبي ﷺ عن صوم يوم الجمعة ؟ قال : نعم . وزاد مسلم : ورب الكعبة . موضوع الحديث: النهي عن صوم يوم الجمعة المفردات : قوله أنهى النبي ﷺ : هذا استفهام طلبي عن صوم يوم الجمعة قال نعم أي نهى عن صومه وزاد مسلم ورب الكعبة وهذا اليمين تأكيد أكد به ما سئل عنه المعنى الإجمالي : لما كان يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين نهى الشارع عن تخصيصه بصيام أو قيام إلا أن يصوم يوماً معه قبله أو بعده . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ منه كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام وجواز صومه إذا صام معه يوماً قبله أو بعده . ثانياً : ليس هناك ما يدعو إلى البحث عن علة النهي فيما أرى بل يجب على المكلف الامتثال وقبول ما جاء به الشارع بدون بحث عن العلل لأنّا نؤمن أن الشارع مبلغ عن الله عز وجل وإذا علمنا أن هذه الأوامر والنواهي هي من الله إبتداء ومن رسوله تبليغاً وأداءً فإن الواجب علينا امتثال ما ورد سواء عرفنا علة ذلك أو لم نعرفها فما على المكلف إلا الامتثال والإيمان بأن الشارع لا ينهى إلا عن ما فيه شر ولا يأمر إلا بما فيه خير للمكلفين وكفى بذلك إيماناً ووقوفاً مع النصوص . ثالثاً :ذهب الجمهور إلى كراهة تخصيص يوم الجمعة بالصيام وليلة الجمعة بالقيام وإن اختلفوا في العلة وممن حكي عنه هذا المذهب من الصحابة علي بن أبي طالب وأبو هريرة وسلمان الفارسي وأبو ذر رضي الله عنهم أجمعين . قال الصنعاني في العدة بعد نقل كلام ابن المنذر ولا مخالف لهم من الصحابة وذهب الجمهور إلى أن النهي للتنزيه وعن مالك وأبي حنيفة أنه لا يكره صومه ولعل هذين الإمامين لم يبلغهما النص في النهي عن ذلك أو بلغهما وكانا متأولين إلا أننا نقطع ببطلان ما ذهبا إليه لمخالفته للنصوص والله تعالى أعلم . رابعاً :إذا وافق يوم الجمعة يوماً ندب الشارع إلى صومه كيوم عرفة ويوم عاشوراء فإنه حينئذٍ يكون صومه جائزاً بلا كراهة بل مستحباً لأنه إذا صامه المكلف لسبب من هذه الأسباب انتفى التخصيص الذي هو منهي عنه وبانتفائه تنتفي الكراهة سواءً قلنا هي كراهة تحريم أو تنزيه والله تعالى أعلم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#23
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [199] الحديث الخامس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله ﷺ يقول : لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده . موضوع الحديث : النهي عن تخصيص الجمعة بصيام . المفردات : لا يصومن : لا ناهية ويصومن فعل النهي في محل جزم مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وأحدكم فاعل يصومن ويوم الجمعة مفعول . إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده : الاستثناء هنا هو استثناء من النهي وبه يتخصص النهي بما إذا أفرد يوم الجمعة وقد تقدم الكلام على معنى هذا الحديث في الحديث السابق قبله وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#24
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [200] الحديث السادس : عن أبي عبيد مولى ابن أزهر - واسمه سعد بن عبيد- قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر : تأكلون من نسككم . موضوع الحديث: النهي عن صيام يومي العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى المفردات : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب : أي حضرت والقائل هو أبو عبيد سعد بن عبيد فقال الضمير يعود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه . هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما : هذان تثنية الإشارة ورفع على الابتداء واليومان مضافان إليه وجملة نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما خبر للمبتدأ يوم فطركم : بدل من اليومين من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم والمقصود بالأول يوم عيد الفطر وبالثاني يوم عيد الأضحى . المعنى الإجمالي : جعل الله عز وجل للمسلمين يومين هما عيدان للمسلمين وكل منهما مرتبط بشعيرة دينية فيوم عيد الفطر مرتبط بتمام الصيام فكان الواجب على المسلم أن يفطر هذا اليوم شكراً لله عز وجل على تمام نعمة الصوم وإظهاراً لنعمة الفطر التي أمر الله بها بعد الصوم قال تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الذاريات : 17] وأما اليوم الثاني فهو يوم عيد الأضحى وهو مرتبط بشعيرة الحج فمتى أفاض الناس من عرفات إلى مزدلفة في ليلة العاشر ثم انتقلوا من مزدلفة إلى منى كان هذا اليوم يوم عيد شكراً لله على تمام أغلب مناسك الحج وأفضلها وهو يوم عرفة فوجب على المسلم إفطار هذين اليومين وحرم عليه صومهما . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم العيدين والجمهور يقولون بتحريم صوم هذين اليومين حتى ولو كان نذراً تعلق موجبه في ذلك اليوم كمن نذر أن يصوم يوم قدوم زيد أو صبيحة يوم قدوم زيد فقدم زيد في ليلة العيد فالجمهور يقولون وجب النذر ويصوم يوماً بدل يوم العيد وأبو حنيفة يرى صيام يومي العيد إذا خصهما بالنذر وقوله هذا مصادم للنصوص لذلك فإنه يجب علينا أن نعتقد بطلان هذا القول وأن نعتقد تحريم صوم العيد ومتى وجب بالنذر انتقل الصوم من يوم العيد إلى يوم آخر وكان المكلف بذلك مؤدياً وبالله التوفيق . ثانياً : قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذان يومان نهى رسول الله ﷺ عن صيامهما يؤخذ من هذا أن العيدين يوما أكل وشرب وفرح فلا يكون فيهما صيام ويؤخذ منه أن الأعياد في الإسلام المتعلقة بالسنة هما الفطر والأضحى لا غير وأن ما ابتدعه الناس من أعياد فهي أعياد باطلة لا يجوز للمسلم التجاوب معها بل الواجب على المسلم أن يخصص الأعياد بهذين اليومين فقط مهما انتحل لها من مسميات كعيد النصر وعيد الثورة ...إلخ ما يقال فهذه كلها أعياد باطلة وقد سبق أن أمليت عليكم شيئاً من منظومة صيحة حق . وهو قول الناظم : أعيادنا ثلاثة فاثنـــان * لسنة فطر وأضحى الثاني وثالث يعتاد أسبوعياً *خصيصة في ديننــــا تهيا إلخ ما كتب هناك فليرجع إليه من شاء عند الحاجة وبالله التوفيق. ثالثاً : إّذا دخل يوم العيد في صيام كفارة ككفارة الظهار أو الجماع في نهار رمضان أو قتل الخطأ فالأظهر من أقوال العلماء أنه يجب على المُكفِر فطر يوم العيد ويبدأ من بعده ولا يعد فطره للعيد إخلالاً بالتتابع نظراً لأنه خارج عن إرادة المُكفِر هذا هو القول الحق إن شاء الله في هذه المسألة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#25
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [201] الحديث السابع : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى رسول الله ﷺ عن صوم يومين الفطر والنحر وعن الصماء وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد وعن الصلاة بعد الصبح والعصر .أخرجه مسلم بتمامه وأخرج البخاري الصوم فقط موضوع الحديث: موضوعه يدخل في باب الصوم من ناحية النهي عن صوم عيد الفطر وعيد النحر ويدخل في كتاب الصلاة والتستر لها وفي الآداب وفي النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر . المفردات : الصماء :هي لبسة تشمل جميع الجسم فلا يظهر منه شئ . والصماء المنهي عنها أن يشتمل بثوب واحد يغطي به جميع جسده وفي هذه الحالة تكون يديه من داخل الثوب فإما أن يفضي بيده إلى عورته وهو في الصلاة وإما أنه يحتاج إلى رفع اليدين في الصلاة فتنكشف عورته إذا رفع يديه . والإحتباء هو أن يجلس الرجل على مقعدته وينصب ساقيه ويجمع بينهما بثوب واحد والنهي عن الاحتباء بالثوب الواحد فقط من أجل أنه يفضي بفرجه إلى السماء . المعنى الإجمالي : نهى النبي ﷺ عن هذه الأربعة الأشياء لما في ذلك من المصلحة والأدب والتعامل الصحيح مع الله ثم مع خلقه . فقه الحديث : أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم صوم يومي العيدين وقد تقدم الكلام على ذلك . ثانياً :يؤخذ منه النهي عن اشتمال الصماء وقد سبق بيان الصماء وأنه التغطي بثوب واحد لجميع الجسم وأن النهي فيه من أجل أنه ثوب واحد وإذا كانت اليدين من داخله فلا يؤمن أن تفضي إلى فرجه والأمر الثاني أنه إذا أراد أن يرفع يديه انكشفت عورته إذاً فالنهي فيما إذا كان الاشتمال بثوب واحد فقط . ثالثاً:النهي عن الإحتباء وقد تقدم تفسيره والعلة في النهي خشية أن يفضي بفرجه إلى السماء رابعاً :النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر لأنهما وقت كراهة فينهى عن الصلاة فيهما وقد تقدم الكلام على هذه المسألة في الجزء الأول بما أغنى عن إعادته هنا . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf |
#26
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [202] الحديث الثامن: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ((من صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً )). موضوع الحديث: فضيلة صوم التطوع المفردات : قوله في سبيل الله : يحتمل أن المراد به صيام يوم تطوعاً أي ليس بواجب مع الإخلاص ، ويحتمل أن المراد به أن يكون في الغزو للكفار وهو الذي يطلق عليه في سبيل الله لكن يظهر أن هذه الفضيلة إن كان المراد بها في سبيل الله أي الجهاد فإنه يكون مقيداً بما لم يدن القتال لأن النبي ﷺ عزم على المجاهدين حين اقترب من العدو أن يفطروا . المعنى الإجمالي : فيه فضيلة لصيام التطوع إذا كان في الجهاد في سبيل الله . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ منه فضيلة الصيام تطوعاً إذا كان في الغزو أي في غزو الكفار . ثانياً :يؤخذ منه أن العمل الذي يراد به وجه الله يكون له فضل عظيم وتأثير كبير فالمباعدة بين وجه الصائم وبين النار مسافة سبعين خريفاً هذا فضل عظيم وثواب كبير . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf َ |
#27
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- بـــــاب ليــلة القـــدر سميت ليلة القدر بهذا الاسم إما لأن تلك الليلة لها قدر وفضل ، وإما لأن مقادير أعمال العباد تقدر فيها ، وإما لأن من أحيا ليلها وصام نهارها صار ذا قدر عند الله وإما من التضييق لأن الملائكة في تلك الليلة تنزل إلى الأرض حتى تملأ الأرض ويحتمل أنها سميت بذلك ملاحظة لهذه الأمور كلها . [203] الحديث الأول : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُ روا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان فقال النبي ﷺ : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في السبع الأواخر). موضوع الحديث: تعيين ليلة القدر المفردات : قوله أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ أُروا ليلة القدر: أي في النوم وذلك يدل على اعتنائهم بها وتعظيمهم لها وكثرة ارتباط عقولهم بذلك . في السبع الأواخر : أي في السبع الأواخر من العشر فقال النبي ﷺ أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ومعنى قد تواطأت توافقت . فمن كان منكم متحريها : التحري هو طلب الشيء بالنظر فيما يرجو به إصابة الحق. المعنى الإجمالي : كان أصحاب رسول الله ﷺ مرتبطون بالقرآن ومرتبطون بالقضايا الإسلامية ارتباطاً كلياً حتى تصير تلك القضايا جزءاً من حياتهم يتفكرون فيها في يقظتهم ويتراءونها في منامهم لا كما هو الحال في أهل زماننا في بعدهم عن القضايا الإيمانية وارتباطهم بالحياة الدنيا وملاذها وشهواتها لذلك فإن النبي ﷺ لما رأى رؤياهم قد توافقت على السبع الأواخر قال لهم من كان منكم متحريها فليتحرها في السبع الأواخر أما تفسير الرؤيا فهو أن الله سبحانه وتعالى يصور في قلب النائم تصورات يخلقها فيه بقدرة وحكمة لا نعلمها فهي الرؤيا التي يراها في النوم وقد اتضح من النصوص أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي :- 1- رؤيا من الله بواسطة الملك وهي المحمودة والممدوحة . 2- وحلم من الشيطان يصوره الشيطان . 3- وسوسة في اليقظة تجري على القلب في المنام . فهذه أنواع الرؤيا وقد جاء في الحديث ( أن النبوة ستة وأربعون جزءاً وأن الرؤيا الصالحة منها ) وفي الحديث أيضاً ذهبت النبوة ولم يبق إلا المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له . فقه الحديث : أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن السبع الأواخر من العشر الأخيرة من رمضان هي أرجى ما يكون لليلة القدر وقد ورد ما يدل على أنها تتحرى في العشر الأواخر وفي الوتر منها وهذا أخص إذ أن السبع الأواخر تبدأ من ليلة أربع وعشرين لكن إذا قلنا أنها تتحرى في الوتر فهل الوتر معتبر بما مضى أو بما بقي فإن كان الوتر معتبراً بما مضى فإن ليالي رجاءها إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين . وإن قلنا أنها تعتبر بما بقي فإن ليلة اثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وست وعشرين خامسة تبقى وثمان وعشرين ثالثة تبقى . والخلاف في ليلة القدر هل هي في رمضان أو في الحول كاملاً وإذا قلنا أنها في رمضان فهل لها ليلة معينة أو أنها تنتقل في ليالي العشر وقد ذهب الجمهور إلى أنها في رمضان واختلفوا في مضنتها فمنهم من قال هي ليلة سبعة عشر التي في صبيحتها وقعت موقعة بدر ومنهم من قال هي ليلة إحدى وعشرين ومنهم من قال هي ليلة ثلاث وعشرين ومنهم من قال هي ليلة خمس وعشرين ومنهم من قال هي ليلة سبع وعشرين . وقد كان أبي بن كعب يقول أنها ليلة سبع وعشرين وعن ابن مسعود أن من قام الحول أصاب ليلة القدر وقد ذكر الحافظ ابن حجر الأقوال فيها وأوصلها إلى فوق الأربعين ثم اختلفوا هل هي معينة كما أشرنا في الخلاف سابقاً أو أنها تنتقل في ليالي رمضان وقد مال بعض أهل العلم إلى كونها تنتقل جمعاً للأدلة . والحديث في ذلك مختلف في التنصيص على بعض الليالي ولهذا رأى بعض هؤلاء أنها تنتقل في السبع الأواخر أو في العشر الأواخر جمعاً بين الأدلة . والقول الصحيح فيما يظهر أنها ليلة بعينها إذ لو كانت تنتقل لما كان لقول النبي ﷺ (أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين في صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر ) أي ما كان لقوله أُريت هذه الليلة ثم أُنسيتها فائدة لو كانت متنقلة وعلى هذا فالصحيح أنها معينة وأنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر بل في السبع الأواخر هذا ما تقتضيه الأدلة . وبـــالله التوفيـــق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#28
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [204] الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )) . أقول هذا الحديث شرحه وموضوعه قد دخل في شرح الحديث قبله إلا أن هذا الحديث أعم وذلك الحديث أخص والأخص مقدم على الأعم ولقائل أن يقول قد كان النبي ﷺ يعتكف في العشر الوسطى من رمضان طلباً ليلة القدر وقد كان ﷺ يحسبها في العشر الأوسط لعله تفقهاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) [الأنفال : 41 ] والتقاء الجمعين كان في يوم سبعة عشر من رمضان ثم إن الله عز وجل أخبره بأنها في العشر الأواخر بما أري من تواطئ رؤيا أصحابه فأمر بتحريها في العشر الأواخر ثم أمر بتحريها في السبع الأواخر. والعمل على الأخص لأن النبي ﷺ لم يخبر بها عيناً أو أنه قد أخبر بها مؤخراً ثم أُنسيها لحكمة أرادها الله ولهذا قال في الحديث السابق أرى رؤياكم قد تواطأت على السبع الأواخر فمن كان متحرياً لها فليتحرها في السبع الأواخر . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : |
#29
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [205] الحديث الثالث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاماً حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين – وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه – قال : من اعتكف معي فليعتكف في العشر الأواخر فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر . فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد فأبصرت عيناي رسول الله ﷺ وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين . موضوع الحديث : طلب ليلة القدر وأنها تطلب في العشر الأواخر وفي الوتر منها المفردات : الاعتكاف : الاحتباس قال الله تعالى (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي محبوساً وفي الشرع هو لزوم المسجد للعبادة على وجه خاص . قوله كان يعتكف : كان تدل على الاستمرار على ذلك عدة أعوام . العشر الأوسط : كان الأولى أن يقول الوسطى والأوسط وصف للعشر بمجموعه ومجيئه بلسان الصحابة يدل على جواز ذلك في اللغة فهم أهلها والقرآن نزل بلغتهم فالتمسوها :أي اطلبوها في العشر الأواخر التي يتم بها الشهر . قوله والتمسوها في كل وتر : الوتر هو ضد الشفع وهو ما لا ينقسم على اثنين إلا بالكسر . قوله فوكف المسجد : أي قطر الماء من سقفه يقال وكف الدمع إذا نزل . قوله على جبهته : الجبهة هي أعلى الوجه وفي رواية وأرنبته وهي طرف الأنف الأعلى . قوله أثر الماء والطين : أي مختلطاً مع بعضه . المعنى الإجمالي: يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان طلباً لليلة القدر وأنه اعتكف ذات مرة فلما كاد أن يخرج خطبهم وأخبرهم بأنه أتاه خبر من الله عز وجل بأن الذي تطلب أمامك فاستمر في الاعتكاف فاعتكف العشر الأواخر وأمر بالتماس ليلة القدر في العشر الأواخر بل في كل وتر منها وأنه قال إنه اعلم بتلك الليلة ثم أنسيها وأنه أري في رؤياه ورؤا الأنبياء حق أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين وأنه في ليلة إحدى وعشرين نزل المطر ووكف المسجد فصلى النبي ﷺ وسجد بين الماء والطين يقول أبو سعيد فلقد رأيت أثر الطين على أرنبته . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من الحديث مشروعية الاعتكاف . ثانياً : يؤخذ منه تأكده في رمضان لمواظبة النبي ﷺ عليه . ثالثاً :يؤخذ منه أن النبي ﷺ كان يعتكف في العشر الوسطى من رمضان وكأنه كان يظن أن ليلة القدر فيها أخذاً من قوله تعالى (… يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ..) والمراد به يوم بدر فكأن النبي ﷺ فهم من هذه الآية أن يوم بدر وقع في صبيحتها وكان في يوم 17 من رمضان . رابعاً : يؤخذ منه أنه لما أراد أن يخرج من اعتكافه بتمام العشر الوسطى أتي فقيل له ما تطلب أمامك يعني ليلة القدر . خامساً : أنه قال لأصحابه ( من اعتكف معي يعني في العشر الوسطى فليعتكف معي يعني في العشر الأواخر ) والمقصود فليواصل . سادساً : يؤخذ من قوله فلقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها أن المصلحة الدينية في نسيانها ليجتهد الناس في طلبها فيكثروا من العبادة والأجر على قدر النصب . سابعاً :يؤخذ من قوله ( ولقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين ) استدل به من رأى أنها ليلة إحدى وعشرين . ثامناً : يؤخذ من قوله ( فالتمسوها في العشر الأواخر ) أن ليلة القدر في العشر الأواخر ويؤخذ منه بطلان القول بأنها في غيرها . تاسعاً : يؤخذ من قوله والتمسوها في الوتر منها أنه تخصيص بعد تخصيص أي أن ليلة القدر في العشر الأواخر خاصة وفي الوتر من العشر الأواخر خاصة وهي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين . عاشراً : قال بعض أهل العلم الوتر يعتبر بما مضى فيكون ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وهذا هو المتبادر إلى الذهن من كل الوتر ويعتبر بما بقي فيقال ليلة اثنتين وعشرين لأنها تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين لأنها سابعة تبقى وليلة ست وعشرين لأنها خامسة تبقى وليلة ثمان وعشرين لأنها ثالثة تبقى وأقول أنه لو كان الأمر على ذلك ما كان لقوله ﷺ والتمسوها في الوتر منها فائدة إذ أن الوتر ضد الشفع والذي هو ضد الشفع واحد وثلاثة وخمسة …إلخ . أما ما زعمه هذا القائل فهو يقع على الذي يعتبر شفعاً لأن العبرة بما مضى لا بما بقي . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 09-06-2015 الساعة 09:22PM |
#30
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بــاب الاعتـكـاف [206] الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده . وفي لفظ كان رسول الله ﷺ يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه موضوع الحديث : الاعتكاف المفردات : الاعتكاف : هو الاحتباس واللزوم للشيء فمن الاحتباس قول الله تعالى ( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) [الفتح : 25 ] أي محبوساً ومن اللزوم قول الله تعالى عن بني إسرائيل (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ) [طه : 91 ] وفي هذه الآية إخبار منهم بأنهم سيلازمون عبادة العجل إلى أن يرجع إليهم موسى عليه السلام . أما معنى الاعتكاف شرعاً : فهو لزوم المسجد بقصد العبادة فيه . قولها حتى توفاه الله عز وجل : أي حتى مات . ثم اعتكف أزواجه بعده : أي بعد موته . قولها فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه : التعبير باعتكف هنا يدل على أنه كان بعد صلاة الغداة يدخل معتكفه لينفرد فيه لأن لفظ الماضي دال على ذلك . المعنى الإجمالي. : تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان إلتماساً لليلة القدر واجتهاداً في العبادة وأنه لازم ذلك حتى توفاه الله تعالى وأن أزواجه لازمن ذلك أيضاً بعد وفاته وأنه كان إذا صلى الفجر جاء مكانه الذي اعتكف وانفرد فيه للعبادة . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ منه مشروعية الاعتكاف في الجملة وهو أمر متفق عليه لكن اختلفوا من ذلك في مسائل : المسألة الأولى : اختلفوا هل من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد الذي تصلى فيه الجمعة والجماعة أم ليس من شرطه ذلك فذهب الجمهور إلى أن من شرط الاعتكاف أن يكون في مسجد لكن خصصه جماعة قليلة بمساجد الأنبياء الثلاثة وهي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس وخالفهم الجمهور فقالوا بجوازه في كل مسجد تصلى فيه الجمعة والجماعة واشترط بعضهم أن يكون في مسجد فيه جمعة وأجاز بعضهم الاعتكاف في مسجد جماعة وأجاز قوم للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهذا القول ضعيف والذي يترجح لي أنه إن دخل في اعتكاف الرجل الجمعة وجب في مسجد تقام فيه الجمعة وإن لم تدخل الجمعة في اعتكافه جاز في مسجد جماعة . المسألة الثانية : اختلفوا في جواز الاعتكاف للمرأة فذهب قوم إلى جوازه إذا أمنت الفتنة وذهب قوم إلى جوازه بشرط أن تكون المرأة مع زوجها ولكن هذا القول يرده ما ورد في الرواية الثانية من قولها ثم اعتكف أزواجه بعده والذي يترجح لي أن المرأة تمنع من الاعتكاف في المسجد وحدها إلا أن يكون معها محرم وبشرط ألا تضيق على الرجال المصلين في المسجد لأن المرأة مأمورة بالاحتجاب وعدم التبرج واعتكافها في المسجد وحدها أو مع محرمها أو زوجها مع الإضرار بالرجال المصلين في المسجد ومضايقتهم أن ذلك يختلف عما أمرت به ويعرضها للفتنة . أما زوجات النبي ﷺ فلمكانتهن في المجتمع الذي كن فيه انتفت الفتنة في حقهن لأنهن كلهن أمهات للمؤمنين والشرط الثالث أن تكون متسترة حتى لا يؤدي ذلك إلى افتتانها أو الافتتان بها . المسألة الثالثة: اختلف أهل العلم هل من شرط الاعتكاف أن يتقدمه صوم أو يكون معه صوم فذهب قوم إلى أنه لا يصح الاعتكاف إلا بالصوم وذهب قوم إلى أنه ليس من شرط الاعتكاف الصوم بدليل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل النبي ﷺ فأمره أن يوفي بنذره والليل ليس محلاً للصوم فدل على أنه لا يشترط له الصوم . المسألة الرابعة:اختلفوا في جواز قطع الاعتكاف إذا أراد قطعه بعد أن يدخل فيه فالجمهور أجازوه من دون إيجاب للقضاء وذهب جماعة إلى أنه يجوز بنية القضاء بدليل أن النبي ﷺ قطع اعتكافه بعد أن بدأ فيه ثم اعتكف العشر الأول من شوال. إلا أنه يعكر عليه كون النبي ﷺ قضى اعتكاف العشر الذي تركه والله أعلم . المسألة الخامسة : اختلف أهل العلم أيضاً في دخول المعتكف متى يكون فذهب الجمهور إلى أن من أراد أن يعتكف العشر يجب عليه أن يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من يوم العشرين لأن الليالي هي سابقة للأيام ومحسوبة منها وبذلك أخذ فقهاء الفتوى وذهب قوم إلى أن المعتكف يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من يوم إحدى وعشرين كما في رواية عائشة فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه إلا أن التعبير باعتكف الذي هو صيغة الماضي يدل على تأويل من قال أن المراد أنه يدخل معتكفه الذي اعتكف فيه لينفرد به فهذه العبارة لا تدل على أن دخوله هذا هو الدخول الأول في الاعتكاف وفرق بعضهم بين من نوى شهراً وبين من نوى يوماً والاحتمال وارد وبالله التوفيق. المسألة السادسة :اختلف أهل العلم هل يجوز للمعتكف أن يعود المريض ويتبع الجنازة أم لا يجوز والظاهر عدم الجواز لهذه الأشياء إلا إذا اشترط المعتكف ذلك أما إذا لم يشترط فإن ذلك لا يجوز له بدليل قول عائشة رضي الله عنها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وقولها إني لأدخل البيت والمريض فيه وأنا معتكفه فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة . المسألة السابعة :قال الله تعالى ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] وقد اختلف أهل العلم في المباشرة المقصودة في الآية هل هي الجماع فقط أو أنه يلتحق بالجماع غيره من أنواع التلذذ والظاهر أن الآية شاملة للجماع ومقدماته وقد ذكر بعض أهل العلم أن المسلمين كانوا في أول الإسلام الواحد منهم يذهب إلى بيته وهو معتكف فإذا لقي امرأته جامعها فنهاهم الله عز وجل عن ذلك وأخبر أن المباشرة تحرم بالاعتكاف بأي لون من ألوانها أي سواء كان جماعاً أو قبلة أوضمة وما إلى ذلك . ثانياً : ويؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها هذا أي من قولها كان يعتكف في العشر الأواخر أن هذا الأمر تكرر من النبي ﷺ حتى صار عادة مستمرة ولهذا قالت حتى توفاه الله عز وجل . ثالثاً : ويؤخذ من قولها أيضاً ثم اعتكف أزواجه من بعده جواز الاعتكاف للنساء وقد تقدم الكلام على ذلك بما يغني عن إعادته . رابعاً : يؤخذ من قولها في العشر الأواخر من رمضان أن الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة وفي غير رمضان سنة مستحبة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |