#1
|
|||
|
|||
ما لا يسع المسلم جهله
قال ابن القيم –رحمه الله- في "مفتاح دار السعادة" (1\156-157) : "إن العلم بالمفروض تعلمه ضربان :
ضرب منه فرض عين لا يسع مسلما جهله , وهو انواع : النوع الاول : علم اصول الايمان الخمسة الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فإن من لم يؤمن بهذه الخمسة لم يدخل في باب الايمان ولايستحق اسم المؤمن قال الله تعالى [ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين] , وقال [ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا] , ولما سأل جبريل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الايمان فقال {ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر قال صدقت} , فالايمان بهذه الاصول فرع معرفتها والعلم بها . النوع الثاني : علم شرائع الاسلام واللازم منها علم ما يخص العبد من فعلها كعلم الوضوء والصلاة والصيام والحج والزكاة وتوابعها وشروطها ومبطلاتها . النوع الثالث : علم المحرمات الخمسة التي اتفقت عليها الرسل والشرائع والكتب الالهية وهي المذكورة في قوله تعالى [قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون] فهذه محرمات على كل واحد في كل حال على لسان كل رسول لا تباح قط ولهذا اتى فيها بانما المفيدة للحصر مطلقا وغيرها محرم في وقت مباح في غيره كالميتة والدم ولحم الخنزير ونحوه فهذه ليست محرمة على الاطلاق والدوام فلم تدخل تحت التحريم المحصور المطلق . النوع الرابع : علم أحكام المعاشرة والمعاملة التي تحصل بينه وبين الناس خصوصا وعموما , والواجب في هذا النوع يختلف باختلاف احوال الناس ومنازلهم فليس الواجب على الامام مع رعيته كالواجب على الرجل مع اهله وجيرته وليس الواجب على من نصب نفسه لانواع التجارات من تعلم احكام البياعات كالواجب على من لا يبيع ولا يشتري الا ما تدعو الحاجة اليه وتفصيل هذه الجملة لا ينضبط بحد لاختلاف الناس في اسباب العلم الواجب وذلك يرجع الى ثلاثة اصول : اعتقاد وفعل وترك . فالواجب في الاعتقاد مطابقته للحق في نفسه , والواجب في العمل معرفته وموافقة حركات العبد الظاهرة والباطنة الاختيارية للشرع امرا وإباحة , والواجب في الترك معرفة موافقة الكف والسكون لمرضات الله وان المطلوب منه إبقاء هذا الفعل على عدمه المستصحب فلا يتحرك في طلبه او كف النفس عن فعله على الطريقتين وقد دخل في هذه الجملة علم حركات القلوب والابدان . وأما فرض الكفاية : فلا اعلم فيه ضابطا صحيحا فان كل احد يدخل في ذلك ما يظنه فرضا فيدخل بعض الناس في ذلك علم الطب وعلم الحساب وعلم الهندسة والمساحة وبعضهم يزيد على ذلك علم اصول الصناعة كالفلاحة والحياكة والحدادة والخياطة ونحوها وبعضهم يزيدعلى ذلك علم المنطق وربما جعله فرض عين وبناه على عدم صحة إيمان المقلد وكل هذا هوس وخبط فلا فرض إلا ما فرضه الله ورسوله فيا سبحان الله هل فرض الله على كل مسلم ان يكون طبيبا حجاما حاسبا مهندسا او حائكا او فلاحا او نجارا او خياطا فإن فرض الكفاية كفرض العين في تعلقه بعموم المكلفين وإنما يخالفه في سقوطه بفعل البعض ثم على قول هذا القائل يكون الله قد فرض على كل احد جملة هذه الصنائع والعلوم فإنه ليس واحد منها فرضا على معين والآخر على معين آخر بل عموم فرضيتها مشتركة بين العموم فيجب على كل احد ان يكون حاسبا حائكا خياطا نجارا فلاحا طبيبا مهندسا فان قال المجموع فرض على المجموع لم يكن قولك إن كل واحد منها فرض كفاية صحيحا لان فرض الكفاية يجب على العموم" . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|