#3
|
||||
|
||||
![]()
صحّة قصة عنكبوت الغار والحمامتين
أما قصة نسج العنكبوت فقد رويت من ثلاثة طرق ، تفصيلها كالآتي : - الطريق الأولى : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، قال : وأخبرني عثمان الجزري : أن مقسما مولى ابن عباس ، أخبره عن ابن عباس في قوله : " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " [ الأنفال : 30 ] قال : " تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح ، فأثبتوه بالوثاق . يريدون النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : بل اقتلوه . وقال بعضهم : بل أخرجوه . فأطلع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك ، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون عليا ، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما رأوا عليا ، رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : لا أدري . فاقتصوا أثره ، فلما بلغوا الجبل ، خلط عليهم ، فصعدوا في الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ، فمكث فيه ثلاث ليال . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (9743) بأطول من هذا ، وأحمد (1/348) ، والطبري في " جامع البيان " عند تفسير الآية ، والطبراني في " الكبير " (12155) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (13/191) . والحديث ضعيف ، في إسناده عثمان الجزري . قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (6/174) : عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد . روى عن مقسم ، روى عنه معمر والنعمان ، سمعت أبي يقول ذلك . نا عبد الرحمن ، انا علي بن أبي طاهر القزويني فيما متب إلي ، قال : انا أبو بكر الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل سئل عن عثمان الجزري فقال : روى أحاديث مناكير ، زعموا أنه ذهب كتابه . نا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن عثمان الجزري فقال : لا أعلم روى عنه غير معمر والنعمان .ا.هـ. وأورده البخاري في " التاريخ الكبير " (6/258) . تحسين بعض العلماء لللقصة : وذهب بعض أهل العلم إلى تحسين القصة منهم : 1 - الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (2/239) فقال : وهذا إسناد حسن ، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار ، وذلك من حماية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ. 2 - وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (7/278) : وذكر أحمد من حديث ابن عباس بإسناد حسن ... وذكر القصة .ا.هـ. . تضعيف أهل العلم للقصة : حكم عدد من أهل العلم على القصة بالضعف ، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض العلماء ضعفها على أن عثمان الجزري هو ابن عمرو بن ساج ،، ومنهم : 1 - الشيخ أحمد شاكر . قال في " تخريج المسند " (3251) : في إسناده نظر . 2 - الشيخ محمد ناصر الدين الألباني . قال في تعليقه على " فقه السيرة " ( ص 163) لمحمد الغزالي : في المسند من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس به . وحسن المؤلف إسناده ، وكأنه تبع فيه ابن كثير في " البداية " . وتبعه أيضا الحافظ في " الفتح " ، وفي تحسينه نظر فإن عثمان الجزري وهو ابن عمرو بن ساج .ا.هـ. وقال في " الضعيفة " (3/339) : واعلم أنه لا يصح حديث في العنكبوت والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم .ا.هـ. 3 - شعيب الأرنؤوط . قال في تخريجه لـ " مسند الإمام أحمد " (5/301) : إسناده ضعيف ، عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد ... " وذكر كلام الإمام أحمد وأبي حاتم في الرجل . 4 - بكر أبو زيد . قال في " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 133) عن غار حراء : نسج العنكبوت عليه وقصة الحمامتين . ونقل كلام الشيخ الألباني الآنف في الضعيفة . - الطريق الثانية : أخرج أبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (72) عن بشار الخفاف ، عن جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو عمران الجوني ، حدثنا المعلى بن زياد ، عن الحسن ، قال : انطلق النبي صلى الله وأبو بكر إلى الغار فدخلا فيه ، فجاء العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت ، قالوا لم يدخله أحد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ، وأبو بكر يرتقب ، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : فداك أبي وأمي ، هؤلاء قومك يطلبونك ، أما والله ما على نفسي أبكي ، ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحزن إن الله معنا " . وهذه الرواية معلولة : 1 - في سندها بشار بن موسى الشيباني الخفاف . قال البخاري : منكر الحديث . وقال يحيى بن معين والنسائي : ليس بثقة . وقال أبو زرعة : ضعيف . وقال الحافظ ابن حجر : ضعيف كثير الغلط كثير الحديث . 2 - أنها مرسلة عن الحسن . قال الذهبي في " الموقظة " ( ص 17) : " من أوهى المراسيل عندهم : مراسيل الحسن . وأوهى من ذلك : مراسيل الزهري ، وقتادة ، وحميد الطويل ، من صغار التابعين . وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات ؛ فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير ، عن صحابي ، فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين .ا.هـ. وذهب ابن كثير في " البداية والنهاية " (2/239) إلى تحسين هذه الرواية لأنها تشهد للرواية الأولى فقال : " وهذا مرسل عن الحسن ، وهو حسن بماله من الشاهد " . والحديث أورد العلامة الألباني في " الضعيفة " (1129) . - الطريق الثالثة : عن أبي مصعب المكي قال : أدركت أنس بن مالك ، وزيد بن أرقم ، والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله عز و جل شجرة ، فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره ، و إن الله عز و جل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، و أمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان (و في نسخة: ترفان) حتى و قعا بين العنكبوت و بين الشجرة ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم و قسيهم و هراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج : انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الفتيان : إنك لم تخطر منذ الليلة أثره حتى إذا أصبحنا قال : انظروا في الغار ! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات، فرجع، قالوا : ما ردك أن تنظر في الغار ؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد ، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز و جل قد درأ عنهما بهما ، فسمت عليهما فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون . أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/229) ، والبزار كما في " كشف الأستار " (1741) . وقد حكم العلامة الألباني في " الضعيفة " (1128) على هذه الرواية بالنكارة ، وسأكتفي بكلامه في تخريج الحديث فقال : وقال الهاشمي : " تفرد به أنس ومن ذكر معه ، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن عمرو القيسي عن أبي مصعب " . وقال العقيلي : " لا يتابع عليه عون وأبو مصعب رجل مجهول " . قلت : وأشار البزار إلى جهالته بقوله : " لا نعلم رواه إلا عون بن عمير ، وأبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عوين " . وقال ابن معين في عون : " لا شيء " . وقال البخاري : " منكر الحديث ، مجهول " . ذكره الذهبي في " الميزان " وساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما . وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " (3/182) : " وهذا حديث غريب جدا " . وقال الهيثمي في " المجمع " (6/53) : " رواه البزار والطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم " . ثانيا : فوائد ذات صلة بالبحث : - الفائدة الأولى : هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بصحبة الصديق رضي الله عنه جاءت من حديث عائشة رضي الله عنها في البخاري (3905) ، بوب البخاري لها : " باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة " ، ولم يذكر فيها نسج العنكبوت والحمامتين ، وأورد البخاري تحت الباب عدة روايات ولم يذكر فيها شيء من قصة نسج العنكبوت . -- الفائدة الثالثة : قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في " تخريج المسند " (5/302) : وقد فات الحسيني وابن حجر أن يذكراه في كتابيهما مع أنه من شرطهما .ا.هـ. ويقصد عثمان الجزري وليس عثمان بن ساج الجزري ، فهذا مترجم له في " التهذيب " . - الفائدة الرابعة : قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (3/199) : وقد ورد أن حمامتبن عششتا على بابه أيضا وقد نظم الصرصري في شعره حيث يقول : فعمى عليه العنكبوت بنسجه وظل على الباب الحمام يبيض وذكر العلامة الألباني أنه لا يصح في كلا الأمرين حديث في كلامه الآنف . - الفائدة الخامسة : فتن كثير من المسلمين بمثل غار حراء وغيره من الآثار والأماكن ، فأصبحوا يشدون الرحل إليها ، بقصد التبرك أو بأي أمر آخر ، ورفع رؤوس المبتدعة عقيرتهم ، وسوغوا للعامة من أتباعهم شد الرحل إلى غار حراء وغيره من الأماكن التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو جلس فيها ، ولبسوا عليهم أنها أماكن ذهب إليها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب أنها أماكن تستغل للسياحة ، وتدر على الدولة أموالا طائلة بسبب فرض رسوم لدخولها – نسأل الله السلامة والعافية - . وكتبوا وطالبوا ولكن كان لهم العلماء العاملين بالمرصاد ردوا عليهم ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ، فقد كان لمثل هذه الدعوات بالمرصاد ، ورد على عدد من المطالبين لإحياء الغلو في النبي صلى الله ردودا قوية . سحاب السلفية. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|