|
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() 2- النقطة الثانية :
زعم الشيخ أنه لم يقل بوجوب التمتع في الحج أحد من علماء المسلمين ، والدليل على ذلك قوله في رده : " فهلا ذكر واحداً باسمه من أئمة الاجتهاد والتشريع في الإسلام قال بوجوب التمتع " . فأقول : قد فعلت ذلك في المقال نفسه الذي نشرته المجلة فقد جاء فيه ما نصه : " بل ذهب بعض العلماء المحققين إلى وجوبه إذا لم يسق معه الهدي ، منهم ابن حزم وابن القيم تبعاً لابن عباس وغيره من السلف " وأحلت في تفصيل ذلك على كتاب " المحلى " و" زاد المعاد " . والشيخ حمدي على علم بقولي هذا ، فإنه أشار إليه في رده إشارة سريعة بقوله : " وتلقف أقوالاً عن بعض الصحابة وبعض العلماء المحققين بوجوبه إذا لم يسق الهدي " . لقد حكى الشيخ هذا عني ، ثم لم يجب عنه ولو بشطر كلمة ، لأنه لا جواب عنده ، ثم يعود فيطلب تسمية أحد من أئمة الاجتهاد قال بوجوب التمتع ؟! ولا أجادله في ابن حزم وابن القيم ، فحسبنا الآن إثبات ما نسبنا لحبر الأمة : روى مسلم في " صحيحه " عن أبي حسان قال : " قيل لابن عباس : إن هذا الأمر قد تقشع بالناس ( أي انتشر بينهم ) من طاف بالبيت فقد حل ، الطواف عمرة ، فقال : سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وإن رغمتم " . وزاد في رواية له من طريق عطاء : " وكان يأخذ ذلك من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع ". وهذا هو مستند العلامة المحقق ابن القيم -رحمه الله- حين قال في " زاد المعاد ، في هدي خير العباد " بعد أن ذكر أن جواز التمتع واستحبابه محكم إلى يوم القيامة : " لكن أبى ذلك الحبر ابن عباس ، وجعل الوجوب للأمة إلى يوم القيامة ، وأن فرضاً على كل مفرد وقارن لم يسق الهدي ، أن يحل ولابد ، بل قد حل ، وإن لم يشأ ، وأنا إلى قوله أميل " . فقد تبين للقراء الكرام أننا حين قلنا بوجوب التمتع لم نأت بشيء جديد ، بل اتبعنا فيه حبر الأمة ، وغيره من الأئمة (1) ، لا مقلدين لهم ، بل متبعين ، كما أمر رب العالمين ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) وأننا حين خالفنا عمر أمير المؤمنين ، فما ذلك إلا اتباعاً لأمر سيد المرسلين ، وفراراً من غضبه -عليه السلام- كما سبق ذكره ، وأنه سبقنا إلى مخالفته ابن عمه عبد الله ، ووافقنا فى المخالفة الشيخ حمدي نفسه ، لأنه لا ينهى عن التمتع ، كما نهى عمر ! ثم إن الشيخ -هدانا الله وإياه- حكى مذاهب العلماء في الأفضل من أنواع الحج الثلاثة ، ونقل دليل كل منهم فيما ذهب إليه دون أن يحاول بيان الراجح من المرجوح منها ، أو التوفيق بين ما يمكن التوفيق منها ، وبذلك ترك القراء في حيرة في معرفة الأفضل من ذلك ولا بأس ، فإن لهم به أسوة ! وليس يهمنا من كلامه هنا إلا قوله : " وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم القارن ، والمفرد ، والمتمتع ، وكل منهم يأخذ عنه أمر نسكه -صلى الله عليه وسلم- ويصدر عن فعله . . . ". فإن كان يعني أنه كان فيهم المفرد في آخر الأمر بحيث أنه لم يتحلل من إحرامه بعمرة ، مع كونه لم يكن ساق الهدي، فهذا غير صحيح ، فلم يكن معه -صلى الله عليه وسلم- في حجته صحابي واحد لم يسق الهدي ، حج حجاً مفرداً ، وإنما كانوا في أول إحرامهم منهم القارن ، ومنهم المفرد ، ومنهم المتمتع وكانوا جميعاً على قسمين منهم من ساق الهدي معه من الحل ، ومنهم من لم يسق الهدي ، فأمر -صلى الله عليه وسلم- هذا القسم الثاني يأن يحل من الحج يعمرة فحلوا جميعاً من كان منهم قارناً أو مفرداً ، كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: " فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن الهدي ، فأحللن " أخرجه الشيخان . ومن هنا يتبين وهم من يحتج ببعض الأحاديث التى فيها أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر أهله أن يهلوا بحج وعمرة ، فإن هذا كان في أول الإحرام ، وأما فيما بعد فقد أمرهن أن يفسخوا ذلك إلى عمرة لأنهن لم يسقن الهدى كما سبق . وقبل أن أنتقل إلى النقطة الثالثة والأخيرة ، أريد أن أنبه القراء أيضاً إلى قول الشيخ الجويجاتي بعد أن ذكر الصحابة والأئمة : " فيغمزهم جميعاً بعملهم خلافاً للكتاب والسنة ، ويتناول بالقدح والذم عباد الله حجاج بيته الطائعين من ذلك العهد الطاهر حتى يومنا هذا ، بوصفهم بخلاء ومحتالين " . وفي هذا النص نقطتان مخالفتان لا واحدة ، قد نبهت على الأولى إدارة المجلة فأغنتني عن الإعادة لا سيما و هي تفهم مما سبق من كلامنا . أما الفرية الأخرى ، فهي قوله إن قدحت جميع الحجاج من ذلك العهد الطاهر إلى يومنا هذا بوصفهم بخلاء ومحتالين ! والحقيقة ، أنني لم أقدح إلا في جماعة من الحجاج اتصلت بهم في بعض المواسم عرفت من كلامهم ما به يستحقون الوصف المذكور ، وهذا نص كلامي المنشور في مقالي السابق : " وقد اتصلنا بكثير من الحجاج فعرفنا منهم أنهم مع كونهم يعلمون أن التمتع أفضل من الإفراد ، فكانوا يفردون ، ثم ياتون بالعمرة بعد الحج من التنعيم ، وذلك لئلا يلزمهم الهدي . . . و ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وليس من البخلاء المحتالين " . فتأمل أيها القارىء الكريم في كلامنا ، ثم فيما نسبه الشيخ إلينا ، والله المستعان . |
#2
|
|||
|
|||
![]() 3- النقطة الثالثة :
قال الأستاذ الشيخ حمدي : " إن جميع أصول الإسلام في العقائد والعبادات . ومنها الحج لم يكن فيها أي اختلاف ، ولكن وقع الخلاف بالاجتهاد في الأفضلية في كثير من الفروع ، وفي هذا توسعة ورحمة وحكمة بالغة . . . ". قلت : وقد تضمن هذا القول أموراً ثلاثة : الأول : أنه لم يقع اختلاف بين العلماء أصلاً في العقائد . الثاني : وكذلك في العبادات لم يقع أي اختلاف إلا في تفضيل أمر على آخر ، أما في التحريم والتحليل ، والإيجاب والاستحباب ، فلم يقع في ذلك أي اختلاف . الثالث : وإن الاختلاف المذكور توسعة ورحمة . . . أقول : ليس عجبي من الأمر الأول والثالث ، فإن الشيخ مسبوق إليهما ، ولو من غير ذي إمامة وقدوة ، وإنما عجبي الذي لا يكاد ينتهي من الأمر الثاني فإن أحداً قبل الشيخ لم يتفوه بذلك ، فهذا مذهب الحنفية الذي يدين الشيخ به قد اختلفوا مثلاً في الأذان وفي صلاة الجماعة هل هما من السنة أم الواجبات ، وكذلك اختلفوا في الاطمئنان في الصلاة ، حتى قال أبو يوسف أو الإمام محمد إنها فرض عملي ، وذهب أبو حنيفة -رحمه الله- إلى عدم مشروعية صلاة الاستسقاء خلافاً لهما ، وإلى جواز شرب المسكرات المستخرجة من غير العنب ما لم يسكر بها ، على تفصيل معروف في كتب الفقه خلافاً لهما ، والمساثل الخلافية بينه وبين صاحبيه كثيرة جداً معروفة عند فقهاء المذهب . وأما الخلاف بالعقاثد بين أئمة المسلمين والفقهاء المعروفين فحدث عن البحر ولا حرج ، فقد اختلفوا في الإيمان هل يزيد وينقص ، وهل يقول أنا مؤمن حقاً ، أم يقول أنا مؤمن إن شاء الله ، وترتب على ذلك ما ترتب من الأحكام بنظرهم ، ولبعض المتأخرين -فيما أذكر- رسالة جمع فيها المسائل التي وقع الخلاف فيها بين أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي مما له صلة بالعقيدة والتوحيد ! وأما الخلاف في العبادات والمعاملات والعقود فأشهر من أن يذكر ، وأكثر من أن يحصر ، فقد اختلفوا في عدد فرائض الوضوء مثل النية مثلاً ، ونواقضه ، مثل خروج الدم ومس المرأة ، وفي أركان الصلاة ، كقراءة الفاتحة ، وواجباتها ، مثل قراءة آية بعدها ، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد ، ومبطلاتها ، مثل كلام الناس فيها . واختلفوا في الفتاة البالغة الراشدة تزوج نفسها بنفسها بدون إذن وليها فمنهم من يصححه ، ومنهم من يبطله . . . وغير ذلك مما يطول الكلام به ، فمن شاء المزيد منها فليرجع إلى كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " أو " بداية المجتهد " ير العجب العجاب . فهل هذا الاختلاف كما يقول الشيخ حمدي خلاف في الأفضلية فقط وفي الفروع فحسب ؟! فاللهم هداك ورحمتك . وأما قوله : وفي هذا توسعة ورحمة . . . . " . فهو مما لا معنى له هنا ما دام أنه زعم أن الخلاف إنما وقع في الأفضلية ، فلا تأثير حينئذ للخلاف ، ألا ترى أنهم اختلفوا في أفضل أنواع الحج ، فلو أنهم اتفقوا على أن الأفضل التمتع مثلاً ، فاتفاقهم هذا دليل على جواز النوعين الآخرين ، فكيف وهم قد اختلفوا فالحكم هو هو لم يتغير اتفقوا أم اختلفوا . وإنما يقول هذا القول بعض من يرى التلفيق بين المذاهب ، بزعمهم أنهم جميعاً على صواب فيما ذهبوا ، وأن الحق يتعدد ، وحجتهم في ذلك الحديث المشهور : " اختلاف أمتي رحمة " وهو حديث باطل ، وما بني على باطل فهو باطل ، وقد فصلت القول في ذلك في سلسلة " الأحاديث الضعيفة " وفي " صفة الصلاة " الطبعة الثالثة ، ولذلك قال سليمان التيمي : " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " . رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " (2/92) . " هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً " . وما أظن أن الشيخ حمدي يخالف هذا الإجماع ، ولذلك فلا أطيل الكلام فيه ، وفيما ذكرنا كفاية . أبو عبد الرحمن الألباني أصيل الجمعة 10 / 8 / 1385 هـ المصدر: مجلة التمدن الإسلامي ( 32 / 761 – 770). ــــــــــــــــ (*) التمدن الإسلامي : ذهب الأستاذ الألباني (في مقاله المنشور ص 71-37 من الأجزاء 1-4) إلى القول بالتمتع في الحج لا (القران ) ولا (الإفراد) وأن الحج كان في أول استئناف الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياه جائزاً بأنواعه الثلاثة ، ثم نقل الرسول المؤمنين إلى ماهو أفضل وهو التمتع . ونذكر القراء بأن التمتع بالحج هو أن يهل الرجل بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ثم يأتي حتى يصل إلى البيت فيطوف لعمرته ويسعى ويحلق في تلك الأشهر بعينها ، ثم يحل بمكة ، ثم ينشىء الحج في ذلك العام بعينه وفي تلك الأشهر بعينها من مقامه في مكة كأهلها . وأن " القران " هو أن يهل بالنسكين معاً ، أما " الإفراد " فهو ما يتعرى عن صفات التمتع والقران اللذين عرفناهما فينوي الحج فقط . ورد الأستاذ الجويجاتي على قول الأستاذ الألباني في الأجزاء 5-8 (ص 62-66) وانتهى إلى أن الأئمة الأربعة وغيرهم قد اتفقوا على جواز الأنوع الثلاثة وإنما اختلفوا في الأفضل منها . وعلقت المجلة على ظن أن الأستاذ الألباني خالف السنة بمخالفة مذهب عمر رضي الله عنه بأن مذهب الصحابي المختلف فيه بين الصحابة -كرأي عمر رضي الله عنه هنا- ليس حجة على غيره فقد يفوت بعضهم الوقوف على السنة . وأكد الأستاذ الألباني هنا ماذهب اليه من قبل في ضوء الكتاب والسنة ، فغدت العمرة جزءاً من الحج بتطبيق نوع (التمتع ) . (1) مثل مجاهد وعطاء والحسن البصري والإمام المجتهد إسحاق بن راهويه ، ولولا ضيق المجال لسقت الروايات عنهم . ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|